جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

مفهوم " اقصر الطرق الايديلوجية"*التيتي الحبيب*

 Les raccourcis idéologiques

اخترت هذا العنوان بالفرنسية ويمكن ترجمته الى العربية بمفهوم " اقصر الطرق الايديلوجية" اتمنى ان اوفق في ايصال الفكرة بعجالة هنا.
في اطار الصراع الايديولوجي المحتدم داخل الحركة الشيوعية العالمية من جهة او بين الحركة الشيوعية نفسها والفكر البرجوازي بيمينه ويساره يتم اللجوء الى استعمال حيلة اقصر الطرق من اجل قتل فكرة بإبعاد الناس عنها وعزلها تماما. وتقتضي هذه الحيلة بتجنب المواجهة المباشرة للفكرة او الرأي السياسي او النظرية هذا اولا، ثانيا، ابتكار طريقة تصبح من خلالها تلك الفكرة المراد قتلها متجسدة في مثال او نموذج صنع خصيصا لهذا الغرض. وبما انه مثال مصنوع فيمكن للمبتكرين ان يضيفوا عليه من الصفات تسهل عليهم عملية تحطيمه او دحضه او تسفيهه امام الجمهور، وبالنتيجة تصبح الفكرة او النظرية التي يراد التخلص منها سهلة الدحض والقتل او تنفير الجمهور منها.
ليس غرضي هنا هو الاستمرار في التجريد والكلام النظري العام، بل دعونا نستعرض مثالا ملموسا والذي من خلاله سنكتشف حيلة "اقصر الطرق" التي استعملت ضده. مثالنا هنا هو مفهوم ديكتاتورية البروليتاريا. وبما ان هذا المفهوم او المبدأ يعتبر مخلب الماركسية الذي به تمارس البروليتاريا سلطتها لما تسقط سلطة البرجوازية، فإن الاعداء والخصوم يحاولون تجريد البروليتاريا من هذا السلاح ويريدونها ان تسعى للسلطة بطريقة مغايرة أي بطريقة لن تنجح معها البروليتاريا في الحفاظ على سلطتها، ولن تستطيع بناء دولتها الجديدة. اذا، فقتل هذه الفكرة او تنفير البروليتاريا من هذا المبدأ الجوهري في الماركسية يعتبر هدفا ثمينا ويتطلب ابتكار الاسلحة الناجعة من اجل القضاء عليه. ولهذ استعملت حيلة " اقصر الطرق" او كما يسميها الفرنسيون ( raccourcis ) فتم صنع النموذج المجسد لديكتاتورية البروليتاريا وكان موضوع حملة واسعة لم تهدا الى يومنا هذا. فكان النموذج هو مطابقة ديكتاتورية البروليتاريا مع ستالين والستالينية. لقد اصبح ستالين رمز ديكتاتورية البروليتاريا، واصبحت ديكتاتورية البروليتاريا تقود الى وتتجسد في نظام ستالين او ما شابهه.
اعتمد صناع " اقصر الطرق" على المنطق البراغماتي فوظفوا فشل بناء الاشتراكية في التجربة السوفياتية كحجة ومدخل لهجومهم. اعتمدوا على الحقيقة المؤقته وهي ان التجربة الاشتراكية لم تحقق نجاحها التاريخي، وبأن التاريخ قال كلمته، وقد زاد الطين بلة بعد سقوط جدار برلين لما يمثله من رمزية انتهاء عهد الاتحاد السوفياتي ومعه التجربة البلشفية. على هذه القاعدة بنى الخصوم والأعداء حججهم التاريخية وبراهينهم المنطقية والدامغة وبعد ان جسدوا كل تلك الفشالات والانحسار في شخص ستالين والستالينية وبعد ان تم تحميل هذه الحقبة كل الشرور؛ استطاع هؤلاء الرهط استعمال هذه Les raccourcis idéologiques لرفض ديكتاتورية البروليتاريا التي تعني الستالينية. ومن خلال حيلة "اقصر الطرق" هذه اصبحت الماركسية اللينينة هي الستالينية وان ستالين ليس الا صورة قبيحة عن لينين الذي لم يقدروا على التجرؤ عليه إلا نادرا.
ففي عصر الاكلات الخفيفة نجح هؤلاء الخبثاء في استعمال حيلة "اقصر الطرق" لشيطنة مفهوم ديكتاتورية البروليتاريا ولعب هنا منظرو الاوروشيوعية دورا اساسيا فحولوا احزابهم الى احزاب انتخابية تسعى الى البرلمانية المنصاعة الى تلطيف الاستغلال وإصلاح الرأسمالية من داخل اجهزة دولتها بدل النضال من اجل اسقاط هذه الدولة وإقامة دولة البروليتاريا.
لم يسلم الماركسيون في بلدان المحيط ومنهم في المغرب من هذه الآفة او هذا الانحراف. ان هؤلاء المرتدون عن الماركسية الرافضون لجوهرها الثوري اصبحوا دعاة التغيير السلمي او من داخل مؤسسات انظمة التبعية واجهزة دولتها. انهم يخشون على سمعتهم الليبرالية وعلى ان يصنفوا خارج الديمقراطية البرجوازية. انهم يفرطون في مبدأ اساسي وهو الذي يجسد الديمقراطية الواسعة الضامنة لحقوق اغلبية الشعب ضد حفنة من الاستغلاليين اللصوص الكذابين والمدعين زورا بأنهم ديمقراطيون. انهم يخافون من شرح ديكتاتورية البروليتاريا كسلطة العمال الديمقراطية تجاه اغلبية الشعب لكنها ديكتاتورية ضد حفنة من الكومبرادور وملاكي الاراضي الكبار.
التيتي الحبيب
11/03/2021


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *