جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

مشروع قانون 20-22/الرفيق ابراهيم اليحياوي

حين تنغلق أبواب الفضاء العام وتنتهك الحقوق والحريات يلتجأ أغلبيتنا إلى فضاء شبكات التواصل الاجتماعي للتنفس والتعبير.. بل أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي اليوم بديلا افتراضيا لمختلف الفاعلين الاجتماعيين ومجالًا خصبا للتعبير عن الحرمان الذي يصيبهم، ومنبرًا مهما لتصريف مواقفهم و مطالبهم خصوصا الذين يعيشون على هامش البقاء والمعرضين للعنف والتضييق.
في زمن التطور التكنولوجي هذا استطاعت فئات عريضة من المجتمع أن تحول شبكات التواصل الاجتماعي إلى فضاءات للاحتجاج بديلا عن الساحات العمومية التي غالبا ما تتعرض فيها للقمع والاعتقالات.. وقد استطاعت في كثير من الأحيان أن تربح رهان معارك احتجاجية كبرى وأن تؤثر في الرأي العام، وتهز أركان قوى مؤثرة في المشهد الاقتصادي والسياسي على السواء.. وقد كانت حملة مقاطعة منتجات " افريقيا" "وسنترال" وغيرها من الشركات الكبرى في البلاد، درس بالغ في هذا الصدد. فعلا استطاعت المقاطعة -كتعبير احتجاجي جديد- أن تحقق في زمن قياسي ما لم تحققه العشرات من الاحتجاجات الميدانية التي كانت تخفت عادة جراء التدخلات العنيفة لجهاز الدولة.. يبدو أن المافيا المخزنية انتبهت الى هذا الأمر، باعتبارها الخاسر الأول والأخير في مثل هذه التحركات الجماهيرية الجديدة في مواقع التواصل الاجتماعي، فقررت في زمن الحجر الصحي تكريس فصول قانون هو في قيد التشكل والصياغة (أقصد مشروع قانون 20-22) لقمع أي صوت يطرح سؤال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أو الحريات السياسية.. هي فعلا محاولة لتكريس سياسة تكميم الأفواه فعلا لدرجة سيحس الفرد بالاختناق -ليس كما نحس اليوم أثناء وضعنا للكمامات كأسلوب وقائي من عدوى انتقال فيروس كورونا- وقد استعملت مصطلح تكميم الأفواه قصدا، بل هو اختناق سيجعلنا جميعا نتحسس أنفسنا كلما تكلمنا.. سنصير جميعا نعيش واقعيا تفاصيل وضعية حكاية سيف ديموقليس، هذا المثل الذي كنا نستعمله مجازا للتعبير عن التهديد الذي يستهدف الحقوق والحريات.. لكن يبدو من خلال فصول مسودة مشروع القانون التي تسربت، أن هكذا سيكون مستقبلنا.. ومن الطبيعي أن هذا الامر سيفرز صراعا ستحسم تفاصيله لصالح الطرف الذي ستميل إليه كفة موازين القوى، فكما هو متعارف عليه عبر مختلف أزمنة الاحتجاجات أن غضب الجماهير يكون شديد حين تطمح إلى تحقيق أهداف تبتغيها وتحس أنها تستحقها .. و يكون أشد حين تحس أن أشياء كانت من نصيبها يتم سحبهها منها.. في هذه اللحظات تبدأ فصول العاصفة.. وكما يقال: من يزرع الغضب سيحصد العاصفة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *