جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

مغاربة فقدوا حياتهم من أجل التغيير ومن أجل غد أفضل/سبعينيات القرن الماضي

مغاربة فقدوا حياتهم من أجل التغيير
ومن أجل غد أفضل
تقديم:

إن أغلب المقاومين والأغلبية الساحقة لفئات الشعب المغربي تملكتهم الصدمة والشعور بالاحباط والقهر والغربة في بلدهم الذي ناضلوا وضحوا بالغالي والنفيس لإنعتاقه من بؤرة الاستعمار واستقلاله. لأنهم سرعان ما عاينوا أن لا صوت لهم ولا اعتبار بل أصبحوا طريدة للأجهزة الأمنية العلنية منها والسرية واضطهد أولادهم وعائلاتهم وذووهم. وانتشر الاحباط إلى درجة ان هؤلاء المناضلين بدؤوا يفكرون في طريق للخروج من العتمة التي أسقط فيها المغرب ليعيش في ظروف أنكى وأقسى من ظروف أنكى وأقسى من ظروف الإستعمار الفرنسي أو الاسباني.
واعتباراً للقمع والتسلط والاستبداد والرعب وإرهاب الدولة أضحى الكثير من المغاربة يرون في الاستقلال نقمة ويعتبرون أن البلاد عرفت تقهقراً ملحوظاً مقارنة بالماضي.
لذلك فإن النضال أو الكفاح أو المقاومة، كل ذلك ظل ولازال دائماً عملاً مشروعاً مادام هناك طغيان، سواء كان هذا الطغيان أجنبياً أو محلياً. وتضحية المناضلين والمكافحين والمقاومين من أجل قضية عادلة هي التي تعطي المعنى العميق للحياة والوجود والحرية والكرامة الانسانية.
فعلى امتداد عقود عاش المغاربة في نفق مظلم قوامه السجون والمعتقلات السرية والاختطافات والتعذيب والموت البطيء والاغتيالات والقتل والدفن قي أماكن سرية والاغتصاب والقهر الجسدي والقمع المادي والمعنوي والاهانة والدوس على الكرامة الانسانية والصفة الآدمية.
وقد أدى الشعب المغربي الثمن فادحاً في الغلاء بأرواح أبنائه سواء على امتداد مرحلة الحماية والاستعمار أو في سبيل الخبز ومن أجل الحرية وحقوق الانسان والديمقراطية بعد الاستقلال في وقت كانت كمشة تراكم الثروات الفاحشة بدون موجب شرع ولا قانون على حساب أكثر من سبعة ملايين من أبناء هذا الوطن يعانون من وطأة الفقر المدقع.
وإذا كانت حصيلة الشهداء من أجل التغيير وغد أفضل ثقيلة وثقيلة جداً، فلا زال المغاربة ينتظرون هذا التغيير وهذا الغد الأفضل وقد طال انتظارهم.
وإذا كان لابد من الإقرار بحصيلة فإن المعطيات المتوفرة لازالت غير كافية بما يساعد على طرح حصيلة كاملة.
وقصد الاقتراب من الصورة يمكن الاكتفاء ببعض المعطيات التي أضحت واضحة للجميع ولا جدال فيها، ومن ضمنها الشهداء من أجل الاستقلال والاعدامات التي عرفها المغرب في عهد الاستقلال، وشهداء المظاهرات في ستينات وسبعينات وثمانيات القرن الماضي وشهداء المعتقلات السرية ومخافر الشرطة.
إنه لا مناص من جرد الحصيلة حتى نتعرف على الثمن الغالي الذي أداه الشعب المغربي من أجل التغيير وغد أفضل

سبعينيات القرن الماضي  

توالت النضالات وسقط شهداء آخرون، من ضمنهم عمر بن جلون على يد أشخاص سخروا تسخيراً للقيام بجريمتهم النكراء وكذلك التلميذ محمد كرينة الذي لفظ أنفاسه في مخفر الشرطة بعد اعتقاله بأكادير لأنه أجهر بمساندته للشعب الفلسطيني ودعم كفاحه ولأنّه شارك في تظاهرة نظمت لهذا الغرض.
وقبل هذا كانت أحداث مولاي بوعزة بضواحي مدينة خنيفرة الجبلية بالهجوم على مركز الحراسة يوم 3 مارس 1973 بقيادة ابراهيم التزنيتي (النمري) رفقة 16 مناضلا. وفي 6 مارس طوقّت القوات المسلحة منزلاً بإحدى الدواوير بناحية كلميمة كان يختفي فيه المناضل محمد بنونة. وأسفر تبادل إطلاق النار عن استشهاده رفقة مولاي سليمان العلوي. ولم يكن ذلك ممكناَ لولا خيانة أحد أصدقاء صاحب المنزل (وكان عون سلطة).
آنذاك كان رد فعل النظام قوياَ ومرعباَ، إذ أجبرت القوات المسلحة السكان على تطويق المتمردين، وهكذا سقط ابراهيم التزنيتي وأسكور محمد (كاسترو) وألقي القبض على آخرين.
وفي 25 يونيو 1973 قدم للمحكمة العسكرية بالقنيطرة 149 مناضلا بتهمة تهديد أمن الدولة وصدر حكم الإعدام عن 15 منهم تم تنفيذه يومين بعد عيد الأضحى في حق كل من عمر دهكون وأجدايني مصطفى و محمد بن الحاج الحسين وموحا نايت بري وآيت عمي لحسن وعبد الإله بن محمد ويوس مصطفى ومحمد حسن الإدريسي وبارو مبارك ولحسن آيت زايد وحديدو أوموح وعبد الله أمحزون ودحمان سعيد نايت غريس ولحسن تاغجيجت ومحمد بن الحسين(المدعو هوشي مينه).
وفي 27 غشت 1974 نفذ حُكم الإعدام في حق إدريس الملياني ومحمد المهتدي وبوجمعة جناح ومحمد الحجيوي وميري بوجمعة وسعيد أوخيا وموحا أوحمو.
ومن المناضلين الذي لقوا حتفهم تحت التعذيب سالم أومسعود وبلقاسم مجاهد، كما تم اختطاف كل من الحسين المانوزي والنقابي عبد الحق الرويسي وعمر الوسولي ولم يظهر لهم أثر إلى حد الآن.
في سنة 1975 تمّ الإجهاز على الشهيد عمر بن جلون بطعنات خنجر في واضحة النهار يوم 18 دجنبر بالدارالبيضاء قرب سكناه. وقبل هذا، وعلى إثر مظاهرة 11 نوفمبر 1961 بالرباط والدارالبيضاء تضامناَ مع قادة الثورة الجزائرية الذين كانوا آنذاك مضربين عن الطعام في سجون فرنسا، وبعد أن تمكن المتظاهرون من إضرام النار في مبنى سفارة فرنسا ورفع العلم الجزائري فوق سطحها، تلت تلك الأحداث اعتقالات واسعة النطاق في صفوف الاتحاديين.
   وفي نهاية دجنبر 1961 تعرض عمر بن جلون لأول اختطاف بصفته مسؤولاً آنذاك عن نقابة البريد بالدارالبيضاء.
في السابق لم يكن هناك الكثير من الحديث عن الجيش بالمغرب، وحتى الصحافة نادراً جداً ما كانت تتكلم عن القوات المسلحة، وإن تكلمت فمن أجل تمجيدها والتنويه بدورها، وربما اضطرت إلى ذلك نظراً لأن عاهل البلاد هو القائد الأعلى للجيش وقائد أركانه العامة. كما أن الميزانية الخاصة بالجيش يصادق عليها مباشرة وتوّا وبدون مناقشة وبدون أدنى تعليق يذكر. تتم دائماً وأبداً المصادقة عليها كما هي وكما أنزلت.
ومنذ المحاولتين الانقلابيتين في فجر سبعينات القرن الماضي أضحى الجيش خاضعاَ لمراقبة قريبة وتواصلة من طرف الدرك الملكي القائم عليه الجنرال حسني بنسليمان. وأصبحت كل تحركات القوات المسلحة، مهما كان حجمها، خاضعة لمراقبة الدرك وكل المناورات والتداريب على استعمال السلاح مراقبة من طرفه بشكل لصيق.
وفي يوليو 1971 وغشت 1972 عرف المغرب محاولتين انقلابيتين، انقلاب الصخيرات والهجوم على الطائرة الملكية. ومهما كانت خلفيات ودواعي ومنطلقات الانقلابيين فإن عملهم يدخل  ضمن السعي إلى نوع من التغيير ( قد لا تكون في صالح الشعب أو البلاد). والذين فقدوا حياتهم منهم، إما في ساحة القتال أو عبر الاعدام أو الذين أقبروا بتازمامارت حتى بعد قضاء المدة الحبسية المحكومين بها، كلهم فقدوا حياتهم من أجل التغيير على كل حال. ولقد أكد الأستاذ عمر بن جلون آنذاك للمعتقلين الانقلابيين أن حزبه (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية) طالب في مفاوضاته مع القصر بمحاكمتهم كمعتقلي رأي وليس كمجرمين.
في ذكرى الاحتفال بعيد ميلاد الملك حدث الانقلاب الأول يوم 10 يوليو 1971 ، وأسفر إطلاق النار في رحاب قصر الصخيرات عن قتل أزيد من مئة من المدعوين للاحتفال. وهذا الانقلاب قاده ضباط من أبرز قادة الجيش الملكي، لا علاقة لهم بالسياسة ولا بالمعارضة، كما أنه لم يكن لهم أي وازع ديمقراطي. بل إن أغلبهم شارك في قمع المقاومة في جبال الريف سنة 1925 وقمع تحركات نضالية أخرى.
وفي بداية الأحداث نشب نزاع بين الجنرال المدبوح والكولونيل عبابو انتهى بتصفية الثاني للأول. وفي مقر القيادة العامة أجهز جنود الأول على الثاني. وبعد ذلك قام الجنرال السفاح أفقير بتصفيات واسعة وسط الجيش.
وفي مواجهات محيط مبنى الاذاعة بالرباط وبعض الادارات والوزارات سقط حوالي مئتي جندي. وبعد محاكمة سريعة نفذ حكم الاعدام في عشرة:
4 جنرالات وهم بوكرين وحمو وحبيبي ومصطفى و5 من رتبة كولونيل والكومندار ابراهيم المانوزي.
وفي 16 غشت 1972 استُهدفت الطائرة الملكية العائدة من باريس وعلى مثنها الملك والحاشية، وتعرضت إلى هجوم طائرات حربية في سماء مدينة تطوان. وفي نفس اليوم لقي الجنرال السفاح أفقير حتفه بالرصاص. وكان أغلب منفذي هذا الانقلاب منحدرين من الأوساط الشعبية. وكانت الحصيلة إعدام 11 ضابطاً من الرتب المتوسطة والصغيرة ليلة عيد الأضحى من شهر يناير 1973 . ولقي 30 عسكرياً حتفهم في ظروف أشد قساوة وبطشاَ في أحضان آكل البشر، معتقل تازمامارت، رغم أن أغلبهم تجاوزوا المدد الحبسية المحكومين بها من طرف محكمة علنية. وهذا علاوة على الذين فقدوا حياتهم تحت التعذيب في المعتقلات السرية.
وهكذا لقي الحتف المقدم محمد أمقران والرائد كويرة الوافي والنقيب العربي الحاج والملازم الأول زياد عبد القادر والملازم الأول بوخالف حميد والملازم ميداوي اليزيد والرقيب الأول مهدي عبد العالي والرقيب الأول بلقاسم أحمد والرقيب الأول بينوا العربي والرقيب بحراوي الطاهر والرقيب كمون عبد الرحمان وغيرهم.
وبعد محاكمة المتورطين في انقلاب الصخيرات (1972) قام الملك باعفاء الضباط الثلاثة المستشارين في هيئة المحكمة التي حاكمت الانقلابين- من مهامهم العسكرية وأحيلوا على التقاعد اعتباراً لتعاطفهم مع الانقلابيين واعتباراً لأن الأحكام الصادرة في حقهم كانت خفيفة وليست قاسية بالقدر المناسب مع الفعل وبالقدرالمنتظر.
أما بخصوص المتورطين في الهجوم على الطائرة الملكية (غشت 1972)، أمقران والكويرة ومن معهما، فقد كان الجنرال الدليمي ضمن هيئة القضاة التي حاكمت على المتهمين، علماَ أنّه كان عن مثن الطائرة الملكية عند تعرضها للهجوم، وبذلك كان خصماً وحكماً في ذات الوقت.
ويقول السيد آيت قدور- وهو مناضل بالحركة الاتحادية- وصديق حميم لأمقران، أن هذا الأخير كان شاباً وطنياً وفياً، عاش توابع الانقلاب الأول في الصخيرات وقد نجا بأعجوبة. وأمقران هذا تعرض لتعذيب وحشي قبل أن يحكم بالإعدام ويرمى بالرصاص صبيحة يوم عيد الأضحى. ويعتبره الكثيرون شهيد ثورة كانت تسعى للتغيير.
ولم تخرج الحركة الماركسية اللينينية المغربية عن القاعدة، إذ قدمت هي كذلك جملة من الشهداء من أجل التغيير وغد أفضل، وخلال مسيرتها النضالية الصعبة والشاقة سقط عدد من مناضليها إخلاصاً لمبادئهم وسعياً وراء تحقيق طموحات وانتظارات الشعب المغربي الذي أدى الثمن باهضا من أجل البحث عن تحقيق غد أفضل على امتداد أكثر من 4 عقود من النضال والكفاح المستميت.
ومن شهداء الحركة الماركسية اللينينية المغربية نذكر بوعبيد حمامة وعبد اللطيف زروال وسعيدة المنبهي والتهاني أمين ورحال جبيهة والمنتصر البريبري وشباضة عبد الحق وغيرهم.
فعبد اللطيف زروال والتهاني أمين سقطا ضحية التعذيب الوحشي من جرّاء صمودهما البطولي في وجه جلادي درب مولاي الشريف. أما بوعبيد حمامة، يعتبر أحد رواد اليسار الذي لقي حتفه بعد معاناة قاسية في منفاه بالجزائر.
وعبد اللطيف زروال هو أحد الشهداء الذين عرفتهم وخاطبتهم وعاشرتهم خلال الندوات الوطنية المُقاومة من طرف منظمة "إلى الأمام" عندما كنت مكلّفا بتمثيل مناضلي منطقة الغرب (القنيطرة) في تلك الندوات عرفته مناضلاً منضبطاً، ذو فكر ثاقب متشبتاً بأفكاره ومبادئه كثوري محترف، مهنته هي الثورة المغربية والعربية والعالمية من أجل التغيير وغد أفضل استشهد في معتقل درب مولاي الشريف في منتصف نوفمبر 1974 ، ولازالت عائلته تطالب برفاته إلى حد الآن.
وبخصوص سعيدة المنبهي، فقد استشهدت في خضم إضراب عن الطعام في حالة اعتقال بالدارالبيضاء بعد تجاوز أربعين يوماً، بعد أربعين يوماً من الإضراب عن الطعام أسلمت الشهيدة الروح يوم 19 دجنبر 1977 وهي في عنفوان وطراوة الأنوثة. وذلك تضحية لصون الشرف وتحقيق الحرية وكرامة الرجاء والنساء بالمغرب.
ومن شهداء مخافر الشرطة والمعتقلات السرية في نهاية سبعينات القرن الماضي، لا بد من الإشارة إلى أمين التهاني الذي لقي حتفه بدرب مولاي الشريف بالدارالبيضاء ومحمد كرينة بأكادير وعبد الحكيم المسكيني ببني ملال.
ومهما يكن من أمر فهناك كثيرون مازالون مجهولون، لقوا حتفهم هنا وهناك تحت قبضة المختطفين والجلادين دون علم ذويهم، ولا يمكن بأي وجه من الوجوه التعرف عليهم بأكملهم اعتباراً للقمع الجهنمي السائد آنذاك في مختلف أرجاء البلاد وأعتباراً بالأساس للخوفقراطية التي تمثلت مكوّناً من مكوّنات المنظومة الاجتماعية المغربية.
وقبل حتم مرحلة السبعينات لا بد من الإشارة إلى أنه من الشهداء الذين همشوا ولم يوليهم المؤرخون حقهم، الشهيد محمد ابراهيم البصيري. وهو أحد أبناء الصحراء درس بسوريا، وبعد رجوعه إلى المغرب أسس صحيفة "الشهاب" وأصيب بالإحباط بسبب عدم اهتمام السلطات المغربية آنذاك بمطلبه المثمثل في 
النضال والكفاح من أجل تحرير الصحراء. أسس الشهيد منظمة للتحرير "المنظمة الاسلامية لتحرير الصحراء"، والتي كانت تهدف إلى تحرير الصحراء من الوجود الاسباني والانضمام إلى المغرب واعتماد حرب التحرير المرتكزة على جيش وطني يشكله السكان. وعندما أرادت اسبانيا سنة 1970 التصدي إلى هذا التوجه أعلنت عن تنظيم البصيري معارضة هذا المشروع الدنيىء وتحديه. وكان رد السلطات الاسبانية القمع، فكانت مجزرة العيون التي أسفرت عن سقوط مئات الشهداء واعتقال الآلاف. وعلى رأس هؤلاء الشهيد محمد البصيري الذي لفظ أنفاسه الأخيرة تحت التعذيب على يد الجلادين الإسبان. ومما زاد الطين بلّة، أن الموقف المغربي من هذه الأحداث ورد فعل الأحزاب السياسية المغربية كان سلبياً مما آثار حفيظة سكان الصحراء الشيء الذي ساعد وبامتياز على نشوء حركة انفصالية بقيادة الوالي.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *