جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

مغاربة فقدوا حياتهم من أجل التغيير ومن أجل غد أفضل/مولاي العربي الشابي الشتوكي ..

الزميل لحسن العسبي يسرد قصة حياة أحد كبار رجالات المقاومة المغربية

عن النشرة الاخبارية

"مولاي العربي الشابي الشتوكي .. مسار حياة، مسار للمقاومة المغربية"
 كتاب جديد صدر للزميل لحسن العسبي


نزل إلى الأكشاك، بتوزيع من شركة "سابريس"، ابتداء من صباح يوم أمس  الثلاثاء 12 يوليوز 2016، كتاب جديد، صادر ضمن منشورات مؤسسة محمد الزرقطوني للثقافة والأبحاث، تحت عنوان: "مولاي العربي الشابي الشتوكي .. مسار حياة، مسار للمقاومة المغربية"، في 200 صفحة من القطع الكبير (60 درهما/ أنجز غلافه وتبويبه الأستاذ محمد مرغاطة)..

 وهو كتاب/ بحث، في قصة حياة واحد من كبار رجالات المقاومة المغربية المنحدر من منطقة شتوكة آيت باها بضواحي مدينة أكادير، والذي كان رفيقا حميميا ثقة للشهيد محمد الزرقطوني، ومن قيادة المقاومة المركزية بالدار البيضاء، إلى جانب كل من الزرقطوني ومحمد منصور وسعيد بونعيلات ودا بلعيد و شنطر وعبد الله الصنهاجي وعبد العزيز الماسي. وأنه كان ممن شاركوا في تنفيذ العمليات الكبرى للمقاومة (عملية القطار السريع بين الدار البيضاء والجزائر/ عملية الكولي بوسطو ومركز البريد/ المحاولات الثلاث لتصفية بن عرفة ....).
لكن قصة حياة هذا الرجل، تعتبر في الواقع، عنوانا لمسار جيل مغربي ولد مباشرة سنة 1912، تاريخ بداية تنفيذ الحماية على المغرب. وكانت حياته مسارا لتحديات متراكبة منذ هاجر من قريته بمنطقة بيوكرى بسوس، مشيا على الأقدام وعمره 16 سنة فقط، إلى مراكش سنة 1929. ومنها سيهاجر صوب مكناس، ثم مناجم الفوسفاط بخريبكة، ثم إلى منطقة البليدة بالجزائر، ثم إلى مدينة سانتيتيان بفرنسا سنة 1937، قبل أن يقرر العودة رفقة زوجته الإسبانية وأبنائه إلى المغرب سنة 1951، للمشاركة في المقاومة ضد الإستعمار. ليعتقل سنة 1954، رفقة صديقه محمد منصور ويحكم عليه بالمؤبد
(بعد تخفيف حكم الإعدام ضده بسبب إنقاذه سنة 1941 بفرنسا للجنرال سوفران من الغيستابو النازي الألماني، والذي كان واحدا من رفاق الجنرال دوغول).

قصة العلاقة بين مولاي العربي الشابي والشهيد حسن الصغير 

 نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 24 - 07 - 2015

لماذا مولاي العربي الشابي الشتوكي؟. ولماذا النبش في قصة حياته؟. وأية غاية لنا في ذلك؟. إن الجواب، هو أن سيرة الرجل تستحق أن تروى، عنوانا عن معنى مغربي، لجيل فتح عينيه على الإستعمار، وسكنته تلك الرغبة الجامحة في أن ينحث له مكانا تحت الشمس، مختلف عن تجربة من سبقه من أجيال مغربية. بصيغة أكثر دقة، إن في الكشف عن قصة حياة هذا الرجل البطل (وهو بطل فعلا في الحياة وفي المواقف الوطنية)، بعض من ملامح معنى التحول الهائل الذي عاشه المغاربة كإنسية، بعد صدمة الإستعمار. فهي تجربة حياة، من الغنى والكثافة والتميز والإثارة، ما يجعل حياة فرد (مثل حياة مولاي العربي) عنوانا على قصة المقاومة التي قاوم من أجلها أولئك المغاربة، الذي عاشوا ما بين 1912 و نهاية القرن 20. أي أننا من خلال تجربة حياة فرد، نلج إلى معنى ثقافي سلوكي لمجتمع جديد، صهرته قوة ذلك التحول وتلك المقاومة من أجل شكل حياة مختلف. مختلف، بدفتر تحملاته القيمية، التي تعلي من فكرة النهوض. النهوض الذي عنوانه الأكبر عندهم، هو استحقاق التقدم وشروط المدنية والحداثة. وهنا يكمن السر في معنى التحول التاريخي الذي يعيشه المغاربة، منذ أكثر من قرن من الزمان، لأنه انتقال هائل من معنى حياة إلى معنى حياة. وتجربة رجل إسمه مولاي العربي الشتوكي، الذي تقاطعت عنده مسارات تجارب متعددة: حياتية، نقابية، سياسية، مقاومة، تقدم لنا بعضا من المثال الخصب على ذلك. 
كان الشهيد محمد الزرقطوني، كما أكدت لي شهادات سابقة (لا أزال أتوفر على تسجيلاتها) لكل من المرحوم بوشعيب شجاعدين، والمرحوم الفقيه البصري، والمرحوم الهاشمي المتوكل، يضرب دوما المثل لرفاقه في المقاومة بالفعل البطولي للشهيد حسن الصغير، الذي كان أول مقاوم مغربي يسقط، بسبب تناوله حبة سم، حتى لا يعترف بأية معلومات للشرطة الفرنسية الإستعمارية التي اعتقلته بالصدفة ذات ليلة من سنة 1953. هو الذي فاضت روحه،، في سيارة الشرطة، والحسين العرايشي التطواني جالس إلى جانبه معتقلا معه، بذات الشارع الذي أصبح اليوم يحمل اسمه، بحي درب عمر بالدارالبيضاء (توفي عند نقطة تلاقي شارعي محمد الخامس وحسن الصغير حيث بناية البنك العربي اليوم). حيث أكد لي المرحوم الحسين العرايشي أنه كان يلاحظ أثر السم يخرج من فم رفيقه وصديقه حسن الصغير، من خلال زبد أبيض، فأدرك أن الشهيد قد غافل الجميع وتناول حبة السم أثناء الصعود إلى سيارة الشرطة. وهي لحظة مكثفة إنسانيا، عن معدن أولئك الرجال الوطنيين حينها.
كان الشهيد الزرقطوني يعرف جيدا، الشهيد حسن الصغير، معرفة شبه يومية، لسبب بسيط هو أن بطلنا المغربي هذا، كان يعمل نادلا في مقهى مولاي العربي الشابي قرب سينما "أطلس" بدرب السلطان، غير البعيدة عن محل تجارة الخشب الذي يملكه الزرقطوني. هذا يعني أن حسن الصغير كان رجل ثقة مولاي العربي، وأنه كان عارفا بكل تفاصيل أدواره النضالية الوطنية، ضمن حركة المقاومة المدينية المسلحة الوليدة حينها بالدارالبيضاء. هو المنحدر من منطقة مسفيوة جنوب مراكش، التي تضم بلدتي آيت أورير (أول طريق ممر تيشكا بالأطلس الكبير) وأغمات (أول عاصمة للمرابطين قبل بناء مراكش ومكان اعتقال ودفن الملك الأندلسي الشاعر المعتمد بن عباد وعائلته). ولقد كان رحمه الله، على علاقة قوية بعائلة مولاي العربي، حيث كان صغاره كثيرا ما يرتادون مقهى والدهم تلك، مثلما أنه كان يزور بيت العائلة بزنقة الرحامنة. بل إنه سيقع في يد الشرطة الفرنسية، قبل عملية منشور مطبعة "الأطلس" بدرب عمر (كانت كائنة في الزقاق الصغير بين شارع للا الياقوت وزنقة ستراسبورغ، حيث توجد اليوم إحدى المجمعات التجارية لرجل أعمال عراقي شهيرة)، بسبب مناشير نقابية عادية، وحمل إلى بيت عائلة مولاي العربي لأن إخبارية للشرطة أكدت لها أنه على علاقة بها، وحين ووجه ب "مدام مولاي" أنكر كلاهما معرفته بالآخر، وبعد أيام أطلق سراحه، ولم يعترف قط بعلاقته بمولاي العربي الشابي، كما تؤكد كبرى بنات مولاي العربي زينة الشابي.
أما حكاية منشور مطبعة "الأطلس" الذي استشهد بسببه، فهي تعود إلى عمل منسق بين الشهيد محمد الزرقطوني والحسين العرايشي التطواني (الذي لا قرابة عائلية له مع المقاوم والوطني الآخر، حسن العرايشي القصري، إبن مدينة العرائش)، بعد أن استقدم هذا الأخير، صورة للملك  محمد الخامس من عند حلاق بتطوان، منسوخة ضمن إطار قلب، في "نيغاتيف" خبأه في قشرة برتقالة. كانت الفكرة، أن يتم طبع منشور بعد اعتقالات 1952، الكبيرة، ضد كل قيادة الحركة الوطنية، التي كانت غاية الإستعمار الفرنسي منها، عزل   محمد الخامس وقطع علاقته مع تلك الحركة، والإستفراد به أمام سلطة المقيم العام الجنرال غيوم. ولقد وقع ذلك المنشور في أسفله باسم: "المتطوعون". "المتطوعون" الذين تحولوا في ما بعد إلى تنظيم "حركة المقاومة المغربية". و"المتطوعون" أولئك، هم مجموعة الزرقطوني، التي كان من ضمنها مولاي العربي الشابي. وواحد من مساعديه بمقهاه ومخبزته قبالة سينما "أطلس" بدرب السلطان، سيكون من المشاركين في عملية طبع ذلك المنشور: الشهيد حسن الصغير.
لقد شاء القدر والصدفة، أن يكون شرطي فرنسي قاطنا بالشقة التي تقع مباشرة فوق مطبعة "الأطلس" تلك. ولأنه انزعج من صوت مطبعة تدور بعد منتصف الليل، ممنوع أن تشتغل في ذلك الوقت المتأخر، فإنه اتصل بقسم الشرطة البلدية ليخبرها بضرورة الحضور لمنع صاحب المطبعة من العمل بليل، مع ما يصاحب ذلك من ذعيرة. لكن حين حضرت فرقة الشرطة تلك، ستجد أن الأمر لا يتعلق فقط بطبع أوراق عادية، بل بمنشور باللغة العربية، فيه بأعلى الصفحة صورة للملك محمد الخامس، وعامل وحيد يقوم بعملية الطبع هو الوطني الحسين العرايشي. اتصلت تلك الفرقة بالشرطة السياسية، التي حضرت بسرعة، وشرعت في تجميع نسخ ذلك المنشور، وأخلت محيط الزقاق، على أمل حضور عناصر أخرى مغربية. وهو ما تحقق لها بالفعل، حيث عاد الشهيد حسن الصغير، لحمل الجزء الثاني من حمولة المنشور ذاك، بعد أن كان قد أوصل الجزء الأول منها إلى الشهيد محمد الزرقطوني بالمحل التجاري حيث يعمل عند مولاي العربي (مخبزة ومقهى). حين دخل حسن الصغير، كان مستحيلا هروبه، فاعتقل رفقة الحسين العرايشي ووضعت لهما أصفاد واحدة جمعت بينهما. كان هو قد غافل الجميع وتناول حبة السم، فاستشهد، فلم تعرف الشرطة تلك، أبدا، خط علاقته المباشرة بمولاي العربي الشابي ولا بالشهيد محمد الزرقطوني، ولا مكان المجموعة الأولى من ذلك المنشور. فيما تمكن الحسين العرايشي من الهرب من الشرطة يومين بعد ذلك. لأنه بعد التعذيب قرر أن يدلهم على بيت مقاوم آخر كان متيقنا أنه لن يكون في منزله حينها هو "الداحوس الكبير"، الذي عمل بعد ذلك بمطبخ القصر الملكي بالرباط. لكن شاء القدر أنه حين طرقت الشرطة الباب وهو تناديه لفتحه لها، خرج عليهم حافيا، شاهرا مسدسا، وشرع يطلق النار على الجميع فأصاب مفتش الشرطة الفرنسي "بوايي" (كان يعرف هذا المفتش جيدا كل من الشهيد إبراهيم الروداني والمقاوم الهاشمي المتوكل، دون أن يعرف هو أبدا أنهما من المقاومة)، فوقعت جلبة، مكنت الداحوس من الهرب، وأيضا الحسين العرايشي. كل أخد وجهته، وكانت وجهة العرايشي هي البحث عن الشهيد الزرقطوني عن طريق عائلة أصهار المقاوم البشير شجاعدين. حين حضر الزرقطوني عانق طويلا الحسين العرايشي وكسر له أصفاده وأصر على أن يرميها بنفسه (في رسالة للتحدي) قرب ولاية الأمن المركزية القديمة بالمعاريف، الكائنة بنايتها اليوم بشارع الروداني بالدارالبيضاء.
كان المغرب، إذن، يعيش لحظة تحول سياسية اجتماعية غير مسبوقة بعد 1952، بدأت تبرز فيها أكثر قوة الشريحة الإجتماعية الحرفية والعمالية المؤمنة بإلحاحية المواجهة العنيفة والمسلحة مع المستعمر، الذي كان قد صعد من عنفه القمعي ضد النخبة السياسية لقيادة الحركة الوطنية والنقابية، وصعد من مواجهته المسلحة العنيفة ضد المظاهرات السلمية للمغاربة (مثل الجريمة الدموية التي ارتكبت في 8 دجنبر 1952 بالحي المحمدي، بعد تضامن المغاربة مع الشعب التونسي إثر اغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد يوم 5 دجنبر 1952). وهو التحول الذي سيكون في القلب منه مولاي العربي الشابي بالدارالبيضاء، الذي عايش النقاشات بين رفاقه في حزب الإستقلال، بين من كان يؤمن بسلمية النضال السياسي، وبين من كان يؤمن بإلحاحية تغيير شكل ذلك النضال السياسي عبر وسائل المقاومة المسلحة. وكان مولاي العربي منتميا إلى الفريق الثاني، هو الذي خبر ذلك أصلا في فرنسا، حين كان يتتبع عن قرب عمليات المقاومة المنظمة بالمنطقة التي كان يتحرك فيها بيسر كبير، وهي منطقة "لالوار"، من خلال أخبار حركة المقاومة الشعبية الفرنسية المسلحة ضد الإحتلال النازي الألماني، بمدينتي ليون وسانتيتيان، لكل من "غي مولان" وعائلة "أوبراك". دون إغفال أيضا ما عايشه، من خلال زوجته "مدام مولاي" وعائلتها الباسكية، من مقاومة شعبية مسلحة للجمهوريين الإسبان ضد ديكتاتورية الجنرال فرانكو.
كانت النتيجة، هي توطد علاقته مع الشهيد محمد الزرقطوني، جاره في السكن وجاره في التجارة ورفيقه في الحزب، وموطن ثقته الكبير. الزرقطوني، الذي كان يدرك بوعي، من موقعه المهني الحرفي والسياسي، أهمية التوفر على شبكة وازنة ومنظمة، لتجميع الدعم المالي لحركة المقاومة وشراء الأسلحة والتوفر على أمكنة تخزينها وأيضا التوفر على أمكنة تهريب المبحوث عنهم من خلايا تلك المقاومة سواء كشقق أو ضيعات فلاحية. هنا كان الشبيه قد وقع على شبيهه، فتوطدت العلاقة عاليا بن الرجلين، وأصبحت العديد من الإجتماعات تعقد في بيت مولاي العربي الشابي، وفي محله التجاري المشترك مع المقاوم الوطني "دا بلعيد" (في ذلك المحل سيلتقي لأول مرة المرحوم الفقيه البصري، قادما من مراكش، كما أكد لي في شهادة سابقة معه، كلا من الشهيد الزرقطوني، محمد منصور ومولاي العربي الشابي، بعد وساطة من الوطني المغربي الكبير الحاج عمر المتوكل الساحلي صيف 1953). وأصبحت "مدام مولاي" تقوم بذات ما كانت تقوم به من قبل بسانتيتيان، من تهيئ اللوجستيك الضروري لمثل تلك اللقاءات، في سرية تامة، المتمثل في توفير جو صارم للإنضباط بالبيت، لوعيها بأهمية الفعل الوطني ذاك. لهذا السبب، كان أبناؤه، الذين عادوا نهائيا حينها من الرباط، وسجلهم مولاي العربي رفقة زوجته، بالمدرسة المحمدية بالدارالبيضاء، للموسم الدراسي 53/ 54، يشاهدون باستمرار حضور أسماء، إلى منزل العائلة أو المقهى أو في خلفية المحل التجاري للمواد الغدائية، سيصبح لها شأن في تاريخ المقاومة المغربية، من قبيل محمد الزرقطوني (وزوجته السيدة السعدية العلمي)، محمد منصور (وزوجته الإيطالية السيدة عايدة، صديقة والدتهم)، ثم عبد الله الصنهاجي، أحمد شنطر (المعروف بالخصاصي)، عبد العزيز الماسي، عبد القادر بن عسو، بوشعيب الغندور، عبد الله بن لحسن الزناكي ودابلعيد. فهؤلاء بالنسبة لهم، حينها أصدقاء والدهم.
هنا، علينا، الإنتباه، تحليليا، كيف أن أغلبية هؤلاء الوطنيين حرفيون وتجار، وأن أغلبهم سوسيون. وهذا تجل سوسيولوجي، ستكون له امتدادات حتى بعد الإستقلال، من خلال تبلور الحركة الإتحادية بالمغرب، والتي سينتمي إليها مولاي العربي الشابي، بل كانت له فيها أدوار لوجيستية وتنظيمية حاسمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *