مغاربة فقدوا حياتهم من أجل التغيير ومن أجل غد أفضل/مقاومة المستعمر/ أقراص السم وطرق اخرى للشهادة
مغاربة فقدوا حياتهم من أجل التغيير
ومن أجل غد أفضل
تقديم:
إن أغلب المقاومين والأغلبية الساحقة لفئات الشعب المغربي تملكتهم الصدمة والشعور بالاحباط والقهر والغربة في بلدهم الذي ناضلوا وضحوا بالغالي والنفيس لإنعتاقه من بؤرة الاستعمار واستقلاله. لأنهم سرعان ما عاينوا أن لا صوت لهم ولا اعتبار بل أصبحوا طريدة للأجهزة الأمنية العلنية منها والسرية واضطهد أولادهم وعائلاتهم وذووهم. وانتشر الاحباط إلى درجة ان هؤلاء المناضلين بدؤوا يفكرون في طريق للخروج من العتمة التي أسقط فيها المغرب ليعيش في ظروف أنكى وأقسى من ظروف أنكى وأقسى من ظروف الإستعمار الفرنسي أو الاسباني.
واعتباراً للقمع والتسلط والاستبداد والرعب وإرهاب الدولة أضحى الكثير من المغاربة يرون في الاستقلال نقمة ويعتبرون أن البلاد عرفت تقهقراً ملحوظاً مقارنة بالماضي.
لذلك فإن النضال أو الكفاح أو المقاومة، كل ذلك ظل ولازال دائماً عملاً مشروعاً مادام هناك طغيان، سواء كان هذا الطغيان أجنبياً أو محلياً. وتضحية المناضلين والمكافحين والمقاومين من أجل قضية عادلة هي التي تعطي المعنى العميق للحياة والوجود والحرية والكرامة الانسانية.
فعلى امتداد عقود عاش المغاربة في نفق مظلم قوامه السجون والمعتقلات السرية والاختطافات والتعذيب والموت البطيء والاغتيالات والقتل والدفن قي أماكن سرية والاغتصاب والقهر الجسدي والقمع المادي والمعنوي والاهانة والدوس على الكرامة الانسانية والصفة الآدمية.
وقد أدى الشعب المغربي الثمن فادحاً في الغلاء بأرواح أبنائه سواء على امتداد مرحلة الحماية والاستعمار أو في سبيل الخبز ومن أجل الحرية وحقوق الانسان والديمقراطية بعد الاستقلال في وقت كانت كمشة تراكم الثروات الفاحشة بدون موجب شرع ولا قانون على حساب أكثر من سبعة ملايين من أبناء هذا الوطن يعانون من وطأة الفقر المدقع.
وإذا كانت حصيلة الشهداء من أجل التغيير وغد أفضل ثقيلة وثقيلة جداً، فلا زال المغاربة ينتظرون هذا التغيير وهذا الغد الأفضل وقد طال انتظارهم.
وإذا كان لابد من الإقرار بحصيلة فإن المعطيات المتوفرة لازالت غير كافية بما يساعد على طرح حصيلة كاملة.
وقصد الاقتراب من الصورة يمكن الاكتفاء ببعض المعطيات التي أضحت واضحة للجميع ولا جدال فيها، ومن ضمنها الشهداء من أجل الاستقلال والاعدامات التي عرفها المغرب في عهد الاستقلال، وشهداء المظاهرات في ستينات وسبعينات وثمانيات القرن الماضي وشهداء المعتقلات السرية ومخافر الشرطة.
إنه لا مناص من جرد الحصيلة حتى نتعرف على الثمن الغالي الذي أداه الشعب المغربي من أجل التغيير وغد أفضل
أقراص السم وطرق اخرى للشهادة
لم يكن تناول أقراص السم من طرف بعض المقاومين بدافع اليأس والإحباط، وإنما بدافع نضالي واضح المعالم. وذلك كان بدافع الخوف من البوح بأسرار تحت التعذيب الوحشي الذي تجاوز كل الحدود في عهد الحماية، أي التضحية بالحياة واسترخاصها من أجل استمرارالمقاومة. لذا فقد أصدر علال الفاسي من القاهرة فتوى دينية تبيح للمقاومين الإنتحار باعتباره عملية استشهادية وعملاً بطولياً.
كما أن عبد الله كنون نشر فتوى مشابهة على صفحات مجلة "لسان الدين" الصادرة بتطوان.
ومن الذين استعملوا أقراص السم واسترخصوا حياتهم من أجل استمرار المقاومة نذكر الزرقطوني الذي يعتبر من أبرز الأسماء في سجل المقاومة آنذاك بشهادة الجميع حتى الفرنسيين. وهذا الرجل وجملة من رفاقه فعلوا ذلك إيثاراً لغيرهم بالحياة، لاسيما وأنهم كانوا على يقين أنهم وقعوا في يد من لا يرحم. وبعملهم هذا دشنوا في العالم العربي الإسلامي خطة جهادية لم تكن معروفة في المغرب.
وكان حسن الصغير أوّل مقاوم مغربي تناول قرص السم مباشرة بعد اعتقاله. وبذلك كان أوّل عضو في "المنظمة السرية" يستشهد بهذه الطريقة التي لم يكن الإستعمارينتظرها من المغاربة، وذلك حفاظاً على أسرار المقاومة. وقد فارق حسن الصغير الحياة وفي رصيده أكثر من عشرين هجوماً مسلحاً في مدّة لا تتعدى 120 يوماً.
وتلاه أحمد أقلا في 5 مارس 1954 بعد أن ألقى قنبلة يدوية على السلطان المزور بن عرفة في المسجد. وتلاهما محمد الزرقطوني بعد اعتقاله بفعل مكيدة عزيزالسعيدي صهر البشير شجاع الدين. وقد اختار الزرقطوني الموت عن وعي واقتناع وقناعة راسخة لضمان استمرارية المقاومة.
كما استعمل عبد الرحمان الصحراوي نفس الطريقة عندما هم رجال الدرك الفرنسي بإعتقاله رفقة البناي والحاج الهبطي وأحمد الصباغ.
وفي شهر مايو1955 ألقي القبض على الشافعي بن ناجم البرهي، وهو أحد قادة منظمة "الحسنية" وقبل إخضاعه للاستنطاق والتعذيب تناول قرص السم وفارق الحياة بمخفر الشرطة.
وفي يوليو 1955 وضع مصطفى المعاني قرص السم في فمه ولم ينبس بأي كلمة أمام الجلادين في إدارة الأمن.
وكذلك فعل بوشعيب مقدام قبل اعتقاله في غشت 1955 بعد نفاد رصاصه في مواجهة مع الشرطة الإستعمارية في معركة سيدي معروف.
ومن المقاومين الذين اختاروا وضع حد لحياتهم بتناول قرص السم هناك كذلك عيسى بن عيسى بالرباط وفلاّح لم يعرف إسمه ببركان وصفياني بن كروم بأزمور ورحال بن الميلودي بالدارالبيضاء.
وعلى إثر هجوم ضد أحد العملاء في رأس العين في 8 يناير1955 طاردت قوّات الدرك رحال المسكيني والعربي بن الجيلالي السوادي. ألقي القبض على رحال بينما أفرغ العربي الجيلالي السوادي في رأسه آخر رصاصة متبقية في جعبة مسدسه.
أصيب جلطي حميدة بوجدة برصاصة ولكي لا يقع في الأسر شنق نفسه بحبل في شجرة. وبناحية الدارالبيضاء، أحرق عمر بن محمد ضيعات المعمرين وبعد اعتقاله شنق نفسه في الزنزانة. وبعد اتهامه بإضرام النار في مزارع المعمرين بناحية الحاجب شنق موحى أوصالح نفسه وهو رهن الإعتقال، وكذلك فعل الوهابي علي بالزيايدة بعد إلقاء القبض عليه.
أصيب جلطي حميدة بوجدة برصاصة ولكي لا يقع في الأسر شنق نفسه بحبل في شجرة. وبناحية الدارالبيضاء، أحرق عمر بن محمد ضيعات المعمرين وبعد اعتقاله شنق نفسه في الزنزانة. وبعد اتهامه بإضرام النار في مزارع المعمرين بناحية الحاجب شنق موحى أوصالح نفسه وهو رهن الإعتقال، وكذلك فعل الوهابي علي بالزيايدة بعد إلقاء القبض عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق