جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

عود على بدء***في بعض مظاهر الضحالة1-9-2011/الرفيق احمد طيفور

في بعض مظاهر الضحالة

أسباب النزول
1‏/9‏/2011
أثار انتباهي و أنا اتابع ما يكتب و ينشر على الانترنيت لمدة تزيد على الشهر و نيف هجوم شرس و قدح و سباب قليل منه نقد يوجهه أصحابه لتنظيم النهج الديمقراطي. و في نقاش مع سيدة على الفيس بوك لمجموعة اشترك معها في الصفحة، تتبعت نقاشا لمناضل من تنظيم النهج و هو يحاول تنبيه هذه السيدة المحترمة الى أنه من الضحالة ان يتم استعمال مصطلحات و مفاهيم، كيفما أتفق، من طرفها و من طرف من يجاريها في الخط . الأمر لم يرقها طبعا فانهالت عليه بالقدف و العنف اللفظي المجاني. فاستغربت للأمر، فعوض ان تحاول السيدة فهم مصدر الأخطاء التي وقعت فيها هي و جماعتها، و لما لا، العمل على تصحيحها و تفاديها مستقبلا، جنت السيدة و انفجرت غيضا و صبت جام غضبها على مناضل النهج. أكثر من ذلك، تحدته بأن يحيلها عن ما يثبت تلك الضحالة و كان ذلك من حقها طبعا. امام ردة الفعل تلك، دخلني الشك و قلت في نفسي : ألا يمكن ان يكون النهجوي قد اختلط عليه الامر و أخد يتهم الناس بكيفية مجانية بالضحالة و الجهل؟ فقررت التأكد من الامر ما نتجت عنه هذه الكتابة. 
التحديد اللغوي: يعرف معجم اللغة العربية "المنجد في اللغة و الاعلام" الصادر عن دار النشر ببيروت سنة 2000 "الضحالة" كالاتي: ضحل، ضحلا: الغدير: قل ماؤه. الماء: رق. ما أضحل خيرك: ما أقله. الماء القليل على الأرض، لا عمق له. أما موقع "كوكل" فيوضح ان "الضحالة" تفيد إساءة الإستخدام، و هي عكس عميق النظرة و الخطة، و معناها أيضا السطحية في الأمور.
مما سبق نستنتج ان "الضحالة" تعني من بين ما تعنيه: السطحية، عكس عمق النظرة و الخطة و اساءة التوظيف و الاستخدام. لكن اين يتجلى هذا كله في مسلكيات و اقوال السيدة و جماعتها؟ لإبراز ذلك، يستلزم أن نقوم بتوضيح أسباب النقاش، ظرفيته و الاشكال التي اتخذها منذ بداياته.
اندلع الربيع العربي و فتح افاق جديدة ، و اتخذ بالمغرب شكل حركة 20 فبراير التي ساهم فيها و منذ البداية شباب من قوى سياسية و جمعوية كثيرة و دعمتها احزاب سياسية و جمعيات بشكل صريح و علني و صرحت بذلك على صفحات الاعلام المكتوب و غيره و جسدت مساندتها تلك في الميدان بانخراطها في كل الاشكال النضالية التي دعت لها الحركة، بل اكثر من ذلك سهرت على تماسكها و استقلاليتها و استمراريتها و على ان تسود الديمقراطية في صفوفها. لكن تنظيمين (النهج الديمقراطي و العدل و الاحسان) في الغالب الاعم هما اللذان كانا موضوع تحرشات و قمع و توجهت لهما سهام التشكيك والنقد من جهات مختلفة، بل متعارضة. اول الامر اتخذ النقد كدريعة له الادعاء بالولاء و خدمة جهات خارجية، ثم تجسد فيما بعد في التنديد بتوطين الحركة بالأحياء الشعبية. اخير تم التركيز على ما دعوه المنتقدون، مدعومين في ذلك بإعلام مدفوع الثمن، ببناء تحالفات هجينة بين اطراف، هم: النهج و العدل، رغم مرجعيتيهما المتباينة بل والمتناقضة. في البداية كان النقد بل الحملة الهجومية من طرف النظام و ازلامه، التحقت بهما، فيما بعد احزاب اشتراكية- ديمقراطية و التي هددت بتأسيس حركة بديلة لا يهيمن عليها لا النهج و لا الاسلاميين و حاولت فعلا و فشلت. اخيرا دخلت على الخط اصوات متمركسة او تدعي الانتماء لليسار الماركسي. هذه الاصوات كانت في البداية مترددة في امرها و فضلت البقاء بعيدا تتفرج. كما حاولت اطراف منها، بداية الامر الانخراط في الحركة مع العمل على تفجيرها من الداخل متعاونة في ذلك مع احزاب حكومية وظفتها و مولتها و اطرتها و سارت تحت رايتها. و قد تضرعت هذه الجهات المتمركسة بقبولها لانخراطها في ذلك المسلسل برفضها المشاركة في اشكال احتجاجية تشارك فيها العدل و الاحسان.
هذه "الاصوات المتياسرة" لا يجمع فيما بينها في الحقيقة اي شيء ماعدا دغمائيتها و حقدها الاعمى، ليس للعدل والاحسان بل اساسا للنهج. دليلنا في ذلك هو انها قبلت العمل بجوار العدل في الكليات و الجامعات التي يستحوذ فيها هذا الاخير (العدل و الاحسان) على إ.و.ط.م. في حين قبلت هي العمل بالفصيل. فباسم فصيلها التاريخي و الماركسي الغير التحريفي، عدت بل هاجمت بالزبابير وعنفت كل الفصائل الاخرى. لقد سكتت لسنوات و لا تزال حتى اليوم عن الدعوة والعمل على احياء المنظمة الطلابية العتيدة إ.و.ط.م. و الارجح هو ان تواجدها على شكل فصيل و الاكتفاء بالاستمرار على هذا الوضع ليس له من مبرر سواء الحيلولة دون اعادة بناء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب.
يتوضح الهدف الذي سطرته هذه "الاصوات المتياسرة" لنفسها عندما نأخذ بالحسبان ما قامت به من حملة شرسة خلال هذا الصيف و من هجوم عنيف و مكثف على النهج على صفحات الانترنيت، و ذلك بمجموعات PAD و PresseMaroc و كذلك بموقع اليسار المتمدن و الفيسبوك. و لقد لجأت هذه "الاصوات" التي تحسب نفسها على السيار الماركسي في هجومها هذا بإعادة نشر نفس المقالات و بنفس المواقع (اليسار المتمدن مثلا) بأسماء مختلفة مع رتوش خفيف في تقديم المقال. انظر على سبيل المثال، مقال حول الذكرى 41 لمنظمة "الى الامام" بنفس الموقع الحوار المتمدن - العدد: 3471 - 2011 / 8 / 29 . و الهدف و اضح هو الارباك و جعل تنظيم النهج الديمقراطي او مناضليه يرتبكون الاخطاء او على الاقل تشويههم لذا الرأي العام الوطني و العربي. انهم يقومون بالتشويش قصد الارباك و يتركون للنظام و الرجعية فرصة انزال الضربة. و كذلك كان شأنهم في كل المحطات التي يعرف فيه الصراع الطبقي احتدادا و تختلط فيه اوراق النظام و يتأزم وضعه. هكذا كان دائما سلوك هذه الشرذمة سواء اكان ذلك بالساحة الطلابية او بالحركات الاحتجاجية الجماهرية، هدفهم كان دوما هو الفرملة او التفجير مع اعتماد اساليب غير دمقراطية و متشنجة قد تصل حد العنف اللفظي و الجسدي. 

بعض مظاهر الضحالة
لقد قام رفاق كثيرون من قبلي بصفة مباشرة او غير مباشرة بالإجابة و التوضيح و التعليق بشكل رزين و مفعم على كثير من تلك الكتابات التي حاولت ان تنال من النهج و من مصداقية مناضليه و سدادة خطه ومواقفه. ما سأحاول بدوري التنبيه اليه هو الضحالة التي تتسم بها اعمال هذه المجموعة و سأرتكز لتبيان ذلك على المقال الاخير لعضوة بهذه المجموعة المتياسرة، السيدة "سارة سلام" و الذي نشرته بموقع الحوار المتمدن بتاريخ :28.08.2011 بعنوان: " في التكتيك، جماعة العدل و الإحسان حزب النهج الديمقراطي بداية تشابك الأصابع و قراءة الفاتحة". و الذي قامت المجموعة المتياسرة كعادتها بتعميمه على جميع المواقع و الهدف بالطبع هو التشويه و التحقير و القدف و ليس النقد الرفاقي، النقد البناء.
انطلاقا من العنوان نستشف الضحالة و على مستويات عدة. عل مستوى الشكل يتضح ان العنوان عبارة عن كلمات متنافرة تحيل على نمط اخر و جنس مغاير من الكتابة الذي ينتظره القارئ. فهذا العنوان قد يصلح لكتابة شعرية او لأي مقال ادبي أخر من غير المقال السياسي التحليلي-النقدي. ربما يكون هذا ما إستشعرته الكاتبة نفسها عندما صرحت بانها كانت قد اختارت لمقالها عنوانا اخر و هو الذي ادرجته في اخر النص. لنقارن العنوانين معا ثم نقوم بالاستنتاجات. العنوان الثاني المقترح هو الاتي:
"جماعة العدل و الإحسان و حزب النهج الديمقراطي ـ تناقض الإيديولوجي ـ المشروع السياسي و وحدة "المصير" الطبقي".
يتضح جليا ان تنافر الكلمات في هذا العنوان الثاني هو اقوى و اشد. لكن ما العيب في ذلك؟ اليس من حق الكاتبة ان تختار العنوان الذي تريد لمقالها؟ في الحقيقة حريتها في هذا المجال محدودة، فالكتابة تتم و فق قواعد يتقاسمها الكتاب مع قرائهم. في هذا المجال الابداع والابتكار رغم انه مطلوب، فانه يستلزم الالمام بالقواعد المعمول بها اي السائدة، و الا بدى الخطاب و الكتابة على شكل هلوسة و ضرب من الجنون. و الكاتبة هنا، نضرا لجهلها بهذه القواعد بل بالكتابة اساسا، اختلطت لديها الانماط والاجناس الادبية. فعوض ان تكتب خطابا سياسيا يتوخى النقد و التحليل وتختار له عنوانا مناسبا، سقطت من حيث لا تدري في الشفوي، أي في خطاب غير متماسك يشد الى التكعيبية و الكتابة السريالية، او ما يدعوه النقاد في الادب: الكتابة الاتوماتيكية التي تتماها مع الهديان و "لغة" من اصيب بالحمى المفرطة. هذا الهديان لا يتوقف عند العنوان بل يتخلل النص من اعلاه الى اسفله، سنكتفي بمقطع و احد و رد في مقدمة النص للتدليل على ذلك و ستكون لنا مناسبة لاحقا لإبراز مزيدا من هذا الضعف المهول على مستوى الشكل، أي التعبير الصرف. المقطع يقول:
"
قبل البدء، قد يتساءل البعض، و بالتحديد من لا تروقهم مثل هذه المحاولات بدءا من عنوانها. و لما بالضبط هذه القوى و ليس غيرها، مع أن هناك أطرافا أخرى متواجدة في الميدان و تعمل هي الأخرى على أخذ مواقع لها وسط حركة جماهير شعبنا وهي تهتف "الموال" نفسه. جوابنا هو أبسط من سؤالهم إن هم طرحوه: هناك تنظيمين سياسيين (إلى جانب أخرى ضعيفة جدا هي لتأثيث جوانب الصورة الداخلية لحركة 20 فبراير لا أكثر) فقط من يعمل و لحدود اللحظة خارج مؤسسات النظام الشكلية التي يرفضها شعبنا. فكلا التنظيمين يضع شروطا مسبقة محددة اليوم في المطالب السياسية التي ينادونا بها وسط حركة 20 فبراير. في حين أن كل القوى الأخرى المتواجدة ميدانا انخرطت منذ زمن في العمل من داخل تلك المؤسسات الشكلية للنظام الذي قاطعت جماهير شعبنا انتخاباته، و قاطعت استفتاء دستوره الذي تحت سلطته تعمل تلك القوى و لحدود اللحظة داخل مؤسساته الشكلية"
لنتفحص قليلا هذا المقطع، و هو نسبيا طويلا و كان ذلك مقصود من طرفنا حتى لا نتهم باننا نقتطع الكلمات من سياقاتها. ففي السطر الاول نقرأ: " من لا تروقهم مثل هذه المحاولات بدءا من عنوانها" فبأية محاولة يتعلق الامر؟ هي بالفعل تتحدث عن مقالها الذي بين ايدينا الان، لكن هذا ما نستنتجه فقط لا ما نقرئه مجسما في النص. الجملة الموالية هي استفهامية بالطبع لكن بدون علامة استفهام، ربما قلتم لي ان ذلك بفعل ضغط زمني او نفسي. حتى انا ايضا اعتقدت ذلك اولا الامر لكن عندما تقرأ المقطع كله بل المقال بأكمله ستصاب بصدمة شديدة امام حالة الارتباك و الاضطراب الذي يعاني منها التركيب و البنيان الهرمي للنص و الذي ما هو الا انعكاس لاضطراب نفسي و فقر لغوي و فكري لصاحبته. لا بد ان القارئ سيستنتج ان "الكاتبة" جديدة العهد بهذا "الحرفة" ، بمعنى انها قد تكون قد غادرت لتوها حلقة الطلاب و اخدت تتدرب على المبارزة اللفظية و السجال وهي بسبب ذلك ستحتاج الى بعض الوقت حتى تتمرس على تلويك الكلام و اصطياد هفوات خصومها. مثل هذا الاستنتاج لا يستقيم بالطبع لانه يقوم على فرضية استقلال الشكل عن المضمون و هي غير صحيحة بتاتا. فالعلاقة بين الاثنين هي علاقة جدلية. هي علاقة تأثير و تأثر، و لا يمكن فصل الواحد عن الاخر، و قد يكون من الصواب القول انه كلما كانت الامور واضحة و التصورات و الرؤى كاملة متكاملة اتت الكتابة و التعبير عنها سلسا و سهلا، و بالعكس كلما انعدم الوضوح و سادت الضبابية على مستوى الفكر و الرؤى، كان التعبير عنها صعبا، قلقلا، غامضا و متضاربا. 
لنحاول الان التطرق الى المحتوى أي الى بعض الافكار الواردة في النص حتى نتأكد من قدرة صاحبته على التغلب على الضعف او الضحالة و الفقر الذي طغى بشكل لافت على المستوى التركيبي و اللغوي و بناء الخطاب والذي اضر كثيرا بقيمته ان كانت له فعلا قيمة. او بالأحرى لنحاول التأكد من طرحنا الذي يجعل من اضطراب الشكل انعكاسا طبيعيا لضبابية الافكار و الرؤى و التصورات.
بدأت الكاتبة مقالها بشبه جملة اسمية منعزلة عن باقي العنوان بفاصلة اعطتها ظهورا و مغزا قويا، خاصة و انها تتقدم العنوان بل النص كله و استحقت بذلك ان تتخذ لوحدها الحيز الذي يملأه العنوان (مع اضافة تحديد لنوع و مستوى التكتيك طبعا) و ذلك لقدرتها على عكس المحتوى الدلالي الذي يتحلق حوله مضمون النص في بعده الفكري و السياسي، هذه الجملة هي:" في التكتيك". لكن سرعان ما عملت الكاتبة على تجاوزها و نسيانها لجهلها بحمولتها و قيمتها، و قد لا يسعفها في تبرير جهلها هذا قولها ان غرضها ليس هو: "محاولة طرح نظري في طبيعة علاقات التكتيكي بالإستراتيجي، رغم حضور هذا الطرح ضمنيا في فكر كاتبة هذه الأسطر، فهو ليس محوريا في محاولتنا هذه كي نبسطه على القارئ، كما لن نسمح لأنفسنا و من منطلق ذاك الطرح النظري الضمني، التعامل بمنطق "الحكم النظري" في ما تطرحه من تكتيك بعض القوى التي تهمنا هنا في هذه المحاولة".
الجملة كما سيلاحظ القارئ هي كباقي النص مهلهلة متضاربة، تتركب من كلمات متنافرة لا يجمع فيما بينها الا كونها تتواجد في اسطر مسترسلة متلاحقة و بين نفس الفواصل، و هي في حالتها تلك لا تشد كثيرا عن طبيعة الجماعة (أي القوم) التي تتبناها و تتولى الدفاع عنها و التي لا يؤلف بينها سوى الحقد و الهجوم المجاني على عدو افتراضي مشترك هو النهج الديمقراطي.
ما يهمنا هنا هو تبيان مدا ادراك الكاتبة لأهمية التكتيك والاستراتيجية وعلاقتهما الجدلية، ثم المحدد و التابع منهما و ترجمة الكل على مستوى الممارسة الميدانية في اتون الصراع الطبقي.
 حتى نتبين جيدا مدى ضبابية كل هذه الامور في ذهن صاحبتنا، دعونا نتفحص المقطعين التاليين. في المقطع الاول تقول السيدة سارة سلام:" أن كل القوى الأخرى المتواجدة ميدانا انخرطت منذ زمن في العمل من داخل تلك المؤسسات الشكلية للنظام الذي قاطعت جماهير شعبنا انتخاباته، و قاطعت استفتاء دستوره الذي تحت سلطته تعمل تلك القوى و لحدود اللحظة داخل مؤسساته الشكلية. لذلك هي "تكتيكات" (حقيقة هي لا ترقى إلى مستوى التكتيكات بقدر ما هي ردود أفعال لمن فقد القدرة على الفعل اتجاه النظام و سياساته) هذه القوى متناقضة في الآن نفسه و ملخبطة حد التوهان ، هي تعبير عن انهيار" بنيانها الفكري و السياسي" و تمزقها أمام الآلة السياسية للنظام القائم." اما المقطع الثاني فهو جملة اعتراضية وطنتها السيدة سارة بين قوسين و تقول فيها: ( و كأني بهذا الحزب في طور بداية فقدانه القدرة على الفعل التكتيكي الواضح جماهيريا بعد فقدانه لإستراتيجيته). في المقطع الاول كلمة تكتيكات هي بين مزدوجتين ما يعني ان الكاتبة لا تقصد فعلا التكيك. و لقد و ضحت ذلك فعلا عندما قالت بنفس المقطع. "حقيقة هي لا ترقى الى مستوى التكتيكات" فماذا تكون اذا ؟ تجيب السيدة سارة "ماهي الا ردود افعال لمن فقد القدرة على الفعل" وهل ردود افعال ليست افعال؟ يتضح جيدا ان صاحبتنا تريد التعبير عن شيئما تتلمسه لكن هنالك ضباب كثيف يحجب عنها الرؤية و يجعل ما مورية الافصاح عنها جد صعبة ان لم تكن مستحيلة.
في المقطع الثاني الحزب الذي تقصده هو بالطبع حزب النهج الديمقراطي. الامر واضح هنا تماما او هكذا تعتقد صاحبتنا، فالنهج فقد الاستراتيجية و هو الان اخد في فقدان "الفعل التكتيك الواضح جماهيريا". متى يكون التكتيك واضحا او مبهما؟ و متى يكون "واضحا جماهيريا"؟ هذه الاسئلة كلها لن نجد لها اجوبة في هذا النص و لقد نبهتنا الكاتبة المحترمة لذلك. ما الغرض من المقال اذا؟ هو ان تقول لنا السيدة سارة بأن النهج الديمقراطي و العدل و الاحسان في "بداية تشابك الأصابع و قراءة الفاتحة" . و ما معنى هذه الجملة بالذات؟ المهم هو ترتيب الكلمات و إنتاج "ألامعنى". انه " لعب العيال" بكلام المصريين او الصبيانية كما نسميها نحن. ان الغرض هو القدف هو التجريح و التشويش و ليس النقد قصد تقويم السلوكات والمساعدة على تقدم العمل النضالي. 
ماذا نستخلص من كل هذا اللغو؟ نفس الضبابية و نفس العجز القاتل في فهم ما يقع، و حتى ان وقع، صدفة، ظهور بعض الضوء يتم ادراك من خلاله حراك الشارع الناتج عن "الدينامكية النضالية التي تعيشها البلاد سواء في إطار حركة 20 فبراير أو خارجها في سياق الانتفاضات الشعبية الراهنة لشعوب المنطقة " لا يستتبع ذلك استخلاص و تحديد المهام النضالية التي تفرضها المرحلة على كل الثوريين و القوى الديمقراطية المخلصة. فبعد كل المجهود الفكري واجهاد الذات تتدحرج حجرة "سيزيف" لمكانها الاول، الى نقطة البداية، التي تبقى في نفس الوقت هي الغاية و المبتغى. هكذا تعود الكاتبة بالنص الى نقطة البدء: "النهج ينجر أكثر في العمل مع الجماعة و لا يدعو لمشروع سلطة الكادحين". كيف؟ متى؟ لا تهم البرهنة على ذلك، فالنهج يتواجد مع العدل و الاحسان في حركة 20 فبراير و لقد سبق له، (مع اطراف أخرى لا يتم ذكرها لا نها تشوش على التحليل،) ان و قع مع العدل و الاحسان بيانا بمدينة تهلة و ذلك كاف للاستدلال به على التحالف فيما بين الاثنين. لكن ما هو التحالف؟ لا يهم فذلك تحالف ضمني او كما تقول السيدة سارة "اتفاق لاسلكي بين الطرفين". فكل ما يعتمل في الساحة السياسية و على المستويات كلها، الدولية و العربية و الوطنية منذ انطلق الربيع العربي، و كل التغيرات على ارض الواقع على المستوى الوطني منذ انطلاقة حركة 20 فبراير، لا يزال غير مفهوم عند صاحبتنا و مجموعتها، ومهما قال النهج الديمقراطي و مهما وضح أنه ليس هنالك تحالف، فكل ذلك لا يفيد و لا يقنع اصحابنا النابهين.
فما السبب في كل هذا التحجر و هذا العجز الفظيع عن سبر اغوار الواقع و اتخاد المواقف السديدة و التكتيكات المناسبة؟ لنحاول التمعن في المقطع التالي من خطاب السيدة سارة، و سيكون بالطبع هو الاخير، حتى تتوضح لنا الامور اكثر و يتبين الخيط الفاصل في كل هذه الاكوام من القش.
تحاول السيدة سارة في المقطع الموالي ان تبين لنا بانها فعلا قادرة على التحليل و كيف لا و هي تسطيع فك طلاسيم العهود الغابرة، و تحليل اسباب ظهور الديانات و تطورها فلنتتبع ما تقول: «قبل أن نتقدم خطوة واحدة في استكشاف مشروع التكتيك المتفق عليه من خلال الديناميكية الحالية إلى حين ترسمته تحت مسمى "التعددية"، نود وضع القارئ و بتركيز شديد في صورة بعض المراحل المميزة في تتبع خط المد الديني عبر ضرب بعض الأمثلة من تاريخ بعض الديانات إبان تشكلها و صيرورة تطورها، و التي تمكننا من استخلاص بعض الدروس الأساسية و على رأسها فشل كل الحركات الدينية في قلب الأوضاع السياسية و الاجتماعية القائمة. بل على العكس من ذلك، تحولت إيديولوجيتها الدينية من موقع المعارض و المناهض إلى موقع إيديولوجية المسيطر، من دون أي تحول يذكر في بنيات النظم الاجتماعية و السياسية القائمة، اللهم انشطار حامليها إلى اتجاهات (بفعل) و التحاق بعض منها و هي قليلة جدا من رجالات تلك الإيديولوجية الدينية إلى مواقع الأسياد، ليشرعنوا بفكرهم الديني هذه المرة تلك النظم القائمة من جهة، و يمنحوا للدين و بقوة السلطة بعده الغيبي ـ اللاهوتي كجوهر لتعاليمه و رسالاته من جهة ثانية.
للإشارة، هناك من يستقرأ التاريخ من زاوية نظر الدين، ليظهر له مدى تقدم هذا الأخير و انتشاره و كذا استجابة الناس له بغض النظر عن طرق توسعه و ظروف اعتناقه، و كأن هذا هو معيار صحة (كمرادف للحقيقة هنا) هذا الدين أو ذاك. كما يستقرؤون التاريخ نفسه في حالة تراجع فكرهم الديني و انكماش مساحته الاجتماعية بابتعاد الناس عنه وعداء السلطة له، و هو كذلك بالنسبة لهم معيار صحة هذا الدين أو ذاك. لغة المعيارين هذه، هي نتيجة لإخضاع منطق التاريخ ل "منطق" الفكر الديني، و كأن الأول يجري في إطار الثاني و ليس العكس. فالتاريخ في النهاية بالنسبة لهؤلاء ما هو إلا تقدم أو تراجع اتجاه الحقيقة التي هي هذا الدين أو ذاك، و هي لا تكتمل إلا بخلق حالة اعتقاد شامل للكل و بنفس الطريقة، أي خلق حالة امتثال مطلقة لا توجد إلا في ذهنية هذا الفكر الاستبدادي المولع بالخضوع المطلق والتماثل الكل." 
اهمية هذا المقطع تكمن في كونه يوضح، عكس ما ادعته السيدة صارة في البداية، ان موضوع هذا المقال المتضارب و المهلهل هو فعلا" استكشاف مشروع التكتيك المتفق عليه من خلال ...ترسمته تحت مسمى "التعددية"، و التكتيك التي تقصد هو فعلا تكتيك النهج و العدل و الاحسان. و ان تفادي السيدة سارة تناول الموضوع من هذه الزاوية قد يكون فعلا بجهلها للقضايا المتعلقة بمسألة التكتيك و الاستراتيجية. المسألة الثانية التي تستشف من خلال المقطع هو فهم السيدة سارة للظواهر الاجتماعية، و على رأسها ظهور الديانات، سماوية كانت او غيرها، و سر تطورها ثم اندثارها. فعوض ان تقوم السيدة سارة بتبني موقف ثوري يعتمد البحث و التمحيص و الفهم للتفاعل الجدلي لكل الجوانب و مظاهر الحياة الاجتماعية قصد فهم الظواهر الاجتماعية و صيرورتها مع التركيز دوما على الاسباب المحددة و الأشكال التي تتخذها تلك الاسباب و تعبر عن نفسها من خلالها، اقول عوض القيام بهذا المجهود المضنى طبعا، تلجأ السيدة سارة الى طريقة مثالية لاتاريخية و مجردة اقرب منها الى الوصف و التشويه من التحليل و الرصد، و هي في طريقتها تلك متأثرة كثيرا بالدروس التي تتلقاها بالمدرجات عن أساتذة بورجوازيين في درس "تاريخ الافكار و المذاهب" او (histoire des idéesl). بالرغم من انه يظهر انها لم تستوعبها جيدا.

خلاصة القول 
من خلال هذه المعالجة السريعة لمقال السيدة سارة التي توخت منه و به التهكم، و ليس النقد، على تنظيم النهج الديمقراطي، يمكن الخروج بخلاصات و ميزات تشترك فيها الى حد كبير كل "المجموعة المتياسرة" الهاجمة و المتهجمة بكيفية مجانية و حاقدة على النهج الديمقراطي. هذه الميزات تحيلنا على فهمها و محاولة تطبيقها للماركسية في ممارستها و في علاقتها بالتنظيمات الاخرى المتواجدة معها في ساحة النضال.
ان هذه الجماعة تجهل كثيرا من المصطلحات التي تتداولها و منها الماركسية نفسها. فالجماعة و كتابها "البارعين" كثيرا ما يستعملون كلمة ماركسية و احيانا اخرى ماركسية- لينينية او ماوية او غيرها دون ان يعوا عمادا يتحدثون و تمت تكمن الخطورة. و الصعوبة في تحديد هذا المفهوم تتجسد في كون المصطلح لا يتعلق بمجرد بناء نظري و مفاهيمي بل يتعداه في نفس الوقت الى واقع عيني يتجسد في الممارسات العملية لمختلف الاحزاب و التنظيمات الماركسية. و بناء الاشتراكية يقتضي محاربة و ازالة كل التشوهات التي تلحق بالماركسية و ذلك بالعمل على توضيح و تدقيق المفاهيم و المصطلحات الماركسية في اطار السياقات التاريخية التي هي نتاج لها.
فالماركسية كنظرية علمية، هي كغيرها من النظريات، لا يمكن ان تبنى و تشيد بدون معايير للحقيقة. هذه المعايير هي بمثابة حدود و فواصل وظيفتها هي المساعدة على التعرف على الحقيقة و التمييز بين الصواب و الخطأ. و ما يطبع بالضبط الدغمائية و الجمود العقائدي هو نوع المعايير و المحددات التي تعتمدها في تبيان الحقيقة و الصواب من الخطأ. المعايير التي تعتمدها هي معايير متصلبة، عمياء و العلاقة التي تقيمها بين النظرية و الممارسة هي علاقة صارمة فجة لا تمت الى المادية الجدلية بصلة. فالدغمائيون الذي تنتسب اليها مجموعة السيدة سارة، لا يؤمنون "بمركسيات" هي نتاج ظروف و شروط تاريخية و اجتماعية مختلفة بل هم يدعون الانتماء الى الماركسية الحقيقية و الصحيحة و ينظرون الى غيرهم من الماركسيين على انهم نشاز و تحريفيين. هذا الادعاء مناقض تماما للطبيعة الجدلية للماركسية و التي لا يمكن ان توجد و تتطور، مثلها في ذلك مثل غيرها من الظواهر الاجتماعية، الا بصراعاتها الداخلية.
ان الماركسية بالإضافة الى انها نظرية و بناء مفاهيمي، هي في نفس الوقت واقع عياني يتمظهر على شكل المجموعات من التنظيمات و التيارات الفكرية و التوجهات السياسية التي اتخذت لها الماركسية كمرجعية لكي تظفي المصداقية على اشتغالها و المشروعية على تواجدها. هكذا فالماركسية إضافة الى انها فعل اجتماعي منتج للمعرفة فهي ايضا، مثلها في ذلك مثل أي نظرية علمية و كأي ايديولوجية، أداة للبناء و لتوجيه الممارسة العملية و الاجتماعية. انها بناء مفاهيمي قمين بتنظيم الصراع الطبقي و إضفاء الشرعية و المصداقية على ممارسة الحركات و التنظيمات السياسية التي تتبناها.
لكن ما العلاقة بين العلم و الماركسية و الأيديولوجية؟ و هل العلم هو ايديولوجية؟ في الحقيقة فهذه الثنائية المتداولة و المتكررة هي ذات بعد ميتافيزيقي تحاول الاقناع بان العلم لا علاقة له بالأيديولوجية. ان هذا مجرد ادعاء ذلك لان اي نشاط علمي مثله في ذلك مثل اي ايديولوجية، يتخذ سمات الشروط الاجتماعية التي انتجته. و الماركسية كنظرية علمية لا يمكن عزلها عن الشروط الاجتماعية التي ساهمت في ظهورها و تطورها. يقول سمير امين في احد كتاباته(74) ما معناه انه اذا كانت الايديولوجية هي الوعي المغلوط و المستلب لمجتمع ما، فالعلم الذي نشأ في هذا المجتمع، اي في ظروف اجتماعية محددة، له ارتباط وثيق بأيديولوجية ذلك المجتمع. فلحد الان ليس هنالك علم خال كلية من مثل هذه المشاكل، اي خال تماما من اي استلاب. ان مثل ذلك العلم (الخالي من كل استلاب) لن يكون الا النتاج الخالص و النهائي لمجتمع خال من الاغتراب.
كيف يمكن اذا التمييز بين مختلف النظريات الماركسية؟ لابد ان نفهم اول الامر ان التناقض بين هذه النظريات قائم و هو تناقض جدلي في اطار وحدة النظرية بالممارسة اي على شكل و حدة المتناقضات التي هي بالطبع متصارعة. فالدغمائية و الجمود العقائد مثلا مثله مثل رجال الدين قديما و حديثا يحاولون بناء و تقديم خطاب يظهر العلاقة فيما بين النظرية و الممارسة على انها علاقة تطابق تام. و هذه الدغمائية على المستوى النظري تعبر عن نفسها على مستوى الممارسة على شكل غلو و تحجر و استبداد بالراي و ميول نحو العنف اللفظي و الجسدي في اوساط الحركات الجماهيرية. و الخروج من الجمود العقائدي يستدعي الاقلاع عن الدغمائية الكهنوتية القروسطية و عن المنهجية المثالية التي تطبعها.
في الختام و جب التذكير بان الظرفية التاريخية لكل مجتمع و لكل ثقافة هي التي تمنح للفكر الماركسي و لأهدافه الثورية طابعا خاصا و تساعد على تطوره و اغنائه. و اساس تطور و اغناء النظرية الماركسية يجد تفسيره على مستوى المنهج الذي يتم تبنيه و اعتماده، و المنهاج الماركسي بالطبع لا يمكن ان يكون الا منهجا ماديا جدليا تاريخيا.
 


بـــــــــــــــــــــــــلاغ
إن اللجنة المحلية المجتمعة استثنائيا يوم الأحد 19/06/2011، وبعد تقييمها للحركية النضالية التي تعرفها مدينة آسفي في إطار حركة 20 فبراير المناضلة
ـ تسجل الحضور الوازن لشباب حركة 20 فبراير في مسيرة 19/06/2011 والتي انطلقت في جو سلمي كعادتها من حي دار بوعودة/ حي الشهيد كمال عماري إلى حي الكورس حيث أقامت اعتصامها الاحتجاجي
ـ تدين بقوة الأساليب المخزنية العتيقة التي تم فيها توظيف أجهزة القمع والمخبرين والبلطجية من أجل تكسير حركة 20 فبراير، وإلصاق أي فوضى بها و بمناضليها بهدف تبرير و شرعنة قمعهم أو اعتقالهم
ـ تحيي شباب حركة 20 فبراير الذي تشبت بالطابع السلمي للمسيرة رغم الاستفزاز والعرقلة الممنهجين، ورغم الضرب بالحجارة تحت أعين أجهزة القمع
ـ يدين الضرب الذي تعرض له الرفيق أحمد طيفور عضو اللجنة المحلية للنهج الديمقراطي بآسفي وعضو المجلس المحلي لدعم حركة 20 فبراير داخل المستشفى من طرف عميد الأمن بآسفي الذي لم يكتف بذلك بل احتجز آلة تصويره ويطالب بمحاسبته
ـ يعبر عن مواساته للشبان الذين تعرضوا للضرب بالحجارة في أنحاء مختلفة من أجسادهم من طرف البلطجية المسخرين من طرف المخزن وأعوانه.
اللجنة المحلية
اسفي في 19/06/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *