مغاربة فقدوا حياتهم من أجل التغيير ومن أجل غد أفضل/الشهيد محمد الحريزي
مغاربة فقدوا حياتهم من أجل التغيير
ومن أجل غد أفضل
تقديم:
إن أغلب المقاومين والأغلبية الساحقة لفئات الشعب المغربي تملكتهم الصدمة والشعور بالاحباط والقهر والغربة في بلدهم الذي ناضلوا وضحوا بالغالي والنفيس لإنعتاقه من بؤرة الاستعمار واستقلاله. لأنهم سرعان ما عاينوا أن لا صوت لهم ولا اعتبار بل أصبحوا طريدة للأجهزة الأمنية العلنية منها والسرية واضطهد أولادهم وعائلاتهم وذووهم. وانتشر الاحباط إلى درجة ان هؤلاء المناضلين بدؤوا يفكرون في طريق للخروج من العتمة التي أسقط فيها المغرب ليعيش في ظروف أنكى وأقسى من ظروف أنكى وأقسى من ظروف الإستعمار الفرنسي أو الاسباني.
واعتباراً للقمع والتسلط والاستبداد والرعب وإرهاب الدولة أضحى الكثير من المغاربة يرون في الاستقلال نقمة ويعتبرون أن البلاد عرفت تقهقراً ملحوظاً مقارنة بالماضي.
لذلك فإن النضال أو الكفاح أو المقاومة، كل ذلك ظل ولازال دائماً عملاً مشروعاً مادام هناك طغيان، سواء كان هذا الطغيان أجنبياً أو محلياً. وتضحية المناضلين والمكافحين والمقاومين من أجل قضية عادلة هي التي تعطي المعنى العميق للحياة والوجود والحرية والكرامة الانسانية.
فعلى امتداد عقود عاش المغاربة في نفق مظلم قوامه السجون والمعتقلات السرية والاختطافات والتعذيب والموت البطيء والاغتيالات والقتل والدفن قي أماكن سرية والاغتصاب والقهر الجسدي والقمع المادي والمعنوي والاهانة والدوس على الكرامة الانسانية والصفة الآدمية.
وقد أدى الشعب المغربي الثمن فادحاً في الغلاء بأرواح أبنائه سواء على امتداد مرحلة الحماية والاستعمار أو في سبيل الخبز ومن أجل الحرية وحقوق الانسان والديمقراطية بعد الاستقلال في وقت كانت كمشة تراكم الثروات الفاحشة بدون موجب شرع ولا قانون على حساب أكثر من سبعة ملايين من أبناء هذا الوطن يعانون من وطأة الفقر المدقع.
وإذا كانت حصيلة الشهداء من أجل التغيير وغد أفضل ثقيلة وثقيلة جداً، فلا زال المغاربة ينتظرون هذا التغيير وهذا الغد الأفضل وقد طال انتظارهم.
وإذا كان لابد من الإقرار بحصيلة فإن المعطيات المتوفرة لازالت غير كافية بما يساعد على طرح حصيلة كاملة.
وقصد الاقتراب من الصورة يمكن الاكتفاء ببعض المعطيات التي أضحت واضحة للجميع ولا جدال فيها، ومن ضمنها الشهداء من أجل الاستقلال والاعدامات التي عرفها المغرب في عهد الاستقلال، وشهداء المظاهرات في ستينات وسبعينات وثمانيات القرن الماضي وشهداء المعتقلات السرية ومخافر الشرطة.
إنه لا مناص من جرد الحصيلة حتى نتعرف على الثمن الغالي الذي أداه الشعب المغربي من أجل التغيير وغد أفضل
الشهيد محمد الحريزي
إعدام الحريزي
من "الإعدامات" خارج القانون التي ظل يلفها الغموض إلى حد الآن، "إعدام" محمد الحريزي، أحد أبناء مدينة سيدي قاسم، تكفلت به الحركة الوطنية بعد فقدان والديه وأشرفت على تعليمه، وارتبط بالاتحاد الوطني للقوات الشعبية وكان قريبا من المهدي بن بركة وأحد رفاق دربه.
تم اختطاف محمد الحريزي في فجر الستينيات، بعد مرور أقل من سنة على اعتلاء الملك الحسن الثاني عرش البلاد، واحتجز بإحدى الفيلات الكائنة بشارع مولاي إدريس بالعاصمة الإدارية، رفقة زوجته السويسرية "أيريكا" وطفلتهما الصغيرة.
وترجع أسباب "إعدام" الحريزي إلى سنة 1959، عندما أقدم أعضاء "الكاب 1" على اختطاف الحريزي، رفيق بن بركة، إذ كان يبيت لفكرة خبيثة مفادها أن الحريزي هذا عليه أن يلعب دورا أساسيا فيما أصطلح عليه بالمؤامرة ضد ولي العهد، آنذاك كان الدليمي قد اقترح على أوفقير التكلف بإقناع الحريزي ( بحكم أنهما ينحدران معا من مدينة سيدي قاسم ) باتهام بن بركة بالتخطيط لهذه المؤامرة.
في البداية، اختطف الحريزي وأودع بثكنة مولاي إسماعيل بالرباط، وهناك مورست عليه جميع أنواع التعذيب والتنكيل لأنه رفض المساهمة في اللعبة الدنيئة لأوفقير والدليمي، وبعد عامين من الاختفاء العسكري أطلق سراح الحريزي، لاسيما وأن زوجته السويسرية أقامت ضجة كبيرة في الأوساط الديبلوماسية بالرباط، الشيء الذي فرض على سويسرا التدخل في النازلة.
للتخلص من الفضيحة ـ فكر الجلادون في سناريو تهريب الحريزي رفقة زوجته وطفلتهما الصغيرة خارج المغرب، وفي شتاء 1960 اقتيد الحريزي رفقة زوجته وابنته إلى إحدى الفيلات بحي السويسي بالرباط، وقد تمكن من لقاء بعض أصدقائه هناك، وبعد أيام منحه الدليمي جوازات سفر مزورة قصد التمكن من مغادرة المغرب، بطنجة سمع له اتصال هاتفي ببعض أصدقائه بفرنسا لإخبارهم بأنه على أهبة مغادرة المغرب، آنذاك اعتقد الكثيرون أنه فعلا غادر البلاد بمعية عائلته الصغيرة، لكن واقع الأمر أنه تم اختطاف العائلة من جديد من طرف رجال الدليمي وأعيدت إلى الرباط، من بين هؤلاء المدعو التدلاوي والشتوكي ( المشهور في قضية بن بركة )، وهناك بالرباط بإحدى الفيلات السرية تم "إعدام" الحريزي وزوجته وطفلتهما طيلة مدة ظلوا خلالها محتجزين، بعد أن اعتقد الكثيرون أنهم خارج المغرب.
**********
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق