جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

من المختطف ربيع الأبلق المنفي قسرا إلى سجن عكاشة بالدار البيضاء

من المختطف ربيع الأبلق المنفي قسرا إلى سجن عكاشة بالدار البيضاء
احترت من أين أبدأ وأي كلمات أختار حتى أوصل لكم إخواني أخواتي ما يدور بداخلي، وحالتي التي لم تعد تتحمل المزيد من الصمت؛ لذا قررت أن أخرج بأعلى صوت وأقول كفى من هذا العبث واللامعقول، كفى من هذا الظلم والحيف الذي يلقانا من كل جانب حتى صرنا نسبح في دوامة من اللامعنى، إن حجم الظلم الذي تعرضنا له من طرف كافة مؤسسات الدولة وتحالفها جميعا علينا واتهامنا بالانفصال وتخويننا وتجريدنا من الانتماء لهذا الوطن الذي ضحى عليه أجدادنا وقدموا من أجله أرواحهم فداء له، لا يمكن أن يطيقه أو يتحمله أحد. هذا التكالب الذي كان له الوقع السلبي على منطقة الريف بأكملها؛ إذ لم تتنزه مؤسسة واحدة عن وضع بصماتها في هذا الأمر، فالكل تهجم علينا وأمطرونا بوابل من التهم والنعوتات القدحية لتغليط الرأي العام وتزييف الحقائق أمام مرأى ومسمع الكل، لا لشيء سوى أننا ريفيين خرجنا لفضح الفساد والمفسدين الذين خربوا البلاد ونهبوا خيراتها، بدءا بمؤسسة رئاسة الحكومة التي رمتنا بالتخوين والتعامل مع الأجنبي والانفصال، مرورا بالمؤسسة الأمنية التي شرعنت تدخلاتها القمعية ومداهماتها للبيوت في خرق سافر للقوانين والأعراف المعمول بها دوليا. ووصولا إلى مؤسستي القضاء والسجن؛ حيث أن الأول أضحى سلاحا في يدي المتحكمين في مصير العباد لإخراس الأصوات المنادية بالحق، أما الثانية فشاركت بدورها في الإساءة إلينا ومعاملتنا معاملة عنصرية تمييزية كأننا عرق لا ينتمي لهذا الوطن، وخير دليل على هذا معاملة إخواننا في سجن " عين عيشة " معاملة قاسية وحاطة بالكرامة وتفريقهم على السجون، وما نحن بأحسن حالا منهم، عانينا ولا نزالي نعاني الويلات، ولا نتمتع بأبسط الحقوق، حيث يتم التضييق علينا واستفزازنا لتحطيمنا معنويا وينغصوا علينا الحياة بشتى الوسائل والسبل، فنتجرع المعاناة والآلام أضعافا مضاعفة: عذاب الغربة والفرقة، وآلام الممارسات القاسية والعنصرية التي لا يمكن تحملها أبدا.
ألهذا الحد صرتم تحتقروننا وتحقدون علينا وتعاملوننا بمنطق المغضوب عليهم؟ 
لا شيء يفرح هنا، حصار وطوق مطبق علينا. سلب للحريات وقتل لأحلامنا البسيطة.. إني أكتوي ألما وحسرة على ما آلت إليه أوضاع بلادنا، وأتحسر على غياب الضمير لدى المسؤولين الذين باعوا خيرات البلاد وثرواتها للمستعمر الأجنبي بأسعار بخسة حتى يحافظوا على كراسيهم ومناصبهم ويضمنوا استمراريتهم، وإن استدعى الأمر بيع الوطن بأكمله، حتى لا يتم فضحهم على جرائمهم وما يقترفونه من مجازر في حق الشعب.
إني بكيت ألما وأنا أشاهد في الإعلام العمومي اتفاقيات الصيد البحري وتفويتهم لخيراتنا إلى الأجنبي وأنا الفرد والمواطن البسيط من أصل 85000 سجين لم أتذوق سمك بحرنا بمحيطه وبحره الأطلسي الممتد على آلاف الكيلومترات، فصرت أخرج كالأحمق المخبون إلى ساحة السجن كل صباح لأستنشق نسيم البحر ولأخفف عن نفسي قليلا من اشتياقي لطعم السمك. وصراحة لو علمت هذه الأسماك بحالنا لأشفقت علينا ولصنعت لنفسها أجنحة وطارت إلينا لتعوضنا هذا الحرمان.
كم كنت أتمنى أن يخرج عامة الشعب بمختلف أطيافه ليميطوا عنهم رداء القهر والظلم الذي يتجرعونه يوميا، ويطالبوا بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
وكم تمنيت أن أكون معكم لأشارككم أحلامكم في صناعة مستقبل نعيش فيه بسلام، لكن، ومع كامل الأسف ليس لي حق مشاركتكم هذا الحلم الذي ضيعناه بأيدينا وأنانيتنا، لأننا لا زلنا نلهث وراء مصالحنا الشخصية ونكرس النضالات الفئوية التي تشتت وحدتنا، وهذا لا يصب إل في صالح المخزن والجلاد .
ايها الشعب، ماذا تنتظر وأنت ترى شيوخنا وعجائزنا تهدم أسقف الأكواخ على رؤوسهم، هذه الأكواخ التي لا تتجاوز بضعة أمتار، ماذا تنتظر أيها الشعب وعائلات شردت بجرة قلم ظالم، بينما هناك من يملك القصور التي تمتد على مدِّ البصر والتي بنيت خارج القانون ولم نجد لهم حسيبا ولا رقيبا.
ألم يكفك ايها الشعب ما يقع لإخواننا والأساتذة المتعاقدين والأطباء والممرضين من اضطهاد لحقوقهم وتهديد لمستقبلهم ومستقبل أسرهم، وما القمع الذي تعرض له مؤخرا الأساتذة المتعاقدون إلا دليل على أننا محكومون من قبل شرذمة لا همَّ لهم غير رعاية مصالحهم دون الاكتراث لأحد آخر، وقبل الأساتذة المتعاقدون كنا شهودا على اخراس الصحافة الحرة الذين كانوا يحاولون توعية الشعب؛ فهاهم قد حاكموا المهداوي وتوفيق بوعشرين بتهم واهية لإسكات البقية. هذا دون أن ننسى سرقة أراضي البسطاء باسم المصلحة العامة وتفويتها لمافيا العقار كي يشيدوا فوقها المراقص والملاهي الليلية.
أيها الشعب، ماذا تنتظر ونساؤك يلدن على ظهور الحمير، بينما حكامك يلجؤون إلى أرقى المصحات الأوروبية للتداوي.. ألا يكفيك حال الذين يبحثون عما يسدون به رمقهم في حاويات الأزبال.. ألا يكفيك حال إخواننا التجار الذين يبكون حالهم ولا مجيب لهم.. ؟؟ !!! ألم يستيقظ ضميرك بعد أيها الشعب الأبي لتدافع عن وطنك ومصلحته.. ؟؟ !!! أليس الريف جزءا منك وأهله محاصرون لا عيد لهم ولا فرحة تغمرهم، بل وكل أبنائه مشتتون في السجون ويفترشون الأرض ويلتحفون السماء، بل ويموتون جوعا.. أيها الشعب، ألهذا الحد استسلمت وركنت لظلم المخزن.. ؟؟ !!! أين أنتم من قول الرسول صلى الله عليه وسلم " المسلم للمسلم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.. ؟؟ !!! 
أيها الشعب أين تكافلك وتضامنك المعهود فيك، أم أنك تُلْبِسُ خوفك وعجزك جلباب " لا للفتنة "، فأي فتنة أشد من أن تستيقظ على وطن تنهب ثرواته جهارا نهارا.. أي فتنة أشد من أن تستيقظ في وطن حكامه في واد والشعب في واد آخر.. ؟؟ !!! 
أيها الشعب ما علينا إلا توحيد نضالاتنا جميعا، ونقتنع ونؤمن بالمصلحة العامة والتضحية من أجل الآخرين.
كم كنت أتمنى أن يعيش أبناء الوطن الواحد في ود وسلام، في حرية وأمان، لا ظالم ولا مظلوم، لا جائع ولا مقهور... شعب واحد موحد رغم اختلافاته الإيديولوجية والفكرية والثقافية.. 
كم كنت أتمنى أن يخرج شعبنا ويصنع ملحمته مثلما قام به الشعب الجزائري الشقيق، الذي خرج دفاعا عن حقوقه ليضمن ويصنع مستقبله بنفسه، ولا ينتظر أن تنزل عليه معجزة من السماء، لأن زمن المعجزات قد ولى. فنحن من يصنع قدرنا.
كم تمنيت وأنا محاصر بين هذه القضبان والجدران الكئيبة أن أسير مع أصدقائي ومعارفي وأتجول في أزقة الحسيمة وأطوف على شواطئها الجميلة التي حرمت من مشاهدتها، وحرمت من تذوق سمكها اللذيذ.
آآآآآه يا أماه، كم تمنيت أن يتحقق حلمك الذي حلمت فيه أني عدت إليك وعدتُ إلى أحضانك وأحضان الريف.. تمنيت حقا أن أرى الابتسامة تعلو مُحَيَّاك ويصير هذا الحلم واقعا، لكن مع كامل الأسف اقتنعت يوما بعد يوم أن هذا الحلم صار يتحول رويدا رويدا إلى سراب.
ما عاد شيء يغريني بالبقاء هنا يا أماااه، والاستمرار في تجرع المأساة ِتلْوَ المأساة والمعاناة تلو المعاناة في هذا الوطن الذي يكتوي فيه أبناؤه بنار الحكرة والظلم والقمع.. ما عاد شيء يستحق أن يقاوم عليه المرء.. ما عاد شيء يستحق التشبث بالحياة من أجله.. إني أموت على قيد الحياة.. صمتنا صمت القبور لا نتحرك ولا نثور..لا شيء يغريني يا أمااااه الغالي، ولم أعد أتحمل رؤيتك وأنت تتعذبين بسببي وتحملين همي في منامك ويقظتك... أمااااه إن تناهى إلى علمك أني ودعت الحياة فلا تبكي علي، لأني اخترت أن أضحي بنفسي وأقدم روحي قربانا للشعب لعله يستفيق من سباته ويحقق كرامته ويتخلص من قيود الذل والعبودية التي كبلته لقرون، فالموت أهون عندي من هذا الواقع المرير والمخزي.. 
إن كان لابد من الموت فلما الخوف منه؟؟ وما دام الموت حق فليكن بيدي لا بيد غيري.. ما دام الموت حق فلأختر أنا الطريقة ولأمت كما أشاء أنا لا كما يشاء الظالمون والمستبدون
عاش الشعب 
عاش الريف


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *