جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

حديث سريع في فشل "النموذج التنموي".الرفيق سعيد زريوح

حديث سريع في فشل "النموذج التنموي".
أعلن ملك البلاد فشل "النموذج التنموي المغربي" ورافق هذا الإعلان دعوة الجميع إلى عدم الوقوف عند التشخيص والمساهمة في طرح بديل لهذا النموذج! وأمام هذا الإعلان تناسلت بشكل موضوعي العديد من الأسئلة ولعل أهمها على الإطلاق هو السؤال التالي :
ما الذي وقع حتى ننتقل بشكل فجائي من التسويق "لنموذج ناجح" والحديث حتى عن تصديره لأقطار أخرى إلى استعارة لغة من يطلق عليهم "السوداويين والعدميين..." للكلام عن الفشل وضرورة تسريع التفكير في البدائل؟
قد نتعاطى مع هذا السؤال ونحن نحاول تلمس الأجوبة عليه بمنهجية الشك ونفترض مثلا أن وراء هذا الإعلان أسباب لا نعلمها وأهداف محجوبة علينا قد تصل إلى نقيض ما يصرح به وكل هذا لكون السلطة التي تحكم بالبلاد لم تسلك يوما طريق الشفافية حتى نصدقها الآن. غير أنه من المستحب في نظرنا العدول عن هذه المنهجية والتداول في هذا السؤال من زاوية مغايرة.
ونعني بهذه الزاوية المغايرة هو عدم التشكيك في صدقية قول السلطة بفشل نموذجها التنموي والأخد بالأسس التي تريدها مرتكزا لما تسميه بديلا كأسباب كامنة تفسر هذا الفشل. وبتعبير أوضح، نعتبر أن قول مستشار الملك بمجلس المستشارين أن العدالة الاجتماعية والمجالية يجب أن تكون أساسا لكل مساهمة في بناء أي بديل مفترض هو اعتراف غير مباشر بإنتاج النموذج القائم للفوارق الطبقية والترابية.
لما نستحضر تناسل الحراكات المناطقية والحركات الاجتماعية وتفاقم معضلة عطالة الشباب الذي يشكل أغلبية سكان البلد واستمرار تدهور مؤشرات السلم في المحيط الإقليمي وتعاظم تحذيرات المؤسسسات الرسمية والغير الرسمية من سياسة الحفاظ على التوازنات الهشة والمنتجة لاستقطابات حادة داخل المجتمع ومستلزمات استمرار الحكم، لما نستحضر كل هذا وغيره قد نميل إلى الاعتقاد بأن من يحكم البلاد اقتنع بخطورة الوضع ويريد تغيير اتجاه السفينة نحو القليل أو الكثير من العدالة التي لم تكن يوما وجهة للمغرب.
ولكن ما هي الشروط الأهم لهذا الاختيار إذا اقتنعنا بوجوده؟ من المؤكد أن هذا الاختيار يعني أولا أن التوازنات القديمة يجب تغييرها بأخرى تكون في مصلحة فئات عريضة تضررت من السياسات القديمة وضدا على مصالح فئات ضيقة ظلت حتى الآن تستفيد من هذه السياسات. وبالإستتباع، يعني هذا استعداد الحكم في البلاد للتخلي عن بعض مكاسبه حتى يعطي مصداقية لخطابه من جهة، واستعداده للصراع مع المصالح التي قد تعارض وتناهض هذا التغيير والتحالف مع قوى شعبية بديلة من جهة ثانية.
الآن دعونا نطرح سؤالا يفرض نفسه بشكل تلقائي: هل هناك مؤشرات تدل على توفر هذه الشروط؟ الحقيقة الجلية والتي لا نملك سواها هي أن كل المتوفر لدينا هو معاكس لهذه الشروط ونفي لها. فماذا يعني تحامل الخطاب الرسمي على المرافق الاجتماعية للدولة وتحمليها مسؤلية عجزها؟ وإلى ماذا يشير ثناء الحكم على قطاع خاص مفترس يستند للريع وينتصر للهشاشة الاجتماعية ويطالب بالمزيد من الإعفاءات والإعانات؟ وماذا يعني الاستمرار في الترويج لأوراش لم نتبين قط مردوديتها؟ وماذا يعني تغيير التحكم في حقل السياسة بتحكم آخر؟ وماذا ننتظر بعد رمي نشطاء حراك الريف في السجون ومحاكمتهم بتهم ثقيلة...؟
مما سبق نخلص إلى أن الحديث عن ضرورة بناء نموذج تنموي جديد قوامه العدالة الاجتماعية والمجالية لا يستند إلى مؤشرات حقيقية تقرن الخطاب بالفعل والممارسة. قد يرى البعض أن هذه الخلاصة متسرعة وتحكمها نزعة سلبية وتحاكم النوايا لا الأفعال؛ غير أن نقطة ضعف هذا الرأي هو إغفاله لحقيقة ثابتة تقول بأن بناء الثقة في كل خطاب أو مشروع تستلزمه أولا أفعال مواكبة ومحسوسة وملموسة.
وفي الأخير ، يجب علينا أن لا نغفل طبيعة ما نحن بصدده؛ فنحن نتحدث عن موضوع هو من صميم الفعل البشري والحقل العمومي الذي سيلازمه الاختلاف دائما وتضارب المصالح دوما وحتى محاولات التضليل والإلتفاف أحيانا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *