جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

مغاربة فقدوا حياتهم من أجل التغيير ومن أجل غد أفضل/الشهيد القائد عباس المساعدي

مغاربة فقدوا حياتهم من أجل التغيير
ومن أجل غد أفضل
تقديم:

إن أغلب المقاومين والأغلبية الساحقة لفئات الشعب المغربي تملكتهم الصدمة والشعور بالاحباط والقهر والغربة في بلدهم الذي ناضلوا وضحوا بالغالي والنفيس لإنعتاقه من بؤرة الاستعمار واستقلاله. لأنهم سرعان ما عاينوا أن لا صوت لهم ولا اعتبار بل أصبحوا طريدة للأجهزة الأمنية العلنية منها والسرية واضطهد أولادهم وعائلاتهم وذووهم. وانتشر الاحباط إلى درجة ان هؤلاء المناضلين بدؤوا يفكرون في طريق للخروج من العتمة التي أسقط فيها المغرب ليعيش في ظروف أنكى وأقسى من ظروف أنكى وأقسى من ظروف الإستعمار الفرنسي أو الاسباني.
واعتباراً للقمع والتسلط والاستبداد والرعب وإرهاب الدولة أضحى الكثير من المغاربة يرون في الاستقلال نقمة ويعتبرون أن البلاد عرفت تقهقراً ملحوظاً مقارنة بالماضي.
لذلك فإن النضال أو الكفاح أو المقاومة، كل ذلك ظل ولازال دائماً عملاً مشروعاً مادام هناك طغيان، سواء كان هذا الطغيان أجنبياً أو محلياً. وتضحية المناضلين والمكافحين والمقاومين من أجل قضية عادلة هي التي تعطي المعنى العميق للحياة والوجود والحرية والكرامة الانسانية.
فعلى امتداد عقود عاش المغاربة في نفق مظلم قوامه السجون والمعتقلات السرية والاختطافات والتعذيب والموت البطيء والاغتيالات والقتل والدفن قي أماكن سرية والاغتصاب والقهر الجسدي والقمع المادي والمعنوي والاهانة والدوس على الكرامة الانسانية والصفة الآدمية.
وقد أدى الشعب المغربي الثمن فادحاً في الغلاء بأرواح أبنائه سواء على امتداد مرحلة الحماية والاستعمار أو في سبيل الخبز ومن أجل الحرية وحقوق الانسان والديمقراطية بعد الاستقلال في وقت كانت كمشة تراكم الثروات الفاحشة بدون موجب شرع ولا قانون على حساب أكثر من سبعة ملايين من أبناء هذا الوطن يعانون من وطأة الفقر المدقع.
وإذا كانت حصيلة الشهداء من أجل التغيير وغد أفضل ثقيلة وثقيلة جداً، فلا زال المغاربة ينتظرون هذا التغيير وهذا الغد الأفضل وقد طال انتظارهم.
وإذا كان لابد من الإقرار بحصيلة فإن المعطيات المتوفرة لازالت غير كافية بما يساعد على طرح حصيلة كاملة.
وقصد الاقتراب من الصورة يمكن الاكتفاء ببعض المعطيات التي أضحت واضحة للجميع ولا جدال فيها، ومن ضمنها الشهداء من أجل الاستقلال والاعدامات التي عرفها المغرب في عهد الاستقلال، وشهداء المظاهرات في ستينات وسبعينات وثمانيات القرن الماضي وشهداء المعتقلات السرية ومخافر الشرطة.
إنه لا مناص من جرد الحصيلة حتى نتعرف على الثمن الغالي الذي أداه الشعب المغربي من أجل التغيير وغد أفضل

تحقيق: قائد جيش التحرير عباس المسعدي من يكون؟ حيثيات اغتياله؟ كيف ولماذا؟ من اغتال الشهيد؟

تحقيق: جمال الكتابي و سعيد العمراني
كثر الحديث مؤخرا حول اغتيال الشهيد عباس المساعدي و خاصة بعد صدور الكتاب “عباس المساعدي، الشجرة التي تخفي غابة جيش التحرير…”،  لمؤلفه محمد لخواجة، و إثارة اسمه في مذكرات احرضان، و التهم المتبادلة علانية حول من يقف وراء اغتياله.
و من دواعي الغيرة على ذلك الرجل الكبير و تاريخه الكفاحي و دوره البارز في قيادة جيش التحرير في الشمال الشرقي للمغرب و بحثا عن الحقيقة، أجرينا تحرياتنا حول عائلة الشهيد و تمكنا من الإلتقاء بها  شهر مارس الماضي. و تحدثنا معها مباشرة حول شخصية عباس المساعدي و حيثياث اغتياله كيف؟ و لماذا؟ و من كان وراء اغتال الشهيد؟

عباس المساعدي و الريف

يعد عباس المسعدي من ابرز مؤسسي جيش التحرير و قادتها إلى جانب الصنهاجي و آخرين. قبل التحاقه بالريف كان مناضلا بارزا بالدار البيضاء مما كلفه حريته اذ اعتقل لمدة تفوق 22 يوما سنة 1953 و عذب عذابا اليما من طرف القوات الاستعمرارية الفرنسية.
شجاعته و صموده ابهر جلاديه كما أثار إعجاب و اعتزاز رفاقه لاسيما منهم الشهيد محمد الزرقطوني و ابراهيم الروداني.
غادر عباس الدار البيضاء في اتجاه جبال الريف بعد ان اقتنع بان لا خيار لإيجاد اسراتيجية بديلة لمواجهة المحتل الغاصب تعتمد على حرب تحرير طويلة النفس و ضرورة تنظيم الشعب في الجبال و البوادي لاستنزاف قوات الاحتلال.
قرر عباس الالتحاق بجبال الريف وفلاحيه الفقراء ليستقر نهائيا بين أبناء الريف الكبير، ليربط مصيره بمصيرهم في بناء جيش تحرير
ا لشمال والأطلس المتوسط من أجل إنجاز استقلال حقيقي للمغرب.
عباس جاء تاركا المدينة وماكريها بعد إقصاءه من طرف هؤلاء  من قيادة المقاومة المسلحة بالدار البيضاء مباشرة بعد اغتيال الشهيد الزرقطوني احد ابرز قادة جيش التحرير بالبيضاء.
وصل عباس المساعدي في 5 يوليوز1955 إلى الريف الشرقي حيث وجد هناك رجالا مسلحين شبه منظمين في مجموعات صغيرة لدى اغلبيتم تجربة قتالية مهمة اكتسبوها إبان فترة مقاومتهم  للاستعمار الاسباني بزعامة محمد بن عبد الكريم الخطابي. كما لمس عند أغلبيتهم حساسية كبيرة اتجاه حزب الاستقلال و قيادته التي وقعت اتفاقيات إكاس ليبان ضدا على إرادة جيش التحرير و غالبية الشعب المغربي.
بعد التحاقه بالريف احتك سريعا بالسكان الريفيين وتعلم لغتهم كما شرع في بناء التنظيم على خط الجبهة الممتدة من قبائل أيت يزناسن ،أيت  صغروشن ،أيت وراين  مرورا بالناظور ومثلث الموت مرنيسة ومطالسة. و اتخذ عباس من الناظور المقر المركزي لقيادة جيش التحرير.
فبالإضافة إلى تشنج علاقته عباس المسعدي ببنبركة، فان ديناميته و حركيته المتواصلة و سفرياته المتعددة و التقائه بزعيم الثورة الريفية محمذ بن عبد الكريم الخطابي في القاهرة عجلت إعلان ابتعاده وبالتالي تقديم استقالته من حزب الاستقلال وذلك بالضبط يوم 16 ماي 1956  (وثيقة رسمية).
لعنة المكر هذه  لحقته  وإطالته حتى في الريف من مليشيات تابعة لحزب الاستقلال التي كانت تريد إلحاق  جيش التحرير بالشمال الشرقي بحزب الاستقلال و لو  بالقوة.
عباس رفض ذلك العرض ولو تحت تهديد السلاح معتبرا تلك الجماعة بالكارثة، إذا سيطرت لوحدها على المقاومة ومن ثم السلطة.
و عند تعاظم دوره وشأنه تم تصفية عباس المساعدي في 27 يونيو 1956 ، وهذه المرة ليست من طرف قوات الإحتلال بل من طرف بل بنيران “صديقة” التي نفذت عملية الاغتيال في واضحة النهار. و  للإشارة فان هذا الاغتيال جاء سياق الحملة الواسعة من الاختطافات و الاغتيالات التي شهدها شمال المغرب ككل شهري مايو و يونيو 1956 و التي زج بمناضلين بررة في المعتقل السيئ الذكر “دار بريشة” و التي أشرفت عليها عصابات حزب الاستقلال.

عائلة عباس المساعدي

عباس المساعدي لم يكن يوما “مقطوعا من الشجرة”، كما يظنه الكثيرون، بل كان وراءه رجال أحرار يحبونه و يحبون المغرب 
و المغاربة، و كذا زوجة من طينة ناذرة، تحبه و لازالت تبكي على فقدانها له رغم مرور  58 سنة على اغتياله.
زوجة كغير الزوجات، مخلصة، وفية، صامدة، ثابتة رغم تقدمها في السن. امرأة مجاهدة جربت سجون الاستعمارين الفرنسي و الاسباني. رفضت الزواج بعض اغتيال زوجها الشهيد عباس، و تفرغت طوال حياتها لتربية ابنيها و تكلفت بدراستهما حتى أصبح ابنها خليل (الابن الوحيد لعباس المساعدي) من ابرز المهندسين بالدار البيضاء اليوم.
لا نريد الدخول في تفاصيل العائلة احتراما لحرمتها، لكن ما يهمنا في هذا الموضوع هو كيف تنظر هذه العائلة إلى عباس المساعدي و إلى تاريخه الكفاحي و القتالي و إلى اغتياله و قاتليه؟
يظل عباس المساعدي  الخبز اليومي لعائلته الصغيرة. أم (زوجة عباس) ذكية متعلمة تتحدث على عباس المساعدي بكثير من الفخر و تصفه بأنه “كان خليفة لعبد الكريم الخطابي في الريف”، على حد تعبيرها بكثير من الحسرة. إنها فقدت فيه كل شيء الرجل الإنسان و الزوج و رفيق الكفاح الذي أحب وطنه المغرب و شعبه حب الجنون حتى يوم اغتياله.
ابنه خليل المساعدي، اغتيل أباه و هو طفل صغير جدا لا يتجاوز عمره آنذاك 7 أشهر فقط من عمره. بالرغم من ذلك، فيتبين أن له دراية كبيرة بملف اغتيال أبيه و يعرف عنه كل صغيرة و كبيرة و دون كل شيء في ذاكرته حول أبيه. و جمع أهم الوثائق بما فيها الرسمية (كبيانات جيش التحرير و مراسلات أبيه و وثائقه الشخصية ). ابن ثابث رزين مثقف و حذر يعرف ما يقول و انه لا ينطق عن الهوى.
خليل المساعدي متزوج بامرأة محترمة، يبدو أنها مثقفة جدا تابعت الحوار الذي أجريناه مع العائلة بتأن لم تنطق إلا قليلا، لكنها لم تتدخل في تفاصلي الحوار. لهما ابنين ذكر و أنثى. الولد سماه ب “عباس” وفاء و امتنانا منهما للشهيد عباس المساعدي.
عباس الحفيد شاب يافع ذكي يحترم الضيوف و يخاطبنا ب “عمي”. كان يسمع بهدوء استجوابنا لجدته غيتة و أباه خليل. فخور بانتمائه إلى عائلة المساعدي. شاب حركي كأبناء جيله مهووس بعالم الإعلاميات و دروس الروسية.
حضر اللقاء أيضا أخت خليل من أمه و زوجها بناني اللذان تابعا أطوار  الحوار بحذر و ثبات و كثير من الثقة في النفس.

الجلسة مع العائلة كانت مطولة و دارت حول مختلف حيثيات اغتيال عباس المساعدي.

استقبلتنا عائلة المسعدي بحفاوة كبيرة و احتضنتنا كما أنهم يعرفوننا منذ زمان فبالرغم من الحذر (الذي هو أمر طبيعي في مثل هذه الحالات. و خاصة أنهم عائلة ليست كالعائلات نظرا لانتمائها لرمز من رموز الكفاح الوطني في المغرب)، لكن سرعان ما وضعت فينا ثقتها الكاملة و فتحت لنا صدرها و بدؤوا يتحدثون إلينا بتلقائية مع و ضع النقاط على الحروف طبعا.

شهادة السيدة غيتة المساعدي (زوجة الشهيد عباس المساعدي)

سنقتصر في هذا المقال الأولي/ أو ما يمكن أن نسميه ب”إعلان اللقاء مع عائلة عباس المساعدي”، على رواية غيتة المساعدي/ زوجة الشهيد عباس و شهادتها حول زوجها و كيف عاش وكيف تم تصفيته و من هم المتهمون؟
غيتة من مواليد  فاس و أباها كان عالما في القروين، و مقاوما حرا، و أجدادها من مدينة الشاون (من بينهم الكورونيل علوش الذي تم تصفيته إبان أحداث الصخيرات سنة 1971).
تحكي غيتة بان زوجها كان مطاردا من طرف السلطات الاستعمارية الفرنسية و سبق أن تم اعتقاله  عدة مرات من طرف السلطات الاستعمارية. مما جعله يتوجه إلى الريف ليتخندق في جبالها الشامخة و يعيش بين أبنائها، بعد أن احتضنه أبناء الشمال بصدر رحب. فبعد تركيست و  تطوان استقر عباس المسعدي سرا بالناضور و نواحيها. كان يتقن اللغة الريفية و يخاطب المقاتلين بالريفية و هو من أصول سوسية.
وجد عباس ضالته في الريف لتنظيم المقاومين هناك. و بغية الحاق غيتة بزوجها (عباس)، أرسل لها هذا الأخير مقاومة  اسمها “فاطمة التاغزوتية” إلى فاس و في خضم رحلتهما الصعبة  إلى الشمال عبر جبال الريف اعتقلتهما السلطات الفرنسية وقضتا (غيتة و المقاومة فاطمة التاغزوتية) شهرين في سجون  الاحتلال وبصمودهما جعلتهما تنجوان من حكم كان قد يكون قاسيا.
كانت غيتة المساعدي تحمل اسما حركيا و هو “خديجة” و كذبت على المحققين مصرحة لهم بأنها كانت مجرد خادمة عند عائلة في فاس (تقصد عائلتها). و ا ن أهل فاس كثيرا ما يغيرون أسماء شاغلتهم. مما جعلتهما تخرجان من السجن بالبراءة دون أن يتنبه الجيش الفرنسي أن غيتة كانت هي الزوجة الشرعية لقائد جيش التحرير بالشمال عباس المسعدي.
و بعد خروجهما واصلا طريقهما إلى تاركيست (مقر سكنى عباس آنذاك)، لكن تم توقيفهما مرة أخرى  من طرف السلطات الاستعمارية الاسبانية عند الحدود الفرنسية الاسبانية (الحدود التي رسمها المستعمرين الاسباني و الفرنسي في المغرب) لكن هذه المرة لم يقضيا إلا ليلة واحدة  لدى السلطات الاسبانية و أطلقت سراحهما بعد تدخل احد المقاومين له صلة مع عباس على حد تعبيرها.
أخيرا غيته تمكنت هذه المرة من التقاء زوجها، بطل جيش التحرير في تاركيست (و بكت كثيرا بفرحة لقاء زوجها. فرح الممزوج بالخوف من جراء المصير المجهول الذي كان  ينتظرهما).
عباس أخد زوجته إلى تطوان و بعد أيام قليلة عاد إلى الريف الأوسط و بالضبط في مدينة الناضور للاستقرار هناك في بيت سري جدا، بعيدا على أعين السلطات الاستعمارية الاسبانية و العملاء.
غيتة تحكى كيف كان تساعد زوجها و أعضاء جيش التحرير و كانت إلى جانب نساء ريفيات أخريات تحضرن بسرية الخبز و المأكل لعشرات المقاتلين من جيش التحرير.
تروي غيتة قصة الباخرة “دينا” التي أفرغت سلاحها يوما في شواطئ الناضور و كان جزءا من ذلك السلاح مخبأ في المنزل الذي تقطنه.

شخصية عباس المساعدي

تصف غيتة زوجها بأنه كان طويل القامة قوي الشخصية شديد الصرامة مع خصومه كثير الحركة و السفر.
تحدثت على خطاباته القوية الموجهة لأعضاء جيش التحرير و قدرته الفائقة على التأقلم مع المتغيرات السياسية و التنظيمية. كما تحدثت عن سفرياته و خاصة سفره إلى مصر و التقائه بمحمد بن عبد الكريم الخطابي و بصراعه المعلن و العلني مع المهدي بن بركة.

العلاقة ببن بركة

تصف علاقة عباس بالمهدي بالمتوترة جدا. فذات يوم فعباس انزل المهدي من منصة في اكنول عندما كان يخاطب أعضاء  جيش التحرير وخاصة بعد أن  أراد أن يربط في خطابه جيش التحرير بحزب الاستقلال. بل و صل به الامر إلى توجيهه صفعة   للمهدي أمام الملا.
كما سبق لعباس أن اعتقل المهدي. و تم الإفراج عنه بعد تدخل بعض قادة حزب الاستقلال. كما تحدثت على طرد المهدي بن بركة من اجتماع انعقد بمدريد أمام أعين علال الفاسي، معتبرا “أن المهدي كان ضد المقاومة المسلحة و لا علاقة له بجيش التحرير”.

عباس المساعدي و السرية

من خلال البحث الذي اجريناه يتضح بان محمد المسعدي (اسمه الحقيقي)، كان يحمل عدة اسماء حركية و عدة بطائق هوية و جوزات سفر و هذا ان دل على شيء فإنما يدل على ان محمد المسعدي (عباس) كانت شخصية عالمية و يتمتع بعلاقات مهمة في الداخل و الخارج، بحيث كان يتحرك بسبعة اسماء اهمها: محمد بن عبد الله و محمد بنطاهر، و حسين بنعلي، و عبد الواهب الصفريوي…، كما كان يمتلك ثلاثة جوازات سفر مختلفة من بينها جواز السفر الذي استلمه من مصر و الاخر من يوغسلافيا تيتو … و زار عدة دول كالجزائر و تونس و مصر و اسبانيا و ايطاليا… 

لقاء عباس المساعدي بعبد الكريم الخطابي

عباس المسعدي زار القاهرة و التقى بالقائد و الأب الروحي للثورة الريفية محمد بن عبد الكريم الخطابي و وقف عبد الكريم لتحية عباس و قال لعباس “كيف لا أقف لأحيي خليفتي في الريف” على حد تعبير غيتة الزوجة.

السلاح

تتذكر السيدة غيتا إن السلاح كان يأتي إلى جيش التحرير من مصر بحرا و شيكوسلوفاكيا (عبر روما). تحدت غيتا عن باخرة “دينا” المملوءة بالسلاح التي قدمت  من مصر و التي أفرغت حمولتها بشواطئ الناضور. أما الباخرة الثانية فتم إلقاء القبض عليها و حجزها من طرف السلطات الاستعمارية الفرنسية بالجزائر و هنا تتهم العائلة مباشرة احد قادة حزب الاستقلال بإخبار السلطات الفرنسية بالموضوع.

حكاية الباخرة الثانية

بالنسبة لغيتا المساعدي بان كل شيء تغير بعد التقاء عباس المساعدي بعبد الكريم الخطابي بالقاهرة. فمنذ ذلك التاريخ رفض المصريون تسليم المساعدات لعلال الفاسي، و قرروا التعامل مباشرة مع عباس المساعدي، مما دفع بعض الاستقلاليين و تذكر اسم “بلافريج” بالاتصال بالسلطات الفرنسية لإخبارها بقدوم الباخرة الثانية المحمولة بالسلاح من مصر، مما أدى إلى احتجاز الباخرة المصرية و طاقمها المصري عند عبورها للشواطئ الجزائرية.
تحدث غيتا عن اجتماعات جيش التحرير وحزب الاستقلال كانت دائما تنتهي بالتشنج و انعدام الثقة. فمثلا في تجمع اكنول عباس سيطرد المهدي بن بركة و تكرر نفس الأمر في اجتماع بمدريد.

حول اغتيال عباس المساعدي

تعترف غيتا المسعدي أن اغتيال المساعدي جاء في إطار الأجواء المشحونة التي صاحبت “استقلال المغرب”. كما تعترف بأنه كان هناك تحريض معلن من طرف بعض قادة حزب الاستقلال ضده. فمثلا تقول بان يوما كان لعباس المسعدي لقاءا مع الملك محمد الخامس في قصره. لكن قبل وصوله سبقه علال الفاسي وحذر الملك من عباس و قال له “رد بالك من عباس انه جمهوري”. و عند عودته إلى المنزل قال عباس لزوجته” أتعرفين ما قاله بولحية (يقصد علال الفاسي) لبطربوش (يقصد محمد الخامس)؟
قالت له ماذا؟
قال لها بان في لقائه مع محمد الخامس قال له هذا الأخير بان علال الفاسي  حذره منه و قال له “رد بالك من عباس، انه جمهوري”.
بالنسبة لعائلة عباس بان ليس هناك أدنى شك بان عباس المساعدي تم تصفيته من طرف بعض قادة حزب الاستقلال و تستند إلى عدة معطيات أبرزها العلاقة المتوترة جدا بين المهدي بن بركة و عباس المساعدي. بل تقول بان المهدي و من معه (تذكرهم بعضهم بالاسم) هم من خططوا مؤامرة الاغتيال من ألفها إلى يائها.
و تقول العائلة بان المسمى الغزاوي (مدير الأمن لدى المهدى بن بركة هو الذي أعطى أوامر تصفية عباس المساعدي).

قبر عباس المساعدي

عباس المسعدي تم دفنه في المرة الأولى في فاس، و بعدها تم إعادة دفنه من طرف أعضاء جيش التحرير (دون إخبار السلطات) في اكنول و قبره يوجد إلى يومنا هذا في اكنول بالريف.
خلاصة أولية
يمكن اعتبار ملف الشهيد عباس المسعدي من اخطر ملفات الاغتيال السياسي بالمغرب ويعد ملفا ملغوما وخطيرا بكل ما تعني الكلمة من معنى، يصعب الوصول لخلاصات حاسمة بالسهولة المطلوبة. و هذا ما يتطلب تعاملا حذرا مع الموضوع و العمل على جمع كل المعطيات و الشهادات. نعتبر أن شهادة العائلة ليست مهمة فحسب بل ضرورية و حاسمة في العديد من جوانب الملف، لكن لا يمكن أن نعرف الحقيقة الكاملة حول جريمة اغتيال عباس المسعدي، إلا بعد أن يتكلم القتلة الأحياء منهم و الموتى و رفع الدولة يدها عن سرية الملف.
إن الدولة تعرف كل الأسرار فهي التي تبقى عاجزة إلى يومنا هذا أن تصرح بأسماء القتلة و من يقف ورائهم و تقديم الأحياء منهم إلى العدالة لترتاح العائلة و نرتاح معها نحن جميعا.
العائلة متيقنة من أن القتلة هم بعض قادة حزب الاستقلال و من خلالهم كل من كان لهم مصلحة في تصفية جيش التحرير.
الحسن الثاني (ولي العهد آنذاك)  تعاظمت نفوذه .  يصعب تحديد دوره في ذلك الاغتيال/الجريمة، لكن حضوره كان لافتا إبان فترات التحقيق و الإفراج عن القتلة بل علاقته مع أستاذه المهدي بن بركة كانت عظيمة آنذاك.
هل كان في على علم بخطة اغتيال الشهيد المسعدي؟ سؤال يحير العائلة لكنها متأكدة بان الحسن الثاني كان يعرف كل شيء حول الحدث المؤلم و لم يقم بأي شيء لمعاقبة القتلة؟؟؟؟؟
هذا السؤال يبقى مفتوحا و لا جواب عند العائلة حول الموضوع….
العائلة ظلت صامتة إلى يوم زيارتنا. فبعد التقائنا بها، خرج خليل المسعدي لأول مرة عن صمته و أجرى حوارا مطولا مع جريدة المساء. كرر فيه نفس الحقائق التي عبر عنها إبان لقائنا.
الموضوع يستحق أكثر من مقال و يتطلب بحثا دقيقا مفصلا و استجماع كل المعطيات و الشهادات الممكنة و خاصة من الذين عاشروا و عايشوا عباس.
الزعيم اليساري بنسعيد ايت يدر الذي يحترمه العديد من المغاربة إلى يومنا هذا (و الذي نكن له كل الاحترام و التقدير)، متهم اليوم علانية من طرف عائلة المسعدي بالتورط في اغتيال عباس المساعدى. نعتقد انه أنه الأوان لكي يدلي هذا الرجل بشهادته كاملة حول الموضوع و بكل تفاصيلها و يفصح عن كل ما يعرفه حول هذا الملف بعيدا عن “قوالب السياسة”، لكي لا يدينه التاريخ و يسيء لنفسه و يسقط من عيون الكثيرين، و خاصة أن الرجل متهم اليوم ليس من طرف احرضان  بل من طرف عائلة الشهيد نفسها.
و فيما يخص هذا الأخير (احرضان)، فعائلة المسعدي تنفي أن يكون لهذا الرجل أي دور في جيش التحرىر و أما الخطيب فقصة أخرى…..
و لنا عودة الى الموضوع……

تحقيق و تحرير: سعيد العمراني و جمال الكتابي
*****************

أرملة المساعدي: بعد اختطاف عبّاس جاء رجال المخزن يبحثون في منزلنا بالنّاظور


سليمان الريسوني 
عن موقع ناظور سيتي

بعد حوالي 60 سنة على الوفاة الغامضة لعباس المساعدي، تحكي أرملته السيدة غيثة علوش، على كرسي الاعتراف، تفاصيل لقائها، وهي مراهقة فاسية متعلمة، في السادسة عشرة من عمرها، برجل شق لنفسه طريق الكفاح بالسلاح. 

على كرسي الاعتراف تُقِر السيدة غيثة علوش بأنها عاشت رفقة عباس المساعدي في الريف، داخل منزل مليء بأنواع من الأسلحة والمتفجرات، وتعترف بالطريقة التي كان زوجها يتخلص بها من الخونة، وتتذكر خلافات المساعدي مع المهدي بنبركة وعلال الفاسي، وعلاقته القوية بالأمير الخطابي ومحمد الخامس. 

- ما حقيقة أن عباس المساعدي لكَم المهدي بنبركة وبصق في وجهه أمام الملإ؟ 
بعد الاستقلال بمدة قصيرة، جاء علال الفاسي ومعه المهدي بنبركة إلى الريف، وهناك صورة يعانق فيها علال الفاسي السي عباس بحرارة. خلال تلك الزيارة، صعد بنبركة فوق المنصة وشرع يخطب في الناس بعربية فصيحة، وهم لا يفهمونه، قائلا: «جيش التحرير من حزب الاستقلال وإليه»، وقد أثار هذا الأمر حفيظة السي عباس و"طلعت لو الصحراوية للراس"، فصعد إلى المنصة.. 

- لماذا أثار كلام المهدي بنبركة استياء عباس المساعدي؟ 
< لأن حزب الاستقلال كان ضد الكفاح المسلح، وعندما حصل المغرب على استقلاله بفضل من استشهدوا دفاعا عن الوطن، جاءت قيادة هذا الحزب وأرادت أن تركب على ما حققه جيش التحرير وتنسب إلى نفسها نصرا لا علاقة لها به. 

- ما الذي فعله عباس المساعدي حين صعد إلى المنصة والمهدي بنبركة يلقي خطابه؟ 
صفعه أمام الحاضرين ودفعه حتى أنزله من المنصة.. فالسي عباس، رحمه الله، لم يكن يعرف سبيلا إلى حيل ومراوغات السياسيين ولم يكن يطيقها، فقد كان رجل مقاومة ومعارك ميدانية. وبعدما أنزل بنبركة من المنصة، أمسك السي عباس الميكروفون وقال: «جيش التحرير حر، والناس ديالو أحرار، وما عندهوم انتماء لحتى شي حزب». وأمام ذلك، ركب المهدي بنبركة وعلال الفاسي ومن معهما السيارة وأقفلوا عائدين من حيث جاؤوا. 

- هل صحيح أن عباس المساعدي حاول قتل المهدي بنبركة، لكنه وجد من يحد من انفعاله ويمنعه من فعل ذلك؟ 
لا، هذا غير صحيح؛ فعندما انطلق بنبركة وعلال الفاسي بالسيارة، اقترح عبد الله الصنهاجي على السي عباس أن يلحقا بهما ليقتلاهما فرفض السي عباس الفكرة من أساسها. وعندما تناهى هذا الأمر إلى علم محمد بن عبد الكريم الخطابي، الذي كان حينها في منفاه بمصر، علق قائلا: «ملي المساعدي ما قتلشي بنبركة فإن هذا الأخير سيقتله»، وقد كان على صواب، لأن الصراع احتد بين رأسين، فكان على أحدهما أن يصفي الآخر. 

- من أخبرك بهذا الكلام المنسوب إلى محمد بن عبد الكريم الخطابي؟ 
سمعته من أكثر من مصدر نقلا عن بن عبد الكريم. 

- ما الذي حكاه لك زوجك عباس المساعدي يومها عن هذا الخلاف مع المهدي بنبركة وقادة حزب الاستقلال؟ 
حكى لي تفاصيل ما حدث، وقال إن بنبركة رجل شرير وسارق هو وعلال الفاسي وغيرهم من قادة الاستقلال، يستولون على أموال الأرامل وبيوت من ماتوا في المقاومة، بدعوى أنهم يفعلون ذلك دعما للحزب، ولذلك فهؤلاء (قادة حزب الاستقلال) حين ماتوا تركوا خلفهم الأملاك والأموال، أما السي عباس، فكما قالت عنه والدتي -بعد استشهاده- لمحمد الخامس عندما استقبلنا في القصر: «سيد العباس ملي مات ما خلاش حتى الملحة فالطنجية»، فأجابها محمد الخامس «كنعرف هاذ الشي، كنعرفو». وفعلا، فبعد اختطاف السي عباس، جاء رجال المخزن يبحثون في البيت الذي كنا فيه بالناظور عما إذا كان هناك سلاح أو مال أو شيء ذو قيمة فلم يجدوا حتى الملح. 

- هل كانت زيارة المهدي بنبركة وعلال الفاسي، تلك، للريف آخر زيارة لهما لهذه المنطقة أم إنهما عادا إليها بعد ذلك؟ 
بعدها بفترة قصيرة كان السي عباس متجها للقاء محمد الخامس؛ وعندما قطع نصف المسافة من الريف إلى الرباط انتبه إلى أنه نسي أن يحمل معه شيئا، لم أعد أتذكره بالتحديد، فأقفل عائدا إلى الريف؛ وفي مركز أكنول بالتمام، عثر على المهدي بنبركة وبرفقته الفقيه البصري ومحمد بنسعيد آيت يدر، فاستشاط السي عباس غيظا بسبب وجودهم في منطقة تابعة لجيش التحرير، وعرف أنهم يحاولون بث الفرقة والشقاق بين المقاومين، فانتزع بندقية من كتف أحد المجاهدين وهمّ بتصويبها نحو بنبركة ومن معه لولا أن تدخل بعض المجاهدين واستعطفوه أن يعفو عنهم، ففعل. بعدها مباشرة، اجتمعت قيادة حزب الاستقلال وقررت تصفية السي عباس وهو ما وفت به. 

- ما حقيقة ما يروج عن حزب الاستقلال من أنه كان يحاول بث الفرقة بين محمد الخامس وجيش التحرير؟ 
حينما عاد السلطان محمد الخامس من منفاه حذّره علال الفاسي من عباس المساعدي، قائلا: المساعدي هذا من دعاة الجمهورية، وقد اتفق مع جمال عبد الناصر على أن يقلب نظام الحكم في المغرب ويحوله إلى نظام جمهوري، وما إلى ذلك من أكاذيب وتلفيقات. وحينما علم السي عباس بذلك الأمر جاءني وقال لي بالحرف: «وسمع شنو قال عمك بو طريبيش عليّ لمحمد الخامس»، لقد كان السي عباس يصف علال الفاسي إما بـ»بو طريبيش» أو بـ»بو كديديمة» (نسبة إلى شكل لحيته. 

- من أخبر عباس المساعدي بذلك الأمر؟ 

بلغه من جهة ما، وقد أكده له محمد الخامس عندما زاره السي عباس وقدم إليه استقالته من قيادة جيش التحرير، لكن موقف السلطان كان واضحا، فقد رفض استقالة السي عباس وبالمقابل سلمه دعما لجيش التحرير قدر بـ30 مليونا، وهو مبلغ مهم حينها، ثم قال له: «جيش التحرير هو اللي كنخوف به حزب الاستقلال».










أرملة أحد شخصيات الجنوب الشرقي، عباس ‬المساعدي: أحرضان قال لابني »المُوتْ ديال باك داخل فيها حتى القصر»

عن موقع دادس انفو
قالت ‬إن ‬الحسن ‬الثاني ‬بعث ‬إليها ‬أربعة ‬رجال ‬لتختار ‬منهم ‬زوجا ‬لها
سليمان الريسوني – المساء
بعد ‬حوالي ‬60 ‬سنة ‬على ‬الوفاة ‬الغامضة ‬لعباس ‬المساعدي، ‬تحكي ‬أرملته ‬السيدة ‬غيثة ‬علوش، ‬على كرسي ‬الاعتراف، ‬تفاصيل ‬لقائها، ‬وهي ‬مراهقة ‬فاسية ‬متعلمة، ‬في ‬السادسة ‬عشرة ‬من ‬عمرها، ‬برجل ‬شق ‬لنفسه ‬طريق ‬الكفاح ‬بالسلاح.‬
في ‬اكرسي ‬الاعترافب، ‬تحكي ‬السيدة ‬غيثة ‬كيف ‬أن ‬حياتها، ‬بعد ‬شهر ‬من ‬الاقتران ‬بالمساعدي، ‬تحولت ‬إلى ‬متاهة ‬مليئة ‬بالأسرار ‬والألغاز، ‬فأصبحت ‬تتقمص ‬شخصية ‬غير ‬شخصيتها ‬وتقطع ‬القفار ‬والأنهار ‬لاجتياز ‬الحدود ‬بين ‬المنطقة ‬االفرنسيةب ‬والمنطقة ‬االإسبانيةب، ‬وكيف ‬اعتقلت ‬في ‬إسطبل.‬
على كرسي ‬الاعتراف ‬تُقِر ‬السيدة ‬غيثة ‬علوش ‬بأنها ‬عاشت ‬رفقة ‬عباس ‬المساعدي ‬في ‬الريف، ‬داخل ‬منزل ‬مليء ‬بأنواع ‬من ‬الأسلحة ‬والمتفجرات. ‬وتعترف ‬بالطريقة ‬التي ‬كان ‬زوجها ‬يتخلص ‬بها ‬من ‬الخونة، ‬وتتذكر ‬خلافات ‬المساعدي ‬مع ‬المهدي ‬بنبركة ‬وعلال ‬الفاسي، ‬وعلاقته ‬القوية ‬بالأمير ‬الخطابي ‬ومحمد ‬الخامس. ‬
في ‬اكرسي ‬الاعترافب، ‬تحكي ‬السيدة ‬غيثة ‬كيف ‬جاء ‬الحسن ‬الثاني ‬يطرق ‬بابها، ‬بعد ‬اختطاف ‬زوجها ‬واغتياله، ‬ليقول ‬لها: ‬اما ‬غادي ‬نزوّل ‬هاد ‬القميجة ‬من ‬على ‬ظهري ‬حتى ‬نلقا ‬خويا ‬عباس، ‬وكيف ‬حاول ‬لاحقا ‬تزويجها ‬من ‬مسؤول ‬داخل ‬القصر. ‬وتنفي ‬أن ‬يكون ‬أحرضان ‬مقاوما، ‬وأن ‬الخطيب ‬كان ‬يبالغ ‬ولا ‬يقول ‬الحقيقة ‬كاملة.‬
– ‬كيف ‬استمرت ‬علاقتك ‬بعائلة ‬زوجك ‬الراحل ‬عباس ‬المساعدي ‬بعد ‬اغتياله ‬في ‬27 ‬يونيو ‬1956؟ ‬
‬كانت ‬علاقة ‬طيبة، ‬لكنها ‬مافتئت ‬أن ‬فترت ‬مع ‬مرور ‬الوقت.‬
- ‬من ‬بقي ‬من ‬عائلة ‬عباس ‬المساعدي ‬في ‬مسقط ‬رأسه ‬بزاوية ‬آيت ‬سيدي ‬مساعد ‬بتازرين (‬إقليم ‬زاكورة)‬؟
‬بقيت ‬هناك ‬أختاه ‬رابحة ‬وفاطمة ‬وأبناء ‬عمومته، ‬أما ‬والدته ‬وأخته ‬الصغرى، ‬عائشة، ‬فكانتا ‬تقيمان ‬بمنطقة ‬مولاي ‬بوعزة. ‬لكن، ‬عموما، ‬ظلت ‬هناك ‬علاقة ‬طيبة ‬بيني ‬وبين ‬أبناء ‬عم ‬السي ‬عباس ‬الذين ‬كانوا ‬يزورونني ‬في ‬الدار ‬البيضاء ‬من ‬حين ‬إلى ‬آخر..‬
-‬ ‬كيف ‬أصبحت ‬علاقتك ‬بقيادة ‬جيش ‬التحرير ‬بعد ‬استقرارك ‬رفقة ‬ابنك ‬خليل ‬في ‬الدار ‬البيضاء؟
‬في ‬البداية، ‬لم ‬تبق ‬لدي ‬أية ‬علاقة ‬تذكر ‬بجيش ‬التحرير.. ‬وقد ‬كان ‬تخوفي ‬كبيرا، ‬عندما ‬استقر ‬بي ‬المقام ‬في ‬الدار ‬البيضاء، ‬من ‬أن ‬تطال ‬يد ‬الغدر ‬ابني ‬خليل؛ ‬لذلك ‬حرصت ‬على ‬إقامة ‬حياة ‬بعيدة ‬عن ‬محيط ‬السي ‬عباس، ‬رحمه ‬الله، ‬لأنني ‬عندما ‬كنت ‬لاأزال ‬في ‬فاس، ‬عقب ‬اغتيال ‬السي ‬عباس، ‬طرق ‬بابي ‬بعض ‬الأشخاص، ‬وعندما ‬فتحت ‬الباب ‬وجدت ‬جماعة ‬من ‬الناس ‬يسألونني: ‬هل ‬أنت ‬زوجة ‬السي ‬عباس، ‬أجبت: ‬نعم، ‬فقالوا: ‬‮«‬بغينا ‬نهدرو ‬معاك‮»‬، ‬فدفعت ‬باب ‬المنزل ‬بقوة ‬وأنا ‬أصيح ‬بهستيريا: ‬‮«‬سيرو ‬بحالكم.. ‬سيرو ‬بحالكم‮»‬، ‬ثم ‬ناديت ‬على ‬الحارس ‬الحسين، ‬الذي ‬كان ‬السي ‬عباس ‬قد ‬عينه ‬لحراسة ‬المنزل ‬والذي ‬بقي ‬معي ‬إلى ‬أن ‬رحلت ‬إلى ‬الدار ‬البيضاء، ‬حيث ‬انضم ‬إلى ‬الجيش ‬الملكي، ‬لكي ‬يصرف ‬الطارقين.. ‬
-‬ ‬ألم ‬تتعرفي ‬إلى ‬هؤلاء ‬الذين ‬جاؤوا ‬يطرقون ‬باب ‬منزلك؟
‬نعم، ‬تعرفت ‬إليهم.. ‬كانوا ‬من ‬أولئك ‬الذين ‬يسعون ‬إلى ‬الاستيلاء ‬على ‬بعض ‬تذكارات ‬زوجي ‬السي ‬عباس؛ ‬فذات ‬مرة، ‬جاءني ‬أحدهم ‬وطلب ‬مني ‬أن ‬أسلمه ‬خنجر ‬السي ‬عباس، ‬فأجبته: ‬‮«‬علاش ‬أنا ‬ما ‬عجبتكش.. ‬ولدو ‬ما ‬عجبكش ‬يحتفظ ‬بتذكار ‬ديال ‬بّاه؟‮»‬.‬
- ‬من ‬زارك ‬من ‬أعضاء ‬حزب ‬الاستقلال ‬بعد ‬اغتيال ‬عباس ‬المساعدي؟
‬لا ‬أحد ‬عزّاني ‬أو ‬اتصل ‬بي ‬للاطمئنان ‬أو ‬السؤال ‬عني ‬من ‬الأحزاب.‬
- ‬من ‬هم ‬الذين ‬أخبروك ‬بأن ‬المهدي ‬بنبركة ‬هو ‬من ‬أعطى ‬أوامره ‬باختطاف ‬واغتيال ‬عباس ‬المساعدي؟
‬أنا ‬كنت ‬أعرف ‬أن ‬من ‬له ‬المصلحة ‬في ‬التخلص ‬من ‬السي ‬عباس ‬هو..‬
– ‬دعينا ‬من ‬معرفتك ‬المسبقة، ‬أنا ‬أسألك ‬تحديدا ‬عمن ‬جاء ‬يخبرك، ‬بعد ‬اغتيال ‬زوجك ‬عباس ‬المساعدي، ‬بتفاصيل ‬ما ‬عن ‬كون ‬المهدي ‬بنبركة ‬هو ‬من ‬أصدر ‬أوامره ‬إلى ‬فلان.. ‬وغير ‬ذلك ‬من ‬التفاصيل؟
‬كثيرون ‬هم ‬من ‬جاؤوا ‬يخبرونني ‬بذلك..‬
– ‬مثل ‬من؟
‬مثل ‬الخطيب ‬وأحرضان ‬وكثيرون ‬غيرهما.‬
-‬ ‬ألم ‬يقل ‬لك ‬الأمير ‬مولاي ‬الحسن (‬الحسن ‬الثاني) ‬أو ‬والده ‬محمد ‬الخامس ‬هذا ‬الأمر، ‬لدى ‬لقائك ‬بهما؟
‬لا، ‬لم ‬يحصل ‬ذلك.‬
- ‬ألم ‬تحسي ‬يوما ‬بأن ‬اتهام ‬المهدي ‬بنبركة ‬من ‬طرف ‬بعض ‬القادة ‬السياسيين ‬كان ‬مجرد ‬تصفية ‬حسابات ‬مع ‬بنبركة ‬وحزب ‬الاستقلال؟
‬أحرضان ‬بقي ‬يتهم ‬المهدي ‬بنبركة ‬وعلال ‬الفاسي ‬وحزب ‬الاستقلال ‬بالوقوف ‬وراء ‬اغتيال ‬السي ‬عباس؛ ‬وذات ‬يوم ‬زاره ‬ابني ‬خليل، ‬وصادف ‬ذلك ‬أن ‬‮«‬القصر ‬كان ‬ساخط ‬عليه‮»‬، ‬فقال ‬أحرضان ‬لابني ‬خليل: ‬‮«‬شفتي ‬الموت ‬ديال ‬باك ‬راه ‬داخل ‬فيها ‬حتى ‬القصر‮»‬، ‬فجاء ‬ابني ‬خليل ‬يحكي ‬لي ‬ما ‬صرح ‬له ‬به ‬أحرضان ‬فأجبته: ‬‮«‬كاع ‬لا ‬تدِّيها ‬فيه.. ‬هذاك ‬غير ‬صاحب ‬حاجتو‮»‬.‬
– ‬لقد ‬سبق ‬لابنكِ ‬خليل ‬أن ‬حكى ‬لي ‬أن ‬الحسن ‬الثاني ‬كان ‬يسعى ‬إلى ‬تزويجك ‬من ‬أحد ‬المقربين ‬إليه ‬من ‬العاملين ‬في ‬القصر ‬الملكي؛ ‬ما ‬حقيقة ‬ذلك؟
‬ذات ‬مرة، ‬علمت ‬بأن ‬الحسن ‬الثاني ‬سيكون ‬حاضرا ‬في ‬نشاط ‬بمسرح ‬محمد ‬الخامس ‬بالرباط، ‬فذهبت ‬إلى ‬هناك؛ ‬وعندما ‬كان ‬يهم ‬بمغادرة ‬المسرح، ‬قصدت ‬سائقه ‬وسائق ‬والده ‬محمد ‬الخامس، ‬السي ‬عبد ‬الله ‬الناجي، ‬وطلبت ‬منه ‬أن ‬يقدمني ‬إليه، ‬وبالفعل ‬ذهب ‬إليه ‬وقال ‬له: ‬‮«‬نعام ‬أ ‬سيدي ‬مرات ‬السي ‬عباس ‬المساعدي ‬بغات ‬تشوفك‮»‬، ‬وهنا ‬سلمت ‬عليه ‬يدا ‬بيد، ‬فنادى ‬على ‬سائقه ‬وقال ‬له: ‬‮«‬أجي ‬أ ‬بّا ‬عبد ‬الله ‬ديها ‬معاك ‬لدارك، ‬عند ‬مراتك، ‬حتى ‬نكون ‬فارغ ‬وتدخل ‬عندي ‬نشوفها ‬آشنو ‬بغات‮»‬، ‬فأجبته: ‬‮«‬بارك ‬الله ‬فيك ‬أ ‬سيدي ‬الله ‬يبارك ‬فعمرك‮»‬. ‬واتفق ‬معي ‬السي ‬عبد ‬الله (‬السائق) ‬على ‬أن ‬آتي ‬إلى ‬منزله ‬في ‬اليوم ‬الموالي ‬أو ‬بعد ‬يومين، ‬ثم ‬دلَّني ‬على ‬محل ‬سكنى ‬أسرته ‬الذي ‬كان ‬غير ‬بعيد ‬عن ‬القصر ‬الملكي ‬بالتواركة. ‬وفعلا ‬زرته، ‬وكانت ‬تلك ‬الزيارة ‬سببا ‬في ‬نشوء ‬علاقة ‬طيبة ‬بيني ‬وبين ‬زوجته ‬للا ‬فاطمة ‬آيت ‬صالح، ‬وباقي ‬أفراد ‬أسرته، ‬وهي ‬صداقة ‬مازالت ‬قائمة ‬حتى
‬اليوم.‬
-‬ ‬ما ‬الذي ‬حدث ‬بعدها؟
‬بقيت ‬في ‬منزل ‬السي ‬عبد ‬الله ‬الناجي، ‬رفقة ‬زوجته ‬وأبنائه ‬‮«‬اليوم ‬غادي ‬يعيط ‬لي.. ‬غدا ‬غادي ‬يعيط ‬لي‮»‬ ‬حتى ‬كانت ‬ليلة ‬عيد ‬الأضحى، ‬حيث ‬طلبت ‬من ‬السي ‬عبد ‬الله ‬الناجي ‬أن ‬يخبر ‬مولاي ‬الحسن ‬بأنني ‬اشتقت ‬إلى ‬ابني ‬الذي ‬كنت ‬قد ‬تركته ‬رفقة ‬أهلي ‬في ‬فاس، ‬وأضفت: ‬‮«‬قلْ ‬لُو ‬يعطيني ‬شي ‬حاجة ‬باش ‬ندوز ‬العيد.. ‬را ‬بغيت ‬نمشي ‬بحالي‮»‬، ‬وعندما ‬أخبره ‬السي ‬عبد ‬الله ‬بذلك، ‬أجابه ‬مولاي ‬الحسن: ‬‮«‬حتى ‬لغدا.. ‬حتى ‬لغدا‮»‬. ‬وفي ‬المساء ‬كنت ‬أجلس ‬رفقة ‬للا ‬فاطمة، ‬زوجة ‬السي ‬عبد ‬الله، ‬وأمها ‬للا ‬مينة ‬‮«‬فرحانين.. ‬ناشطين‮»‬، ‬فدخل ‬السي ‬عبد ‬الله ‬ومعه ‬أربعة ‬رجال، ‬وعندما ‬سألَته ‬زوجتُه ‬من ‬يكونون، ‬توجه ‬إليّ ‬أنا ‬قائلا: ‬هادو ‬صيفطهم ‬سميت ‬سيدي (‬الحسن ‬الثاني) ‬بغاو ‬يشوفوك ‬أ ‬للا ‬غيثة، ‬باش ‬واحد ‬فيهم ‬يتزوج ‬بيك‮»‬.
.‬

هناك تعليق واحد:

  1. قبر الشهيد عباس المساعدي يوجد بأجدير وليس بأكنوا

    ردحذف

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *