جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

حول العلاقة بين النظرية والممارسة من المنظور الماركسي.*جمال براجع.

حول العلاقة بين النظرية والممارسة من المنظور الماركسي.


هناك علاقةجدلية بين النظرية والممارسة من وجهة النظر الماركسية."فلا نظرية ثورية بدون ممارسة ثورية ولا ممارسة ثورية بدون نظرية ثورية.". فلايمكن ، إذن، الفصل بينهما.فالنظرية هي الاطار الفكري والثقافي الموجه للممارسة العملية.والممارسة العملية بدورها تغني النظرية وتطورها من خلال اختبارها في الواقع و إبراز حدودها وهفواتها وصعوباتها في الاجابة على إشكالات الممارسة العملية.وفي عملية التطبيق والاختبار تغتني وتتطور الممارسة بدورها. انها وحدة جدلية عضوية.وأي فصل بينهما يقود إما الى  التأملية المثالية المنفصلة عن الواقع أو الى التجريبية والفوضوية.

إن الاجتهادات الماركسية في هذا الاطار كثيرة وقيمة ونخص  بالذكر اجتهادات لينين وماو وروزا لوكسمبورغ و غرامشي التي أغنت  الماركسية كمنهج للتحليل ونظرية للتغيير الثوري.

فلينين اغنى على الخصوص الجانب المتعلق بالنظرية في الممارسة السياسية من خلال بلورة نظرية التغيير الثوري انطلاقا من الواقع الروسي في زمن انتقال الرأسمالية الى طورها الامبريالي واكتساح العالم.فتمكن من داخل الممارسة الثورية كمفكر وقائد سياسي بروليتاري من ايجاد الوصفة العلمية والعملية لضرب الرأسمالية في حلقتها الاضعف اي روسيا وإنجاز الثورة البروليتارية بها- عكس ما كان يعتقد الى حينه باأن الثورة  البروليتارية ستنطلق من الدول الاكثر تصنيعا.أي اوربا الغربية وخاصة انجلترا- وفتح الآفاق أمام الثورات البروليتارية والتحررية في العالم ضد الامبريالية.

وسار ماو تسي تونغ على نفس المنوال.فتمكن من قيادة الثورة الصينية بالاستناد الى قاعدة ثورية فلاحية لكن بنظرية بروليتارية ثورية استندت الى حرب التحرير الشعبية الطويلة الأمد التي مزجت مهام التحرر الوطني والطبقي انطلاقا من فهم علمي لتناقضات الصراع الطبقي في الصين. 

وبدوره أعطى غرامشي أهمية خاصة للبعد النظري والثقافي في الممارسة من خلال اجتهاداته حول دور الثقافة في النشاط العملي وحركة التغيير (مفاهيم  الكتلة التاريخية  والهيمنة الثقافية والمثقف العضوي  ) مستندا الى خلاصات  قراءاته لواقع ايطاليا وتجربتها التاريخية في العلاقة بالتحولات الراسمالية والثورات العمالية، والى فهم  جدلي علمي للعلاقة بين البنية التحتية والبنيات الفوقية  "ككتلة تاريخية واحدة ، بمعنى أن المجموع المركب والمتناقض والمتنافر للبنى الفوقية هو انعكاس لمجمل علاقات  الانتاج الاجتماعية.ومن هنا فإن ايديولوجية شمولية هي الايديولوجية الوحيدة القادرة على التعبير ،عقلانيا،عن تناقض البنية وادراك اجتماع الظروف التي تسمح باحداث الانقلاب في الممارسة.واذا التحمت هذه الايديولوجية بفئة اجتماعية متناسقة بنسبة 100./. ،فهذا يعني أن معطيات هذا الانقلاب متوافرة-هي ايضا- بنسبة 100./..."(غرامشي: قضايا المادية التاريخية ص 68).

وهذه الايديولوجية التي يتحدث عنها غرامشي  والتي يعتبرها الوحيدة القادرة على الارتقاء بوعي الطبقة العاملة من الوعي/الدور الاقتصادي المحض الى الوعي/الدور الاخلاقي السياسي، أي الانتقال من الموضوعي الى الذاتي أو من الضرورة الى الحرية ،هي الماركسية. فمن خلال عملية الانتقال هذه،حسب غرامشي دائما، يتحرر الانسان من سطوة الشروط الموضوعية التي تسحقه وتشل نشاطه التحرري الى امتلاك مصيره وتحويل تلك الشروط الى  اداة "توليد شكل اخلاقي سياسي جديد يطلق مبادرات جديدة."ويسمي غرامشي عملية الانتقال هذه ب" الدور التطهيري" الذي يعتبره نقطة انطلاق للنظرية الماركسية بمجملها. و في هذه العملية  يلعب المثقف/الحزب الثوري الماركسي الدور الرئيسي في امتلاك الطبقة العاملة لايديولوجيتها او فلسفتها الثورية اي رؤيتها للعالم في افق تحقيق وتسييد هيمنتها الايديولوجية على المجتمع ككل.

وهذه العلاقة بين الموضوعي والذاتي هي التي كانت مجال الاهتمام الاساسي للينين، وخاصة في كتابة "ما العمل"، حول دور التنظيم /الحزب البروليتاري الثوري  في انتقال الطبقة العاملة من طبقة في ذاتها ،تخوض النضال الاقتصادي من اجل تلطيف الاستغلال  انعكاساته الرهيبة على حياتها،الى طبقة لذاتهامن خلال  امتلاك الوعي السياسي الطبقي  بمشروعها المجتمعي التاريخي و امتلاك تنظيمها السياسي المستقل عن جميع الطبقات  لخوض الصراع  من اجل الظفر بالسلطة السياسية وتطبيق مشروعها الخاص.وبذلك تمت معالجة علاقة النظرية/الوعي بالممارسة عبر التنظيم كسبيل للهيمنة الايديولوجية والتغيير الثوري،وعلاقة المثقف الثوري بالطبقة العاملة كعلاقة عضوية جدلية -وليست خارجية- ينصهر فيها المثقف الثوري مع الطبقة العاملة في معمعان الصراع الطبقي، عاملا على نشر الوعي الاشتراكي العلمي وسطها و على تنظيمها سياسيا.

عود الى البدء.

أن العلاقة بين النظرية والممارسة علاقة جدلية.ولتجاوز التناقض بينهما لابد من امتلاك "رؤية شاملة وموحدة ومتماسكة للعالم والحياة" حسب غرامشي.والنظرية العلمية القادرة على صياغة هذه الرؤية في جدليتها وديناميتها المتجددة  هي النظرية الماركسية.مما يفرض على الماركسيين/ات الاجتهاد النظري في ارتباط بالممارسة العملية لتطوير هذه الرؤية انطلاقا من تحليل واقع  الصراع الطبقي بأبعاده المحلية والجهوية والعالمية.


جمال براجع.

يونيو 2021.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *