جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

المحكمة تنهي الاستماع لمعتقلي الريف وتستمع للشهود في الجلسة المقبلة

المحكمة تنهي الاستماع لمعتقلي الريف وتستمع للشهود في الجلسة المقبلة



الرباط ـ «القدس العربي» : «كان هذا الحراك فرصة من أجل إعادة تغيير المشهد الاقتصادي والاجتماعي، لنخرج من عنق الزجاجة التي نحن فيها بسبب ضبابية الرؤيا السياسية لدى بعض المسؤولين»، هذا كان كلام الختام الذي قاله نبيل أحمجيق، الملقب بـ»دينامو» حراك الريف، أمام القاضي في آخر كلمة له في محكمة الاستئناف في الدار البيضاء، حيث اختار أحمجيق طيلة أربع جلسات أن يدافع عن حراك الريف لا عن نفسه وأن يبرئ الحراك ومن خلاله المعتقلين على خلفيته من تهم الانفصال والتآمر على البلاد.
أحمجيق البالغ من العمر 33 سنة والقابع منذ حوالي أحد عشر شهراً بسجن عكاشة في الدار البيضاء بسبب تهم ثقيلة عن «المس بسلامة الدولة الداخلية» و«تدبير مؤامرة»، كان قد بصم بصوته المسيرات التي عرفتها منطقة الريف شمال المغرب، من خلال الشعارات القوية التي كان يرددها بطريقته الخاصة فتتلوه جماهير المحتجين، وبصم كذلك آخر جلسات الاستماع إليه بانتقاد شديد للدولة العميقة (المخزن) وبتحاليل استدعى فيها معرفته بالفلسفة والتاريخ وعلم السياسة.
أحمجيق لقّبه النشطاء والمتابعون لحراك الريف بألقاب كثيرة، إحدى هاته الألقاب سأله عنها القاضي أثناء الاستماع إليه ، «منسوب إليك أنك الرجل الثاني في حراك الريف بعد الزفزافي»، فكان جوابه مقتضبا وهو يبتسم «منسوب إلي إعلاميا فقط»، كان قد افتتح أول حديث له أمام المحكمة بالدفاع عن مشروعية الحراك وعفويته وسلميته، منتقداً «المقاربة الأمنية « في تدبير الحراك، معتبراً أنها لم تكن حلاً وأساءت لصورة المغرب الحقوقية، وبأن ما تضمنته محاضر الفرقة الوطنية هو «كلام فارغ ويفتقد للمشروعية والمصداقية». وكما كان الدفاع عن الحراك بداية الكلام كان ختامه كذلك في مداخلة أحمجيق الأخيرة، ولم يفته أن يهمس للقاضي بأمله أن يكون حل ملف معتقلي حراك الريف بين القضاء.
«الحراك اختبر كثيراً من المؤسسات وقد سقطت، بحجم المؤسسة التنفيذية والمؤسسة التشريعية، وننتظر أن تضعوا أنتم حلاً، كي لا تسقط المؤسسة القضائية لأنها العماد الأساسي لبناء الدولة»، يقول أحمجيق للقاضي متحدثا عما سمّاه «منظومة «المخزن « التي تتطاول على كل المؤسسات كي تحفظ مصالحها»، مذكراً إياه بقراره في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2017 الذي قضى بوضع المعتقلين في قفص زجاجي مكشوف، لكن ماذا حدث؟ يتساءل ويساءل أحمجيق المحكمة، «وضعوا طلاء على القفص كي لا نظهر للعموم، هذه هي التدخلات في قرارات القضاء وتحريفها عن المراد، وهذه سيدي القاضي هي منظومة المخزن». يجيب أحمجيق.
أزمة التمثيلية السياسية في الريف كما في باقي جهات المغرب، طغت على حديث كل معتقلي حراك الريف الذين وقفوا في منصة الاتهام بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء ومن عليها اتهموا «المسؤولين» بالتفريط في مصالح المواطنين، ولم يخل حديث أحمجيق كذلك في كل حيثياته من التعبير عن مظاهر هذه الأزمة قائلا: «يزجون بنا في السجون كي ينعموا بالهدوء من ضجيجنا واحتجاجاتنا التي تؤسس لتقدم البلد وتحفظ مصالحه»، مردفا «نحتاج لتعاقد اجتماعي ومصالحة حقيقية تجعل المواطن في صلب السياسات والقرارات التنموية».
وطغى لباس حقوقي في حديث أحمجيق عن حيثيات ودواعي حراك الريف خلال كل مداخلاته، وهو الجانب الذي ركز عليه كذلك في كلمته الأخيرة، معتبراً أن محاكمة معتقلي الحراك أصبحت تحرج المغرب على المستوى العالمي، «بممارساتنا هذه نترك مجالاً حتى للذين لا يمارسون حقوق الإنسان في بلدهم وفي العالم أن يعطونا الدروس في ذلك» يقول أحمجيق مضيفا في حديثه عن كيفية تدبير الدولة لملف الحراك «اليوم المغرب فاعل دولي نشيط على المستوى الإفريقي لا ينبغي له ارتكاب مثل هذه الأخطاء المجانية المرتبطة بكرامة مواطنيه وحفظ حقوقهم».
«حراك الريف الذي بدأ بمأساة إنسانية تعاطف معها المغاربة قاطبة، والذي حرك آمال المغاربة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، قد يدخل منعطفا خطيرا» يعلق محمد أغناج، عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين، في تدوينة له بعد آخر جلسات الاستماع قائلا أن جلسات الاستماع التي كان يفترض أن تتضمن عرض وسائل إثبات الأفعال المنسوبة للمتهمين «جاءت مخيبة لآمال أنصار الاتهام و لم تعرف سوى عرض فيديوهات مسيرات ومظاهرات ووقفات وتسجيلات مكالمات لا تتضمن أي دليل يعضد نظرية المؤامرة على سلامة الدولة الداخلية».
وبالاستماع لأحمجيق تكون المحكمة قد أسدلت الستار عن آخر مشهد في فصل الاستماع لمعتقلي الحراك وعددهم 54 معتقلا، لتبدأ فصلا آخر حاسما سيبدأ يوم الثلاثاء المقبل بالاستماع لـ34 شاهدا، منهم شهود إثبات وشهود نفي.
وبين أمل العفو عن المعتقلين وخشية أحكام قضائية ثقيلة تستمر قضية حراك الريف في شد الانتباه منذ حوالي سنة ونصف، منذ مقتل بائع السمك محسن فكري في حاوية طحن النفايات وولادة ما أصبح يعرف بحراك الريف إلى آخر فصول محاكمات معتقليه.
وينتظر الرأي العام مخرجات هذه المحاكمة الطويلة والثقيلة بالنظر لعدد المعتقلين والتهم الموجهة لهم وكذلك ما أسالته من مداد إعلاميين وسياسيين وحقوقيين دوليين ومحليين.

سعيدة الكامل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *