مطالب العمال والشعوب في زمن وباء "كورونا 19"للرفيق سعيد كنيش
مطالب العمال والشعوب في زمن وباء "كورونا 19"
يبدو ان المطالب المركزية "التقليدية " للعمال في السنوات الماضية قد يتم تجاوزها نسبيا في هذا الطور من الازمة الاقتصادية والاجتماعية العالمية وانعكاساتها المدمرة على العمال و الشعوب . ولا أحد يدرك إلى الان حجم الانهيار الذي أصاب ولا يزال مختلف القطاعات الاقتصادية والمالية سواء على صعيد مراكز الرأسمالية العالمية أو بلدان الجنوب التبعية. فالعداد لا زال يشتغل والدول والمنظمات والاوساط المعنية لازالت تحصي الخسائر بدون توقف.
في هذا المقال سأحاول الوقوف على انعكاس هذه الازمة على الاوضاع الملموسة للعمال والكادحين والشعوب الفقيرة، والشروط الجديدة والمعقدة التي قلبت حياتهم من الاساس، وما هي المطالب المركزية التي سوف تأطر نضالهم.
❖ قضية العمل، فلا عمال بدون شغل
في هذا الصدد نتفحص بيانات منظمة العمل الدولية، حيث تؤكد في تقريرها الصادر بتاريخ 07/04/2020 ما يلي:
أولا الحالة الضبابية في التعامل مع الأزمة الصحية بسبب تفشي وباء كوفيد 19 على الصعيد العالمي، من حيث عدم الوصول لحلول على الصعيد الصحي، وانكفاء كل دولة على معالجتها للأزمة بطريقتها الخاصة، تم بروز تحرشات عدوانية من طرف الولايات المتحدة ضد الصين تهدد السلم العالمي.
يتوقع التقرير تانيا أن يشهد النصف الثاني من 2020 فقدان نسبة 6.7% من ساعات العمل على مستوى العالم، وهو ما يعادل 195 مليون وظيفة بدوام كامل.
تالتا، فيما يخص منطقتنا العربية، فإن تقرير المنظمة يذهب إلى أن حصتها من هذه التوقعات هي فقدان 8.1% من ساعات العمل، بما يعادل خمسة ملايين وظيفة بدوام كامل.
تعتبر منطقة آسيا والمحيط الهادي الأكثر تضررًا حسب تقديرات المنظمة - من حيث تراجع ساعات العمل بسبب أزمة كورونا- بنسبة 7.2% أو ما يعادل 125 مليون عامل بدوام كامل. وطبيعي أن تتأثر هذه المنطقة بشكل كبير، بسبب ما تشكله من كثافة سكانية على الخريطة العالمية، حيث تفيد التقديرات أن سكان هذه المنطقة يمثلون نحو 56% من سكان العالم.
لا يستثني تقرير منظمة العمل قطاعات اقتصادية بعينها في البلدان المتقدمة أو النامية من الآثار السلبية المتعلقة بالتسريح أو بتقليص ساعات العمل ( التسريح الجزئي)، وتبقى القطاعات الأقل تعرضا هي الصحة والتعليم والخدمات العمومية الأساسية والادارة والدفاع، وأيضا الفلاحة وتربية المواشي. أما التأمينات والانشطة المالية والبناء والصناعات المعدنية فقد بقيت نسبيا بعيدة عن الخطر؛ لكن الخطر يشمل قطاعات خدمات الإقامة والطعام، والصناعات التحويلية، وتجارة التجزئة، وأنشطة الأعمال والأنشطة الإدارية.
أما بخصوص العمال في الاقتصاد غير- المهيكل في البلدان الفقيرة أو في طور النمو ( أفريقيا، أمريكا الجنوبية، آسيا )، حيث القاعدة العامة هي غياب الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية في حالة المرض، وهو ما يعد عاملا مفاقم. ويعمل غالبيتهم في مهن متدنية الاجر وقليلة المهارة وبالتالي تكون خسارة الاجر المفاجئة مدمرة. وتعد أفريقيا ذات مستويات أعلى في الاقتصاد غير المهيكل.
بشكل عام يوضح التقرير أن أكثر من أربعة أخماس (81 بالمئة) من القوى العاملة العالمية والبالغ عددها 3.3 مليار شخص قد تصبح امام وضعية الإغلاق الكلي أو الجزئي لأماكن العمل، أو فقدان مصدر الرزق في الزراعة والمهن الحرفية وغيرها.
القضية الثانية هي الفقر وتعميق الفوارق الطبقية والمجالية
الكساد الاقتصادي الذي يعرفه اليوم النظام الرأسمالي المعولم مع تفشي وباء" كوفيد 19 " يذكرنا بسنوات الثلاثين من القرن الماضي، لا نعرف حجم الاضرار المعيشية التي ستصيب العمال اليوم وغدا بسبب فقدان الشغلـ، دون أن ننسى النساء والمهاجرين والاقليات والشعوب الاصلية. من المؤكد أن كل أشكال التهميش وتبخيس قوة العمل أمام موجات التسريح من العمل ستعمم، وسيجد العمال الذين فقدوا عملهم صعوبة في الحصول لهم و لعائلاتهم على لقمة العيش وعلى الدواء . لقد بدأنا نشاهد اليوم صور طوابير عريضة لرجال ونساء وأطفال تعرض على الشاشات لطلب الحصول على الغداء علما بأننا الآن في بداية شهر ماي، فكيف سيكون الامر في بداية الخريف والشتاء .
إن الكوارث والأزمات لها تأثير فوري وقصير المدى على الاوضاع المعيشية للطبقات الكادحة باعتبارها الاقل قدرة على التأقلم، وأيضا يكون لها تأثير بعيد المدى على الشعوب والبلدان الفقيرة، حيث تقوض سبل العيش ومكاسب التنمية الوطنية التي اتخذت سنوات لبنائها. وإن اجراءات الحجر الصحي والاغلاق ومنع التنقل في هذه البلدان الفقيرة، فهي أكثر قساوة وكارثية على الذين يعملون بأجر يومي وأولئك العمال والعاملات غير النظاميين الذين يفتقدون إلى تأمين صحي وحماية اجتماعية في هذه الازمة.
إن هشاشة اقتصاد البلدان الرأسمالية الفقيرة المرتبطة هيكليا بالخارج، المنهكة بالسياسات الليبرالية المتوحشة، وارتفاع المديونية والفساد المستشري في أوصال القطاعات الحكومية والخاصة ، قد أفقد أي فعالية للتدابير المتخذة لتقديم المساعدات الضعيفة أصلا إلى من هم في أمس الحاجة إليها، حيث آلاف أسر العمال العاطلين في صراع يومي من أجل البحث عن الطعام لسد جوع أطفالها. وكالعادة يبدو أن هذه الدول ستختار السير في طريق الاستدانة لسد العجز في التمويل من المؤسسات المالية العالمية مذعنة لجميع الشروط المعروفة.
أما في البلدان الرأسمالية الغنية فقد ربحت كبريات الشركات ورجال المال والاعمال من حالة الاغلاق والتوقف عن العمل وتسريح العمال كليا أو جزئيا، واستفادوا من الدعم السخي لحماية تلك الشركات والاقتصاد من الانهيار، وكان العمال هم الخاسرون في مواجهة مصير مجهول .
كما أكدت في البداية حول الموضوع من هذه المداخلة ، الذي قدمته باقتضاب، من حيث انعكاس الازمة العالمية على الاوضاع الملموسة للعمال والكادحين والشعوب الفقيرة، والشروط الجديدة في تنظيم الصفوف و خوض النضال ، إذ لم تمر إلا بضع أيام على فاتح ماي وسط هده الازمة، العيد الاممي للعمال والمناضلون النقابيون لتخليد دكري النقابيين شهداء مدينة شيكاغو الذين أعدموا سنة 1886 بالولايات المتحدة لانهم طالبوا بيوم عمل من تماني ساعات؛ وكذلك رفع مطالبهم المستجدة.
والحال هذه ، فليس أمام العمال والعاملات ومعهم كافة ضحايا الاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة التي عمرت لسنين طويلة في المغرب؛ إلا ان ينخرطوا في النضال من أجل:
▪ الحق في الحصول على الشغل ورفض اغلاق المعامل والتسريح من العمل مع ضمان كافة الشروط الصحية والسلامة والتأمين عن المرض.
▪ الدفاع عن الحق في التنظيم والانتماء النقابي والسياسي والاضراب.
▪ المطالبة بإلغاء أداء المديونية للمؤسسات المالية الخارجية، ورفض تبعاتها الاقتصادية والاجتماعية على أوضاع العمال وعموم الكادحين.
تبدو لي أن هذه هي أهم المطالب المركزية العمالية والجماهيرية ذات الطبيعة الشعبية في المرحلة الراهنة على ضوء الواقع الموضوعي والذاتي، و في ظل الازمة التي يمر بها المغرب. وطبيعي أن لا نغفل أن التضامن والوحدة النضالية هما السلاح الفعال لتنظيم جبهة الدفاع أمام جبروت النظام المخزني.
سعيد كنيش / تمارة في 07/05/2020
يبدو ان المطالب المركزية "التقليدية " للعمال في السنوات الماضية قد يتم تجاوزها نسبيا في هذا الطور من الازمة الاقتصادية والاجتماعية العالمية وانعكاساتها المدمرة على العمال و الشعوب . ولا أحد يدرك إلى الان حجم الانهيار الذي أصاب ولا يزال مختلف القطاعات الاقتصادية والمالية سواء على صعيد مراكز الرأسمالية العالمية أو بلدان الجنوب التبعية. فالعداد لا زال يشتغل والدول والمنظمات والاوساط المعنية لازالت تحصي الخسائر بدون توقف.
في هذا المقال سأحاول الوقوف على انعكاس هذه الازمة على الاوضاع الملموسة للعمال والكادحين والشعوب الفقيرة، والشروط الجديدة والمعقدة التي قلبت حياتهم من الاساس، وما هي المطالب المركزية التي سوف تأطر نضالهم.
❖ قضية العمل، فلا عمال بدون شغل
في هذا الصدد نتفحص بيانات منظمة العمل الدولية، حيث تؤكد في تقريرها الصادر بتاريخ 07/04/2020 ما يلي:
أولا الحالة الضبابية في التعامل مع الأزمة الصحية بسبب تفشي وباء كوفيد 19 على الصعيد العالمي، من حيث عدم الوصول لحلول على الصعيد الصحي، وانكفاء كل دولة على معالجتها للأزمة بطريقتها الخاصة، تم بروز تحرشات عدوانية من طرف الولايات المتحدة ضد الصين تهدد السلم العالمي.
يتوقع التقرير تانيا أن يشهد النصف الثاني من 2020 فقدان نسبة 6.7% من ساعات العمل على مستوى العالم، وهو ما يعادل 195 مليون وظيفة بدوام كامل.
تالتا، فيما يخص منطقتنا العربية، فإن تقرير المنظمة يذهب إلى أن حصتها من هذه التوقعات هي فقدان 8.1% من ساعات العمل، بما يعادل خمسة ملايين وظيفة بدوام كامل.
تعتبر منطقة آسيا والمحيط الهادي الأكثر تضررًا حسب تقديرات المنظمة - من حيث تراجع ساعات العمل بسبب أزمة كورونا- بنسبة 7.2% أو ما يعادل 125 مليون عامل بدوام كامل. وطبيعي أن تتأثر هذه المنطقة بشكل كبير، بسبب ما تشكله من كثافة سكانية على الخريطة العالمية، حيث تفيد التقديرات أن سكان هذه المنطقة يمثلون نحو 56% من سكان العالم.
لا يستثني تقرير منظمة العمل قطاعات اقتصادية بعينها في البلدان المتقدمة أو النامية من الآثار السلبية المتعلقة بالتسريح أو بتقليص ساعات العمل ( التسريح الجزئي)، وتبقى القطاعات الأقل تعرضا هي الصحة والتعليم والخدمات العمومية الأساسية والادارة والدفاع، وأيضا الفلاحة وتربية المواشي. أما التأمينات والانشطة المالية والبناء والصناعات المعدنية فقد بقيت نسبيا بعيدة عن الخطر؛ لكن الخطر يشمل قطاعات خدمات الإقامة والطعام، والصناعات التحويلية، وتجارة التجزئة، وأنشطة الأعمال والأنشطة الإدارية.
أما بخصوص العمال في الاقتصاد غير- المهيكل في البلدان الفقيرة أو في طور النمو ( أفريقيا، أمريكا الجنوبية، آسيا )، حيث القاعدة العامة هي غياب الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية في حالة المرض، وهو ما يعد عاملا مفاقم. ويعمل غالبيتهم في مهن متدنية الاجر وقليلة المهارة وبالتالي تكون خسارة الاجر المفاجئة مدمرة. وتعد أفريقيا ذات مستويات أعلى في الاقتصاد غير المهيكل.
بشكل عام يوضح التقرير أن أكثر من أربعة أخماس (81 بالمئة) من القوى العاملة العالمية والبالغ عددها 3.3 مليار شخص قد تصبح امام وضعية الإغلاق الكلي أو الجزئي لأماكن العمل، أو فقدان مصدر الرزق في الزراعة والمهن الحرفية وغيرها.
القضية الثانية هي الفقر وتعميق الفوارق الطبقية والمجالية
الكساد الاقتصادي الذي يعرفه اليوم النظام الرأسمالي المعولم مع تفشي وباء" كوفيد 19 " يذكرنا بسنوات الثلاثين من القرن الماضي، لا نعرف حجم الاضرار المعيشية التي ستصيب العمال اليوم وغدا بسبب فقدان الشغلـ، دون أن ننسى النساء والمهاجرين والاقليات والشعوب الاصلية. من المؤكد أن كل أشكال التهميش وتبخيس قوة العمل أمام موجات التسريح من العمل ستعمم، وسيجد العمال الذين فقدوا عملهم صعوبة في الحصول لهم و لعائلاتهم على لقمة العيش وعلى الدواء . لقد بدأنا نشاهد اليوم صور طوابير عريضة لرجال ونساء وأطفال تعرض على الشاشات لطلب الحصول على الغداء علما بأننا الآن في بداية شهر ماي، فكيف سيكون الامر في بداية الخريف والشتاء .
إن الكوارث والأزمات لها تأثير فوري وقصير المدى على الاوضاع المعيشية للطبقات الكادحة باعتبارها الاقل قدرة على التأقلم، وأيضا يكون لها تأثير بعيد المدى على الشعوب والبلدان الفقيرة، حيث تقوض سبل العيش ومكاسب التنمية الوطنية التي اتخذت سنوات لبنائها. وإن اجراءات الحجر الصحي والاغلاق ومنع التنقل في هذه البلدان الفقيرة، فهي أكثر قساوة وكارثية على الذين يعملون بأجر يومي وأولئك العمال والعاملات غير النظاميين الذين يفتقدون إلى تأمين صحي وحماية اجتماعية في هذه الازمة.
إن هشاشة اقتصاد البلدان الرأسمالية الفقيرة المرتبطة هيكليا بالخارج، المنهكة بالسياسات الليبرالية المتوحشة، وارتفاع المديونية والفساد المستشري في أوصال القطاعات الحكومية والخاصة ، قد أفقد أي فعالية للتدابير المتخذة لتقديم المساعدات الضعيفة أصلا إلى من هم في أمس الحاجة إليها، حيث آلاف أسر العمال العاطلين في صراع يومي من أجل البحث عن الطعام لسد جوع أطفالها. وكالعادة يبدو أن هذه الدول ستختار السير في طريق الاستدانة لسد العجز في التمويل من المؤسسات المالية العالمية مذعنة لجميع الشروط المعروفة.
أما في البلدان الرأسمالية الغنية فقد ربحت كبريات الشركات ورجال المال والاعمال من حالة الاغلاق والتوقف عن العمل وتسريح العمال كليا أو جزئيا، واستفادوا من الدعم السخي لحماية تلك الشركات والاقتصاد من الانهيار، وكان العمال هم الخاسرون في مواجهة مصير مجهول .
كما أكدت في البداية حول الموضوع من هذه المداخلة ، الذي قدمته باقتضاب، من حيث انعكاس الازمة العالمية على الاوضاع الملموسة للعمال والكادحين والشعوب الفقيرة، والشروط الجديدة في تنظيم الصفوف و خوض النضال ، إذ لم تمر إلا بضع أيام على فاتح ماي وسط هده الازمة، العيد الاممي للعمال والمناضلون النقابيون لتخليد دكري النقابيين شهداء مدينة شيكاغو الذين أعدموا سنة 1886 بالولايات المتحدة لانهم طالبوا بيوم عمل من تماني ساعات؛ وكذلك رفع مطالبهم المستجدة.
والحال هذه ، فليس أمام العمال والعاملات ومعهم كافة ضحايا الاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة التي عمرت لسنين طويلة في المغرب؛ إلا ان ينخرطوا في النضال من أجل:
▪ الحق في الحصول على الشغل ورفض اغلاق المعامل والتسريح من العمل مع ضمان كافة الشروط الصحية والسلامة والتأمين عن المرض.
▪ الدفاع عن الحق في التنظيم والانتماء النقابي والسياسي والاضراب.
▪ المطالبة بإلغاء أداء المديونية للمؤسسات المالية الخارجية، ورفض تبعاتها الاقتصادية والاجتماعية على أوضاع العمال وعموم الكادحين.
تبدو لي أن هذه هي أهم المطالب المركزية العمالية والجماهيرية ذات الطبيعة الشعبية في المرحلة الراهنة على ضوء الواقع الموضوعي والذاتي، و في ظل الازمة التي يمر بها المغرب. وطبيعي أن لا نغفل أن التضامن والوحدة النضالية هما السلاح الفعال لتنظيم جبهة الدفاع أمام جبروت النظام المخزني.
سعيد كنيش / تمارة في 07/05/2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق