جرادة تغلي .. سكان يرفضون دفن "شهيدي الفحم"
تعيش مدينة جرادة، غليانا شعبيا غير مسبوق بعد مصرع شقيقين داخل منجم عشوائي لاستخراج الفحم، حيث خرج الآلاف من الساكنة، في مسيرة حاشدة صوب عمالة جرادة، احتجاجا على محاولة السطات المحلية الإسراع بدفن الضحيتين ليلة السبت 23 دجنبر الجاري.
ورفضت أسر الضحيتين بمعية المحتجين دفنهما، في الوقت الذي تشهد فيه المدينة غليانا منذ اسابيع بسبب ارتفاع فواتير الماء والكهرباء، إذ يرفضون أداءها ردا على غلائها وما تسببت فيه محطة إنتاج الكهرباء من تلوث.
ووفق ما بتثه صفحات بالمواقع الاجتماعية، فإن المسيرة الحاشدة شارك فيها عدد كبير من ساكنة المدينة، الذين عبروا عن غضبهم تجاه استهتار السلطات بأرواح الساكنة، وتجاهل مطالبهم الاجتماعية.
ومن الشعارات المثيرة التي رفعها الغاضبون على تعامل السلطات مع الضحيتين، مطالبة الدولة بإطلاق سراح ناصر الزفزافي، قائد حراك الريف، وبرحيل عامل جرادة.
وحسب مواقع محلية، فإن أفراد عائلة الضحيتين، رفضوا أي حوار مع السلطات، كما رفضوا تسلم جثتهما إلى حين تحقيق مطالب الساكنة.
وفي سابقة في تاريخ الاحتجاجات بالمغرب، اعتصم عدد كبير من المحتجين أمام مستودع الأموات لمنع نقلهما إلى المقبرة التي شهدت بدورها اعتصاما ومبيت عدد من الشباب فيها.
خرج الآلاف من سكان مدينة جرادة، عصر اليوم الأحد، في مسيرة احتجاجية، من مقبرة “حي الروس” في اتجاه مركز المدينة، قبل أن يدخلوا في اعتصام أمام مقر بلدية المدينة الذي لا يبعد أيضا عن مقر العمالة إلا ببضعة أمتار.
ونظم المحتجون مسيرتهم على خلفية مصرع شقيقين بأحد آبار استخراج الفحم الحجري صباح أول أمس الجمعة، وبعد ساعات طوال من النقاش الذي انطلق في الصباح بالقرب من المقبرة حول الخطوات التي سيتم اتخاذها للاحتجاج على الوضع الذي تعرفه المدينة، والذي كان من نتائجه فقدان شابين في ريعان شبابهما لحياتهما في البئر المذكور، بعد تفجر المياه داخله وارتفاع منسوبها بشكل سريع، أدى إلى غرقهما، فيما تمكن شخص ثالث، كان برفقتهما، من النجاة من هذه المأساة.
ورفع المحتجون شعارات من قبيل “الفوسفاط وجوج بحورة عايشين عيشة مقهورة”، لإثارة الإنتباه إلى الواضع المزري الذي تعيشه مدينة جرادة، منذ إغلاق شركة مفاحم المغرب لمناجمها في هذه المدينة.
ورفع المحتجون شعارات رفعت أول مرة في الحراك الشعبي للريف، من قبيل شعار “جينا واحتجينا ومن بيوتنا ديما جينا، الكرامة اللي بغينا والمخزن يقمع فينا”، مؤكدين في نفس الوقت أن احتجاجاتهم هي احتجاجات سلمية، تتوخى تحقق المطالب الإجتماعية والإقتصادية للمدينة.
وإلى جانب مطلب تمكين عائلة الشابين اللذين توفيا في بئر الفحم، من بديل حقيقي يوفر لهم مدخولا محترما للحفاظ على العيش الكريم، قال المحتجون بأن لهم مطالب أخرى تتجلى في مراجعة فواتير الماء والكهرباء، والتي سبق وأن نظموا بشأنها العديد من الإحتجاجات كانت سببا قبل أيام في توقيف ثلاثة شبان قبل أن تأمر النيابة العامة بالإفراج عنهم ومتابعتهم في حالة سراح، بالإضافة إلى مطالب إيجاد بديل إقتصادي للمدينة التي تفقد بإستمرار أبنائها في آبار الفحم الحجري.
وكشفت مصادر عديدة من المحتجين وحتى من عائلة الهالكين، أن السلطات اتصلت بالعائلة، وعرضت عليها تشغيل أرملتيهما، غير أن المحتجين يطالبون بكشف طبيعة العمل الذي سيسند إليهما، خاصة وأن أحد المحتجين كشف بأن العرض يتجلى في تشغيلهما في قطاع النظافة، وهو ما يرفضه المحتجون، وحتى العائلة.
وشكل المحتجون الذين رفضوا دفن الشابين إلى غاية الاستجابة لمطالب العائلة بتوفير بديل، لجنة تنظيمية أعضاؤها ينتمون إلى مختلف المناطق والأحياء بالمدينة، مهمتها تنظيم الإحتجاجات، ومتابعة ملف الشابين.
كما كان لافتا، وقبل إنطلاق المسيرة تأدية المحتجين للقسم، حيث أقسم المحتجون على الاستمرار في الإحتجاج إلى غاية تحقيق مطالبهم، وأن لا يخونوا العهد الذي قطعوه على أنفسهم للدفاع عن مطالب الساكنة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق