المرأة في ثورة السودان/حسن اكرويض.
""انتشر فيديو لفتاة سودانية فوق إحدى السيارات تردد هتافات بشكل غنائي تطالب بتغيير نظام الرئيس عمر البشير، وتلقي بصوتها العذب شعارات حماسية: "شعبي يريد"، ليردد المتظاهرون من ورائها "ثورة".
وتكرر المرأة جملة "حبوبتي كنداكة" عدة مرات، في إشارة إلى النساء السودانيات المشاركات في الاحتجاجات. وكلمة كنداكة تطلق على الملكات المحاربات النوبيات قديما.
هذه الجملة كافية لجعلنا نعرف دور المرأة السودانية الريادي عبر التاريخ. هل هي حالة فردية ؟ او هل هو تحول نوعي في مظاهرات السودان؟
في 16 يونيو 2012، بدأت العشرات من الشابات في دار الطالبات داخل جامعة الخرطوم في الهتاف عاليا "لا لارتفاع الأسعار" نتيجة لتدابير التقشف التي اتخذتها الحكومة حيث أصبحت تكلفة الوجبات والمواصلات غير محتملة للطالبات. قامت حينها قوات القمع الحكومية بمهاجمة دار الطالبات وقمع صوتهن واعتقال بعض الطالبات، وقد ألهمت المظاهرات التي قادتها هؤلاء الشابات الاحتجاجات في الجامعات والتي تهدف إلى حشد سكان مدن سودانية عديدة. وقد استمرت المظاهرات لأكثر من أسبوعين، فالسودان ينتفض ضد نظام عمر البشير وهو دكتاتور السودان طوال الثلاث وعشرين سنة الماضية، إلى جانب كونه مجرم حرب مطلوب من المحكمة الجنائية الدولية لارتكاب جرائم ضد الإنسانية في دارفور، حيث تم استخدام الاغتصاب كسلاح من قبل نظامه ضد نساء دارفور؛ ويستمر استخدام الاغتصاب من قبل ميليشياته وقوات الأمن ضد الناشطات المعتقلات إلى الآن.
إن مشاركة النساء في صنع التغيير في السودان وخاصة مشاركتهن في ثورات السودان تعد عنصرا رئيسيا في تاريخ البلاد ، وهي سنوات ثورة المهدي ضد الحكم المصري- التركي في السودان. وقد قامت مهيرة، كانت شاعرة، في شمال السودان بتشجيع زعماء القبائل للوقوف ضد الجيش التركي ومحاربته، وذلك من خلال قصائدها التي استخدمتها لتشجيع قادة قبيلتها وجيشها من أجل الاستمرار في النضال ولكي لا يستسلموا لعدوهم. وخلال الاستعمار الإنجليزي للسودان في غرب السودان وتحديدا في جبال النوبة، حملت ماندي أجبنا رأس أبيها، وهو ملك أعدم من قبل الجيش الاستعماري، لأيام خلال جبال النوبة لكي تقنع 17 ملك لتوحيد قواهم ومحاربة الإنجليز من أجل حماية أراضيهم وتحرير شعوبهم.
وفي التاريخ الحديث، كانت النساء على الخطوط الأمامية يطالبن بالاستقلال عن الحكم البريطاني، وبعد الاستقلال عملت النساء من أجل التغيير الاجتماعي وبدأن النضال من أجل حقوقهن. على سبيل المثال، قادت فاطمة أحمد إبراهيم رئيسة الاتحاد النسائي السوداني المظاهرات ضد النظام العسكري لإبراهيم عبود في ثورة أكتوبر 1964. وكانت فاطمة والاتحاد من الأسباب الرئيسية وراء نجاح ثورة السودان الأولى كدولة مستقلة. وقد حشد الاتحاد النسائي السوداني النساء وحولهن إلى قوة ضاغطة تشعل الاحتجاجات وتنزل الشوارع في أعداد هائلة، وكنتيجة لذلك كسبن معظم حقوقهن. وبعد الثورة أصبحت فاطمة أول امرأة سودانية تنتخب كعضوة في البرلمان، ومن موقعها حاربت من أجل النساء اللاتي شاركن في الثورة. وبحلول عام 1969 حصلت النساء على حقوقهن في المشاركة السياسية والمساواة في التعليم والعمل والأجور.
بعد اندلاع الثورة ضد نظام جعفر نميري العسكري وكانت النساء قد اكتسبت مزيد من الحقوق حينها، وعملن وزيرات ومحاميات وطبيبات ومعلمات. أثناء الثورة الثانية، كانت مشاركة النساء في الأحزاب السياسية ملحوظة، وكن عضوات نشيطات في النقابات المهنية واتحادات العمال، والتي قامت بقيادة الاحتجاجات والإضرابات حتى سقوط النظام.
وقد قادت النساء السودانيات الاحتجاجات في موجة التظاهرات الأخيرة في هذا العام، فمثلا قامت النساء كبيرات السن بسد الشوارع بأجسادهن في بهري في 22 يونيو.
سلكت النساء في السودان طريقا طويلا لكسب حقوقهن فهن قيادات في الأحزاب السياسية، ومستشارات، وصانعات سياسات. وفي حزب الأمة، وهو أحد أقدم الأحزاب السياسية وأكثرها محافظة في السودان، تعمل سارة نقد الله كسكرتيرة سياسية في الحزب (رئيسة المكتب السياسي)، كما تعد حركة حق مثالا آخر على حركة سياسية جديدة تقودها السيدة هالة عبد الحليم. تثبت النساء السودانيات أنهن مناضلات شجاعات وقويات من أجل الحرية، ومنظمات وحاشدات للمجتمع، حيث أن معظم مجموعات الشباب والحركات التي تطالب بتغيير النظام أو التحول الديمقراطي في فترة 2-4 سنوات الماضية كانت تقودها نساء. كما أن معظم مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة ومنظمات حقوق الإنسان تقودها نساء، أو تكون فيها النساء هي الرموز الأبرز. لم تتوقف النساء أبدا عن النضال والمحاربة من أجل حقوقهن والمستقبل الأفضل لوطنهن. كل هؤلاء النساء شرفن عندما فازت حواء عبد الله محمد، المدافعة الدارفورية عن حقوق الإنسان والتي اعتقلت لشهور في عام 2011 بالجائزة الدولية للنساء الشجاعات عام 2012. وتستمر النساء السودانيات في نضالهن الشجاع على الخطوط الأمامية للاحتجاجات، يصبن بالطلقات ويتشممن الغاز المسيل للدموع ولكن يواصلن إعلاء صوتهن بالرغم من ذلك، ليعلن: "الطلقة ما بتحرق.. بيحرق سكات الزول"..
أشكر الرفيق Ely Agrawly على معلوماته وتوجيهاته وإحالتي الى مقالات تتناول مواضيع المرأة السودانية.""
واليكم الاضافة وهي تتعلق بالمناضلة فاطمة أحمد إبراهيم وهي كما تعرفها المعاجم المتاحة سياسية سودانية (1932–2017) وأول سيدة تنتخب كعضو برلمان في الشرق الأوسط في مايو 1965 ومن أشهر الناشطات في مجال حقوق الإنسان والمرأة والسياسة في السودان) وكانت عضوة باللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني لعدة دورات. انها ارملة الشفيع أحمد الشيخ أحد أبرز قيادات الحزب الشيوعي السوداني و(رئيس اتحاد عمال السودان ونائب رئيس الاتحاد العالمي لنقابات العمال) حتى إعدامه في يوليو 1971م..
كنت افضل الاشارة الى هذه الخلفية عند الكلام عن فاطمة احمد ابراهيم بدل الاكتفاء بالإشارة الى صفتها كرئيسة الاتحاد النسائي السوداني.فلولا تلك الخلفية لما تمكنت من توجيه الاتحاد تلك الوجهة الرائدة.
فتحية للمراة السودانية التي دمجت بين كل عناصر الهوية المتعددة للشعب السوداني فكانت هذه المراة في طليعة النضال وهي تقوده اليوم في الاعتصامات والمسيرات وتحقيق اهداف الثورة.
15/04/2019
وتكرر المرأة جملة "حبوبتي كنداكة" عدة مرات، في إشارة إلى النساء السودانيات المشاركات في الاحتجاجات. وكلمة كنداكة تطلق على الملكات المحاربات النوبيات قديما.
هذه الجملة كافية لجعلنا نعرف دور المرأة السودانية الريادي عبر التاريخ. هل هي حالة فردية ؟ او هل هو تحول نوعي في مظاهرات السودان؟
في 16 يونيو 2012، بدأت العشرات من الشابات في دار الطالبات داخل جامعة الخرطوم في الهتاف عاليا "لا لارتفاع الأسعار" نتيجة لتدابير التقشف التي اتخذتها الحكومة حيث أصبحت تكلفة الوجبات والمواصلات غير محتملة للطالبات. قامت حينها قوات القمع الحكومية بمهاجمة دار الطالبات وقمع صوتهن واعتقال بعض الطالبات، وقد ألهمت المظاهرات التي قادتها هؤلاء الشابات الاحتجاجات في الجامعات والتي تهدف إلى حشد سكان مدن سودانية عديدة. وقد استمرت المظاهرات لأكثر من أسبوعين، فالسودان ينتفض ضد نظام عمر البشير وهو دكتاتور السودان طوال الثلاث وعشرين سنة الماضية، إلى جانب كونه مجرم حرب مطلوب من المحكمة الجنائية الدولية لارتكاب جرائم ضد الإنسانية في دارفور، حيث تم استخدام الاغتصاب كسلاح من قبل نظامه ضد نساء دارفور؛ ويستمر استخدام الاغتصاب من قبل ميليشياته وقوات الأمن ضد الناشطات المعتقلات إلى الآن.
إن مشاركة النساء في صنع التغيير في السودان وخاصة مشاركتهن في ثورات السودان تعد عنصرا رئيسيا في تاريخ البلاد ، وهي سنوات ثورة المهدي ضد الحكم المصري- التركي في السودان. وقد قامت مهيرة، كانت شاعرة، في شمال السودان بتشجيع زعماء القبائل للوقوف ضد الجيش التركي ومحاربته، وذلك من خلال قصائدها التي استخدمتها لتشجيع قادة قبيلتها وجيشها من أجل الاستمرار في النضال ولكي لا يستسلموا لعدوهم. وخلال الاستعمار الإنجليزي للسودان في غرب السودان وتحديدا في جبال النوبة، حملت ماندي أجبنا رأس أبيها، وهو ملك أعدم من قبل الجيش الاستعماري، لأيام خلال جبال النوبة لكي تقنع 17 ملك لتوحيد قواهم ومحاربة الإنجليز من أجل حماية أراضيهم وتحرير شعوبهم.
وفي التاريخ الحديث، كانت النساء على الخطوط الأمامية يطالبن بالاستقلال عن الحكم البريطاني، وبعد الاستقلال عملت النساء من أجل التغيير الاجتماعي وبدأن النضال من أجل حقوقهن. على سبيل المثال، قادت فاطمة أحمد إبراهيم رئيسة الاتحاد النسائي السوداني المظاهرات ضد النظام العسكري لإبراهيم عبود في ثورة أكتوبر 1964. وكانت فاطمة والاتحاد من الأسباب الرئيسية وراء نجاح ثورة السودان الأولى كدولة مستقلة. وقد حشد الاتحاد النسائي السوداني النساء وحولهن إلى قوة ضاغطة تشعل الاحتجاجات وتنزل الشوارع في أعداد هائلة، وكنتيجة لذلك كسبن معظم حقوقهن. وبعد الثورة أصبحت فاطمة أول امرأة سودانية تنتخب كعضوة في البرلمان، ومن موقعها حاربت من أجل النساء اللاتي شاركن في الثورة. وبحلول عام 1969 حصلت النساء على حقوقهن في المشاركة السياسية والمساواة في التعليم والعمل والأجور.
بعد اندلاع الثورة ضد نظام جعفر نميري العسكري وكانت النساء قد اكتسبت مزيد من الحقوق حينها، وعملن وزيرات ومحاميات وطبيبات ومعلمات. أثناء الثورة الثانية، كانت مشاركة النساء في الأحزاب السياسية ملحوظة، وكن عضوات نشيطات في النقابات المهنية واتحادات العمال، والتي قامت بقيادة الاحتجاجات والإضرابات حتى سقوط النظام.
وقد قادت النساء السودانيات الاحتجاجات في موجة التظاهرات الأخيرة في هذا العام، فمثلا قامت النساء كبيرات السن بسد الشوارع بأجسادهن في بهري في 22 يونيو.
سلكت النساء في السودان طريقا طويلا لكسب حقوقهن فهن قيادات في الأحزاب السياسية، ومستشارات، وصانعات سياسات. وفي حزب الأمة، وهو أحد أقدم الأحزاب السياسية وأكثرها محافظة في السودان، تعمل سارة نقد الله كسكرتيرة سياسية في الحزب (رئيسة المكتب السياسي)، كما تعد حركة حق مثالا آخر على حركة سياسية جديدة تقودها السيدة هالة عبد الحليم. تثبت النساء السودانيات أنهن مناضلات شجاعات وقويات من أجل الحرية، ومنظمات وحاشدات للمجتمع، حيث أن معظم مجموعات الشباب والحركات التي تطالب بتغيير النظام أو التحول الديمقراطي في فترة 2-4 سنوات الماضية كانت تقودها نساء. كما أن معظم مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة ومنظمات حقوق الإنسان تقودها نساء، أو تكون فيها النساء هي الرموز الأبرز. لم تتوقف النساء أبدا عن النضال والمحاربة من أجل حقوقهن والمستقبل الأفضل لوطنهن. كل هؤلاء النساء شرفن عندما فازت حواء عبد الله محمد، المدافعة الدارفورية عن حقوق الإنسان والتي اعتقلت لشهور في عام 2011 بالجائزة الدولية للنساء الشجاعات عام 2012. وتستمر النساء السودانيات في نضالهن الشجاع على الخطوط الأمامية للاحتجاجات، يصبن بالطلقات ويتشممن الغاز المسيل للدموع ولكن يواصلن إعلاء صوتهن بالرغم من ذلك، ليعلن: "الطلقة ما بتحرق.. بيحرق سكات الزول"..
أشكر الرفيق Ely Agrawly على معلوماته وتوجيهاته وإحالتي الى مقالات تتناول مواضيع المرأة السودانية.""
واليكم الاضافة وهي تتعلق بالمناضلة فاطمة أحمد إبراهيم وهي كما تعرفها المعاجم المتاحة سياسية سودانية (1932–2017) وأول سيدة تنتخب كعضو برلمان في الشرق الأوسط في مايو 1965 ومن أشهر الناشطات في مجال حقوق الإنسان والمرأة والسياسة في السودان) وكانت عضوة باللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني لعدة دورات. انها ارملة الشفيع أحمد الشيخ أحد أبرز قيادات الحزب الشيوعي السوداني و(رئيس اتحاد عمال السودان ونائب رئيس الاتحاد العالمي لنقابات العمال) حتى إعدامه في يوليو 1971م..
كنت افضل الاشارة الى هذه الخلفية عند الكلام عن فاطمة احمد ابراهيم بدل الاكتفاء بالإشارة الى صفتها كرئيسة الاتحاد النسائي السوداني.فلولا تلك الخلفية لما تمكنت من توجيه الاتحاد تلك الوجهة الرائدة.
فتحية للمراة السودانية التي دمجت بين كل عناصر الهوية المتعددة للشعب السوداني فكانت هذه المراة في طليعة النضال وهي تقوده اليوم في الاعتصامات والمسيرات وتحقيق اهداف الثورة.
15/04/2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق