جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

تأسيس الحزب المستقل للطبقة العاملة سيسقط المزيد من الاقنعة*الرفيق التيتي الحبيب*

تأسيس الحزب المستقل للطبقة العاملة سيسقط المزيد من الاقنعة
في المحطات الحاسمة عشنا دائما تجربة الصراع الفكري والسياسي؛ ليس كترف مثقفي بل فرضته طبيعة وأهمية المشروع العظيم المتمثلة في انجاز المهمة المركزية والتي اصبحت اليوم مهمة آنية، وهي تأسيس الحزب المستقل للطبقة العاملة المغربي. فكما عرفت التجربة الاولى سقوط اقنعة التحريفية والتي عطلت مهمة تحول الحزب الشيوعي المغربي الى حزب الطبقة العاملة المغربية المنخرطة في حرب التحرير من اجل الاستقلال الناجز، فإننا نعيش اليوم، لحظة سقوط اقنعة اخرى حالت دون تقدم المشروع السبعيني الى حقيقة قائمة الذات.
هذه الاقنعة تحاول التمويه والتغطية على طابعها التحريفي المتخفي خلف التجديد ومناهضة الدغمائية والعقائدية والانفتاح على الاجتهادات في مجال النظرية والفكر. لكن اصحاب هذه الدعاوي ليسوا في الحقيقة إلا نسخا كربونية تافهة لما انتجه السرفاتي ابراهام في اطار مراجعاته الايديولوجية والسياسية، ولما ارتد عن الماركسية اللينينية وتخلى عن مجمل القناعات التي دافع عنها لما كان ماركسيا. ولعل مقالته المركزة جدا " تأملات نظرية " تلخص توجهه الجديد وباتت عبارة عن انجيل زمرة من التحريفيين الجدد. ولذلك بات البعض يستعير او يستشهد بهذا النص الذي كتبه السرفاتي في 1993 وهو جزء من المقالات التي عبر فيها كاتبها عن تخليه عن الماركسية اللينينية وانتقد مهمة بناء الحزب اللينيني وعوضه بالدعوة لبناء الانوية الثورية؛ وطبعا تخلى نهائيا عن الطابع الطبقي للثورة، طابعها البروليتاري، معتقدا انه بذلك يكون قد تخلص من العقيدة التي تتحدث عن المهمة التاريخية للبروليتاريا. كتب السرفاتي كل هذه الامور التراجعية وهو تحت تأثير سقوط جدار برلين وكانت هذه مقدمات نظرية لسقوطه الشخصي النهائي وتخليه عن جميع قناعاته الماركسية اللنينية السابقة. من نفس الوثيقة يستخرج البعض اليوم فقرات عن الثورة البلشفية التي يعتبر انها نجحت الى حدود العشرينيات من القرن الماضي لتسقط فيما بعد في التوتاليتارية التي ارتكبت جرائم ادمت القرن العشرين حسب زعمه. هكذا يتخلى السرفاتي نهائيا عن موقعه الماركسي اللينيني وينتقل الى موقع التحريفية تحت ذريعة التجديد والتفكير والاجتهاد الاستفزازي للعقائديين.
ان الثورة البلشفية لا زالت تقض مضجع البرجوازية بكل تلاوينها وهي كانت مجالا للفرز الطبقي بين من يضع الثورة الاشتراكية كمهمة على جدول اعماله وبين من يتغنى بها لكي يفرغها من عناصرها الثورية لتتحول الى ايديولوجية وفكر مهادن يتوخى تلطيف التناقضات الطبقية ويسوغها تحت دخان الحقوق الديمقراطية والمجالس الشعبية او الكومونات التي تسعى لسلطتها بعيدا عن هيمنة الطبقة العاملة وحزبها بمبرر ان ذلك من مخلفات اللينينية التي دفنت مع "فشل" ثورة اكتوبر.
نظرية السرفاتي حول الانوية الثورية لتعويض مهمة بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة سقطت اليوم بفعل احتداد التناقضات الطبقية وبفعل اندلاع السيرورات الثورية بمنطقتنا والتي برهنت مجددا على هذه الضرورة التاريخية لكي تسير شعوبنا نحو بناء سلطتها المتمثلة في الدولة الوطنية الديمقراطية الشعبية على طريق بناء المجتمع الاشتراكي،هذه هي الاسس والمعطيات التي مكنتنا في اعتبار مهمة بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين مهمة مركزية وسطرها المؤتمر الوطني الرابع كمهمة للانجاز وبدون تأجيل. كان هذا الرد الحازم من طرف مناضلات ومناضلي النهج الديمقراطي في مؤتمرهم الوطني الرابع اكبر صفعة لاطروحة السرفاتي التراجعية وهي بمثابة النقد العملي لاطروحة الردة عن الماركسية اللينينة. لقد سقطت نظريته لأنها لم تكن مبنية على تقييم موضوعي لتطور ازمة الرأسمالية ولفشل تجربة بناء الاشتراكية. انه اعتقد كغيره من التحريفيين ان الفشل يرجع الى مسؤولية ستالين التاريخية.
ان التنظير لما ينقطع عن الممارسة الثورية يتحول الى تأمل وفي هذه القضية كان السرفاتي مصيبا لأنه تحول الى متأمل لعالم يسقط امامه فأصابه منه مكروه، لكنه كان عاجزا على رؤية المخرج او الطريق، لقد فقد البوصلة نهائيا.
من خلال هذا النموذج يتجلى بوضوح ان الدفاع على فكر الطبقة العاملة وعلى دورها في التغيير الثوري وعلى انجاز المهمة الاستراتيجية مهمة بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة والذي اوصى به ماركس وانجلس ومن بعدهما لينين؛ ان هذا الدفاع يتطلب خوض صراع ضاري مع العديد من الميولات والتوجهات تدعي بأنها ماركسية بل هي مجددة وخاصة لما تدعي بان الطبقة العاملة اليوم لاتربطها صلة بالطبقة العاملة في عهد ماركس او لينين. ينزعون عن الطبقة العاملة طابعها الاساسي في الصراع الطبقي ويعومون تعريفها في اعتبارات تقنية او خصوصيات هوياتية او محلية. يقومون بذلك وعينهم على هدف تبخيس سلاح التنظيم ونزع طابعه الطبقي. انهم يسعون ايضا الى تبخيس الانجاز العظيم الذي شكلته ثورة اكتوبر المجيدة رغم ما عرفته من فشل واخفاق.انها عظيمة بفعل المنجزات التي حازتها الشعوب السوفيتيتة وعظيمة ايضا لانها عرت على النواقص والاختلالات الذاتية والموضوعية. وبذلك تكون البشرية قد تمكنت من دروس تجربة ملموسة ستساعدها في تحقيق المجتمع الاشتراكي المنشود والذي اراد السرفاتي في الحقيقة تقويضه لما دعى الى ترك وتجاوز الاعتقاد بالمهمة التاريخية للبروليتاريا. ان مثل هذا الصراع مع كل تلاوين التحريفية هو في الحقيقة صراع متجدد، وسيتقوى كلما احتد الصراع الطبقي؛ وكلما خضناه نحس بأننا نعاود نفس الجهد وكأننا نصارع تنينا ضاريا :
"- التحريفية هي شكل من اشكال حرب طبقية داخل الحركة الشيوعية
بعد انتصار الماركسية على النظريات المعادية لها، و بعد احتلالها مكانتها الطليعية في النشاط السياسي و الفكري و قيادتها نضال الطبقة العاملة،لم تستسلم القوى الطبقية الحاملة للنظريات المعادية للماركسية ولذلك غيرت من طريقة تعاملها و هو ما حاولته عبر استعادة ادوارها و مواقعها لكن هذه المرة من داخل المنظومة الماركسية او الاشتراكية نفسها."و هكذا بدأ النصف الثاني من القرن الأول من وجود الماركسية (بعد 1890) بنضال التيار المعادي للماركسية في قلب الماركسية"(لينين الماركسية و النزعة التحريفية)."
ولوضع المناضلات والمناضلين في الصورة الحقيقية لطبيعة الصراع الجاري اليوم نقدم لهم رفقته مقالة ابراهام السرفاتي " تاملات نظرية " وقد احتفى بهذه المقالة كل اولئك الذين قطعوا صلاتهم مع الماركسية اللينينة والارث التاريخي للحركة الماركسية اللينينة المغربية وخاصة منظمة الى الامام.
ملحق
تأملات نظرية
العدد 7 من مجلة الى الامام 1994
ابراهام السرفاتي
تأسست منظمة "إلى الأمام" قبل 23 سنة كمنظمة مارکسية لينينية مغربية. في سياق تلك الفترة، كان تبني هذه الإديولوجية بهذه التسمية المحددة، وبالأخص في العالم العربي، يعني التميز عن إديولوجية الأحزاب الشيوعية العربية التي كانت في أغلبيتها غارقة في الإصلاحية ( وكان لنا في المغرب مثال صارخ) وفي الذيلية للاتحاد السوفياتي، الذي يتم تقديمه حلیف موثوق و وفي للشعوب العربية على حد تعبير علي يعتة، الذي كان دعمه لمشروع روجرز الهادف إلى تصفية المقاومة الفلسطينية، يؤكد ذلك.
لقد كانت تعني الماركسية اللينينية بالنسبة لنا، نحن المناضلون المغاربة استعادة الجوهر الثوري للماركسية، هذا الجوهر نفسه الذي تمكن لينين من إنعاشه، في سياق بداية هذا القرن بأوربا، في مواجهة التشويهات الإصلاحية والشوفينية - كما برز ذلك في غشت 1914- السائدة في الأممية الثانية. هذا هو ما فعلته قبلنا في العالم العربي، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، وأيضا الحركة الثورية بجنوب اليمن، التي أخذت السلطة بهذا البلد سنة 1969، لتصبح فيما بعد ، الحزب الاشتراكي اليمني. 23 سنة بعد ذلك، أعتقد بأننا كنا على صواب تام في فعلنا هذا. فقد عرفت منظمة "إلى الأمام" طوال السبعينات والثمانينات أن تعطي المثال، وغالبا لوحدها كتنظيم سياسي مغربي، على الصمود دون أدنى مساومة مع الحكم المخزني ولأبشع أشكال القمع، كما الشأن أمام تأجج الشوفينية وأحط التواطؤات مع هذا الحكم التي طبعت جزءا من تلك السنوات.
إن "إلى الأمام" تظل اليوم وفية لهذا المکسب النضالي. ولايمكن لنا أن ننسی، بغض النظر عن أخطائنا، ما نحن مدينين به لهذا الجوهر الثوري للماركسية، هذا الجوهر الذي لخصه مارکس كالتالي: "ففي مظهرها العقلاني تشكل ( الديالكتيك) فضيحة وفظاعة بالنسبة للطبقات السائدة ومنظريها العقائديين، لكونها في تصورها الإيجابي للأشياء القائمة، تتضمن بذات الوقت إدراك نقيضها المحتوم ، أي زوالها الضروري، ذلك لكونها (أي الديالكتيك) بتمكنها من الحركة نفسها، التي لايمثل أي شكل قد تتخذه سوى مظهرا انتقاليا، لاشيئ يمكن أن يفرض عليها لكونها (الديالكتيك) في الجوهر نقدية وثورية ( ملحق الطبعة الثانية الألمانية للرأسمال).
مسألة الحزب الثوري
منذ الشهور الأولى لحياتي النضالية، في السن الثامنة عشرة، تكونت على أساس مفهوم الحزب، وإذا كنت في الستينيات قد أعدت النظر تدريجيا في هذا المفهوم بالنسبة للحزب الملموس الذي كنت أنتمي إليه ، كما بالنسبة للحزب " الوصي" (الحزب السوفياتي) المرتبط به، فإنني لم أعد النظر إلا جزئيا في مبدإ حزب قائد للثورة. إن ما يطبع هذا القرن العشرين، هي ثورة أكتوبر، لم يتم بعد القيام بتقييم حصيلة هذه الثورة ، لكن الصورة السائدة لدى أجيال من المناضلين في العالم ظلت، و إلى حدود الانهيار النهائي، هي صورة أول ثورة اشتراكية عمالية ناجحة، وهذا بفضل قيادة الحزب الثوري المركزي المنظم على المنهج المسمى "لينيني"، والمسلح بعقيدة معروفة بكونها علمية، وهي الماركسية اللينينية. بعد ثلاثة أرباع قرن، جاء الانهيار شاملا، حيث تشتت كونفدرالية الشعوب الحرة والمتساوية و التي تصورها لينين، وانقسمت إلى قوميات بنفس عدد تلك الشعوب، وأصبحت الدول التي تولدت عنها فريسة مافيات منبثقة من البيروقراطيات السابقة، وتبعثرت المكتسبات الاجتماعية والثقافية، وانفتحت هوة سحيقة وسط سدس العالم، هذا الذي مثل طويلا أمل مضطهدي العالم أجمع. بل أفظع من ذلك، بحيث، اتضح أن هذه الثورة، تحولت خلال العشرينيات إلى نقيضها مولدة وجها من الوجوه البشعة للتوليتاليتارية التي أدمت قرننا الحالي. في هذه الشروط، يلزم علينا أن نراجع ما كان يظهر كأدوات لنجاح هذه الثورة، وأساسا مفهوم "الحزب الثوري". سأعود لتناول مسألة "العقيدة"، كما تم تكليسها في ثنائية "الماركسية اللينينية" ، رغم أن منظمة "إلى الأمام"، عرفت جزئيا كيف تنجو من ذلك، وتتمسك أكثر في ممارستها وتفكيرها بالجوهر الحي للماركسية. غير أنني، أود أن أطرح منذ الآن تصوري، في الشروط الملموسة للثورة المغربية في مرحلتها (étape) الراهنة لمسألة التنظيم الثوري ( أو بالأحرى التنظيمات الثورية). إنما يميز الطور(phase) الراهن للصراع بالمغرب ( يشكل طور جزءا من مرحلة، إن المرور إلى طور أعلى يتميز بانعطاف inflexion دون قطعة، بينما تتميز المرحلة بالقطيعة) هو ازدهار تنظیمات متعددة داخل المجتمع المدني المحدد أساسا ( surdetermine) بالصراع من أجل ديموقراطية حقيقية وزوال نظام السلطة المخزنية.
من الواضح، أن التصور الكلاسيكي ل"الحزب اللينيني " الذي سيقود هذا النضال، عبر الهيمنة على هذه التنظيمات المختلفة، هو في تعارض مع حيوية اجتماعية من هذا القبيل. أكيد أن النموذج الذي يستوحيه حزب الطليعة يندرج ضمن هذا التصور الكلاسيكي، لكن، ودون التقليل من مساهمة هذا الأخير في النضال، فإن هذا التصور يتطور بالضبط لكونه متعدد، وأعتقد أيضا بأن أحد الأسباب الهيكلية التعثر منظمة "إلى الأمام" تنظيميا، هو كونها لم تستطع تجاوز التناقض الحاصل بين تبنيها لعقيدة رسميا "لينينية"، وبين ممارسة ترتكز على التنظيم الذاتي للجماهير ولاشك، أن السؤال الذي يمكن طرحه في هذا السياق، هو لماذا تنظيم ثوري ؟ أجيب شخصيا بأن الحاجة، في ظل دينامية اجتماعية مثل هاته، ليست إلى تنظيم ثوري، وإنما إلى أنوية ثورية. لكن ماذا يعني أولا مصطلح "ثوري" ولماذا "أنوية" ؟ إن صياغة هذا الطور الراهن للنضال تسمح، ولعدم دقتها المفاهيمية بالضبط، بالجواب على هذا السؤال. نقول، ويقول كل المناضلين الديموقراطيين و التقدميين المغاربة "ديموقراطية حقيقية"، في الحقيقة تتحدد هذه الديموقراطية أكثر بالسلب أي نهاية نظام السلطة المخزني، لكن بماذا يتعلق الأمر بعد ذلك؟ ما هي "الديموقراطية الحقيقية"؟ بإمكان جميع المناضلين تبني شعار سيادة الشعب، لكن كيف تمارس بالملموس؟ وحتی اصطلاح "فصل السلط" عندما يستعمل كشعار مرکزي يفسح المجال أمام مساومة مفتعلة مع الحكم المخزني: احتفظوا بالسلطة التنفيذية لكن اتركوا لنا التشريعية، هذا دون حتى الإشارة إلى السلطة القضائية، بل حتی شعار المجلس التأسيسي، الذي هو أكثر بكثير جذرية وانسجاما من سابقه، غير خال من الغموضات والاحتواءات الكامنة. ليس فقط، حول مسألة من سيستدعي وسينظم انتخاب مثل هذا المجلس، إذا ظل المخزن قائما؟ ولكن، أيضا لكون هذا الشعار (المجلس التأسيسي )، يظل حبيس حدود الديموقراطية التمثيلية (البرلمانية التي حللها مارکس منذ أولى كتاباته، وهي الحدود التي بدت أكثر خطورة في العالم الثالث التي لا تتوفر على تشكل طويل للمجتمع المدني، كما شأن أوربا الغربية، مهد هذه الديموقراطية. لذلك فإن مفهوم مؤتمر الشعب التأسيسي،المرتكز على الديموقراطية المباشرة ، هو أكثر انفتاحا على دينامية اجتماعية ثورية، تشق الطريق لمسلسل إزاحة سلطة المخزن من طرف الشعب، لكن إلى أين؟ لايمكن أن يحدد ذلك سوى هذا المؤتمر (مؤتمر الشعب التأسيسي )، لكن هنا تبرز من جديد كل المعضلة بين الفوضوية والماركسية، ولا أدعي هنا بأني سأحلها في بضعة سطور ، يجب علينا أن نرفض نهائيا كل حتمية تاريخية قابلة للتحديد "علميا"، لكن هل بإمكاننا التأكيد مع ذلك بأن الحقيقة تنبع مجردة من أعماق "الجماهير" دون التمييز فيما بينها؟ وقبل كل شيئ، أية حقائق تلك؟ أهي حقائق الطبقات الاجتماعية المضطهدة ؟ حقائق النساء التي ليست أقل اضطهادا؟ حقائق الاثنيات المكبوتة" ؟ حقائق الشباب التواق إلى الحياة؟ أم حقائق الأفراد الذين يطمحون بكل بساطة للحرية؟
كل هذا في آن واحد
إن تاريخ هذا القرن يبين أنه لا يمكن لأي تنظيم أن يدعي قدرته على التعبير عن كل هذا. ليس بمقدور أي تنظيم لوحده أن يقوم بتنسيق جميع هذه النضالات. إن موضوع، أو بالأحرى أسطورة "المهمة التاريخية" للبروليتاريا تتضمن هذا الادعاء، وهو ما أدى إلى الكارثة التي حصلت في الاتحاد السوفياتي في السابق. لابد لكل هذه التطلعات، أن تتمكن من التعبير عن نفسها، وتنظيم ذاتها، في تنوعها وتعددها، بل اكثر من هذا ألا يمكن لأي واحدة منها أن تعبر عن ذاتها بشكل أحادي، ولا يمكن لأي مجموعة أن تدعي لوحدها تمثيل طبقة من الطبقات، أو شريحة من البشر. إن ازدهار تنظیمات عدة في المجتمع المدني وحده القادر على الجواب على هذه التعددية والتنوع، والتقائها في مرحلة عليا، يمكن أن تتبلور في مؤتمر الشعب التأسيسي. لكن في نفس الوقت، في قلب هذه الدينامية الاجتماعية، في قلب هذا الازدهار، المطلوب من المناضلين الأكثر نشاطا وخبرة وتجربة، أن يؤسسوا "أنوية ثورية"، عندما يدرجون النضال من أجل تحقيق هذه الطموحات ضمن البحث عن مشروع مجتمعي سیاسي قابل للحياة، وذي مصداقية، ويثور رأسا على عقب الوضع القائم.
إن هذا البحث، - حيث الديالكتيك المادية جد نافعة - هو الذي يؤسس الاقتراحات التي تسمح بتعميق أزمة النظام مميزا بذلك الثوريين عن الإصلاحيين الذين يرمون في نهاية المطاف إلى تثبيثه ". ليس بإمكان أية نواة من هاته الأنوية أن تهيئ مثل هذا المشروع، بل أكثر من ذلك، لا يمكن لمشروع من من هذا النوع أن يتشكل إلا في خضم الحوار الديموقراطي المفتوح والواسع، وفوق هذا الحوار، من خلال الإبداع الاجتماعي لهاته الجماهير نفسها. لكن هاته الأنوية، وهاته الجماهير سترتبط في المستقبل" بعلاقة دیالیکتیکية في خضم اغتناء متعدد الجوانب لتلك الأنوية، في علاقة بعضها البعض، وجميعها مغمورة بعلاقاتها مع هذه الجماهير تغتني منها وتغنيها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *