جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

نقطة نظام : الدولة العلمانية أم الدولة المدنية ؟الرفيق عبد الحفيظ اسلامي

نقطة نظام : الدولة العلمانية أم الدولة المدنية ؟
1) أطراف الجدل : اليسار المعارض للنظام السياسي القائم ، و تنظيمات الإسلام السياسي المعارضة .
2) موضوع الجدل : المشروع المجتمعي البديل و الإشكاليات الفكرية و السياسية و العملية المرتبطة به و منها قضية الديمقراطية و قضية الثروة الوطنية و العدالة الاجتماعية و حقوق الإنسان و فك التبعية ، و قضية الدين و الدولة ... و إعادة بناء الهوية الوطنية على أسس إستراتيجية دينامية مستقبلية .
3) المشروع المجتمعي الذي نناضل من أجله كماركسيين لينينيين هو مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية الشعبية العلمانية بآفاق اشتراكية ، و هذا المشروع يعتمد على 04 أركان ثابتة و متمفصلة فيما بينها : الديمقراطية الشعبية ، العدالة الاجتماعية ، حقوق الإنسان الكونية ، العلمانية . و كل مفهوم من هذه المفاهيم يجيب في السياسة العملية على إشكالية من إشكاليات مجتمعاتنا الانتقالية .
4) الديمقراطية الشعبية تجيب عن معضلة غياب الديمقراطية ، و عن معضلة عدم كفاية الديمقراطية التمثيلية في جعل السيادة بيد الأغلبية من العمال و الكادحين .
5) مفهوم العدالة الاجتماعية يطرح فك معضلة توزيع الثروة ليستفيد منها الشعب بكامله و في مقدمتهم المنتجين للثروة ، و ليتم القضاء النهائي على معضلة الفقر و الجهل و الحاجة و البطالة و الاستغلال الطبقي ، و ليتم التأسيس لمجتمع جديد : مجتمع العدالة الاجتماعية .
6) مفهوم حقوق الإنسان الكونية يجيب عن معضلة الانتهاكات التي يتعرض لها الأفراد و الجماعات في مجتمعاتنا و التي يتم تبريرها بمبررات شتى في مقدمتها مفهوم "الخصوصية الثقافية للدولة القائمة / دولة الاستبداد الشرقي" الذي أنتجته الأنتروبولوجية الامبريالية للحفاظ على الوضع القائم في الدول المتخلفة و التابعة .
7) مفهوم العلمانية يجيب على معضلة استغلال الدين في تقديس السلطة المستبدة و في إلهاء الجماهير و إبعادها عن التفكير الجدي و العقلاني في قضاياها اليومية ، و في تبرير الاستبداد و القمع و الإقصاء و تكريس غياب المسؤولية الآدمية عن أوضاع جماهير الكادحين ، و في جعل الدين رأسمال رمزي تحتكر تفسيره و تأويله و استعماله قوى الغلبة من البورجوازية الفاسدة و مثقفيها و موظفيها الدينيين لتكريس الأوضاع . و محاربة الحريات الفردية و الجماعية و حرمان الإفراد من الحق في التدين الحر، و من الحقوق المدنية في دولة عصرية .
السؤال المطروح هو كالتالي : هل طرح مفهوم "الدولة المدنية" كتعويض عن مفهوم الدولة العلمانية يجيب عن إشكالية ما من الإشكاليات المطروحة في مجتمعنا ؟ هل يجيب عن ضرورة فصل الدين عن الدولة و عن القانون و العلم و الاقتصاد و القيم ، كما أصبح ينادي بذلك حتى بعض دعاة الإسلام السياسي مؤخرا ( و هو شيء إيجابي)؟
لماذا هذه الفوبيا من كلمة العلمانية ؟ تعرضت كلمة العلمانية لقصف إيديولوجي و سياسي لمدة تزيد عن قرن من الزمن من طرف كتاب دولة الاستبداد أو من طرف أغلبية الحركات الإسلامية خصوصا في فترة الطفرة النفطية، و لم تعرف البلدان المحسوبة على مجال الثقافة الإسلامية من تجربة علمانية سوى التجربة التركية التي لم تتوفر فيها كل عناصر المشروع المجتمعي المتكامل المذكورة أعلاه ، مما جعلها لا تمثل أنموذجا متكاملا للاقتداء به .
تعرضت كلمة العلمانية لخلط فضيع ، فحين نحاكم جرائم دولة إمبريالية في محيطنا العربي الإسلامي ، نخلط بين المفاهيم و يصعب علينا التمييز فتصبح الامبريالية و العلمانية و الديمقراطية و الاستعمار و حقوق الإنسان و الإلحاد و الحروب الصليبية مترادفات ، لا حقلا للمتناقضات . أكيد إن مثقفي اليمين و اليمين المتطرف يتلذذون بهذا الخليط لتكريس ابتعاد شعوبنا عن المطالبة بالديمقراطية و العلمانية و حقوق الإنسان و فك التبعية و العدالة الاجتماعية ( إن مفهوم الخصوصية جذاب و ساحر بالنسبة للأطروحات الهوياتية و لسلط الاستبداد لكنه مفهوم مفخخ و قاتل و مشوش و مضاد لكل مشروع بديل). و أكيد كذلك أن لليسار المناضل الثوري و الديمقراطي دور في هذا الهزال المفاهيمي ، و أكيد كذلك أن جزءا غير يسيرا من الحركات الإسلامية وجهت سياسيا ليس للمساهمة في الجواب عن معضلات المجتمع بل للوقوف ضد المشاريع التقدمية .
هل المشكلة مشكلة كلمات و مفردات ( دولة علمانية أم مدنية مثلا)؟ لا أعتقد ، المعضلة معضلة جواب عن إشكاليات ملموسة ، فهل العلمانية التي ننشدها هي العلمانية الفرنسية أم التركية أم اللائكية البريطانية أم السويدية أم الأمريكية أم الهندية أم الروسية... ؟ لا هذه و لا تلك ، لن تكون العلمانية المنشودة كركن من أركان المشروع المجتمعي الذي ننشده إلا العجينة المغربية المستفيدة من كل النماذج المتقدمة و المتجاوزة للأعطاب و التوظيفات و المندرجة في أجندة مشروع مجتمعي متكامل الأركان . إن المواطنين الغير منشغيلن بالحقل السياسي لا يهمهم التسميات كثيرا ، كل ما يهم هو النتائج العملية و القانونية لكل مشروع مجتمعي على حياتهم اليومية الاقتصادية و السياسية . فبعض الدساتير في البلدان العلمانية لا نجد فيها لكلمة العلمانية مكانا في القوانين ، لكن نجد احتراما تاما لحرية المعتقد و فصل حقيقي للدين عن الفضاء العام المشترك و احترام التمايز بين الحقول .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *