جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

على هامش الندوة حول حركة 20 فبراير وباقي الحراكات الاجتماعية المنظمة من قبل الكتابة المحلية للنهج الديمقراطي بايت أورير .

 على هامش الندوة حول حركة 20 فبراير وباقي الحراكات الاجتماعية المنظمة من قبل الكتابة المحلية للنهج الديمقراطي بايت أورير .

بادر الرفاق في النهج الديمقراطي بايت أورير ..إلى تنظيم ندوة عبر الويب لإعادة قراءة حركة20 فبراير بعد العشرية التي تفصلنا عنها مع ما تلاها من حراكات مناطقية ، واستدعت للتأطير كل من الرفيقين عبداللطيف ازريكم والحبيب التيتي . وإذ لا يكفي التنويه بالمبادرة التي وفقت في إعادة إطلاق الحوار بين مكونين من الجسم اليساري المغربي بشأن أسئلة محرقة ووجودية و إنما يتعين أيضا السعي إلى تكريسها وتوسيعها باعتبارها تقليدا رفاقيا افتقدناه مدة طويلة .. مع التطلع إلى تعميق النقاش و محاولة استكناه دلالات اختلاف التقدير فكريا وسياسيا ..
لا يمكنني في هذه الورقة تغطية كل المواضيع و التفصيلات التي طرقها المتدخلان وحسبي أن أركزها في ثلاثة عناوين اساسية : أسباب انحسار حركة 20 فبراير ؟ علاقاتها بالحراكات الاجتماعية التي اشتعلت بمناطق من المغرب المهمش ؟ وأخيرا حدود الفاعلية السياسية والتنظيمية للجبهة الاجتماعية الجهوية في الزمن الراهن ؟
اعتبر أحد المتدخلين ان حركة 20 فبراير كانت نخبوية ولم توطن اجتماعيا .. رفعت شعارات فضفاضة ومحدودة السقف في بعده السياسي وأن القوى التي شاركت فيها لم تكن مؤهلة وناضجة للذهاب بها إلى أكثر من حدود الالتفاف عليها ..بإجراءات دستورية وسياسية .. انتهت في الأخير إلى تكريس الوضع القائم بروتوشات إضافية . أما المتدخل الآخر فلاحظ أن الحركة ومنذ بيانها التأسيسي من 20 نقطة ، انطلقت بنفس إصلاحي - محاربة الفساد والاستبداد - اجتدب إليه أطيافا من الطبقة الوسطى وأن محاولات جرها إلى الهوامش الاجتماعية وتحويلها إلى قاطرة لخوض الصراع السياسي / الاجتماعي/ الهوياتي في درجته القصوى جعل الحاضنة الاجتماعية الأصلية ( الفئات الوسطى ) تنسحب الأمر الذي وفر مناخا ملائما لنجاح محاولات الالتفاف .. وتسييد الحل الأمني عندما انتقلت الحركة إلى الأحياء الشعبية بدون قيادة مركزية مخاطبة ...
نحن إذن بصدد قراءتين لمسار حركة 20 فبراير ومآلاته . الأولى ربطت انكسارها وانحسارها بتفلتها التدريجي غير المحسوب عن نفسها الإصلاحي وقاعدتها القاطرة من الطبقة الوسطى .. أما الثانية فوقفت بالضبط على عدم تحريرها من مضمونها الإصلاحي ذاك و عدم توطينها داخل النسيج الاجتماعي الذي من مصلحته التغيير الجذري ..وهو ما هيأها للانحسار والتوقف .
وإذ أرجو أن أكون وفقت في تلخيص المضامين الأساسية لوجهتي النظر المختلفتين ، بموضوعية وتجرد دون الغرق في التفاصيل ...إلا أن ذلك لا يعني أن قراءتهما ممكنة بنفس النسغ الموضوعي ، دون محازبة واستدعاء الرؤية الذاتية ،. وطبعا ليس بهدف التشرنق أو التسييج الدوغمائي لهذا الموقف أو ذاك وإنما سعيا لإبراز الأسس الفكرية - السياسية - المنهجية المؤسسة لشرعية الموقف نفسه ..
واضح أن القرائتين تنطلقان من رؤيتين مختلفتين في تقييم الحركة .. ومن خلالها تشخيص أهداف ، وسائل وإيقاعات الحراك السياسي الشعبي . أولاهما تشدد على واقعة /مسلمة الفوات التاريخي للمجتمعات العربية عموما ، فوات يشخصه تخثر واستمرار البنية الفوقية القروسطوية بشقيها الأيديولوجي /الثقافي والسياسي .. وأن اختراق النمط الرأسمالي الاستعماري لقاعدة هذه المجتمعات المادية لم يفض إلى تفكك البنية الفوقية تلك ،بغض النظر عن إيقاعه ،بل وفر لها فرصة التحول إلى أداء وظيفة جديدة ومعاصرة : الدفاع عن الحق في التقوقع الهوياتي وإسباغ طابع الوطنية عليه . وهنا يطرح الإشكال الأساسي : هل يمكن الرهان على تحقيق
أهداف التحرر السياسي و الاجتماعي ، ناهيك عن الاشتراكية ، انطلاقا من الرؤية العامة للطبيعة والانسان والتاريخ التي تشخصها البنية الفوقية المفوتة تلك والمهيمنة ؟ لماذا آلت حركات التحرر الوطني ، بما فيه تلك التي انتزعته بالكفاح المسلح ، إلى قبضة الرجعية العربية بمختلف اصنافها ؟ هل كان تقدير الحركة الماركسية اللينينية ،بعموم الرقعة الجغرافية، لميزان القوى السياسي /الاجتماعي صائبا إذ إغفل حساب مدى تغلغل الرؤية الحداثية للكون في نسيج وعي المجتمع ؟ أي العوامل كان أشد تأثيرا : تدخل القوى الاستعمارية / الصهيونية ام الفوات التاريخي للبنى الفوقية للمجتمع نفسه ؟ هذه الاسئلة المستلهمة من تجربة الانكسار السياسي للجناح التقدمي من حركة التحرر الوطني وامتداداته إلى الحركة الماركسية /اللينينية توفر مرجعية لملامح الإطار النظري - السياسي لتحديد أولويات العمل السياسي التقدمي : هل من أولوياته توجيه الحراكات السياسية الشعبية العفوية عموما تحت ضغط المعيش اليومي ، بشعارات سياسية معتدلة وذات نفس إصلاحي لكن مع العمل العنيد والدؤوب على ترسيخ قيم السيادة للشعب وتكريس حق التظاهر وحرية التعبير والتنظيم الجماعي ..وبعبارة واحدة تكريس الثقافة السياسية الليبرالية التي هي العنوان الأولي والأصلي للحداثة ..أي توفير الخميرة الحاضنة لإنجاز تغيير سياسي فعلي على المدى المتوسط والطويل أم الرهان مباشرة ومنذ الان على الدفع بالحراكات العفوية إلى إنجاز مهام التغيير السياسي بالرغم من هيمنة ثقافة وقيم الفوات التاريخي ؟
لا يمكن فهم النجاح النسبي للتجربة التونسية ، مقارنة مع مثيلتها الليبية والسورية ، إلا باستحضار المفاعيل التحضيرية للبيرالية البورقيبة داخل المجتمع الأول . وتغيير النظام السياسي انطلاقا من ثقافة البداوة و
" الهوية القاتلة" سواء في صيغتها الثقافية أو المهيكلة سياسيا .. قاد ويقود إلى خراب المجتمع من حيث أريد توفير شروط تقدمه .
الخلاصة الأساسية من هذا الاستطراد بشأن العنوان الأول من الندوة تؤول إلى ان تحديد أهداف وإيقاع وقاعدة الحراك الشعبي .. يجب أن تحددها شروط التأخر التاريخي للمجتمع وليس القناعات الذاتية المتناغمة مع انتساب أيديولوجي ما .
وبخصوص العنوان الثاني المتعلق بعلاقات التاثير والتاثر بين حركة 20 فبراير والحراكات الاجتماعية التي اندلعت بعده ببضع سنوات .. فلقد وقف أحد المتدخلين على اختلاف جوهري بينهما . إذ الأولى ذات مضمون سياسي إصلاحي مركزي في توجهه ضد النمط اليعقوبي من دولة الاستبداد المركزية ..وتمكنت اساسا داخل القاعدة الاجتماعية للطبقة الوسطى للمغرب النافع وأن خفوتها تكرس بقدر تحولها إلى الهوامش الاجتماعية والتصعيد في شعارها السياسي .. بينما الحراك الاجتماعي حفزته مطالب معيشية مباشرة وحكمه تناقض بين المطالب الإصلاحية للاندماج الاجتماعي واشكال التعبير عنها والمطالبة بها بطريقة عنترية وغير منسجمة سياسيا .
أما المتدخل الثاني فقد اعتبر أن الحراكات الجهوية نجحت في توطين نفسها اجتماعيا مع ابتداع أشكال تنظيمية وشعارات مطابقة لشروطها الخاصة وهي بشكل ما امتداد محلي لحركة 20 فبراير .
وإذ أعتذر إن كنت أدغمت في تلخيص الموقفين أو أحدهما ، أريد التذكير بأن موضوع جدلية التغيير السياسي وتداعياته الاجتماعية تناولته أدبيات سياسية كثيرة أهمها ما وقفت عليه حنة أرانت في عملها المميز "حول الثورة " الذي عقدت فيه فصلا طويلا عريضا للموضوع . وطبعا ليس الهدف الركون إلى خلاصاته كمعرفة بالموضوع لا ياتيها الباطل وإنما فقط الاستئناس بها كنقطة ارتكاز موثقة للإحاطة بالموضوع ومن خلالها التفاعل مع مستجدات الفكر السياسي النقدي المعاصر ..الخ .
خلصت هذه المفكرة السياسية المتحررة من" الدوغما "وعلى ضوء التجارب الثورية العالمية ، إلى أن كل تغيير سياسي هو في جوهره مطلب جماعي تتوافق بشانه فئات وطبقات اجتماعية مختلفة وهو بطبيعته حل مؤقت ينجح بقدر ما يوفر من إمكانيات لمختلف المتحالفين للتعبير عن مطالبهم الخاصة والتي على قدر تحققها أو فشلها تتحدد طبيعة ومضمون التغيير بمجمله. نقطة الارتكاز هذه المستقاة من جميع تجارب التغيير العالمية
تفيد ان حركة 20 فبراير لا بد أن وفرت الروح المعنوية والمضمون السياسي لحراك الريف وغيره من الاحتجاجات الجهوية ..وهي ملاحظة اكدتها الشجاعة المميزة لفاعلي حراك الريف التي لامست التهور على مستوى الخطاب السياسي .. ومضمون المطالب الإصلاحية التي تتغيا قيام الدولة بالاستثمار في البنية التحية وتوفير شروط الاندماج الكريم أي رأسمالية الدولة ..لكن بخطاب عنتري ينفي عنها أي مشروعية وغير منسجم مع المطالب وهو ما شكل احد عناوين ازمة حراك الريف ومآلاته القضائية ..
أرجو أن أكون فتحت قوسا لمناقشة بعض القضايا المحرقة التي اثارتها الندوة ,وان أكون ساهمت في تكريس النقاش الرفاقي بشأن قضايا تتجاوز التنظيم إلى مستقبل شعب .
عبدالرحيم جدي.-


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *