جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

في تكذيب بن الطاهر/الرفيق الحبيب التيتي

 لاعطاء الرفاق امكانية مراقبة كلام بن الطاهر انقل اليكم المقالة التي ترجمها لي وادعى انها تتضمن فقرات مسروقة. اطلب من الرفيقات والرفاق الاطلاع على الفقرات الملونة بالاخضر داخل النص وساعتها سيتضح الامر

ملزمون بمواجهة الكذب والتلفيق في الصراع السياسي وقد تمرسنا كثيرا على ذلك لكن الحقيقة ثورية ولن نسمح بتشويه مسارنا الكفاحي من طرف هذه الحثالة
كما اضيف رسالته التي نشرها اليوم على 150 عنوان 
الحبيب التيتي
**********

في تكذيب بن الطاهر

 

حول المقالة "من اجل حوار واسع بين المناضلين الماركسيين"...التي قام بترجمتها الى الفرنسية.

 

هذه هي المقالة المرسلة لبن الطاهر من اجل الترجمة واطلب من الرفاق والرفيقات الاطلاع في النص على الفقرة الملونة بالاخضر ومقارنتها مع ما نقله بن الطاهر هنا على انها مسروقة بينما ذكرت مصدرها وصاحبها. وهذا المقطع من مقالتي سبق لي ان نشرته في الحوار المتمدن بتاريخ 8 يناير 2018 واعدت نشره في الفيسبوك في دجنبر 2019 مع ذكر المراجع.

اما مسالة ذكر اسمه في المقالة المترجمة فكان اول طلب تلقيته من بن الطاهر وهو في ترجمة مقالة الطابع الطبقي للحزب ردا على لوسيان سيف وقد نشرت المقالة مع الاشارة ان الترجمة قام بها بن الطاهر مع المراجعة.يمكن الاطلاع على ذلك في العدد 40 من مجلة الوحدة والنضال. هذه هي المرة الوحيدة التي قدم مثل هذا الطلب ولم يسبق له ان قدمه عندما ترجم مقالة الطابع الطبقي للحزب ردا على لوسيان سيف. وبذلك سقطت تهمة استغلاله من طرفي. ان بن الطاهر ليس فقط لص بل كذاب ومفتري.

++++++++++++

 نقل الرفيق التيتي من مقال " سيكولوجية الحركات الاحتجاجية "من ،كتاب "سوسيولوجيا الحركات الاجتماعية" للبروفيسور: فرانسوا ديوبي ـ إعداد الطالب محمود صافى محمود مقدم على الدين هلالFrancois Dubet  

وقام الرفيق بتغيير عنوانه" من أجل حوار بين الماركسيين"، ورغم تنبيهي له لما طلب مني ترجمته إلا أنه لم يستحي من نسبه إليه ونشره. ولتحكموا بأنفسكم: 

 

ان التاريخ العلمى للحركات الاحتماعية لم يتأسس بمعزل عن الصراعات الدائرة فى المجتمعات الانسانية ولا يمكنه اطلاقا ان يكون منفصلا عنها مادامت هذة الحركات تدل فى الأصل على الصراع الذى يعنى كل تعارض بين الأفراد والجماعات من حيث القيم والمصالح فالصراع يعد من أبعاد الحركة الاجتماعية فى شكلها الاحتجاجى القائم أصلا على الرفض ونشد التغيير.

ويشير بلومر الى أن الحركة الاجتماعية هى ذلك الجهد الجماعىالرامى الى تغيير طابع العلاقات الاجتماعية المستقرة فى مجتمع معين. فالحركات الاجتماعية هىفى نظره مشاريع جماعية تستهدف إقامة نظام جديد للحياة، وتستند الى احساس بعدم الرضا عن النمط السائد، والرغبة فى اقامة نسق جديد" والرغبة فى اقامة نسق جديد والشرط المؤسس لأية حركة اجتماعية يظل مرتبطا بفعل التغيير المستمر " كتحول فى الزمان يلحق بطريقة لا تكون عابرة بنية وصيرورة النظام الاجتماعى، لمعرفة مايعدل او يحول مجرى تاريخها"، والحركة الاجتماعية لا تكتس شرعية الوجود إلا اذا جعلت التغيير شرطا وجوديا لها، وإلا سقطت عنها عناصر المعنى.

وفضلا عن هاجس التغيير، يحضر فى تعريف الحركة الاجتماعية عنصرا أخر لا يقل اهمية عن سابقه، وهو بالضبط عنصر الاستمرارية؛ فقاموس علم الاجتماع لغولد وكولب يؤكد أنها جهود مستمرة لجماعة اجتماعية تهدف الى تحقيق أهداف مشتركة لجميع الأعضاء، فالفعل المستمر هو الذى يؤهل الممارسة الاحتجاجية الى الأنتماءمفاهيميا الى الحركة الاجتماعية كجهود منظمة وغير عابرة ، ينتفى فيه الواقع ويتأسس فيه اخر. لهذا يؤكد فرانسوا شازل ان الحركة الاجتماعية هى بمثابة "فعل جماعى للاحتجاج بهدف اقرار تغييرات فى البيئة الاجتماعية أو السياسية"، فالأمر يتعلق ب" جهود منظمة يبذلها عدد من الناس بهدف التغيير أو مقاومة التغيير فى المجتمع

 

فقرة المقال المعنون " من اجل حوار واسع مع الماركسيين" قدمه للنشر رغم تنبيهي له بمجلة الوحدة والنضال الذي قمت بترجمته إلى اللغة الفرنسية:

++++++++


                 من اجل حوار واسع بين المناضلين الماركسيين

كخطوة ضرورية على طريق بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة المغربي

1- تقديم نظري

الماركسيون لما يتحاورون فإنهم يقومون بذلك من اجل التغيير وليس فقط من اجل التفسير او الفهم. ولكي يكون لحوار الماركسيين المغاربة هذا الهدف وهذه الغاية لابد من ان تقوده بوصلة او سؤال جوهري اذا ما تمت الاجابة عنه تقدمت الممارسة وحصلوا على نتائج ملموسة في انجاز التغيير الثوري المنشود.

لزاما علينا الانطلاق من أن هذا الحوار يتأسس على قاعدة مادية وهي نتائج التجربة التاريخية لوجود هذا اليسار الماركسي عبر العالم و في المغرب. وكانت هذه النتيجة هي أن الحركة الماركسية استطاعت أن تجيب على سؤالين مؤسسين إجابة نعتبرها تسمح بالبناء والاستلهام في الحاضر والمستقبل. والسؤالان هما الذين طرحتهما الحركة الشيوعية العالمية منذ نشأتها وتأسيسها من طرف المعلمين الكبيرين ماركس وانجلس كانت المساهمة في الصياغة العملية والسديدة على يد لينين المعلم الثالث للبرويلتاريا المسلحة بالماركسية والمنخرطة في انجاز مهام الثورة الاشتراكية.

كان السؤال الاول، هل الثورة الاشتراكية على جدول اعمال البروليتاريا في كل بلد ام هل لا زالت شروطها الموضوعية لم تجتمع بعد؟ جاء الجواب من طرف المعلمين المؤسسين بنعم واضحة وبدون مواربة او تمتمة. تضمن هذا الجواب في وثيقة اصبحت من أهم وثائق الحركة الشيوعية العالمية وهي البيان الشيوعي.انه أول برنامج للبروليتاريا الناهضة لانجاز الثورة والاستيلاء على السلطة بعد هزم البرجوازية. وهذا ما أكدته ثورة كومونة باريس كأول تجربة لديكتاتورية البروليتاريا.

في انجاز مهام الثورة وكأجوبة على السؤال الآنف الذكر خاضت الحركة الشيوعية تجارب متعددة بتعدد واقع التشكيلات الاجتماعية والخلفيات التاريخية للطبقة العاملة في كل بقعة من بقاع العالم الرأسمالي. خضعت هذه التجارب للتقييم وكانت الدروس عديدة استطاع المعلم الثالث للبروليتاريا الثورية المناضلة من اجل تحقيق الثورة الاشتراكية، لينين أن يصوغ السؤال المؤسس الثاني والذي كانت الاجابات عليه بمثابة المحرك الدافع لانجاز خطوات نوعية وعملاقة في تاريخ الحركة الشيوعية العالمية. كان السؤال في الحقيقة مركبا ومكونا من شقين وهما :بم نبدا؟ ومالعمل؟ كانت الدواعي للسؤال متطلبات النضال للحركة الاشتراكية الديمقراطية الناشئة على التو في مجتمع خارج من شرنقة المجتمع الاقطاعي والملتحق بصف الدول الرأسمالية روسيا.استطاع لينين ومعه مجموعة متقلصة في البداية من المناضلين الإجابة السديدة على ذلك السؤال المركب. استطاعت الاجابة ان تضع البيان الشيوعي على المحك وان تقوم بتحيينه المبدع بما يتناسب مع طبيعة المجتمع الروسي وبروز مرحلة انتقلت فيها الرأسمالية من مرحلتها التنافسية الى مرحلة الاحتكار وهيمنة الرأسمال المالي اي مرحلة الامبريالية وتقسيم العالم. تولدت عن الإجابة حركة شيوعية مكافحة مبنية مكوناتها احزاب شيوعية من نوع جديد وهي الاحزاب الشيوعية المنحازة للتصور اللينيني في بنيتها وفي برنامجها المرتكز على انجاز الثورة الاشتراكية وبنائها في البلد الواحد او بضعة بلدان على قاعدة ديكتاتورية البروليتاريا باعتبارها الديمقراطية الجديدة والواسعة لصالح العمال وحلفائهم الاستراتيجيين الفلاحين الفقراء والمعدمين.

أما اليوم فان السمة التي تطبع الوضع العام هي تفاقم ازمة النظام الرأسمالي بل تواصل مسيرة الرأسمالية نحو التفسخ والتعفن وشيخوخة الامبريالية وسيرها الحثيث الى خراب الكرة الارضية ودمار مستقبل البشرية. لذلك اصبحت الثورة الاشتراكية اكثر راهنية لأجل إنقاذ البشرية من المصير المظلم. ولتحقيق هذه الثورة يرى المناضلون الماركسيون اللينينيون ضرورة الإجابة على السؤال المحوري التالي: كيف نتقدم؟ يطرحون هذا السؤال وهم يستحضرون الاجابات التاريخية والنظرية ومكتسبات البروليتاريا العالمية من خلال التجربتين الرائدتين رغم فشلهما النسبي ثورة كمونة باريس و الثورة البلشفية والصينية.

وللجواب على هذا السؤال لابد من توفر الحد الأدنى من البنية المادية والفكرية والخط السياسي والأيديولوجي.السؤال موجه للمناضلين المنخرطين في الحركية النضالية للطبقة العاملة في مواقعهم .بدون توفر هذه المتطلبات سيكون النقاش او الحوار منفصلا عن الواقع، سيكون حوارا نظريا متأملا، ذاتيا لا نفع فيه و لا نتائج تصدر عنه.

ولتعميق هذا الحوار من اجل الجواب على سؤال كيف نتقدم؟ لا بد من توضيح البوصلة النظرية التي تقود عملية التقدم والسير في النضال.ثم نستعرض خلاصات الحوار.

2- في الجواب على سؤال: كيف نتقدم؟

نتناول هنا نظرية التناقض ومسالة ترتيب التناقضات ثم تحديد لائحة التناقضات الاساسية كما نراها والتي يعتبر الجواب عليها يدخل في صلب تحديد التوجه السياسي والايديولوجي داخل الحركة الشيوعية العالمية اليوم هذا اولا؛ وثانيا وعلى ضوء هذه الاجابات سنتناول الوضع الراهن للحركة الاجتماعية وقضايا الجبهات ومتطلبات تهيئ شروط الذاتية لتحويل الازمة السياسية الموضوعية الى ازمة ثورية بالمفهوم اللينيني.

اولا: نظرية التناقض ومسالة ترتيب التناقضات ثم تحديد لائحة التناقضات الاساسية:

قبل التفصيل في طبيعة التناقضات لا بد من الاشارة الى اهمية مفهوم التناقض(1).

ان هذا المفهوم يحتل موقعا جوهريا في حياتنا العملية كمناضلين منخرطين في عملية تغيير المجتمع وفق ما نستنتجه من قوانين الصراع الطبقي الجاري امام اعيننا.فعند الدراسة العملية للتناقض في خضم الصراع الطبقي يحدث شيء مفارق نلمسه في حالة البون او التمايز بين المفهوم النظري المجرد للتناقض وتجسده في الواقع، انه ينزل من علياء النظرية المجردة الباردة الى زخم وضجيج الواقع.وفي هذا النزول الى الواقع يصبح مفهوما واقعيا مغمسا بالخصوصيات، وتركبه قشرة من اوحال المعارك تكاد تخفي معالم وجهه، ويصعب التعرف على طبيعته وتشخيص حقيقته، وفي زحمة اختلاطه مع باقي التناقضات الواقعية الاخرى، التي نزلت بدورها الى حلبة الصراع الطبقي يتيه المرء وتختلط عليه الامور تماما كما يحدث لنا مع القطط بالليل فهي كلها سوداء.ويزداد الامر سوءا عندما يتم اعتبار هذه التناقضات جامدة لا تتغير ولا يطالها فعل التاريخ.هذا هو ما يفسر الاضطراب وفقدان التمكن من تحديد طبيعة هذه التناقضات فيتم السقوط في ورطة تقديم تقديرات خاطئة- غالبا ما تكون ميكانيكية اي غير جدلية- لحلها لأن كل اصناف التناقضات اختلطت او ركبت الواحدة فوق الاخرى، فيصعب فكها وترتيبها.

فما هي الطريقة الانجع والأسلم للتمكن من التشخيص العلمي للتناقض وعدم السقوط في فخ الطريقة الميكانيكية للتعامل مع التناقضات؟ في اعتبارنا هناك احدى اهم الطرق و احسنها وهي طريقة العمل المنظم والتفكير الجماعي.فعند النظر الى التناقضات وفعلها في الواقع وبشكل جماعي، تكون الرؤيا متيقظة وقادرة على الامساك بحقيقة التناقضات احسن، ويتم الانتباه الى تعقيدات الحالة خاصة عند التعرض لها في حركيتها وديناميتها وليس في السكون والجمود.ومن ميزة هذا العمل الجماعي الذي يسعى الى انضاج الافكار عبر الجدل المنظم هو انه يقود الى استنباط فعل تلك التناقضات وكيفية حلها وبالتالي وضع الخطة العملية حسب مقتضيات المركزية الديمقراطية كمبدأ حسم المواقف. بذلك نكون قد وفرنا اكبر الضمانات للحصول على خطة انجع وامتن من تلك التي يضعها شخص لوحده.ولهذا ترانا نفضل دائما ومتى كان ذلك ممكنا العمل الجماعي المنظم و المنتظم.

ولتشجيع هذا التفكير المنظم والمنتظم الجماعي، وإمداده بعناصر المعرفة و خلاصات نظرية، اود تقديم بعض الافكار حول مسالة التناقض كما اراها تعترضنا في الممارسة النضالية.

كل الابحاث النظرية التي انجزت حول مسالة التناقض تؤكد على ان هذا المفهوم الى جانب كونه مفهوما شاملا لكل مناحي الحياة والكون، فهو ايضا ذو طبيعة خاصة متعددة في المضمون والشكل.اننا نميز في هذا العرض بين ثلاثة انواع من التناقضات: التناقض الاساسي، التناقض الرئيسي والتناقض الثانوي.

فإذا كان التناقض الاساسي يحدد طبيعة الظاهرة الاجتماعية او الكونية، فان التناقض الرئيسي يحدد طبيعة الحركية او الدينامية والصراع الذي تعرفه الظاهرة التي قامت على اساس التناقض الاساسي، وبفعل دينامية الصراع فان حل هذا التناقض الرئيسي يمكن من التقدم في حل التناقض الاساسي - بفعل التراكمات الكمية او حتى بالقفزة النوعية - و من جهة ثانية يحدث في لحظات معينة و تحت ظروف دقيقة ان يتحول التناقض الرئيسي الى تناقض اساسي او ثانوي.اما التناقض الثانوي فهو من حيث طبيعته ينتمي الى فئة التناقضات الرئيسية مع فارق انه من حيث الشدة او الكثافة، يحتل مرتبة ادنى من التناقض الرئيسي و لذلك فهو يمكن ان يوجد بشكل فردي او متعدد وبدوره وتحت ظروف دقيقة يمكن ان يتحول هذا التناقض الثانوي الى تناقض رئيسي.

قل لي كيف يتعامل التنظيم مع تحديد طبيعة التناقضات و ترتيبها؟ اقول لك هل هو علمي و ما هي هويته.

عند تقييم او الحكم على اي تنظيم سياسي هل هو تنظيم يستحق حمل اسم تنظيم يشتغل بطريقة علمية، يكفى النظر الى طريقة تعامله مع التناقضات.والمجال الذي تنكشف فيه طريقته في التعامل مع التناقضات هي مرجعيته الايديولوجية او الفكرية وخطه السياسي.فالمرجعية غالبا ما تتولى مهمة تدقيق و تحديد التناقضات كما يراها التنظيم، بينما الخط السياسي غالبا ما يوضح ترابط هذه التناقضات وطريقة حل الاساسي و الرئيسي منها عبر الاستراتيجية، بينما يتولى التكتيك وضع خطة تدبير حل التناقضات وترتيبها في الزمن القصير المدى، وينتبه الى ضرورة الحفاظ على البوصلة حتى لا يزيغ التنظيم عن تحديداته واولوياته الاستراتيجية.

بالإضافة الى تقييم طريقة اشتغال التنظيم هل هي علمية ام لا، فان التعامل مع التناقضات في خط اي تنظيم تمكن ايضا من رصد الهوية الحقيقية لهذا التنظيم والى اي مدرسة سياسية ينتمي فعلا و ليس ادعاءا. ان هذا الرصد يحتل عندنا بالمغرب اهمية قصوى،خاصة في هذا الوقت الذي تطرح مسالة تحقيق وحدة التنظيمات التي تنتمي لنفس التوجه من اجل بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة.ان هذا الرصد يسهل عملية التقارب ويمكن من تذويب بعض الفروقات الغير الجوهرية والموجودة بفعل تراكمات تاريخية او ذاتية. ومن جهة اخرى يسمح بتحديد معالم الخلافات الجوهرية الواقعة مع التيارات الاخرى، وهذا طبعا سيجعل مهمة النقاش والبحث في تلك النقاط مثمرا وفعالا في تقريب الشقة و البحث على خطط الاشتغال على المشترك وتطويق نقط الخلاف.

قبل استعراض رأينا في طبيعة التناقضات، لا بد من الاشارة الى الحالة التي هي عليها الحركة الماركسية العالمية اليوم.وهذه الحالة هي نتيجة صيرورة تاريخية عرفتها هذه الحركة منذ نشأتها.ففي عهد القادة المؤسسين ظهر اتجاهان متناقضان كان موقف كل منهما في كيفية حل التناقض الاساسي بين الروليتاريا و البرجوازية.الاتجاه الثوري رأى طريقة القيام البروليتاريا بثورتها لانتزاع سلطتها وإقامة المجتمع الاشتراكي، بينما اعتبر الاتجاه التحريفي ان الانتقال الى الاشتراكية سيتم سلميا وتدريجيا عبر التراكمات الكمية، فتحل سلطة العمال عن طريق الانتخابات محل سلطة البرجوازية. وفي داخل كل من هذين التوجهين برزت اختلافات وتوجهات متعددة.ففي وسط الاتجاه الثوري ولما انطلقت التجربة نحو انجاز الثورة البروليتارية وبعد قيام اول تجربة اشتراكية وأمام مستجدات الصراع الطبقي ونضالات الشعوب من اجل الاستقلال والتحرر ظهرت اختلافات دارت حول تحديد طبيعة التناقضات او حول مسالة ترتيبها.هكذا حصلت اختلافات حول كيفية حل التناقض الاساسي في المجتمع الاشتراكي و حول التناقض مع الامبريالية ومن خلال الاجابات المبلورة ظهر ثلاثة اتجاهات رئيسية هي الاتجاه الماركسي اللينيني و الاتجاه التروتسكي بالإضافة للاتجاه التحريفي الذي تقوى واستطاع استرجاع مواقعه داخل الحركة الماركسية العالمية سواء في المنظومة الاشتراكية او في باقي الدول وخاصة الاورو شيوعية بعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي.اما بعد انهيار التجربة السوفيتية وبعد الضربات التي تلقتها كل التوجهات الثورية داخل الحركة الماركسية العالمية سادت فترة غموض ولخبطة نجم عنه ظهور تيارات تدعي كلها امتلاك الحقيقة و تسفه من لا يشاركها الرأي او القناعات.ومما زاد من حدة التشرذم والتشظي هو هيمنة الدغمائية وغياب التعامل مع الافكار والزعامات تعاملا جدليا نقديا بل ساد الافراط في تقديس النصوص واعتبار التشبث بالمرجعية هو التشبث بالنص بغض النظر عن محتواه ومضمونه.لقد جعلوا من خطابات الزعماء نصا مقدسا حتى ولو كان خطابا او مقالا يعالج قضية عابرة او مسالة ذات خصوصية انتهى امرها منذ زمان.ان مثل هذا التصرف مع المرجعيات والزعامات يجد سببه العميق في عزلة اصحابه عن قضايا الصراع الطبقي الذي يعيشونه جسدا لكن فكرا فهم يستعيضون عن دراسته وتحليله باستنساخ ما ورد في الكتب. انها ممارسات دغمائية لا تختلف عن تلك التي حاربها ماركس وانجلس وقاومها بشراسة لينين.

اننا ندعو الى اعادة نقاش اسس هذه الظاهرة واعادة الاعتبار للنظرية الماركسية و تنقيحها من هذه الشوائب الزائدة.ولكي تنجح هذه المهمة لا بد من وضع محك تتم بموجبه اعادة الاعتبار لعملية فرز موضوعية بين التوجهات والمدارس والابتعاد عن هذه الموضة المقيتة السائدة اليوم في تقسيم المقسم والبحث المرضي عن اية ذريعة او سبب لإعلان التميز والاختلاف.ان هذا الامعان في التشرذم يعكس حاجة راسخة ومتأصلة عند البرجوازي الصغير المتحذلق الكاره لتحمل مسؤولية النضال والسير في اتجاه التبلتر يتخلى بموجبه عن جلدته وروحه البرجوازية ويلتحق عن قناعة راسخة بصفوف البروليتاريا ويتحول الى جندي بسيط في صفوفها.ان طبيعة البرجوازي الصغير المتنطع هي ما يدفعه دفعا لحب الظهور والزعامية، ولذلك تراه يرهق نفسه في البحث عن الاسباب والأعذار، ويخوض الحروب تحت رايات براقة ويستعمل الشعارات المسروقة من الفكر البروليتاري ليوظفها ضد الجميع.

ففي قضية الفرز الموضوعي والحقيقي بين الاتجاهات يلعب مفهوم التناقضات دورا اساسيا من حيث تحديد طبيعتها و من حيث ترتيبها وطرق او اساليب معالجتها. ولهذا نقترح عرض جملة التناقضات الاساسية كما تبدو في المرحلة الحالية من تطور الصراعات الطبقية والدولية.

بعدما انتصرت الرأسمالية في اوروبا الغربية وانتقلت شعوبها من مجتمعات اقطاعية الى مجتمع الرأسمالية حيث ساد نمط الانتاج الرأسمالي الذي تطور وبلغ درجة عالية من التمركز اصبح معها يبحث على اوسع مجال لتحقيق ارباحه وجلب اكبر ما يستطيع من الثروات.خلال تاريخها شهدت الرأسمالية عدة مراحل من التطور الى ان بلغت اعلى المراحل اي المرحلة الامبريالية، وهي مرحلة تعفن النظام الرأسمالي.وبفعل هذا التطور تمت السيطرة الشبه التامة على كل شعوب العالم وخضعت الى تغيير مجتمعي مطبوع بتأثير الاستعمار المباشر وغير المباشر. هكذا انتقلت هذه البلدان الخاضعة من مجتمعات كانت تعرف انماط انتاج ماقبل رأسمالية الى مجتمعات ساد فيها نمط انتاج الرأسمالية التبعية. ففي هذه المرحلة من تطور الرأسمالية نضجت شروط تفاقم وانفجار التناقضات اعطت اول تجربة لسلطة البروليتاريا في روسيا بعد الاطاحة بالرأسمالية و الشروع في بناء الاشتراكية في بلد واحد سنة 1917.

ان التطورات الحاصلة اليوم تؤكد المزيد من تعفن الرأسمالية بل تكشف احد اخطر التناقضات وهو المتمثل في خطر القضاء على الحياة في كوكبنا، اذا ما تركت الامبريالية حرة في تحقيق اهدافها المتوحشة.

اما بالمغرب وفي اطار التطورات الخارجية والداخلية يمكننا تلخيص اهم مميزات التشكيلة الاجتماعية في ما يلي:

+ كان تاريخ المغرب في جل مراحله تاريخ اصطدام ارادتين متباينتين: الاولى هي ارادة البحث عن تقوية الشخصية الاعتبارية للقبائل منفردة او مجتمعة، من اجل حماية مصالحها وتنميتها ورفض الخضوع لوصاية قوة خارجية من سلطة مركزية او غيرها، وكل علاقات الاستغلال والاحتقار والسخرة هذا من جهة ومن جهة اخرى ارادة المخزن وزمرته في التسلط والاستحواذ على اجود الاراضي والمراعي وينابيع الماء.

+ كان من نتائج التدخل الاستعماري اجهاض الدينامية الذاتية لتطور المجتمع القبلي؛ وبذلك اعدمت الفرصة التاريخية لإنضاج تلك التحولات الاجتماعية الضرورية للانتقال بهذا المجتمع القبلي المؤسس على نمط انتاج ماقبل رأسمالي الى مرحلة مجتمع جديد.وبذلك كان للتدخل الاستعماري اثر حاسم في حجب النمو الطبيعي للتشكيلة الاجتماعية المغربية وغيرت من مجراه.

+ استعان الاستعمار بالمخزن للتغلغل في مفاصل المجتمع المغربي واثر على كل مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.تشكلت الدولة الجديدة كسلطة سياسية لكتلة طبقية مؤلفة من البرجوازية الكمبرادورية وكبار ملاك الاراضي تستحوذ على فائض القيمة المنتزع من الطبقة العاملة وعلى كل الثروات الطبيعية، بينما بقيت في الجهة المقابلة كل الطبقات الاجتماعية المختلفة عرضة للتهميش او الاستغلال.

تلك هي خصائص التشكيلة الاجتماعية ببلادنا وهي لا تختلف جوهريا عن واقع غيرها من البلدان المستعمرة او شبه مستعمرة؛ والتي عرفت نضالا مريرا من اجل التحرر.لكن بفعل الهيمنة الامبريالية لم يستطع اي من هذه البلدان تحقيق الانتقال الى مرحلة التقدم الاجتماعي كما حدث في بلدان المركز او استثناءا في اليابان، لقد اجهضت كل المحاولات التي قادتها البرجوازية المحلية، بل جعلتها طبيعتها المتذبذبة و الخائفة من ثورات شعوبها تتحول الى برجوازية عميلة وشريكة للامبريالية. فكانت النتيجة العملية لهذا الوضع هو سيادة نمط انتاج هجين بقيت معه هذه البلدان في اسفل درجات التخلف المادي والروحي.وأصبحت عملية استكمال مهام التحرر وبناء الاقتصاد الوطني من مهام الطبقة الثورية حتى النهاية اي الطبقة العاملة.

على ضوء هذه المعطيات حول التشكيلة الاجتماعية ببلادنا يمكننا عرض تحليلنا او تحديدنا الملموس للتناقضات الاساسية التي من خلالها تتم عملية استكمال مهام التحرر والتقدم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ببلادنا، وهي التحرر الوطني و البناء الديمقراطي وبناء المجتمع الاشتراكي،"وهذه المهام ليست بمراحل منفصلة زمنيا أو منعزلة بعضها عن بعض، بل إنها متداخلة في ما بينها ومترابطة جدليا. وتستلزم ضرورة قيادة الطبقة العاملة لهذا النضال أن يكون هدفه النهائي هو تحقيق المشروع الاشتراكي في أفق بناء المجتمع الشيوعي"(انظر المرجعية السياسية للنهج الديمقراطي.وثيقة صادرة عن المؤتمر الوطني الثالث).

+ في التناقض الاساسي القائم بين قوة العمل المنتجة لفائض القيمة و الرأسمال المستغل لقوة العمل.

انه التناقض الأساسي "القوة المحركة للقوات المحركة" كما صاغته اطروحة المؤتمر الوطني الرابع وهو ذلك التناقض مابين قوة العمل المنتجة لفائض القيمة والرأسمال المستغل لقوة العمل. لقد قام المجتمع الرأسمالي على الانتاج السلعي وعلى نطاق واسع جدا وهو يتوسع باستمرار بهدف الحصول على الارباح. فمنذ القرن 16 بدأ نمط الانتاج الرأسمالي بالتطور في اوروبا الغربية، منطلقا من التعاونية البسيطة الى المانيفاكتورة. ومع الثورة الصناعية استعمل الماكينات والآلات البسيطة ثم المعقدة، فتحولت المانيفاكتورة الى المصنع ثم المجمعات الصناعية الكبرى. سمح القضاء على روابط القنانة وتحرير اليد العاملة بالبوادي من توفير يد عاملة منزوعة من ارضها ومجردة من كل ادوات الانتاج. هكذا تحولت الاغلبية من السكان الى جيش لا يملك إلا قوة عمله، مقابل اقلية تملك ادوات الانتاج وكل الثروة التي تستخرج من عملية الانتاج الاجتماعي. لقد اصبحت الاغلبية المشكلة من بروليتاريا وشبه بروليتاريا لا يمكنها العيش إلا ببيع قوة عملها التي هو في نفس الوقت مصدر ثروة الطبقات الاجتماعية العليا.

هذا هو التناقض الاساسي او "محرك المحركات" والذي يخترق كل المجتمعات الرأسمالية في بلدان المركز او في بلدان الأطراف، مجتمعات الرأسمالية التبعية.

ومن اجل تحقيق حل هذا التناقض الاساسي طورت الحركة الماركسية اللينينية طيلة تاريخها، نظرية الانتقال عبر مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية وهي مرحلة انجاز الدولة الجديدة التي تقوم على قاعدة حل التناقض الرئيسي والذي بدون حله لن يفتح طريق بناء المجتمع الاشتراكي، وهذا التناقض الرئيسي هو (التناقض الموجود بين مجموع الطبقات الشعبية المشكلة من الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء والمعدمين وكادحي الأحياء الشعبية والبرجوازية الصغرى والبرجوازية المتوسطة من جهة والإمبريالية، وعلى الخصوص الامبريالية الفرنسية، والنظام المخزني وقاعدته الاجتماعية المشكلة من الكتلة الطبقية السائدة وامتداداتها المجتمعية من أحزاب وجمعيات واعيان من جهة أخرى. لذلك فان الإستراتيجية الثورية هي حل هذا التناقض الرئيسي تحت قيادة جبهة الطبقات الشعبية في أفق حل التناقض الأساسي تحت قيادة حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين.) انظر اطروحات المؤتمر الوطني الرابع.

قبل الاستمرار في استعراض باقي التناقضات الاساسية كما يراها الماركسيون اللينينيون لا بد من الاشارة الى الاختلافات الجوهرية الحاصلة بين الماركسيين اللينينيين والتيارات التروتسكية بصدد اشكالية حل هذا التناقض الاساسي.ان الجميع يتفق على تشخيصه كتناقض اساسي لكن طريقة حله تختلف من تصور الى اخر.فالتيارات التروتسكية تكاد تجمع على ان حل هذا التناقض يتم عبر الثورة الاشتراكية و هم يرفضون الكلام عن مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية التي يعتبرونها طرحا تحريفيا ويدعون بان لينين كان قد تخلى عن اطروحته بصدد الثورة الوطنية الديمقراطية وتبنى اطروحة تروتسكي حول الثورة الدائمة بما فيها نظرة تروتسكي لديكتاتورية البروليتاريا القائمة باستقلال عن التحالف مع الفلاحين.

+ في التناقض الاساسي المتعلق بالتناقض بين العمال و الرأسماليين.

ان اساس وسبب الملكية الخاصة للرأسماليين وكبار ملاك الاراضي هو تحويل قوة العمل الى سلعة وبالتبعية تحويل العمال الى عبيد مأجورين. ان من خاصية نمط الانتاج الرأسمالي هي جعل الانتاج والعمل، عملية اجتماعية. ان تحويل ملكية وسائل الانتاج الى ملكية مشتركة سيسمح بتوافق علاقات الانتاج مع الطابع الاجتماعي لقوى الانتاج. هكذا عندما يتم القضاء على التملك الخاص لوسائل الانتاج وتحويلها الى ملكية مشتركة للمجتمع سيتحقق شرط تحرر العمال انفسهم ويجد التناقض الاساسي بين العمال والرأسماليين حله لما تنتقل ملكية وسائل الانتاج الى ملكية المجتمع برمته وينتفي استغلال الانسان لأخيه الانسان.

+ التناقض الاساسي القائم بين الشعوب و الامم المضطهدة مع الامبريالية

عندما كانت البرجوازية توسع من ترويج بضائعها في ابعد المناطق عبر العالم، فإنها كانت تبحث عن اسواق جديدة وعن مصادر المواد الخام. ومن خلال انشائها للسوق الرأسمالية على الصعيد العالمي ساهمت بإخضاع جميع البلدان لمسلسل الانتاج الرأسمالي مما حقق لها توسيع عملية الاستغلال. هكذا انفتحت مرحلة الاستعمار وتقسيم النفوذ.وفي كل هذه البلدان اخضعت مختلف انماط الانتاج القائمة الى سيطرة وقوة نمط الانتاج المفروض وهو نمط الانتاج الرأسمالي، ترتب عنه خضوع تلك الشعوب الى سيطرة حفنة من البرجوازية الوكيلة.ومن اجل وضع حد لهذه السيطرة المباشرة قامت حروب التحرير من الاستعمار قادت بعض الدول الى الحصول على استقلال كان في الغالب الاعم استقلالا شكليا، بقيت بموجبه تلك البلدان في قبضة الشركات والمؤسسات الامبريالية. ان عصر الامبريالية هو عصرا التناقض الاساسي بين الشعوب الخاضعة والامم المضطهدة والامبريالية من جهة اخرى.

يجد هذا التناقض حله عبر حل التناقض الرئيسي المتمثل في تحقيق الانتصار وهزم القوى الطبقية المحلية والتي تعتبر الممثل الوكيل على الصعيد الوطني للامبريالية ولمصالحها ولمؤسساتها،كما يجد حله عبر تحالف الشعوب المتحررة وإقامة علاقات التحالف والتعاون فيما بينها والتقدم في بناء منظومة البلدان الاشتراكية.

+ التناقض الاساسي القائم بين الاشتراكية و الرأسمالية.

ان تتطور قوى الانتاج وتحولها الى طبيعة اجتماعية ودخولها في تناقض تناحري مع شكل ملكية وسائل الانتاج الملكية الخاصة هو ما يشكل حفار قبر الرأسمالية كما حلله ماركس وانجلس منذ اصدارهما للبيان الشيوعي.ومع ظهور مرحلة الامبريالية وكما برهن على ذلك لينين، اصبحت مهمة الانتقال الى الاشتراكية مهمة مطروحة على جدول اعمال البروليتايا، وهو ما حاولته بروليتاريا باريس في كمونة باريس لمدة 4 اشهر، وعاودته الثورة البلشفية في 1917 ودام اكثر من 40 سنة.لذلك نعتبر ان هذا التناقض الاساسي اصبح اليوم تناقضا واقعا وإمكانية حله هي ايضا مهمة البروليتاريا اينما وجدت: في دول المركز تكون المهمة هي القضاء على سلطة البرجوازية وإقامة سلطة العمال والانتقال الى الاشتراكية، وفي بلدان المحيط يتحتم انجاز مهمة اقامة الدولة الوطنية الديمقراطية الشعبية على طريق بناء الاشتراكية.وهي مهمة البروليتاريا وحلفائها في البلد الواحد او مجموعة محدودة من البلدان.طبعا هذا يتطلب الاستفادة من التجربة الغنية لفشل التجارب الماضية.في العصر الراهن اصبحت مسالة بناء الاشتراكية امرا واقعا لان البروليتاريا العالمية اصبحت تتوفر على تجربة تاريخية وعملية كما تمت عملية بناء احزاب وتنظيمات بروليتارية تضع على عاتقها النضال من اجل انجاز الثورة الاشتراكية، لكن واقع هذه الاحزاب والمنظمات هو التشرذم وضعف التنسيق في ما بينها.ولهذا ومن اجل حل هذا التناقض الاساسي تطرح مهمة بناء اممية ماركسية تناضل من اجل انجاز مهمة الثورة الاشتراكية وتوفير كل المقومات لهزم الامبريالية والرأسمالية اينما كانت.

التناقض الاساسي بين الرأسمال والبيئة.

في تحليله للرأسمال كشف ماركس ذلك المنحى اللامحدود الذي يميزه وهو بحثه الدائم عن المزيد من الربح والتوسع، لا يقف عند حد او يتراجع امام اية عقبة وهو ان فعل فقد روحه سقطت خاصيته التي تجعل منه رأسمال.وفي سعيه المحموم هذا يحتاج الى استنفاذ كل احتياطيات المواد الاولية الموجودة على سطح الارض وفي باطنها،كما يقوم عند استهلاكه لموارد الطاقة الغير متجددة بعملية تبذير لا تراعي البيئة او تحترم ضرورة الحفاظ وحماية اسباب الحياة، لان اتخاذ مثل تلك الاجراءات يشكل عوائق بل تكلفة اضافية لا يحتملها لأنها تحد من الربح ومن المردودية المباشرة والسريعة.وكلما اشتدت الازمة الهيكلية للرأسمالية كلما سارعت الى تكثيف الاستغلال للموارد الطبيعية والزج بالشعوب في اتون الفقر والحاجة يكون سببا اضافيا في اللجوء الى تصرفات ومسلكيات جد ضارة بالطبيعة والمحيط العام.ان الرأسمالية في بحثها عن الربح اصبحت عدوة الطبيعة وهي تقود البشرية الى الهلاك.وفي هذا يكمن تناقض اساسي لن يجد حله إلا عبر القضاء على نمط الانتاج الرأسمالي والذي اصبح بحكم جشعه و وحشيته يضع الجميع امام خيارين اما القضاء عليه كرأسمال او فناء الحياة على كوكب الارض.ومن جهة ثانية وكما اشار ماركس الى ذلك فان العمل او عملية الانتاج برمتها تجري في كنف الطبيعة. لذلك تكون الاشتراكية بدورها مطالبة بالسهر على وقوع عملية الانتاج بشكل يحترم الطبيعة، ولهذا تعتبر الاشتراكية صديقة للطبيعة وحامية لها.

ان تحديد التناقض بين الرأسمال والبيئة كتناقض اساسي يهدف الى التأكيد من جهة على ان الرأسمالية في مرحلتها الامبريالية تقود الانسانية الى الفناء، ومن جهة ثانية التأكيد على انه اذا كانت عملية الانتاج تجري في كنف الطبيعة فان هذه العملية لكي تصبح صديقة الطبيعة فلابد وان تكون في اطار علاقات جديدة، يسهر عليها الانسان المتحرر من الحاجة، انسان المجتمع الاشتراكي. هذا هو الاطار الذي سيمكن فيه حل هذا التناقض الاساسي بخلاف ما يعتقده البعض، بكون الاشتراكية و الرأسمالية صنوان من نفس النوع، وهما بذلك يهددان البيئة و الحياة على كوكبنا؛كما ان الحل الذي اشرنا اليه يتعارض جذريا مع ما يعتقده بعض التقنيين والمفكرين الليبراليين لما يدعون الى عقلنة الانتاج والاستغلال وانه يكفي ترشيد الممارسات حتى تستقيم الامور وتتجاوز البشرية الخطر المحدق بالبيئة.

هذه هي التناقضات الاساسية التي نراها تحكم عالمنا اليوم. وفي طريقة وضعها و معالجتها، تتوضح هوية التنظيمات الماركسية وتتوزع انتماءاتها المرجعية والسياسية. لنا امل كبير في تنظيم النقاش والحوار حول تحديد هذه التناقضات وطرق معالجتها من خلال تقديم تصور حول التناقضات الرئيسية و الثانوية المتعلقة بكل واحد من هذه التناقضات الاساسية، كما نأمل في توفر جو صحي وموضوعي لتحقيق خطوات جبارة في عملية توحيد التيارات الماركسية التي تتفق على هذه التحديدات؛ وتقريب شقة الخلاف مع التيارات الاخرى التي لا تتبنى نفس التحديدات.ومن ان اجل ان يستقيم النقاش ويسهل ندعو الى استثمار منهجية تحديد التناقضات وترتيبها وخطط واسليب حلها،عبر تضمينها في مرجعية ايديولوجية وخط سياسي بشقيه الاستراتيجي والتكتيكي.

 

ثانيا: الوضع الراهن للحركة الاجتماعية وقضايا الجبهات ومسالة الحزب المستقل للطبقة العاملة.

1- اشكال ومضامين خوض النضال الجماهيري والطبقي وتمفصلهما.

مع حركة 20 فبراير انتقل النضال الجماهيري ببلادنا الى مرحلة جديدة من تطوره بات يفرض تحليلا جديدا وتجاوزا وتطويرا لأدوات ومنهجية التحليل.

ان الاستمرار في نفس المنهاج لم يعد قادرا على فهم المتغيرات ولا على استنباط اساليب النضال والتغيير.يرجع ذلك الى بروز متعاظم لأشكال جديدة في الاحتجاج قوامها المسيرات والانتفاضات والوقفات تخوضها حركات اجتماعية متعددة التركيب الطبقي او الفئوي او المهني بينما غابت او توارت نسبيا الاشكال الكلاسيكية مثل الاضرابات او الاعتصامات تحت قيادة النقابات او الاحزاب او الجمعيات المهنية.

هي اذا حالة مستجدة ببلادنا.كيف يجب علينا التعامل معها؟ لكن قبل ذلك لابد من الجواب على السؤال هل حالة بلادنا معزولة ام هل هي ظاهرة معروفة وكيف حدثت وما هي اسبابها؟ كيف انتقلت الينا ولماذا بالضبط في هذا الوقت او الظرف؟

هذه الحركات الاجتماعية ليست خاصة ببلادنا ولا هي بنت اللحظة. ولهذا نجد العديد من الكتابات ومنظرين متخصصين في هذه الحركات الاجتماعية. سيكون من المفيد الاطلاع على هذا الكم المتنوع من الانتاجات الفكرية ودراستها لان ذلك سيساعد على الاستفادة العملية من الحركات الاحتجاجية التي تقوم بها او ستقوم بها هذه الحركات الاجتماعية.

و لكي نساهم في هذا النقاش الدائر اليوم نعتقد ان الانطلاق من بعض المفاهيم الاساسية الرائجة والتي لها مكانة كبيرة عند بعض منظري ونشطاء الحركات الاجتماعية وهي : العفوية - اللاطبقية - اللاسياسية - اللايديولوجية.    

لا يتسع الوقت ولا المجال لاستعراض جميع مراحل الحركات الاجتماعية ولذلك سنركز على واقعها الراهن.ومما يميز الشكل الجديد لهذه الحركات الاجتماعية هو كونها تمزج بين الحركات الاجتماعية التي خضعت لعملية ترتيب وتدبير من طرف قوى سياسية او نقابية وحركات اجتماعية لم تندلع نتيجة عمل مسبق بل هي انطلقت بشكل فجائي ويعتبرها البعض بأنها عفوية.وفي الوضع الراهن نلاحظ ونؤكد بان الغالب او المهيمن هو هذا النوع الاخير من الحركات الاجتماعية.

ولشرح هذه الوضعية لابد من الوقوف على سببين رئيسيين وهما ان القوى المنظمة من احزاب ونقابات تعيش مرحلة تراجع قوي وانكماش لا سابق له، بل اندثار بعض المكونات او اندماجها في النسق السياسي السائد وأصبحت داعمة للحاكمين وللسلطة.والسبب الثاني هو تراجع الفكر التقدمي وفي قلبه الفكر الشيوعي المناهض للامبريالية والداعم لتحرر الشعوب وهو اليوم يعاود الانبعاث من رماده، لكن اثر وتراكمات الهزيمة المؤقتة وانهيار التجربة الاشتراكية كان له الاثر البالغ على القوى التقدمية وسمح للتيارات النكوصية او الهوياتية المنغلقة على ذاتها باحتلال الساحة، وقد ساعدتها الدول والمؤسسات الامبريالية والانظمة الرجعية في المنطقة.وكان لهذا الواقع انعكاس على الفعل السياسي لهذه القوى وتقلص تاثيرها ولم تنجح في تاطير حركات اجتماعية وحتى اذا انخرطت في بعضها فإنها تقوم بذلك وهي تطمح الى تدارك ما فات او اعادة الحياة الى هياكلها كأحزاب او نقابات مما يجعلها تحاول توظيف تلك الحركات الاجتماعية وهو الامر الذي يعطي المصداقية لمن يتهمها بالركوب على تلك الحركات.

لهذا نرى انتعاش حركات اجتماعية تندلع بشكل فجائي وتتحول الى حركة احتجاجية تتخذ اشكالا متنوعة في النضال والتنظيم وترفع مطالب كثيرة او متقلصة وغالبا ما تكون بدون قيادة مركزية .ولكي نحصر المجال سيكون من المفيد تناول اهم خصائص الاحتجاجات الشعبية التي وقعت بعد خفوت جذوة حركة 20 فبراير منذ 2013.

اول ملاحظة او معطى وجب الانتباه اليه وهو ان الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية تدهورت الى حد كبير، ظهر معها ان النظام بات عاجزا على تلبية المطالب الواسعة للجماهير.وهذا يعني ان الآفاق اصبحت مغلقة وان كل مظاهر الازمة وعلى رأسها انعدام الشغل وهشاشة ما هو متوفر منه تولد عنه شعور بالحكرة وبالتهميش لدى الشباب بكل فئاته المتعلم او حامل الشهادات العليا.فأصبحت البطالة آفة ضربت الاغلبية الساحقة من العائلات بغض النظر عن اصلها الطبقي مساوية في ذلك البرجوازية المتوسطة او الكادحين. الى جانب هذه المعضلة برزت معضلة الفقر وتأكل القدرة الشرائية لمجمل الطبقات الشعبية بسبب الغلاء - مواد الاستهلاك الاساسية وخدمات التدبير المفوض- وبسب افلاس المرافق الاجتماعية من صحة وتعليم والتي انهكت كاهل الشعب بمصاريف ونفقات نتيجة استقالة الدولة والقطاع العام وتخليه عن واجباته والتزاماته وتفويضها او فتحها للقطاع الخاص.

على ارضية هذه الاوضاع اندلعت حركات احتجاجية خرج المواطنون والمواطنات للتعبير عن سخطهم ورفضهم للفقر والبؤس. يهمنا هنا الوقوف عند هذه النقطة للتمييز بين هذه الحركات الاحتجاجية ولنرصد المعطى التالي: سيكون من قبيل المستحيل تحليل كل هذه الحركات الاحتجاجية لأنها كميا كبيرة جدا - حتى ان مصالح وزارة الداخلية تقدم ارقاما بعشرات الآلاف من الوقفات والأشكال الاحتجاجية وهي طبعا تقوم بذلك لكي تمرر خطابا سياسيا يدعي حرية التعبير وحرية التجمع والتظاهر، لكي تبرر قمعها لبعض الحركات الاحتجاجية المعينة.رغم هذا الكم الكبير يمكننا التمييز بين نوعين رئيسيين من هذه الحركات الاحتجاجية:

الاول هو تلك الحركات التي اندلعت بسبب معين عبرت من خلاله الجماهير المعنية بمشكل محدود فقمعت او وجهت لها وعود وانتهى الامر ولو لحين.وقد يتعلق الامر بحركة احتجاجية لحي شعبي او فئة اجتماعية متضررة او حركة احتجاجية لمدينة او جهة معينة مثل حالة زاكورة...

الثاني هي تلك الحركات الاحتجاجية التي استطاعت ان تتحول الى حركات اجتماعية.وهي بدورها قد تهم قرية واحدة او مدينة او جهة او منطقة شاسعة .لكن ماهي مقومات ان تتحول الحركات الاحتجاجية الى حركة اجتماعية؟ هذا السؤال نطرحه لفائدة تعلم كيف نستفيد من تجارب شعوب اخرى وألا نهدر الطاقات في اعادة اكتشاف قوانين وعلاقات اجتماعية وحتى نتمكن ايضا من البناء على المكتسبات والانطلاق الى المساهمة العاقلة في هذا المكتسبات.ثم وهذا هو الاهم كيف نساهم في تحويل الحركات الاحتجاجية الى حركات اجتماعية وما هي العناصر الوظيفية المطلوب توفيرها لذلك وهنا لا بد من حد ادنى من العامل  التنظيمي بغض النظر عن شكله او خلفيته ومصدره.

+ في تدقيق الحركة الاجتماعية:

((ان التاريخ العلمى للحركات الاحتماعية لم يتأسس بمعزل عن الصراعات الدائرة فى المجتمعات الانسانية ولا يمكنه اطلاقا ان يكون منفصلا عنها مادامت هذه الحركات تدل فى الأصل على الصراع الذى يعنى كل تعارض بين الأفراد والجماعات من حيث القيم والمصالح، فالصراع يعد من أبعاد الحركة الاجتماعية فى شكلها الاحتجاجى القائم أصلا على الرفض ونشد التغيير. 

ويشير بلومر الى أن الحركة الاجتماعية هى ذلك الجهد الجماعى الرامى الى تغيير طابع العلاقات الاجتماعية المستقرة فى مجتمع معين. فالحركات الاجتماعية هى فى نظره مشاريع جماعية تستهدف إقامة نظام جديد للحياة، وتستند الى احساس بعدم الرضا عن النمط السائد، والرغبة فى اقامة نسق جديد" والرغبة فى اقامة نسق جديد والشرط المؤسس لأية حركة اجتماعية يظل مرتبطا بفعل التغيير المستمر "

كتحول فى الزمان يلحق بطريقة لا تكون عابرة بنية وصيرورة النظام الاجتماعى، لمعرفة مايعدل او يحول مجرى تاريخها"، والحركة الاجتماعية لا تكتس شرعية الوجود إلا اذا جعلت التغيير شرطا وجوديا لها، وإلا سقطت عنها عناصر المعنى. 

وفضلا عن هاجس التغيير، يحضر فى تعريف الحركة الاجتماعية عنصرا آخر لا يقل اهمية عن سابقه، وهو بالضبط عنصر الاستمرارية؛ فقاموس علم الاجتماع لغولد وكولب يؤكد أنها جهود مستمرة لجماعة اجتماعية تهدف الى تحقيق أهداف مشتركة لجميع الأعضاء، فالفعل المستمر هو الذى يؤهل الممارسة الاحتجاجية الى الأنتماء مفاهيميا الى الحركة الاجتماعية كجهود منظمة وغير عابرة ، ينتفى فيه الواقع ويتأسس فيه آخر. لهذا يؤكد فرانسوا شازل ان الحركة الاجتماعية هى بمثابة "فعل جماعى للاحتجاج بهدف اقرار تغييرات فى البيئة الاجتماعية أو السياسية"، فالأمر يتعلق ب" جهود منظمة يبذلها عدد من الناس بهدف التغيير أو مقاومة التغيير فى المجتمع". 

إن الحركة الاجتماعية تفترض درجة معينة من التنظيم لبلوغ هدف التغيير والتجاوز، وهذا مايلح عليه غي روشى مبرزا " أنها تنظيم مهيكل ومحدد، له هدف علني يكمن فى جمع بعض الأفراد للدفاع عن قضايا محددة" وهذا مايقود الى الاعتراف مرة أخرى بحساسية عنصر القضية الموجبة والمولدة للحركة الاجتماعية؛ فكل حركة تعمل من أجل قضية معينة، وتحتج اساسا من أجلها. ومنه يمكن الأنتهاء الى أن الحركة الاجتماعية لا تكتسب مبناها ومعناها بعيدا عن الحد الأدنى من التنظيم ووضوح الأهداف وشرط القضية، وقبلا وجود جماعة تؤطرها قيم ومعايير تتحقق حولها درجة من الأجماع.

أن تعريف الحركة الاجتماعية يثير الكثير من الاختلافات ، تبعا لتعدد المقاربات والمنطلقات النظرية والمنهجية ، إلا أن الاختلاف لا يبدو محتدما حول تحديد خصائصها المحتملة ، بالرغم من مجمل النقاش الذي أثير حول نحت مفهوم موحد وواضح للحركة الاجتماعية . فأغلب التعاريف تؤكد أن الأمر متصل بجهود جماعية مقصود لأفراد ذوي أهداف محددة يسعون إلي تحقيقها بمقاربة جماعية ، وأن الأمر يتصل أيضا بوجود معايير مقبولة اجتماعيا ومن الممكن أن يتحقق في صددها نوع من الإجماع في شكل تضامن وتأييد مطلق أو تعاطف نسبي . كما تتميز الحركات الاجتماعية في غالبيتها بالإدارة الواعية للأعضاء علي اعتبار أن التغيير يفترض بداهة درجة معينة من الوعي بالحاجات والمطالب، هذا بالإضافة إلي وجود حد أدني من التنظيم كخصيصة مميزة للحركة الاجتماعية . أن الصعوبات التي يطرحها التعريف تبرر إلي حد ما إتساع دوائر النقاش المعرفي الذي أثير حول الحركات الاجتماعية منذ منتصف القرن العشرين، وذلك أن أنظار الباحثين من علوم مختلفة اتجهت نحو تحليل الأفراد والجماعات التي تخرج محتجة ومطالبة بالتغيير في شكل مظاهرات وانتفاضات وحركة تمرد.))

((فكل حركة اجتماعية تتطلب حد أدني من التنظيم ، مع ما يستتبع هذا التنظيم من آليات وقواعد للسلوك والتدبير والتعبير ، وهي محددات أساسية للبنية التحتية للفعل الاحتجاجي . كما لا يمكن إطلاقا أن نتصور حركة اجتماعية بلا خطاب مؤطر وموجه لفكرة الاحتجاج فالخطاب يعبر عن البنية الفوقية للحركة الإجتماعية  في حين يمكن اعتبار  في المال سؤالا مفصليا في دراسة هذه الحركات لكونه يدل من خلال التفكير علي المبني والمعني المفترضين لها .))

عرض دراسة نقدية للحركات الاجتماعية بعنوان:- " سوسيولوجيا الحركات الاجتماعية" للبروفيسور: فرانسوا ديبو Francois Dubet إعداد الطالب محمود صافى محمود.

وحتى لا يتحول عرضنا الى بحث في سوسيولوجية الحركات الاجتماعية نكتفي بالإشارة الى كون الدرس السوسيولوجي يرتب هذه الحركات الاجتماعية في اربعة مجموعات وهي: 1- نظرية السلوك الجماعي 2- نظرية تعبئة الموارد 3- نظرية الحركة الاجتماعية الجديدة و 4 - باراديغم الفعل/الهوية.

وبالرجوع الى العناصر الوظيفية التي تجعل من اية حركة، حركة اجتماعية نعتمد على ما توصل اليه تشارلز تيللي في دراسة تاريخية. يعتبر تشارلز تيللي احد اهم الدارسين للحركات الاجتماعية وهو يفرد 3 عناصر وردت في كتابه: "الحركات الاجتماعية 1768-2004 " ترجمه السيد ربيع وهبة.

(  1- الحملة: مجهود عام مستدام ومنظم يملي مطالب جماعية على سلطات مستهدفة.

2- ذخيرة الحركة الاجتماعية  social mouvment repertoir :عبارة عن توظيف لتوليفات ممكنة من اشكال العمل السياسي التالية: خلق جمعيات ذات اهداف خاصة،لقاءات خاصة، لقاءات عامة، مواكب مهيبة، اعتصامات، مسيرات، مظاهرات، حملات مناشدة، بيانات في الاعلام العام، مطويات او كراسات سياسية.

3- عروض الوقفة:تمثيل المشاركين لجملة من الصفات العامة الموحدة، هي:الجدارة، والوحدة، والزخم العددي، والالتزام تجاه انفسهم و/او تجاه قاعدتهم الشعبية.) انظر التشارلز تيللي.

اوردت هذه العناصر الوظيفية كما ترجمها السيد ربيع وهبة وهي مناسبة لترجمتها بما يتلاءم مع مفاهيمنا وخطابنا السياسي بالمغرب وخاصة وسط اليسار ولهذا نفهم بعنصر الحملة هو ذلك الجهد الذي يقوم به النشطاء من اجل التعريف بالأوضاع وبصياغة البرنامج المطلبي او ترتيب المطالب، اما العنصر الثاني فهو يتعلق بجميع الاشكال التنظيمية الني ستتبعها الحركة الاحتجاجية ابتداء من خلق التنظيم الذاتي الى اساليب خوض الحركة من مسيرات ومظاهرات...اما العنصر الاخير فهو يتعلق بعناصر تحصين الحركة وتمثينها وخلق اليات اللحمة لضمان استمرارها.

في محاولة اختبار مدى توفر هذه العناصر في الحراكات الجارية اليوم بالمغرب خاصة في الريف وجرادة فإننا نلمس متى تطابقها الى حد التماهي وكأن الحراكات وقادتها يطبقون حرفيا ما سقناه هنا بما فيه ظاهرة  الاصرار على تأدية القسم من طرف قادة الحراك وقواعده.لذا توجب قراءة هذه الجزئية بعيدا عن ما قام به البعض متهما الحراك بالانزلاق الى الظلامية والى الداعشية.اليس من يقرا الامور هكذا انه لم يفهم مغزى ذلك؟ ولا حتى الحاجة اليه لأنه ببساطة لا يتابع الامر من موقع الانخراط والحرص على وحدة الحراك وما يطرحه من مشاكل حقيقية. لو استوعب المنتقدون هذه الحاجة لتمكنوا من فهمها ومساعدة النشطاء على ايجاد اشكال وحلول ارقى.

2- استنتاجات وتقديرات.

1 الاستنتاج الاول.

اليسار لحد الساعة لا يعير الاهتمام الكافي لواجباته من اجل تحويل الاحتجاجات الشعبية الى حركات احتجاجية.بل انه تبنى نظرة مغلوطة لهذه الحركات الاحتجاجية الى حد انه لا يولي اية اهمية لعناصر الحركة الاجتماعية بما فيها الاعداد المسبق حول الملف المطلبي وتحقيق الزخم العددي وتصليب الحركة وتحصينها.سبب عدم اهتمامه بكل هذه الامور سيادة مفهوم النضال نيابة عن الجماهير ولم يعد يؤثر فيه منظر خوض الوقفة او المسيرة بعدد لا يتجاوز عشرات الاشخاص.

2- الاستنتاج الثاني.

استطاعت بعض الحركات الاحتجاجية ان تتحول الى حركات اجتماعية بالمعنى العلمي بينما لم تستطع اخرى ان تحقق ذلك مثل ما حصل لما احرقت امي فتيحة نفسها بالقنيطرة او لما توفيت 15 امرأة ببوالعلام بالصويرة. اينما تحولت الحركات الاحتجاجية الى حركات اجتماعية نجد ان الجماهير كانت مؤطرة الى هذا الحد او ذاك بما يمكننا تسميتهم بالمثقفين العضويين والذين هم انفسهم كانوا اعضاء او لا زالوا في التنظيمات اليسارية.بينما في الاماكن التي اشرنا اليها فقد غاب هذا العامل وطغى عامل التخلف وسيادة منطق الصدقة والاحسان او نشط المخزن عبر اجهزته او زواياه.

3- الحركات الاجتماعية اليوم اصبحت معطى بنيويا وهي آخذة في التنامي وستصبح اهم شكل من اشكال خوض الصراع الطبقي حتى اعتقد البعض بان العصر اصبح اليوم عصر قيادة البرجوازية المتوسطة للثورة او التغيير وهو ما تقدمه نظرية الحركات الاجتماعية الجديدة بقيادة الان تورين وغيره.من جهة ثانية اصبح البعض يعتبر اشكال الحركات الاجتماعية تجاوزت الطابع الطبقي للاحتجاجات ومعه التنظيم بشكله الحزبي . هذه استنتاجات ودعوات لا تعدم من الحجج ومن المستندات الواقعية ولن ينفع معها التنطع الحزبي او الاستمرار في اجترار المفاهيم المتجاوزة او الاشكال التنظيمية المتقادمة ولا الخطاب القديم.في هذا المضمار بات على الماركسيين اعادة التقييم واعادة التقدير بدءا من مهمة نقد السلاح بمعنى تجديده وتطويره بما يلزم من الحزم ومن الشجاعة والمسؤولية.

التقدير الاول: شحذ سلاح التنظيم  

بالنسبة للتجربة المغربية لم تكن هذه هي المرة الاولى التي توجبت فيها عملية نقد السلاح.لقد حضرت تلك الحاجة في منتصف ستينيات القرن الماضي وقامت مجموعة من المناضلين بعملية نقد السلاح، سلاح التنظيم تمخضت عن ميلاد الحركة الماركسية اللينينية المغربية (ركزته وثيقة منظمة الى الامام: "سقطت الاقنعة فلنفتح طريق الثورة") وكذلك كان ان انبنى تنظيم جديد يجيب على متطلبات تلك الفترة ويقدم مساهماته في الصراع الطبقي ببلادنا؛ كانت حصيلته الايجابية ما عرفها تطور وعي شعبنا وما حققه من مكتسبات اهمها الفرز الجاري اليوم وتنامي عزلة نظام الكتلة الطبقية السائدة، وهذا الزخم النضالي للحركات الاحتجاجية.شكل ذلك التنظيم خميرة كل هذه المتغيرات التي نشهد حصولها اليوم.

اليوم ايضا بات من المحتم اجراء عملية نقد سلاح التنظيم وبالجرأة والمبدئية اللازمتين.

اهم نقد تعرضنا له هو اتهامنا بالدكاكين السياسية، واهم تجلي لهذا النقد هو تحاشي واحجام الشباب عن الانخراط الحاشد والطوعي في صفوفنا.

انه نقد جارح وحتى فيه نوع من التبخيس لمجهوداتنا وعدم انخراط الشباب في صفوفنا فيه كذلك نوع من الجحود وعدم العرفان بجميل تكويننا للعديد منهم.كل ذلك موجود في النقد بل ربما يوجد ما هو اكبر وأعظم، لكن يجب ان يكون رد فعلنا هو قبول النقد والتجريح لأننا مبدئيون ثوريون نمارس وبالضرورة للخطأ حظ في عملنا وتصوراتنا.نعتقد ان هذه هي الطريقة الاسلم في التعامل مع هذا النقد عوض الطريقة الاخرى والسهلة وهي تكوين جبهة مع كل من نعث بالدكاكين والقيام بحملة تطهير وبغزوة ضد دعاة الدكاكين ومحاربة الفوضوية وأنصار العفوية.

عكس ذلك وجب علينا الانصات للنقد وتحليل دوافعه والبحث في فكرنا وممارساتنا عن كل ما يمت له بصلة داخلنا.

هكذا فإنني اعتبر ان النقد الموجه لليسار فيه الكثير من اوجه الصدق وهي التي تعطي المصداقية لهذا النقد لما نتعرض له.سيكون من المستحيل رفضه جملة وتفصيلا وعلى الاطلاق. من يفعل ذلك وسطنا انما يغلق باب التطور امامه بل يتحول بسرعة مفرطة الى دكان سياسي حقيقي منبوذ من طرف الجماهير.

هل نقبل بذلك لأننا نساير الموضة وعلينا ان نداهن الشعور الشعبي و لا نتواجه معه؟ هذا بدوره احد المخاطر التي لا يجب السقوط فيها، لأن حقيقته الانتهازية  ستنكشف ويحول التنظيم ايضا الى افلس دكان سياسي لأنه فقد ثقة مناضليه فيه وثقة الجماهير ايضا.

لتجنب هذه المخاطر ليس هناك من بد من الوقوف عند الاعطاب التي تجعلنا نبدو في نظر الجماهير وطلائعها العفوية دكانا سياسيا لا يختلف عن الباقي وتفسير لماذا تلك الاعطاب وما هي الحلول لتجاوزها.عند نجاح تلك العملية سيكون نقد سلاح التنظيم قد ادى وظيفته بمساعدتنا على بناء تنظيم من نوع جديد.ولهذا اعتبر هذه العملية مهمة جماعية لأنها تدفع كل عضو مهما كانت مجالات نشاطه النضالي الى التفكير في ممارساته وفي قناعاته الفردية.

في الممارسة العملية علينا المزيد من التعريف وسط المناضلين باطروحاتنا حول السيرورات الاربعة وترابطها الجدلي: سيرورة بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين، وسيرورة بناء التنظيمات المستقلة للجماهير الكادحة، وسيرورة بناء الجبهة الوطنية للطبقات الشعبية، وسيرورة بناء الاممية الماركسية.ان الخيط الناظم لعلاقة هذه السيرورات فيما بينها هو اننا نبني حزبا ثوريا يتبنى ان الشعب بقيادة طبقته العاملة هو من يقوم بالتغيير وليس هناك من ينوب عنه في هذه المهمة التارخية، وان خط هذا الحزب هو خط الجماهير يعلمها ويتعلم منها وهو لا يستطيع البناء او العمل خارج الحاضنة الطبقية والجماهيرية وان الطليعية هي طليعية الجماهير المنخرطة في النضال بكافة مستوياته وانواعه.حزب يفهم ويستوعب توجيه لينين لما يتكلم عن علاقة الحزب بعفوية الجماهير عندما اكد على«حقيقة أنّ الجماهير تدخل الحراك عفويًّا لا يجعل تنظيم الصراع أقل ضرورة. بل على العكس، فهي تجعله أكثر أهمّية».

عندما يستحضر المناضلون جيدا هذه الحقيقة فإنهم  سيتمكنون من الالتحام مع النضالات الشعبية ولن يديروها الظهر.سيتمكنون ايضا من المساهمة في بناء التنظيمات المستقلة للجماهير في الاحياء وفي الاعتصامات سيكونون جنبا الى جنب مع القيادات الشابة التي ستبرز وسيحصلون على تعاونها وستتأكد بأن المناضلين اليساريين معها ومنها وليسوا دكاكين سياسية مثل تلك التي تبحث على الركوب والتوظيف.سيتمكنون من الحضور القوي لمصارعة كل الطروحات المسممة والتي تريد عزل الجماهير عنهم او تريد اختراقها.اينما كانت الجماهير تناضل هناك مكان المناضلين الطبيعي .

التقدير الثاني: في الدور الاستراتيجي لحزب الطبقة العاملة.

رغم الاهمية القصوى للحركات الاجتماعية فإنها كما اسلفنا تبقى في حاجة ماسة الى التاطير والسهر غلى تحقيق العناصر الوظيفية لكي تتحول الحركات الاحتجاجية اى حركات اجتماعية ولكي تتحصن الحركات الاحتجاجية نفسها.والعناصر القادرة على تحقيق ذلك هي طبعا التي تتوفر على الحد الادنى من التكوين والتدريب والحنكة وهي صفات لا تكتسب إلا وسط الحزب او باحتكاك بأحد اذرعه. ثم لابد من الانتباه الى ان الحركات الاجتماعية متروكة لديناميتها الخاصة قد تسقط في الانعزالية او التشتت والاضمحلال بحكم شراسة المواجهة التي ستقوم بها مختلف الاجهزة القمعية والسياسية والايديولوجية للدولة.ومن اجل حل كل هذه المعضلات عبر تشبيك الحركات الاجتماعية والرفع من وثيرتها وتحشيد القوى الوطنية او الدولية لها لا بد من تدخل الحزب السياسي المناضل الحازم.

هكذا تتضح العلاقة الجدلية بين الحركات الاجتماعية والحزب.ومن خلال هذه العلاقة يتم تصحيح الخطاب السائد اليوم والممجد للعفوية، للاسياسة، وإنكار الحقيقة الطبقية للصراعات الاجتماعية.فمن خلال ربط هذه العلاقة الصحية والجدلية مع هذه الحركات يستطيع الحزب ان يلعب دوره كهيأة اركان تنظيم خوض حرب الصراع الطبقي.وكلما تجدر الحزب في صفوف الطبقة العاملة والكادحين كلما استطاع ان يعيد للعمل النقابي محتواه النضالي العمالي وافتكه من يد البرجوازية وأذنابها وذلك سيقوى ايضا عود الحركات الاحتجاجية بالأحياء الشعبية في المدن الصغيرة او الكبيرة او في البادية؛ وتحولت تلك الحركات الاحتجاجية الى حركات اجتماعية حاشدة تمتلك عناصر البرنامج المطلبي والتنظيمات الذاتية وآليات تنظيم النضال وتقوية اللحمة والوحدة الجماهيرية.وعبر هذه الحركات الاجتماعية تبنى الجبهات الميدانية مع مختلف القوى المناضلة حسب الملف الطلبي وتفرز انوية جبهة الطبقات الاجتماعية الطامحة للتغيير الجذري.

التيتي الحبيب

20/08/2019

++++++

(1) اننا لا نريد هنا تكرار كل ما كتب وقيل، لكننا نود التركيز على قضية جوهرية في مسالة التناقض.اننا ننظر الى التناقض من زاوية النظرية الماركسية باعتبارها نظرة للكون والمجتمع ليس فقط نظرة تأمل، بل هي نظرية البراكسيس اي نظرية تغيير العالم.وفي هذه النظرية يحتل مفهوم التناقض مكانة المحرك او مكانة المحور الذي تدور او تتشكل حوله بقية المفاهيم والقوانين، انه احد قوانين الديالكتيك ان لم يكن اسها.فعند النظر الى التناقض بين الوعي والمادة وأيهما الاسبق تتحدد مدرستك او انتماؤك الايديولوجي ومرجعيتك،وهكذا عندما تزعم بأسبقية المادة على الوعي فأنت تنتمي للمدرسة المادية، اما عندما ترى اسبقية الوعي على المادة فأنت تنتمي للمدرسة المثالية، وليس هناك اي انتماء ثالث او ما بين بين.طبعا داخل كل مدرسة منهما هناك طيف من المذاهب والمدارس.وبمثل هذه القوة والشمولية حتى العلوم تتحدد طبيعتها بالتناقض الذي تعالجه بما فيها العلوم الانسانية من اقتصاد وتاريخ واجتماع وسياسة..الخ

 

 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *