جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

الرفيق عبد الحميدأمين ضيف جريدة النهج الديمقراطي/ للعدد المزدوج 141-142 دجنبر 2010

الرفيق عبد الحميدأمين ضيف جريدة النهج الديمقراطي

استجواب لجريدة النهج الديمقراطي
مع عبد الحميد أمين
كضيف للعدد المزدوج 141-142 دجنبر 2010
تقديم لضيف العدد:
في إطار متابعة جريدة النهج الديمقراطي لمختلف القضايا التي تهم الطبقة العاملة ببلادنا وبمناسبة التهيئ للمؤتمر العاشر للاتحاد المغربي للشغل المزمع عقده أيام 11 و12 من شهر دجنبر 2010 تستضيف هيئة التحرير الرفيق عبد الحميد أمين كضيف لهذا العدد نظرا للتجربة الهامة التي راكمها الرفيق في المجال النقابي مما مكنه ولا شك من تلمس الإشكاليات المعقدة التي يطرحها العمل النقابي وبالتالي البحت عن أنجع السبل للنهوض بالعمل النقابي لخدمة مصالح الطبقة العاملة.
وعبر هذه المقابلة تأمل الجريدة أن تقدم لقرائها وللمناضلين النقابيين ما كانوا ينتظروه من أجوبة على تساؤلاتهم أو تساعدهم في البحت على الحلول المناسبة للإشكاليات التي تواجههم.
كما تتقدم هيأة التحرير بالشكر الموفور للرفيق أمين على تواضعه وقبوله دعوتنا والإجابة على أسئلتنا بدون مواربة.


س 1: هل لك الرفيق عبد الحميد أمين أن تحدثنا عن مسارك النضالي في المجال النقابي؟
لقد أتيحت لي الفرصة للتعرف على النضال النقابي بشكل مبكر، وعمري لا يصل بعد إلى 12 سنة، وذلك في فاتح ماي 1956 عندما شاركت في عيد الشغل لفاتح ماي 1956، وكان أول استعراض نظمه الاتحاد المغربي للشغل، بمدينة فاس التي كنت أسكن فيها،لأول مرة بعد نشأته وبعد انتهاء عهد الحماية. وكانت تلك المشاركة ـ في مسيرة انطلقت من باب الفتوح إلى المدينة الجديدة، التي كان يسكنها الأوروبيون ـ مشوقة ومثيرة؛ وأعتقد أنها تركت في نفسي آثارا لا تمحى بسبب الجو الحماسي الذي عشته ذلك اليوم.
بعد ذلك عشت التجربة النقابية الطلابية في إطار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب أولا في 1964 و1965 بمدينة الرباط حيث بدأت دراستي الجامعية، وثانيا في باريس من 1965 إلى 1970 حيث واصلت دراستي، وكنت مسؤولا في فرع أوط م بباريس.
وبعد انتهاء الدراسة في 1970، رجعت إلى المغرب واشتغلت بالمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بالغرب، وكنت أسكن مدينة القنيطرة؛ وهناك انخرطت في الاتحاد المغربي للشغل، ولم تكن لي آنذاك أدنى مسؤولية داخله نظرا لالتزاماتي المهنية كرئيس مصلحة ولالتزاماتي السياسية كعضو في قيادة المنظمة الماركسية اللينينية "أ" التي ستحمل لاحقا وكما تعلمون اسم منظمة إلى الأمام.
بالموازاة مع هذه التجربة، كنت كذلك من الأعضاء المؤسسين للاتحاد الوطني للمهندسين وتحملت مسؤولية المشرف على العمل النقابي داخل أول مكتب وطني انبثق عن مؤتمره الأول في دجنبر 1971.
إلا أن اعتقالي في ماي 1972 جعل حدا لكل هذا؛ وبعد خروجي من السجن في غشت 1984 ورجوعي إلى العمل ستة أشهر بعد ذلك، عدت إلى العمل النقابي من جهة داخل الاتحاد الوطني للمهندسين حيث أنا الآن عضو في لجنته الإدارية منذ 16 سنة ومن جهة أخرى داخل الاتحاد المغربي للشغل حيث أنا الآن رئيس شرفي للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي وكاتب عام للاتحاد النقابي للموظفين وللنقابة الوطنية للموظفين المتقاعدين وعضو اللجنة الإدارية للاتحاد الجهوي بالرباط وعضو اللجنة الإدارية للمركزية منذ 1995 وكذا في اللجنة التحضيرية للمؤتمر العاشر للاتحاد المغربي للشغل المقرر عقده في 11 ـ 12 دجنبر 2010.
س 2: من موقعك كمتتبع وكممارس للعمل النقابي العمالي منذ عشرات السنين، ما هو تشخيصك للأوضاع النقابية حاليا في المغرب؟
في تقديري، إن الحركة النقابية العمالية المغربية تعيش أزمة عميقة وهذه الأزمة هي إحدى الأسباب الرئيسية لما نلاحظه من إجهاز في السنوات الأخيرة على مكتسبات وحقوق الطبقة العاملة ببلادنا، ولما نلاحظه من غطرسة للباطرونا ومن دعم مكشوف لها من طرف الدولة، ولو على حساب احترام قوانين الشغل الجاري بها العمل. ودعني أولا استعرض ولو بإيجاز مظاهر هذه الأزمة المتجسدة في:
-               تردي جماهيرية العمل النقابي، إذ أن مجموع المنخرطين والمنخرطات في تقديري لا يتجاوز 300 أو 400 ألف بالنسبة لكافة المركزيات النقابية، بينما كان عدد منخرطي الاتحاد المغربي للشغل 650 ألف في نهاية الخمسينات من القرن الماضي عندما كانت المركزية النقابية الوحيدة ببلادنا.
-               تقسيم الحركة النقابية والعبث بوحدتها. لقد ظلت الطبقة العاملة مؤطرة في مركزية نقابية واحدة منذ الإعلان عن الاستقلال إلى حدود 20 مارس 1960، عندما قام حزب الاستقلال بإنشاء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب. أما اليوم فهناك حوالي عشرين مركزية نقابية ببلادنا، خمسة منها تعتبر الأكثر تمثيلية من طرف السلطات الحكومية. وإن التعددية النقابية الناتجة عن التقسيم النقابي تعد مصدرا لتضارب المواقف وتعارض التكتيكات النضالية مما يسيء لمصالح الطبقة العاملة ككل.
-               ضعف الديمقراطية الداخلية الذي يمكن تلمسه على مستوى الأجهزة القيادية الوطنية وعلى مستوى الجامعات والنقابات الوطنية والاتحادات المحلية لهذه المركزية أو تلك. ويكفي الإشارة على سبيل المثال إلى أن الاتحاد المغربي للشغل لم يعقد مؤتمره الوطني منذ ما يقرب من 16 سنة وأن الكنفدرالية الديمقراطية للشغل لم تعقد مؤتمرها الوطني منذ أزيد من 9 سنوات، ناهيك عن تجميد نشاط الأجهزة المنتخبة وتغييب العمل الجماعي وتسييد مفهوم الزعامة في كافة المستويات.
-               تفشي قيم الانتهازية والانتفاعية والفساد وتكاثر المفسدين في صفوف المسؤولين النقابيين ضدا على شعار "خدمة الطبقة العاملة وليس استخدامها".
-               ضعف الاستقلالية إزاء السلطة والباطرونا والأحزاب السياسية، حيث نجد وراء مجمل الانشقاقات التي عرفتها الحركة النقابية إما السلطة أو المصلحة الحزبية الضيقة أو هما معا.
-               ضعف التضامن النقابي على كافة المستويات من نقابة المؤسسة إلى الاتحاد المحلي والنقابة الوطنية والجامعة الوطنية والمركزية وصولا إلى التضامن للمركزيات النقابية فيما بينها. وضعف التضامن هذا، يساهم في العديد من الأحيان في تكبد الطبقة العاملة لهزائم كبرى في عدد من المعارك.
-               تقلص الطابع التقدمي للعمل النقابي حيث لم تعد المركزيات النقابية إلا نادرا تتخذ مواقف سياسية تقدمية من القضايا المصيرية للبلاد: الموقف من الديمقراطية المزيفة أو الشكلية، من المسألة الدستورية، من التغلغل الإمبريالي في مختلف المجالات، من اندماج المغرب في العولمة الليبرالية المتوحشة، من الإصلاح الزراعي، الخ...

ولا بد من الإشارة إلى أن أزمة الحركة النقابية العمالية التي حاولت تشخيصها هنا، لها أسباب تتجسد بالأساس في الهجمة العالمية وذات الامتداد المحلي للرأسمالية الليبرالية، في إطار العولمة الامبريالية، على مكتسبات وحقوق الطبقة العاملة المنتزعة بفضل نضالاتها التاريخية ضد الاستغلال الرأسمالي، في نجاح المخططات المعادية للطبقة العاملة وفي غياب حزبها المستقل القادر على بلورة مشروعها السياسي التحرري في مسارها نحو الاشتراكية كنظام يجسد السلطة السياسية والاقتصادية والثقافية للطبقة العاملة وعموم الكادحين.
وأشير كذلك إلى أن استمرار الأزمة التي تعيشها الحركة النقابية العمالية قد يؤدي إلى اضمحلالها. لهذا حان الوقت للعمل بحزم على تجاوز هذه الأزمة، وهذه مهمة كافة المناضلين والمناضلات الغيورين على مصالح الطبقة العاملة أينما وجدوا وكيف ما كان موقفهم.
س 3: وماذا عن الاتحاد المغربي للشغل بعد وفاة المحجوب بن الصديق الأمين العام للمركزية لما يفوق 55 سنة؟
إن الاتحاد المغربي للشغل ـ رغم أنه المركزية النقابية الأولى على مستوى التمثيلية النقابية ورغم بعض مظاهر القوة الأخرى مثل تظاهرات فاتح ماي ورغم الدينامية الداخلية التي يعرفها بفضل مناضليه الأوفياء لشعار "خدمة الطبقة العاملة وليس استخدامها" ـ يتقاسم عددا من مظاهر الأزمة التي حاولت تشخيصها سابقا. فهو كذلك يعاني من ضعف التنقيب وضعف الديمقراطية الداخلية ومن تفشي قيم الانتهازية والانتفاعية في صفوفه، وضعف التضامن النقابي داخليا، ومن تراجعات مخلة بهويته كمنظمة تقدمية.
إن 55 سنة من التسيير غير الديمقراطي للاتحاد قد ترك آثارا عميقة على المركزية. وخلال هذه السنوات تعمق الطابع الاستبدادي لتسيير الاتحاد إلى درجة أنه لم يتمكن من تحديد تاريخ عقد المؤتمر الوطني العاشر إلا بعد وفاة الأمين العام مدى الحياة. فالمؤتمر التاسع عقد في أبريل 1995 أي قبل ما يقرب من 16 سنة وهذا رقم قياسي. ولا أحد يدري لماذا هذا التأخير غير القانوني لعقد المؤتمر. لو احترمت دورية المؤتمر وهي 4 سنوات، لكنا الآن نحضر للمؤتمر 13 وليس للمؤتمر 10.
الفقيد المحجوب كان ينظر للمؤتمر بتوجس. وأذكر هنا أنني في فبراير 2005 كتبت رسالة للأمانة الوطنية اقترحت فيها عقد المجلس الوطني للاتحاد من جهة للإحياء القوي للذكرى 50 لتأسيسه (مارس 2005) ومن جهة أخرى للشروع في التحضير للمؤتمر الذي لم ينعقد آنذاك منذ 10 سنوات. وبدل أن يرحب بالفكرة، كان رد فعله سلبيا وعنيفا وكأن من يطرح فكرة المؤتمر يسيء للاتحاد أو يريد أن يصبح أمينا عاما مكانه.
لقد عشنا في الاتحاد خاصة بعد سنة 1999، الموعد القانوني لعقد المؤتمر الوطني العاشر، حالة استثناء داخلية تتجسد في تعطيل انعقاد المؤتمر، في تجميد نشاط الأجهزة التنظيمية الوطنية، في ضعف تجديد الأجهزة على مستوى الجامعات والاتحادات المحلية والتنظيمات الموازية، في غياب أي مبادرة نضالية وطنية عامة.
مهما يكن من أمر فبعد أزيد من 55 سنة من الانفراد بتسيير الاتحاد وبعد ما يقرب من 16 سنة من انعقاد آخر مؤتمر، نحن اليوم أمام وضعية تستوجب تغييرا جذريا على أساس الاحترام الفعلي لهوية ومبادئ الاتحاد وتستوجب مجهودا جبارا أثناء المؤتمر العاشر وخاصة بعده لتصحيح مسار مركزيتنا بعد أن أصبحت الشروط متوفرة لذلك مما سيؤهلها في نفس الوقت لتحمل مسؤولياتها الخاصة في النهوض بالحركة النقابية المغربية ككل على قاعدة مبادئ التضامن والوحدة والديمقراطية والاستقلالية والتقدمية والجماهيرية.
س 4: يتم الآن التحضير للمؤتمر العاشر للاتحاد المغربي للشغل. ماذا عن كيفية التحضير؟ وهل الظروف متوفرة للتحضير الجيد؟
بعد وفاة الراحل المحجوب في 17 شتنبر الماضي، تم عقد المجلس الوطني للاتحاد في 7 أكتوبر أي بعد 20 يوما من وفاته؛ وتم خلال ذلك الاجتماع اختيار الأخ الميلودي مخارق كمنسق عام للاتحاد ـ لملء الفراغ الناتج عن وفاة الأمين العام الذي لم يكن له قانونيا أي نائب ـ ومن جهة ثانية تحديد انعقاد المؤتمر الوطني العاشر يومي 11 و12 دجنبر 2010.
شخصيا فوجئت بسرعة تحديد موعد المؤتمر وبعقده في موعد قريب جدا أي شهرين فقط بعد المجلس الوطني وهي المدة التي بدت لي غير كافية للتحضير المتأني للمؤتمر. ومع ذلك لم يتم إثارة أي نقاش حول الموضوع، لأن الأساسي هو عقد المؤتمر ولو تطلب ذلك بذل مجهود جبار من طرف الجميع لإنجاحه بكل الوسائل رغم قصر المدة المتاحة لذلك. الأساسي هو طي صفحة الماضي (أو إنهاء "سنوات الرصاص داخل الاتحاد" كما سماها البعض).
وفي 21 أكتوبر 2010 تم عقد المجلس الوطني الثاني للاتحاد وقد خصص للتحضير للمؤتمر العاشر حيث تم تحديد معايير العضوية في اللجنة التحضيرية وجدولة اجتماعاتها إلى حدود المؤتمر وتحديد اللجان لتحضير مشاريع وثائق المؤتمر وهي عشرة (لجنة القانون الأساسي والمقرر التنظيمي، لجنة الحريات النقابية، لجنة الملف المطلبي والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والحماية الاجتماعية، لجنة القطاع العمومي والمنشآت العمومية والخصوصية، لجنة التكوين النقابي والإعلام والتواصل، لجنة العلاقات الدولية والتضامن الدولي، لجنة العلاقات مع المؤسسات التمثيلية والقوى السياسية والاجتماعية والمجتمع المدني، لجنة المرأة العاملة، لجنة الشبيبة العاملة ولجنة المتقاعدين/ات) بالإضافة للجنة المكلفة بصياغة مشروع البيان العام. كما تمت المصادقة على الشعار المركزي للمؤتمر: "الوفاء لهوية الاتحاد ومبادئه أساس كفاحنا لتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية".
وبالفعل اجتمعت اللجنة التحضيرية بكامل أعضائها ثلاث مرات واجتمعت اللجان المتفرعة عنها عدة مرات لإعداد مشاريع الوثائق، ولحد الآن، وحتى أجيب عن سؤالك، إن التحضير يسير عموما بشكل جيد سواء على مستوى تشكيل اللجنة التحضيرية أو اللجان المتفرعة عنها والتي يشارك فيها عدد من الفعاليات النقابية من خارج اللجنة التحضيرية أو على مستوى طريقة اشتغالها. وهناك جو من الحرية والمناقشة والتفاعل بين الآراء غير مسبوق داخل الاتحاد المغربي للشغل كما عرفته. فأنا شخصيا تتبعت التحضير للمؤتمر الثامن (دجنبر 1989) وشاركت في التحضير للمؤتمر التاسع (أبريل 1995) وشتان ما بين ذلك العهد وما نعيشه حاليا من أجواء إيجابية داخل الاتحاد.

س 5: وأي مدلول تعطيه لشعار المؤتمر؟
أنا أعتبر أن الشعار الذي تم اختياره ("الوفاء لهوية الاتحاد ومبادئه أساس كفاحنا لتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية") شعار جيد ومناسب للمرحلة.
أولا، إن الشعار يطرح كهدف الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وهذا شيء مهم لأنه يمزج بين النقابي والسياسي.
إننا في المغرب لم ندخل بعد عهد الديمقراطية رغم توفر عدد من شكلياتها ولهذا فالنضال من أجل الديمقراطية مطروح بقوة ويطرح على الطبقة العاملة بصفة خاصة أن تتحمل مسؤوليتها في قيادة المعركة الكبرى من أجل الديمقراطية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الديمقراطية كحكم للشعب من طرف الشعب ولصالح الشعب، الديمقراطية التي تضمن لعموم المواطنات والمواطنين التمتع بحقوق الإنسان السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الديمقراطية التي تضمن المساواة التامة بين الرجل والمرأة. ومن المعلوم أن دخول عهد الديمقراطية يقتضي بالضرورة إقرار دستور ديمقراطي في طريقة بلورته والمصادقة عليه وطبعا في مضمونه.
أما العدالة الاجتماعية فتعني أولا احترام حقوق العمال كمكون أساسي لحقوق الإنسان، وتعني احترام كافة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسائر المواطنين والمواطنات، وتعني التوزيع العادل للثروات، مما يقتضي بناء نظام اقتصادي واجتماعي يمكن من التخلص من الاستغلال وبالضرورة من النظام الرأسمالي كمصدر أساسي للاستغلال.
وفي اعتقادي، إن العدالة الاجتماعية الثابتة والقارة تقتضي بناء نظام اشتراكي كبديل للنظام الرأسمالي.
ثانيا، يطرح الشعار الكفاح كوسيلة لتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية؛ الشعار أكد إذن أن الكفاح والكفاح وحده هو السبيل لتحقيق الأهداف وهو ما يرد الاعتبار للكفاح وللصراع الطبقي كمكون لهويتنا التقدمية ضدا على المهادنة الطبقية والتوافقات الطبقية الهجينة التي أدت بالطبقة العاملة والجماهير الشعبية إلى المستنقعات الحالية.
ثالثا، يطرح الشعار كأساس للكفاح الوفاء لهوية ومبادئ الاتحاد، بمعنى التشبث بالتضامن والوحدة النقابية والديمقراطية والاستقلالية والتقدمية والجماهيرية.
إن التشبث بهوية الاتحاد كمنظمة نقابية عمالية تؤسس عملها على الصراع الطبقي التحرري شيء مهم ويجب انطلاقا من المؤتمر العاشر تفعيل هذه المبادئ حتى لا يسير خطابنا في واد وممارساتنا في واد آخر.

س 6: ما هي في رأيك الانتظارات الأساسية من المؤتمر؟ وكيف يمكن تحقيقها؟
 إن المؤتمر العاشر يشكل منعطفا داخل مركزيتنا. وهناك من يعتبر أن نجاح المؤتمر سيشكل ولادة ثانية لمركزيتنا، كنقابة ديمقراطية، مكافحة، وحدوية.
إن المطلوب من المؤتمر العاشر للاتحاد كما هو الشأن بالنسبة لمؤتمرات أي منظمة ديمقراطية هو:
-            تقييم عمل المنظمة خلال الستة عشر سنة الماضية؛
-            المصادقة على القانون الأساسي للاتحاد؛
-            المصادقة على مشاريع الوثائق المعدة من طرف اللجان وعلى البيان العام باعتبارها أساس تحديد توجهات وبرامج العمل للسنوات القادمة؛
-            الانتخاب الديمقراطي للجنة الإدارية.
فإلى أي حد سينجح المؤتمر في تحقيق هذه الانتظارات؟
·             بالنسبة للتقييم، لا أعتقد أن المناسبة والوقت والشروط العامة ستسمح بتقييم حقيقي لتجربة الاتحاد خلال 16 سنة الماضية وبالأحرى بالنسبة ل 55 سنة من تاريخ الاتحاد منذ التأسيس. المؤتمر في نظري سيكتفي بملامستها؛ وعلى الجميع وخاصة المناضلين والمناضلات أن ينكبوا على تقييم التجربة مباشرة بعد المؤتمر لأنه لا يمكن طي صفحة الماضي بدون قراءتها جيدا وبدون معرفة حقيقة ما جرى واتخاذ الإجراءات حتى لا تتكرر تجربة الماضي.
·             بالنسبة للقانون الأساسي، إن المؤتمر سيدخل الاتحاد في تجربة جديدة بعد المصادقة على قانون أساسي، آمل أن يكون ديمقراطيا وعصريا، والاتفاق على إقرار نظام داخلي من طرف اللجنة الإدارية. إن هذا المنحى سيفسح داخل الاتحاد عهد نقابة الحق والقانون التي لا يمكن بدونها المساهمة في بناء دولة الحق والقانون. إن فاقد الشيء لا يعطيه. فإذا أردنا الديمقراطية على مستوى الدولة والمجتمع، علينا أن نبدأ بأنفسنا كمركزية نقابية.
·             بالنسبة للتوجهات وبرنامج العمل المستقبليالمجسدة في مختلف المقررات والتوصيات والبيان العام للمؤتمر، إننا نأمل ونعمل على أن تكون في مستوى تطلعات الطبقة العاملة والجماهير الشعبية وحاجيات اتحادنا إلى البناء كمركزية قوية، مكافحة، تقدمية، ديمقراطية، مستقلة، تعددية وموحدة، وحدوية، متضامنة وجماهيرية.
·             وأخيرا بالنسبة للجنة الإدارية وللأجهزة التي ستنبثق عنها ـ المكتب الوطني ثم الأمانة الوطنية ـ أملنا هو أن يتم فرز قيادة تتضمن الكفاءات المناضلة والقادرة على العمل بشكل جماعي للعبور بالاتحاد من عهد الزعامة والاستفراد بالقرار إلى عهد الديمقراطية والعمل الجماعي.
أما عن كيفية تحقيق هذه الانتظارات من المؤتمر العاشر فلا شيء سوى الاجتهاد والنقاش الموضوعي والديمقراطي من أجل الإقناع والاقتناع والتفاف كافة المناضلين والمناضلات الغيورين على مصالح الطبقة العاملة في خندق الدفاع عن المسار الديمقراطي التقدمي الكفاحي للاتحاد.
س 7: في جوابك على السؤال الأخير طرحت ضرورة اتخاذ الإجراءات حتى لا تتكرر تجربة الماضي. ما هي هذه الإجراءات في نظرك؟
سبق لأحد الصحفيين أن طرح لي سؤالا مماثلا وسأكتفي بنفس الجواب:
هذه الإجراءات تتلخص في العبارة التالية: العمل المنظم والديمقراطيالذي يمكن تركيز متطلباته في:
ü      إشاعة حرية الرأي والتعبير داخل النقابة حيث يحق لكل الأعضاء أن يعبروا بحرية عن آرائهم ويدافعوا عن مواقفهم دون خوف من التهميش ومن الانتقام؛
ü      نشر الثقافة الديمقراطية والحقوقية داخل الجسم النقابي من القاعدة إلى القمة؛
ü      العمل الجماعي كبديل للاستفراد بالمسؤولية ولتهميش الآخرين؛
ü      اجتماع أجهزة المركزية (المؤتمر الوطني، اللجنة الإدارية، المجلس الوطني، المكتب الوطني، الأمانة الوطنية) والقطاعية والمحلية في وقتها القانوني وبشكل ديمقراطي؛
ü      حصر مدة تقلد مسؤولية الأمانة العامة في ولايتين فقط؛
ü      إشراك المرأة والشباب بشكل قوي في المسؤوليات النقابية؛
ü      رد الاعتبار في اختيار المسؤولين لأسلوب الانتخاب كبديل لأسلوب التعيين الممارس عبر لجنة الترشيحات. هذا التحول يجب طبعا أن يتم بشكل تدريجي؛
ü     وضع قانون أساسي ونظام داخلي يعكسان الاختيار الديمقراطي داخل الاتحاد ويشكلان ضمانة لنقابة الحق والقانون التي نعمل على تأسيسها تماما كما نناضل كديمقراطيين من أجل وضع أسس دولة الحق والقانون.

س 8: هل هناك إمكانية حقيقية لانخراط الاتحاد المغربي للشغل في تحقيق الوحدة النضالية النقابية في أفق الوحدة النقابية التنظيمية المنشودة؟
الاتحاد المغربي للشعل كان دائما متشبثا بمبدأ الوحدة في إطار منظمة نقابية واحدة ولهذا كان دائما ينتقد مفهوم التعددية النقابية الناتجة عن مسلسل التقسيمات الذي عرفه الاتحاد المغربي للشغل وكذا المركزيات المتفرعة عنه.
إن الاتحاد كان المستهدف الأساسي من الهجمة التقسيمية للحركة النقابية، وتبعا لذلك كان رد الفعل الرسمي داخله هو رفض أي تعاون مع المركزيات الأخرى، بل إن الراحل المحجوب وعددا من قادة الاتحاد ظلوا ينعتون المركزيات الأخرى بالمزيفة.
وقد أصبح اليوم واضحا للجميع أن التعددية النقابية قد أساءت بشكل خطير لمصالح الطبقة العاملة وجردتها من الوحدة الضرورية لمواجهة مخططات الباطرونة المدعومة من طرف أجهزة الدولة.
لهذا لاحظنا في السنوات الأخيرة كيف أن قواعد النقابات انطلاقا من ضرورة العمل المشترك لتحقيق المطالب الأساسية بدأت تضغط على نقاباتها للجوء إلى النضال الوحدوي أو إلى الوحدة النضالية. وهذه الوحدة النضالية رغم أنها مكنت من تحقيق بعض المكاسب للفئات المعنية، فإنها لم تمكن بعد من تذويب الصراعات بين المركزيات النقابية.
شخصيا اعتقد إن الشروط قد تغيرت، وينبغي أن يتبنى الاتحاد موقفا هجوميا في مجال الوحدة النقابية خصوصا بعد التمكن من إصلاح بيته الداخلي من خلال المؤتمر القادم.
وفي نظري، على القيادة المقبلة للاتحاد، من جهة أن تبادر إلى عقد لقاءات مع المركزيات النقابية المناضلة بدءا بالكنفدرالية الديمقراطية للشغل من أجل فتح نقاش حول الوحدة النقابية التنظيمية المنشودة مع تحديد شروطها ووضع خطة عملية للوصول إليها، ومن جهة أخرى إلى تشجيع المبادرات النضالية الوحدوية على كافة المستويات باعتبار أنها تخلق المناخ لأعادة بناء الوحدة التنظيمية النقابية بالمغرب.
إذن، الوحدة النقابية ورش نضالي مشوق، على كل أنصار الطبقة العاملة ودورها التحرري الطليعي في المجتمع وفي بناء المجتمع الاشتراكي المنشود أن يقتحموا هذا المجال لتصبح الوحدة النقابية هما يسكنهم إلى غاية تحقيقها في الواقع.
س 9: سؤال أخير: هل لك أن تحدثنا عن مكانة مختلف القوى السياسية داخل الاتحاد المغربي للشغل سواء تعلق الأمر بالأحزاب اليمينية أو الأحزاب اليسارية؟ وما هو دور المناضلات والمناضلين التقدميين داخل الاتحاد؟
الاتحاد المغربي للشغل منظمة مستقلة عن أي حزب سياسي؛ وإن الضمانة السياسية لاستقلاليتها هي التعددية السياسية المتواجدة داخلها. ففي الاتحاد تجدون مناضلون ومناضلات وفعاليات من أحزاب سياسية مختلفة. فمن اليسار بمفهومه الواسع هناك تواجد للنهج الديمقراطي، لحزب التقدم والاشتراكية، للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، لحزب الطليعة، لليسار الاشتراكي الموحد، لجبهة القوى الديمقراطية، ولتيارات يسارية أخرى؛ ومن اليمين هناك تواجد للاتحاد الدستوري، للتجمع الوطني للأحرار وللأصالة والمعاصرة. هذا مع العلم أن الأغلبية الساحقة للمنخرطات والمنخرطين لا ينتمون لأي حزب.
طبعا إن تواجد أعضاء هؤلاء الأحزاب داخل المركزية ليست له نفس الأهمية ونفس الشكل. فإذا كان مناضلو اليسار وخاصة اليسار الجدري يتواجدون في المواقع والواجهات النضالية، فإن فعاليات الأحزاب اليمينية يكلفون ببعض المواقع الاعتبارية ولا تأثير لهم يذكر على المستوى النضالي.
إن السؤال المطروح في هذا المجال هو العلاقة التي ينبغي على المركزية وتحديدا على قيادتها أن تنسجها مع القوى السياسية المتواجدة داخل الاتحاد. في نظري إن قيادة الاتحاد كمنظمة تقدمية في خدمة الطبقة العاملة يجب أن تتعامل بشكل مختلف مع الأحزاب. فالتعامل مع الأحزاب السياسية التي تتبنى المشروع الاشتراكي التحرري للطبقة العاملة يجب أن يكون مبنيا على التعاون والخدمات المتبادلة والنضال المشترك، في ظل احترام استقلالية المركزية طبعا؛ أما التعامل مع الأحزاب اليمينية التي ترعاها الدولة وتدافع عن مصالح الباطرونات فلا يمكن أن يتعدى التعامل الديبلوماسي. إذن تعاون نضالي مع قوى اليسار وتعامل ديبلوماسي مع الأحزاب اليمينية: هذا في رأيي هو مفتاح التعامل مع الأحزاب السياسية المتواجدة داخل الاتحاد.
أما عن دور المناضلات والمناضلين التقدميين داخل المركزية فيتجسد في الحرص على تفعيل شعار "خدمة الطبقة العاملة وليس استخدامها" وفي تفعيل مبادئ الاتحاد وتقوية كفاحية المنظمة. ومن المؤكد أنه كلما ازداد عطاؤهم وتضحياتهم انسجاما مع شعار "العمل أكثر والعمل أفضل" فإن الطبقة العاملة ستلتف حولهم وستتبنى مواقفهم وسترعاهم.

الرباط في 21 نونبر 2010



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *