جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

عصفور طل من الشباك/الرفيقة نورة بنيحيى

كنت بطريقي للكلية حينما وقع نظري على مجموعة من الأطفال كانوا يتصارعون مع بعضهم البعض، و رغم أنني كنت على عجلة من أمري إلا أنني قررت أن أتدخل لإعادة الهدوء إليهم...إقتربت منهم و نصف إبتسامة مرسومة على شفتي...لكن ما أن وصلت إليهم حتى إختفت لتحل محلها نظرة إستنكار و أنا أشاهدهم و هم يتصارعون من أجل الظفر بعصفور في غاية الجمال بألوانه البراقة و المتناسقة في الوقت ذاته...كان كل واحد منهم يحاول الحصول عليه غير مكترثين بالألم الذي يسببونه له...بنبرة واثقة من نفسي إقترحت عليهم بعض المال مقابل تسليمه لي...لم يتردد العفاريت في قبول الصفقة التي على ما يبدو كانت رابحة بالنسبة إليهم.. سلمتهم الورقة النقدية و إستلمت الطائر الجميل...بمجرد ما إبتعد المشاغبون الصغار أطلقته بكل ما أوتيت من قوة لكي يعود للسماء..حيث عالمه...لكنني فوجئت به يسقط بسبب عجزه عن الطيران...تقدمت منه و أخذته بين يدي دون مقاومة تذكر و قمت بفحص جسمه الذي كان يرتعد و لم أتأخر كثيرا في إكتشاف العديد من الجراح بجناحيه و تحت صدره...قررت عدم الذهاب للكلية و نسخ الدروس لاحقا..فلا يمكنني أن أتركه هنا بالشارع ليكون ضحية لمن لا يكترث للإنسان فما بالك بالطيور...إحتضنته و عدت به للمنزل و هناك ضمدت جراحه...خصصت له مكانا بغرفتي و رغم أن والدتي كانت تطلب مني يوميا أن أتخلص منه إلا أنني رفضت بشكل قاطع لم تجد معه سوى القبول بالأمر الواقع...مرت أسابيع و شفي خلالها الطائر و أصبح غناؤه يملأ المنزل...كان يميزني من بين الجميع و يبحث عني داخل أرجاء المنزل كلما سمع صوتي...لا يهنأ له بال إلا عندما يستقر فوق كتفي حتى أصبحت مثار سخرية عائلتي الذين أصبحوا ينادونني بذي الرجل الخشبية، الرجل الممثل بجزيرة الكنز...تعلقت به كثيرا...و ذات يوم و أنا أدرس بإحدى الحدائق رفعت رأسي نحو السماء فإذا بي أرى سربا من الطيور التي تشبه طائري الحبيب...فرت دمعة من عيني...فلم أشعر إلا و أنا أدخل كتبي بسرعة داخل حقيبتي و رميت بنفسي داخل أول سيارة تاكسي...وصلت للبيت و الألم يعتصر قلبي...بحثت عن طائري الحبيب و إحتضنته بحنان و لم أتوقف عن تقبيله إلى أن عدت لنفس المكان...نظرت للسماء و الدموع تكاد تحجب الرؤية عني..قبلته قبلة أخيرة و بكل ما أوتيت من قوة أطلقته في السماء...كان أسرع مني لأنه عاد ليستقر فوق كتفي...قبلته مرة أخرى و قمت برميه من جديد و ركضت كما لم أركض بحياتي...إختبأت وراء أحد المنازل و بدأت أراقبه...كان يبحث عني و عندما لا يجدني كان يعود للتحليق...ثم مرات و مرات ينزل...بدأت أبكي بحرقة و أنا أشاهد وفاءه و هو الذي بدل أن يكون سعيدا بتحليقه في السماء فضل البحث عني...فضل التخلي عن حريته في وفاء منقطع النظير...إنزويت في أحد الأركان و ظللت أبكي هناك لمدة ليست باليسيرة...ألقيت نظرة على طائري الحبيب فرأيته فاردا جناحيه و يحلق عاليا....شعرت بسعادة لا توصف و أنا أراه قد عاد لعالمه حيث ينتمي و بخطوات متثاقلة عدت أدراجي...فبالنهاية أن تحب مخلوقا كيفما كان يعني أن تضحي بنفسك لأجل أن تراه سعيدا حتى لو كان بعيدا عنك...
27 مارس 2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *