" رسالة المعتقل السياسي عبد الرحيم إدوصالح إلى أحرار المغرب " سنة أخرى بين أسوارهم
" رسالة المعتقل السياسي عبد الرحيم إدوصالح إلى أحرار المغرب "
سنة أخرى بين أسوارهم ...
هاهم
الجبناء يحكمون من جديد علي ، و بآسم جلالة الحاكم يشنقون الحرية التي
سلبوها مني ، لأني ببساطة تجرأت على جلالة الحاكم المقدس والعبيد الراكعين
تحت ظلاله .
في مسرحية هزلية كانت
شخصياتها مأمورون لا قرار لهم ، ليسوا سوى منفدي تعليمات من " جهات عليا "
وقفت أمامهم حين قرروا إصدار حكمهم ، فكأنهم تلك الكراكيز التي أبدعنا في
صنعها عهد الصبى المتقدم ، كانوا جالسين ، و في حقيقة الأمر كانت كراسي
فارغة بالنسبة لي ، حتى ولو أن أجسادهم الجبناء المكتنزة قد ملأتها ، فلم
يكن أمامي سوى ربوهات تأتمر بما يأمر به الأسياد ، و جلالة الحاكم ، فعلمت
أنه صاحب الأمر التاريخي " كن فيكن " ، تلك صفات دولة الإستبداد لم أكن
أنتظر الخروج من السجن نتيجة للظروف السياسية و الإجتماعية المتوترة
الجارية على أرض الوطن مند شهور ، فلذالك أعلم أنه ليس ولن يكون في صالح
سلطة القهر و الإستبداد ، فهي بدأت في حملة جمع و تطهير استهدفت بها كل
الأصوات الحرة الناقدة ، المنادية بالتغيير ، فقامت بالزج بخيرة أبناء
الوطن في ظلمات السجون ، حتى لا يزعجها أحد لتفعل ما تريد بعامة الناس ،
وتسلط عليهم عبيدها و تنظيماتها التي أسسها المتسولون ، وتسخر آلتها
القمعية لتسكت و تدجن العقول ، فكيف لها أن تدعم أحد منتقديها و معارضيها
ينفلت من رقابتها و يعانق حريته من جديد ؟ ، وعل عكس ذلك فالسلطة عازمة على
الإستمرار في الإحتفاظ بدعات التغيير ، وعدم وقف سلسلة الإعتقالات في حق
من لا يزالون بحريتهم يتمتعون ، و ربما قد يكون زمن القتل و الإغتيالات
السياسية أقرب ما يكون مما نعتقد.
يقضي
قانون المسطرة الجنائية أن المحاكمة في قضايا الجنايات بخلاف الجنح ، لابد
من أن تمر بحضور دفاع المتهم ، وإدا تعدر عليه تنصيب محام شخصي ، فعلى
المحكمة المعنية تكليف محام في إطار المساعدة القضائية ، كل ذلك تحت طائلة
البطلان ، أي أن ذلك شرط أساسي في قانونية المحاكمة ، وعدم الإلتزام به
يعني بطلان المحاكمة في أساسها ، و الحضور الدي تابع أطوار محاكمتي /
المسرحية ، عاين أن المحكمة لم تقم أبدا بتعيين المحامي بعد انسحاب الدفاع
كما و أن شروط المحاكمة العادلة غير قائمة ، فيكون بذلك غياب الدفاع سواء
الشخصي ، أو في إطار المساعدة القضائية سببا في بطلان الحكم الذي أصدرته
المحكمة ، بسبب لا قانونية المحاكمة نفسها ، لقد حوكمت من دون دفاع ،
فاخترت الصمت و عدم الكلام حتى لا يتلطخ شرفي بالمشاركة في مؤامرة ضد
القانون و العدالة ، فدفعت الثمن غاليا ، بأن تم رفع العقوبة الحبسية إلى
سنتين ، و هنا بالذات أبلغ الحاكم و أتباعه ، وقضاء التعليمات مايلي : إني
مستعد لقضاء عشرين سنة أخرى ، فاحكموا كما شئتم و بما شئتم يكفيني فخرا و
شرفا أني قمت بتعرية دناءة حكمكم و دسائسكم ، وكشفت عن حقيقتكم التي كافحتم
لحجبها ، و لقد هيأت نفسي لأدفع تمن ذالك من حريتي ، و من حياتي حتى ،
نضالا في سبيل هذا الوطن و الأجيال القادمة التي لن تنسى مايقوم به مناضلوا
اليوم .
ليس في شخصي ما سيجعلني
أتحسر أو أتألم ، فالحياة صقلت في دواخلي الصبر و التحدي ، و علمني السجن
الصلابة و جعلني أقوى ، بخلاف مايعتقده البؤساء و الجبناء ، لذالك على
الحركة الإحتجاجية و القوى التقدمية و الديموقراطية ، أن لا تبكي الأمر و
تلعن القدر ، بل عليها الصمود و تنظيم الصفوف لمواجهة الظلم و العبودية و
مقاومة الإستبداد و مؤسساته الشكلية غير ذات قرار ، على المناضلين تكتيف
تحركاتهم بعد أن قام المعتقلون بكشف ملامح الإستبداد و عوقبوا على ذالك
بدعوى أنهم قد أشعلوا الفتنة ، ونعم ، فقد أشعلنا فتنة لن تصيب إلا
المستبيدين وكل من كانت لهم يد في قمع الشعب يوما ، هي قتنة أساسها النقد
السليم المسالم ، لكنه عنيف على مستوى الفكر ، إذ يهدم أساسات الرجعية
المتوحشة ، على المناضلين تفعيل احتجاجهم على مستوى الشارع فليس هناك
مايدعوا إلى تأخير الأمر بعد الأن ، و ليعلم القائمون أننا لا نطالب إلا
بشيء واحد : إننا نريد لوطننا أن يكون لنا و نترك لهم حق الجواب عن مطلبنا
هذا .
رفاقي الديمقراطيون ،
إعلموا أن صدى كل صوت من أصواتكم يصلني إلى هنا ، إلى عمق زنزانتي ، كونوا
متأكدين أني أتلقى كل احتجاج تحتجون فيه على الإستبداد و على الإعتقال
السياسي ، بل إنه يجعلني فخورا بكم و بتعاليم التحرر التي تشربناها من قيم
أرضنا و من تجارب الأمم لبلوغ نعيم الديموقراطية و العدالة الإجتماعية
،أفتخر بكم حين أتأكد من أن المستبدين لا ينامون كما ينام المناضل يوم من
المسير في الأشكال الإجتماعية و تنظيمها و الصراخ بشعارات التحرر و
الإنعتاق ، أحس و كأن شيئا لم يضع مني ، بعد أن فقدت كل ما يعتبره الناس
العاديون هدفا للحياة .
أيتها
المناضلات ، أيها المناضلون سيمر عام كما مر العام قبله ، مر سريعا لأنكم
كنتم دوما بقربي ، رغم هده الأسوار التي تفصلني عن كل صديق و قريب ، لقد
كنتم هنا و أعترف لكم بذالك و ستكتمل ملامح مساندتكم حين ستستمرون على نهج
المقاومة المباشرة ضد الإستبداد وحكم الأقلية و شخصنة السلطة ، و في سبيل
التوزيع العادل للثروة ومن أجل سيادة القانون على الجميع و احترام كرامة
المواطن و حرياته الفردية .
على
أساس ذالك سوف يستمر نضالنا ، فلا تعتبرونني غائبا عنكم ، بل أنا موجود
بينكم بما تركت لكم من كلمات ، و بما سيخطه قلمي في القادم من الأيام ، في
انتظار ذالك اللقاء الذي سأعانقكم فيه من جديد.
دمتم عن الحرية مدافعين .
عبد الرحيم ادوصالح
السجن المحلي ايت ملول
12/07/2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق