جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

العمر يمضي...الرفيق عبد السلام عسال

 العمر يمضي

بحلول هذا اليوم 30أكتوبر 2020, تكون 64 سنة بالتمام والكمال قد انصرمت من عمري، 64 سنة بأفراحها وأتراحها، بآلامها وآمالها، بأوجاعها وأفجاعها وأتعابها وانكساراتها وبانتصاراتها وعنفوانها وانشراحاتها، 64 سنة مليئة بالتجارب والدروس والعبر، منذ كنت ذاك الطفل البدوي ابن الدوار المنفتح والمتسامح، طفل لمسيد حيث لا سلطة تعلو على سلطة الفقيه، إلى أن ولجت المدرسة بأعجوبة لعبت فيها الصدفة ما لم يكن في الحسبان، إذ ذات يوم خريفي، أخي سي امحمد يأتي في زيارة خاطفة من مدينة الدار البيضاء إلى الدوار مسقط رأسه، توسلت إليه أن يأخذني معه إلى المدينة وأن يسجلني في المدرسة، استجاب بسرعة لطلبي، وبينما هو كان يشرح لوالدتي أهمية الدراسة في المدرسة والآفاق التي ستفتحها أمامي، إذا بي أكون قد أنهيت جمع بضعة ما أتوفر عليه من ملابس على قد الحال، من هنا بدأت مسارات حياتي تتغير رأسا على عقب، تابعت دراستي بشغف جنوني، إلى أن حصلت على البكالوريا في الشعبة الأدبية ثم تابعت تعليمي الجامعي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط وحصلت على الإجازة في الفلسفة، وهكذا انتقلت وأنا في المسيد من مشروع فقيه قد يكون داعشيا أو تكفيريا إلى دارس ناهم للفلسفة متشبع بالفكر النقدي وبالقيم الإنسانية الكونية، هذا التحول كان هو العامل الأساسي، ضمن عوامل أخرى متشعبة ومتشابكة، التي حددت باقي مساراتي واختياراتي في الحياة، ضمن هذه العومل فاجعة وفاة والدي وأنا لم أتجاوز، بعد، سبع سنوات من عمري، وتحمل والدتي مشاق تربيتي بمعية شقيقي وشقيقتي في ظروف صعبة للغاية، وما فرض ذلك عليها من مثابرة وتضحيات جسيمة لا تقدر بثمن، من تم تشربت مبدأ التضحية من أجل الآخر الذي يكون في أمس الحاجة إلى الدعم والمساعدة، ومن تم بدأ يتشكل وعيي الحقوقي ثم، شيئا فشيئا، تشبعي بحقوق الإنسان، ذلك ما قادني، فيما بعد، إلى الانخراط في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، مدرستي الحقوقية الثانية بعد الوالدة مدرستي الأولى، تشابك، من حيث لم أكن أدري، الطابع البدوي المنفتح لشخصيتي مع التكوين الفلسفي الذي غرفته بحب واقتناع، مع الواقع البئيس الذي عشته سنوات وسنوات، مع التجارب المريرة والعصيبة التي اجتزتها بكثير من الألم والإحساس الفظيغ بالظلم والتهميش والتفقير، كل ذلك قادني إلى أن أكون، كما أنا، متسامحا إلا مع أعداء الشعب ومن يصطفون إلى جانبه حتى لو كانوا من بناته وأبنائه، صارما كلما تعلق الأمر بالدفاع عن المبادئ التي هي خط أحمر، خدوما كلما كانت إمكانياتي تسمح بتقديم خدمة، محبا للحياة كلما استطعت إليها سبيلا، علمانيا في تفكيري وسلوكي باعتبار أن العلمانية ضامنة لحقوق وحريات الجميع على قدم المساواة، حقوقيا حتى النخاع وأجد ضالتي، في المقام الأول، في الدفاع عن المساواة التامة بين النساء والرجال في كل الحقوق والحريات، لكن دون التفريط في النضال من أجل كافة حقوق الإنسان للجميع، سياسيا مؤمنا بأن الثورة آتية لا ريب فيها وأحاول المساهمة، قدر المستطاع، مع رفيقاتي ورفاقي في النهج الديمقراطي وفي كل القوى ذات المصلحة في التغيير، تهييئ شروطها لتقريب موعدها، شيوعيا بالفطرة اولا، ثم عن تكوين واختيار إيديولوجي وسياسي ثانيا، أساسه الاقتناع بأن الشيوعية هي الحل لكل مآسي البشرية وويلات الامبريالية.
باختصار، ذالكم أنا وتلكم ال 64 سنة هي من فعلت فعلها، رويدا رويدا، لأكون هكذا أنا، غير قبلو على عفاكم.
وتحياتي لكن/م أحبتي وأحبائي في كل مكان.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *