جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

الشعب المغربي وتقرير المصير*جمال براجع*

 الشعب المغربي وتقرير المصير

لم يسبق للشعب المغربي في يوم ما ممارسة حقه في تقرير مصيره عبر اختيار النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يرتضيه لنفسه ويريد أن يعيش فيه بكل حرية.ويعتبر هذا المبدأ الديمقراطي الكوني الأساس السياسي والقانوني لممارسة الشعب لسلطته الكاملة والفعلية باعتباره صاحب السيادة.ويتخذ هذا المبدأ في ظل نظام الرأسمالية التبعية ببلادنا وسيادة النظام المخزني الاستبدادي مضمونا طبقيا ثوريا يرتبط بمشروع التحرر الوطني الديمقراطي الشعبي.
لقد قاوم الشعب المغربي الاستعمار الذي احتل البلاد بعد توقيع معاهدة الخيانة لسنة1912 من طرف السلطان عبد الحفيظ ، وقدم آلاف الشهداء والمعتقلين والمعطوبين...مسجلا ملاحم بطولية ستبقى خالدة في التاريخ.وعندما تجدرت وتوسعت المقاومة بانخراط العمال والفلاحين الفقراء وتأسيس جيش التحرير وخلايا المقاومة المسلحة، وما شكله ذلك من خطورة على الوجود الاستعماري ومصالحه ومصير خدامه الطبقيين من برجوازية وكيلة وأعيان تم حبك مؤامرة إيكس ليبان 1955 بين المستعمر الفرنسي والمخزن والأعيان والقيادة البرجوازية للحركة الوطنية نتج عنها استقلال شكلي ضمن استمرارية مصالح الرأسمالية الفرنسية والاسبانية بالمغرب وكرس المخزن كنظام سياسي واقتصادي قائم على الحكم الفردي المطلق والريع الاقتصادي والسياسي تحت الحماية والرعاية الامبريالية وخصوصا الفرنسية˛ وبالتالي تم إجهاض حلم الشعب المغربي في تقرير مصيره وبناء دولته الوطنية الديمقراطية المستقلة. وهكذا تمكن النظام المخزني، بدعم من الامبريالية˛ بحكم طبيعته الاستبدادية من سلب الشعب المغربي حريته في تقرير مصيره، وفرض عليه الحجر والوصاية والخضوع بالقمع الرهيب.فكلما انتفض الشعب أو احتج أو خرج للتعبير عن مطالبه، حتى وإن كانت بسيطة، إلا وسالت دماؤه كما حدث في الريف 1958/1959 والدار البيضاء في1965 و1981 والشمال ومراكش 1984 و فاس 1990 ...
وهكذا لم تتح للشعب قط أي فرصة للتعبير عن إرادته أو اختياراته بكيفية حرة وديمقراطية.فجميع الدساتير، ومنذ أول دستور في سنة 1962وإلى الآن، كانت دساتير ممنوحة لم يشارك الشعب في بلورتها وإقرارها. دساتير 99,99 ./. تم تفصيلها لتكريس الاستبداد.كما أن جميع الانتخابات كانت مزورة ومتحكم فيها من طرف وزارة الداخلية، ونسبة المشاركة الشعبية فيها ضعيفة مما جعل المؤسسات المنبثقة عنها من برلمان ومجالس جماعية تفتقد للشرعية الشعبية والديمقراطية.وقد عجزت النخبة المخزنية والممخزنة نتيجة استفادتها من الريع المخزني عن تلميع وتجميل الديمقراطية المخزنية رغم الأموال الضخمة والإمكانيات الهائلة التي وضعها النظام المخزني تحت تصرفها للقيام بهذه المهمة˛ بسبب ارتفاع منسوب الوعي لدى الشعب المغربي وفهمه لحقيقة الانتخابات كوسيلة لخداعه وتنويمه˛ وكآلية لاغتناء النخب الفاسدة والانتهازية على حساب مصالحه ومطامحه ومستقبله.
إن الشعب المغربي لم يقرر مصيره بعد.فمصيره ما يزال رهينة في يد النظام المخزني الفاقد لأية شرعية شعبية أو ديمقراطية ، والخاضع للدوائر الامبريالية، وخاصة الفرنسية، ومؤسساتها المالية وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي والبنك العالمي حيث ينفذ، كتلميذ مجتهد، توصياتها واملاءاتها الاقتصادية الليبرالية القاسية التي تسببت في تعميق تبعية البلاد لهذه الدوائر وفي تفقير الشعب المغربي وإثقال كاهل البلاد بالمديونية التي أصبحت تمثل أكثر من 90./. من الناتج الداخلي الإجمالي.
إن النظام المخزني هو العقبة الرئيسية أمام تحرر الشعب المغربي وتقرير مصيره حتى يصبح سيدا على نفسه ومستقبله ، مما يجعل مهمة التخلص من هذا النظام المهمة المركزية في النضال الشعبي من اجل التغيير الحقيقي و بناء الدولة الوطنية الديمقراطية الشعبية حيث السلطة والسيادة للشعب.
إن أي اصطفاف إلى جانب النظام المخزني،ومهما كانت المبررات والدواعي، فهو اصطفاف ضد الشعب، سيكرس الاستبداد والفساد، و يعيق سيرورة التغيير.وبالتالي يجب على الحركة الديمقراطية واليسارية إحداث القطيعة مع فكر الحركة الوطنية المرتكز على التعايش والتوافق مع المخزن وأوهام إصلاحه. إن هذا الوضوح النظري والسياسي ضروري وهو بمثابة البوصلة لخوض الصراع الطبقي كصراع بين نقيضين متناحرين:من جهة الجماهير الشعبية وفي مقدمتها الطبقة العاملة التواقة إلى بناء مجتمع الحرية والديمقراطية ومن جهة أخرى الكتلة الطبقية السائدة والنظام المخزني الذي يسعى إلى تأبيد سيطرتها.
جمال براجع
20/11/2020


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *