أمين لقبابي: الالتراس .. حركة إحتجاجية داخل الملاعب
ليام أ ليام … ليام القهرة والظلام ، وفي بلادي ظلموني وصوت الشعب لي مقموع والمقاومة مستمرة …، هذه أغاني من بين مجموعة من الأغاني الثورية للألتراس المغربية التي تحمل هموم ومعاناة الشعب ، قبل الحديث عن الألتراس المغربية يجب إستحضار تاريخ الألتراس ومبادئها ، فالكثير منا لا يعرف معنى كلمة الألتراس أو يعتبر الألتراس هو مجرد جمهور عادي، عندما نستحضر الجمهور الرياضي ، وبالأخص جماعات الألتراس، يتطفل الجميع ليحلل و ينتقد ، بل و يصدر أحكاماً بالجملة قبل أن يفكر و يبحث في ماهية الألتراس، ففي ملاعب كرة القدم بجميع أنحاء العالم نعرف أن الألتراس هم جماعات المشجعين الشباب، هاته الجماعات التي لا يستطيع أحد التشكيك في حبها وولائها لفريقها الرياضي، تشجيعه في السراء و الضراء. يجمعهم الحب و الإحساس للمجموعة. وكلمة “الألتراس” تعد إحدى نماذج الانتماء والعمل الجاد من أجل تحقيق النجاح. فالألتراس Ultras كلمة لاتينية وتعني “الفائق” أو “الزائد عن الحد”،
وكانت البرازيل أولى الدول التي شهدت نشأة الألتراس،حيث تم تأسيس أول “ألتراس” باسم “تورسيدا” في أربعينيات القرن الماضي.وانتقلت الفكرة بعد ذلك إلى أوروبا عبر جماهير نادي “هايدوك سبليت” الكرواتي- اليوغوسلافي في ذلك الحين عام 1950، ثم في فرنسا في بداية الثمانينيات على يد نادي مارسيليا عبر “ألتراس كوماندو”، ثم انتقلت الفكرة إلى بريطانيا وباقي البلدان الأوروبية. وتعد إيطاليا من أبرز الدول الأوروبية التي تشهد مجموعات “الألتراس”.
فالألتراس لها ثقافة ومبادئ لا يمكن التخلي عنها :
- من أهم مبادئ الألتراس حول العالم، هي عدم التوقف عن الغناء أو التشجيع ومساندة الفريق طيلة المباراة، ومهما كانت النتيجة.
- من أغرب طقوس الألتراس حول العالم، هي عدم الجلوس أثناء المباراة.
- لكل مجموعة ألتراس اسمها ورمزها الخاصين بها، ويُطبع الاسم والرمز على الباش Bach الرسمي للمجموعة، له أهمية قصوى عند مجموعة الألتراس، ويوجد منه نوعين باش الرسمي وباش الترحال.
- باش الترحال، يرافق المجموعة في ترحالها داخل أو خارج أرض الوطن، ولا يقل أهمية عن الباش الرسمي.
- الباش الرسمي لا يخرج من المدينة التي يوجد بها الفريق الذي تسانده ألتراس، ويتم تعليقه فقط في الملعب الخاص بالفريق، وعملية إدخال وإخراج الباش الرسمي تتم بمنتهى الحذر، فغالبا ما يتم إدخاله من طرف عدة أشخاص يٌعتبرون ذوي مكانة خاصة في المجموعة، ولا يعرف بالظبط من يحمله ومن يخرجه من الملعب، السبب في ذلك كله هو الحفاظ عليه من السرقة، لأنه في قانون ألتراس المجموعة التي تتم سرقة باشها الرسمي تعلن حلها ويتحول أعضاؤها إلى مجرد مشجعين عاديين.
- يجب علي العضو احترام مبادئ وقوانين الألتراس والحفاظ على منتجات المجموعة التي اقتناها بكل حذر لأن أعضاء المجموعات الأخرى يتربصون به، وعندما تتم سرقة منتج مجموعة ألتراس من طرف أعضاء مجموعة أخرى، يتم تصويره مقلوبا رأسا على عقب ويتم نشر الصورة لما فيها من مذلة وسخرية.
- كما يحذر علي أي عضو الإنضمام إلي رابطة أخري تحت مبدأ الإنتماء.
- تعتمد مجموعات ألتراس على التمويل الذاتي ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تقبل ألتراس أي إعانة من أي مصدر، و يتم التمويل الذاتي من خلال بيع منتوجات ألتراس مثل تي شيرت والاشاربات والقبعات وغيرها، بالإضافة إلى مدخول العضوية في ألتراس.
- يتم تجديد العضوية في ألتراس مرة في السنة عادة، حيث يدفع العضو قيمة العضوية التي يتم تحديدها من طرف المجموعة، ويحصل العضو على بطاقة أو ما شابه كدليل على العضوية تحت مبدأ الإنتماء ، كما يتميز عضو الألتراس بالإخلاص والتفاني ونكران الذات والحب والوفاء للنادي.
- نشأة الألتراس بالمغرب:
فيما يتعلق بالمغرب تتعدد القصاصات والروايات حول تاريخ نشأة أول ألتراس لكنها تتفق في مجملها على سنة 2005 ويظل النقاش قائما بين ألتراس الرجاء البيضاوي (Green Boys) وألتراس فريق الجيش (Ultras Askary de Rabat)، حول أول ألتراس بالمغرب. من بعد هذا التاريخ تأسست باقي أشكال الألتراس والتي يتعدى عددها الخمسين وأصبحت تمثل جميع الفرق الرياضية
في البداية، كانت جماهير الإلتراس بالمغرب ترفع شعاراتٍ رياضيةً، هدفها تشجيع فريقها الرياضي، والحط من معنويات خصومها داخل المدرجات، وكان المخزن يرى في الظاهرة عاملا إيجابيا بالنسبة له، لأنها تُبعد الشباب، وخصوصا في صفوف الجماهير الرياضية عن السياسة، وتبقيها بعيدة عن الحركات الاجتماعية ذات النفحة السياسية. ومن هنا، كان هناك اهتمام كبير بتشجيع الإلتراس في الإعلام الرسمي التابع للدولة. وفي حالاتٍ كثيرة، سعى المخزن إلى استعمال الإلتراس لتمرير بعض خطاباته السياسية وتوجيهها لكنه فشل في ذلك ، وعملت أحزابٌ إدارية مخزنية على استقطاب جماهير الإلتراس للتصويت لصالحها في الانتخابات لكنها فشلت هي الأخرى . لكن العلاقة بين الألتراس والسلطة ظلت دائما متوترة، يشوبُها حذرٌ كثير، فشعار الإلتراس أنهم “ضد السلطة وضد الإعلام المخزني “، وبدأ هذا الشعار يتبلور أكثر مع القمع الذي واجهت به السلطة أعمال الشغب في الملاعب والإجراءات القاسية التي اتخذتها ضد الألتراس، عندما منعت جماهيرها من دخول الملاعب، أو عندما قرّرت حل بعض الألتراس. وتبع الإعلام الرسمي المخزني قرارات السلطة بمهاجمة الألتراس ، وهو ما حوّل السلطة وإعلامها إلى أعداء للإلتراس, تجاوز الأمر مجموعات المشجعين الرياضيين إلى ما يمكن أن توصف بالحركة الاجتماعية التي باتت تلفت انتباه المتتبعين ، بل أصبحت حركة اجتماعية في بداية تبلورها تتخذ من مدرجات الملاعب منصّاتٍ للتعبير عن مطالبها، ورفع شعاراتها السياسية. وقد بدأت الظاهرة تجتاح الملاعب الرياضية ، وترديد الشعارات السياسية نفسها، وأحيانا كثيرة إبداع شعارات جديدة، بل وانتقل الأمر إلى تنظيم أغانٍي وأهازيج سياسية مائة بالمائة ورفع رسائل قوية ، تحمل خطابات سياسية قوية، منتقدة ومعارضة ورافضة، تعبّر كلماتها عن الظلم والتهميش، وتنتقد غياب العدالة الاجتماعية، وضعف الخدمات الاجتماعية من صحة وتعليم وتطالب بالعدالة الإجتماعية والكرامة والحرية ، وكما نلاحظ مؤخرا رفع شعارات سياسية في الملاعب كعاش الشعب والحرية الفورية لمعتقلي حراك الريف وتطالب بالتوزيع العادل للثروة …
قوة هته الجماهير قيد التبلور تكمن في أن أغلب جمهورها من الشباب، وأن التحامها حول فرقها يجعلها ملتئمة فيما بينها داخل كتلةٍ واحدةٍ قوية، وكذلك أنها تنتمي إلى الوسط الحضري، بما أن أغلب الفرق الرياضية الكبيرة توجد داخل المدن، ما جعل مستوى وعي جماهيرها السياسي مرتفعا، وقادرا على التعبير عن حالة الاحتقان والتذمر التي تعيشها مجتمعاتها. لكن خطورة هذه الظاهرة أنها غير مؤطّرة وغير منظمة ، وإن كانت صفوفها تبدو منظّمة .
الالتراس واحتجاجات الربيع العربي والمغاربي
منذ إندلاع ثورة الياسمين بتونس سنة 2011 وبعد وفاة الشهيد البوعزيزي ، خرج الشعب التونسي الآبي رافضا المهانة والحكرة ، نزلت الألتراس مشاركة في الإحتجاجات ومساهمة أيضا بشعاراتها ضد الرئيس الهارب زين العابدين بن علي.
لعبت مجموعات الألتراس دورا مهما في ثورة يناير 2011، وشاركت في حشد الناس للخروج إلى الشوارع والتظاهر ضد نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، واعتصموا داخل ميدان التحرير وساهموا في حماية الثوار أثناء مواجهة البلطجية لخبرتهم في الكرّ والفرّ مع قوات الأمن المركزي في عهد النظام السابق.
وبعد نجاح الثورة ظهر الألتراس في الساحة السياسية على فترات متقطعة سواء خلال الفترة الانتقالية التي أدارها المجلس العسكري واستمرت لعام ونصف عام أو خلال حكم الرئيس محمد مرسي .
وأصبحت جدران الشوارع مكانا لتعبير أعضاء الألتراس عن غضبهم واحتجاجهم، فقاموا بتدوين العشرات من الجداريات التي تميزها الزخارف الملونة والرسومات والشعارات الثورية والسياسية، مطالَبة بسقوط الحكم العسكري وتخليدا لذكرى الشهداء الذين سقطوا في الثورة وأحداث مجزرة بورسعيد.
الأمر لا يختلف مع إحتجاجات حركة 20 فبراير ، في جميع المسيرات الأولى للحركة ، شباب الألتراس بأغانيهم الثورية الرافضة للفساد والإستبداد المخزني ولوحات مرسومة (ACAB) ، كما كانت في تلك الفكرة مدرجات مشتعلة بشعارات الحركة .
الألتراس لن تحل
ثلاث كلمات ليست عادية ، هاشتاغ هنا وهناك ، كما بادرت الإلتراس المغربية في الآونة الأخيرة إلى الالتئام وتوحيد المواقف في أفق استعادة مكانتها والالتحاق مرة أخرى بـ”كورفات” الملاعب، وعكفت على القيام بمجموعة من الخطوات للتعبير عن رفضها قرار المنع الذي طال أغلبها ابتداءً من الثلث الأخير من منافسات الموسم الكروي الماضي.
وأطلق “اتحاد الألتراس المغربي” في آخر نشاط له للتعبير عن رفضه قرار المنع الذي طال الفصائل المغربية، حملة “الغرافيتي” التي شاركت فيها أغلب المجموعات، وذلك بكتابة كل فصيل عبارة “الإلتراس لن تحل” على جدران مدينته، في أكبر الشوارع وأنشط الطرق لضمان وصول الرسالة للمسؤولين دون تأخير.
وكانت الألتراس المغربية قد أعلنت عن مقاطعتها للمباريات ، داعيةً في هذا السياق، الجهات المعنية إلى مراجعة قرارها حول “نبذ ومحاربة الإلتراس ونزع القيود عنها وفتح باب الحوار والنقاش الهادف والبناء والموضوعي لضمان عودة الجماهير وعدم الحط من كرامتها.
واتفقت غالبية الألتراس على توحيد الصفوف كإجراء أولي، ثم محاولة إزالة الصورة السلبية التي ألصقت بـ”الألتراس” بعد أحداث شغب متفرقة في عدد من الملاعب الوطنية، لعل أبرزها سقوط ضحيتين من جمهور الرجاء، بعد صراع بين فصيلي “غرين بويز” و”الإيغلز”، المشجعين للنادي نفسه.
الالتراس والفساد الرياضي
كلمة ” إرحل ” كان لها هدف واضح وهو إسقاط الرؤساء الفاسدين للأندية الرياضة ، إرحل وإطلع برا وديكاج ليست فقط لوقفات إحتجاجية ، وإنما كتابات مكتوبة على جداريات في جميع الأحياء لرؤساء أندية رياضية يقومون بإختلاسات مالية وميزانيات مشبوهة وسمسرة وصفقات مشبوهة والتلاعب بنتائج المباريات ، بالإضافة إلى إرتباط رؤساء النادي وعلاقتهم بالأحزاب الإدارية المخزنية . وبات “الغرافيتي”، أو الرسم على الجدران، وسيلةً للإلتراس عبر العالم، للإطاحة بكل مسؤول سولت له نفسه العبث بتاريخ النادي الذي تسانده، كما أصبح أداةً للتعبير عن الآراء والتوجّهات، وكذا للاحتفاء برموز النادي وتخليدها.
أصداء مدرجات الألتراس: مقاربة تحليلية لمضامين الأهازيج
قد يقف المشاهد أو المتابع لبعض التيمات الفنية التي يبدعها شباب الألتراس، وهو يلاحظ حركات الشباب بالمدرجات وقفزاتهم مع ترديد أغانيهم مجرد أغاني فارغة المحتوى والمضامين، لكن المتبصر لما هو مضمر بين سطور هذه الابداعات الكتابية سيجد أنها أصبحت تتخذ مسارا آخر غير الاقتصار على ترديد الهتافات التشجيعية لفريقها والدفع به إلى الأمام، وصارت تحمل بين ثناياها رسالات قوية لمن يهمهم الشأن على كافة الزوايا والمجالات خصوصا منها السوسيواقتصادية. فكان لا بد لنا هنا من المرور على آلية من آليات صناعة الخطاب الاحتجاجي لهذه الجماعات عبر تحليل محتويات خطاباتها على مدرجات الملاعب وخارجه، من خلال تفكيك شيفرة مقاطعها الغنائية مضمونا.
مع تزامن موجة الربيع العربي ، أخذت فصائل الألتراس تنوع منتجاتها السمعية التي تطرحها، وتلونت من صبغة التشجيع والتغني بإنجازات فرقها الكروية وتنافساتها، إلى صبغة أكثر تمردية ثورية على جل أشكال الفساد و التعسفات التي طالت هؤلاء الشباب وهم يمارسون نشاطاتهم تحت ظل الاستفزازات والتضييقات التي يطالونها من أجهزة الأمن في بعض الأحيان، أو كما يلخصونه في مصطلح “الحكرة”. هنا تقدمت فصائل عديدة بأغاني تتغنى بالحرية والكرامة لشباب هذا الفكر، ونذكر هنا أول فصيل للذكر لا للحصر، فصيل “ألتراس عسكري” الذي طرح سنة 2011 أغنية بعنوان: “الحرية”، والتي جاءت كلماتها كرد للتنكيل الذي طالهم؛ من قبيل: “لربي العالي نرفع يداي، الحل عندو لهذه الوضعية، مليت العيشة السلطوية، شباب اليوم رايح ضحية، يا شباب يالاه نطالبوا بالحرية، كونوا رجال قوة شعبية…” بالتحليل والتمحيص في جوهر الأغنية يتبين لنا أن هم الشباب الأول انتقل من توجيه أصبع الاتهام لفريقهم جراء توالي انتكاساته وإخفاقاته، إلى توجيهه نحو الفئة المسؤولة عن تضييق ومحاولة خنق هؤلاء الشباب من ممارسة نشاطاتهم والتضييق من بؤرتها أكثر، فالخطاب الاحتجاجي انتقل من كونه خطابا يتأسس على قاعدة احتجاجية تتوخى المطالبة بحقها المشروع في التشجيع بشتى الوسائل التي يجمعون عليها دون أية رقابة أو حكر من جهاز أو جهة ما عليهم.
من جهة أخرى فصيل آخر لا يقل أهمية عن سابقه في خطاباته القوية، لا طالما اشتهر بتوجهاته النقدية على المكتب المسير لفريقه، وللجهات المسؤولة بالمدينة، الحديث هنا عن فصيل “حلالة بويز” ، ما يتميز به هذا الفصيل عن باقي الفصائل بتوجهه التمردي في غالب الأحيان علي مقاطعه وألبوماته الموسيقية التي يطرحها كثيرا، فالعناوين عديدة لا يتسع المجال لحصرها نذكر منها عنوان: “NO ONE CAN STOP OUR AMBITION” ومقطع: “رهانات سياسية”، ومقطع آخر بعنوان: “RESIST TO EXIST-INTRO” والعديد من المقاطع الأخرى…، لكن حديثنا هنا سيقتصر على مقطع لا يقل أهمية عن سابقيه لهذا الفصيل بعنوان: “SYSTÈME POURRI” والذي يحيل ترجمته لعبارة: “النظام نتن”، هذا المقطع الذي طرح سنة 2018، كانت كلماته وعباراته الاحتجاجية أكثر قوة وثقلا، نذكر منها: ” فبلاد الشفرة والتبزنيس، ، سيسطيم POURRI وفيه لفيس، والمفسد لاعبها ديس، فبلادي حقي ضاع، وشكون لينا يسمع، ويلا هدرتي غاتقمع، سياسة جْوَّع وخلع، بزاف عليك لبوليتيك، فين القسم لي عطيتي، فالمال العام تبروفيطي، ولي فجيوبك مايكفيك…”. ما نرقبه من هذه الكلمات أن محتواها نحى نحو الانتقاد اللاذع للجهات المسؤولة عن تدبير الشؤون العامة، والتي لها نفوذ سلطوي يجعلها تقبض زمام الأمور تسييريا، مطالبين وضاغطين بحقهم في الكشف ومتابعة مصير الأموال المصروفة والمهدورة من المسؤولين الذين يلعبون دور “ديس” في إشارة منهم لسياسية الأذان الصماء اللامبالية التي ينهجونها في التعاطي مع مطالبهم، وهذا ما يدل على ماكريتهم وخداعهم الذي ينهجونه داخل بلد “الشفرة والتبزنيس”.
يجرنا الحديث مرة أخرى لفصيل في الضفة الأخرى طالما اشتهر أكثر بتشجيعاته ومآزرته اللامشروطة لفريقه الكروي في مناسبات عدة، وإن كانت نزعته الاحتجاجية أقل وأضعف وثيرة من سابقيه، لكنه اشتهر مؤخرا بمقطع داع صيته أرجاء العالم، وتناقلته العديد من المحطات التلفزية بربوع الوطن العربي، الحديث هنا عن فصيل “إيغلز” الذي طرح أغنيته بعنوان: “في بلادي ظلموني” سنة 2017، فكانت كلماتها: “فبلادي ظلموني، لمن نشكي حالي، شكوى للرب العالي، غير هو لي داري، فهاد البلاد عايشين فغمامة، طالبين السلامة، انصرنا يا مولانا، صرفو علينا حشيش فكتامة، خلاونا كي اليتامى، نتحاسبوا فالقيامة، مواهب ضيعتوها، بالدوخة هرستوها، كيف بغيتو تشوفوها، فلوس البلاد كاع كليتوها، للبراني عطيتوها، جينيراسيون قمعتوها…” لغاية نهاية المقطع. هذا المقطع الذي يشكل صرخة للجماهير الرجاوية في مبارياتها، وتعبر عن صوت قوي بعد موجات الاحباط والتذمر الناتج عن قمع الربيع الديمقراطي بالمنطقة العربية، لتتخذها بعض البلدان العرب المجاورة أيضا في هتافاتها الشعبية، وتجعل منها أيقونة شعبية تناهض ما تتعرض له فئات الوطن من تضييق الأوطان وقمعه.
أما الفصيل الآخر، من خلال بسط رسائله على المدرجات باختلاف توجهاتها المساندة والداعمة لفريقها، هو الآخر عمل على طرح مقطع موسيقي جعل في حمولاته مقاسمة لهموم الشعب المغربي، ومعاناته الاجتماعية والاقتصادية التي تكرس لهشاشته وضعفه. الحديث هنا عن فصيل ألتراس “وينرز” ، الذي وضع مقطعا موسيقيا بعنوان “قلب حزين” ، فكان لحن المقطع الحزين يتماشى مع كلماته طبق الأصل، لتأتي كلماته على الشكل التالي: “يا قلب حزين، يبكي على سنين ضاعت مني، مستقبل فين، العمر يزيد فقير راهو يعاني، حتا أنا اجتهدت وقريت، بغيت نخدم مالقيت، بلادي ماعطاتنيش تعطي للبراني، مارانيش أليز،. يأتي المقطع كانتقاد حاد للأوضاع المزرية التي تتخبط فيها منظومتنا، من ارتفاع نسب البطالة، وانخفاض جودة التطبيب وعدد المستشفيات، إضافة لزحف شبح الخوصصة على القطاعات الحيوية للبلد بدءا من التعليم، زد على ذلك ارتفاع نسب الهجرة السرية للشباب نحو المجهول. زيادة عليه إشكالية التلفيق والتضليل الإعلامي الذي جعل زاويته موجهة نحو التافه من الأمور، بالمقابل صرف النظر عن تغطية وتقريب المواطن من “المسكين” المهضوم حقوقيا كما جاء في المقطع.
كلها عناوين وقضايا حساسة جعلت هذا الفصيل يتوجه برسائله السياسية نحو المسؤولين وصناع القرار بالبلد ليوقفوا زحف سرطان الفساد والظلم الاجتماعي ما أمكن ذلك، ويجدوا حلولا شافية كافية لما يجول بدلا من حلول مجحفة ترقيعية لا تدفع من واقعنا المعيشي سوى نحو التقهقر والاضمحلال
إتصل بنا
.إفتح المحتوي بمشاركة المقال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق