تجربة الاعتقال السياسي/الرفيق تاشفين الاندلسي
لم أعش تجربة الاعتقال السياسي سبعينيات و ثمانينيات القرن الماضي و لو أنني كنت منخرطا في نضالات الحركة التلاميذية نهاية الثمانينيات و الحركة الطلابية من بعد في بداية التسعينيات ، لكن رغم ذلك تشبع أنفي و مستقبلاته العصبية برائحة الحرائق التي كان النظام المخزني يتركها وراءه و هو يقمع و يغتال خيرة ما أزهر به الشعب المغربي من مناضلين أفذاذ و هبوا حياتهم و ارواحهم قرابين من أجل الحرية و الإنعتاق .
لاحظت هذه السنة أن العديد من المعتقلين السياسيين سبعينيات و ثمانينيات القرن الماضي بدأوا يرحلون عن هذا العالم تباعا من دون أن يعيشوا ما ناضلوا من أجله ، منهم من بقي قابضا على الجمر و لازال ينافح عن القضايا العادلة للشعب المغربي و عماله و كادحيه بنفس كفاحيته كما كان قبل اعتقاله و منهم من تراجع الى الخلف من دون الإضرار برمزية شخصه بعد ان تشعبت الدروب و اختلفت الرؤى و خصوصا بعد تراجع تجربة اليسار عالميا ، لكن أيضا منهم من حاول وضع رجل في مربع المخزن بصيغ قد تكون غير سافرة و رجل بقيت مهتزة في مربع الجماهير ، و كان منهم طبعا من أصبح مهندسا شرسا في يد المافيا المخزنية بشكل يسمح بوصفهم في الموقع الراهن بأعداء للشعب المغربي بشكل مضاعف .
من حقنا نحن المغاربة تقييم هذه التجربة و وضعها على محك النقاش العمومي لأن هؤلاء المعتقلين السياسيين كانوا معتقلين على خلفية قضايا سياسية و من منطلقات إيديولوجية و ان تجربتهم تبقى تجربة عمومية و ليست خاصة بالمناضلين المعنيين لما لها من تداعيات على المستوى السياسي و التنظيمي و الجماهيري .
هذا التأرجح في المواقف و المآلات التي أتخذتها كل تجربة على حدة لم تكن خاصة بالحالة المغربية بل هي عامة تتكرر على المستوى العالمي و غالبا ما تبدأ بمنعطفات تنظيمية بعد أن تخضع التجربة لعدة كبوات و " هزائم " مما يجعل التجربة في وضع رخو يسمح للمناضلين ذوي القناعات المتذبذبة للإنزياح نحو طروحات يمينية ما أحوج العدو إليها من أجل استكمال الإجهاز على التجربة .
رفاقي أقترح هذه الفقرة من الوثيقة التاريخية لجزء من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي المصري الصادرة سنة 1978 الطبعة الثانية تحت عنوان : الأقدام العارية _ الشيوعيون المصريون ، 5 سنوات في معسكرات التعذيب :
طبعا هذه الوثيقة كتبت قبل هذا التاريخ لسنوات من داخل سجن النظام الناصري في مصر على أوراق تلفيف السجائر ( النيفرو) و جمعها طاهر عبد الحكيم بعد خروجه من السجن و الإلتجاء الى انجلترا :
الفقرة كالتالي :
"ففي أغسطس 1970 اتخذت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي المصري قرارا بحل الحزب ، و كانت قد بدأت تمهد لهذا القرار بالترويج لما أسمته ضرورة "وحدة القوى الاشتراكية" و كان المفهوم من ذلك هو وحدة الشيوعيين مع " اشتراكيي الاتحاد الاشتراكي العربي " ، ثم دعت الى اجتماع موسع من الكوادر القيادية في الحزب للتصديق على هذا القرار . البعض حضر ذلك الاجتماع و وافق على قرار اللجنة المركزية ، و البعض حضر وسجل للتاريخ اعتراضه على ذلك القرار ثم انصرف الى منزله مرتاح الضمير ، و البعض رفض حضور الاجتماع مفضلا عدم الإفصاح عن موقفه ، و هناك قلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة رفضوا حضور الاجتماع مبلغين اللجنة المركزية أنها بقرارها ذاك تكون قد نفت عن نفسها صفة الشيوعية ، و لم يعد من حقها الدعوة لأي اجتماع حزبي ، و أن ذلك الاجتماع الموسع الذي دعت إليه هو اجتماع معاد لشعبنا و للطبقة العاملة و للوطن ، و أن حل الحزب جريمة لن يغفرها لهم التاريخ خاصة حينما تأتي لحضات حرجة يتطلع فيها شعبنا بحثا عن قيادة ثورية فلا يجدها كما حدث في 9 و 10 يونيو 1967 ".
انتهت الفقرة .
لاحظت هذه السنة أن العديد من المعتقلين السياسيين سبعينيات و ثمانينيات القرن الماضي بدأوا يرحلون عن هذا العالم تباعا من دون أن يعيشوا ما ناضلوا من أجله ، منهم من بقي قابضا على الجمر و لازال ينافح عن القضايا العادلة للشعب المغربي و عماله و كادحيه بنفس كفاحيته كما كان قبل اعتقاله و منهم من تراجع الى الخلف من دون الإضرار برمزية شخصه بعد ان تشعبت الدروب و اختلفت الرؤى و خصوصا بعد تراجع تجربة اليسار عالميا ، لكن أيضا منهم من حاول وضع رجل في مربع المخزن بصيغ قد تكون غير سافرة و رجل بقيت مهتزة في مربع الجماهير ، و كان منهم طبعا من أصبح مهندسا شرسا في يد المافيا المخزنية بشكل يسمح بوصفهم في الموقع الراهن بأعداء للشعب المغربي بشكل مضاعف .
من حقنا نحن المغاربة تقييم هذه التجربة و وضعها على محك النقاش العمومي لأن هؤلاء المعتقلين السياسيين كانوا معتقلين على خلفية قضايا سياسية و من منطلقات إيديولوجية و ان تجربتهم تبقى تجربة عمومية و ليست خاصة بالمناضلين المعنيين لما لها من تداعيات على المستوى السياسي و التنظيمي و الجماهيري .
هذا التأرجح في المواقف و المآلات التي أتخذتها كل تجربة على حدة لم تكن خاصة بالحالة المغربية بل هي عامة تتكرر على المستوى العالمي و غالبا ما تبدأ بمنعطفات تنظيمية بعد أن تخضع التجربة لعدة كبوات و " هزائم " مما يجعل التجربة في وضع رخو يسمح للمناضلين ذوي القناعات المتذبذبة للإنزياح نحو طروحات يمينية ما أحوج العدو إليها من أجل استكمال الإجهاز على التجربة .
رفاقي أقترح هذه الفقرة من الوثيقة التاريخية لجزء من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي المصري الصادرة سنة 1978 الطبعة الثانية تحت عنوان : الأقدام العارية _ الشيوعيون المصريون ، 5 سنوات في معسكرات التعذيب :
طبعا هذه الوثيقة كتبت قبل هذا التاريخ لسنوات من داخل سجن النظام الناصري في مصر على أوراق تلفيف السجائر ( النيفرو) و جمعها طاهر عبد الحكيم بعد خروجه من السجن و الإلتجاء الى انجلترا :
الفقرة كالتالي :
"ففي أغسطس 1970 اتخذت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي المصري قرارا بحل الحزب ، و كانت قد بدأت تمهد لهذا القرار بالترويج لما أسمته ضرورة "وحدة القوى الاشتراكية" و كان المفهوم من ذلك هو وحدة الشيوعيين مع " اشتراكيي الاتحاد الاشتراكي العربي " ، ثم دعت الى اجتماع موسع من الكوادر القيادية في الحزب للتصديق على هذا القرار . البعض حضر ذلك الاجتماع و وافق على قرار اللجنة المركزية ، و البعض حضر وسجل للتاريخ اعتراضه على ذلك القرار ثم انصرف الى منزله مرتاح الضمير ، و البعض رفض حضور الاجتماع مفضلا عدم الإفصاح عن موقفه ، و هناك قلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة رفضوا حضور الاجتماع مبلغين اللجنة المركزية أنها بقرارها ذاك تكون قد نفت عن نفسها صفة الشيوعية ، و لم يعد من حقها الدعوة لأي اجتماع حزبي ، و أن ذلك الاجتماع الموسع الذي دعت إليه هو اجتماع معاد لشعبنا و للطبقة العاملة و للوطن ، و أن حل الحزب جريمة لن يغفرها لهم التاريخ خاصة حينما تأتي لحضات حرجة يتطلع فيها شعبنا بحثا عن قيادة ثورية فلا يجدها كما حدث في 9 و 10 يونيو 1967 ".
انتهت الفقرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق