جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

شهادة للتاريخ .... ! الرحيل الاخير للشهيد محمد كرينة بقلم : رشيد ريفقي

شهادة للتاريخ .... !
الرحيل الاخير للشهيد محمد كرينة
بقلم : رشيد ريفقي
شهادة للتاريخ من مناضل اتحادي عايش الشهيد محمد كرينة عن قرب خلال فترة نضاله، وخصوصا في الايام الاخيرة قبل اعتقاله واستشهاده.
هذه الشهادة ساهم فيها مجموعة من المناضلين الاتحاديين؛ واشكر المناضل الجيخ عبد الخالق الذي ادى الثمن غاليا واصبح بين مطرقة معذبيه وسندان بعض رفاقه في الدرب : هم متعاطفون مع الحزب.
لماذا اشكره؟ لانه عايش الشهيد في الزنزانة، ونقل لى معانات واللحظات الاخيرة لاحتضار الشهيد محمد اكرينة؛ كان هذا الاخير يحتضر ولم يكن بكامل قواه العقلية، فالالتهابات الناجمة عن التعذيب أدخلته في هديان حيث ان الشهيد لا يطمئن لاحد الا للاخ محمد الواثق الذي يناديه:با با با (ابي ابي ابي)... كان الشهيد لا يفارق منزل عبد الخالق؛ مما جعل هذا الاخير رفقة المناضل محمد بوفجوة يقوم بتهديد الادارة باضرام النار في حالة عدم نقل الشهيد للمستشفى لكن النقل كان بدون جدوى...
سنة 1979 كانت سنة نضال ومواجهة مع النظام، فضلا عن التنظيم النقابي الكونفدرالية الديموقراطية للشغل، محركها قطاع البريد وقطاع التعليم ومن بعد المكتب الوطني للفوسفاط وقطاع الصحة، لان جل القطاعات كانت منضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل وCDT بديل نقابي.
وقرر الحزب احياء ذكرى يوم الارض 30 مارس1979؛ وقمنا نحن الشبيبة الاتحادية بانزا واكادير ..... ، بتعبئة شاملة اعطت أكلها من خلال الحضور الجماهيري العارم نساء ورجال وشابات وشباب الشي الذي خلق نقاشا حادا : هل نخرج للشارع وبدون ترخيص للانتفاضة ام نكتفي باحياءها داخل مقر الحزب؟
قمنا باجتماع مصغر، اخد الشهيد محمد كرينة الكلمة وكان طرحه قد تم تثمينه، وكانت الاجواء كلها حماس.
العشاء الاخير ... !
بعد احياء ذكرى يوم الارض تضامنا مع الشعب الفلسطيني بمقر حزب الاتحاد الاشتراكي يوم الجمعة 30 مارس1979، ومباشرة بعد انتهاء هذا العرس النضالي ركبنا الحافلة التي اقلتنا الى انزا رافعين شعارات تضامنية مع الشعب الفلسطيني. قمنا بمظاهرة سلمية لم تدم طويلا حفاظا على سلامة من هم معنا خصوصا بعد الاستنفار الامني الذي لم يتوقع مظاهرة من هذا الحجم في هذا الحي العمالي المهمش.
اتجه الشهيد كرينة صوب منزلهم بعد ان ضربنا موعدا بمنزل الحبيب اوكنوز. عندما أسدل الليل ستاره وانغطت الشمس خلف البحر، بدأ الواحد تلو الاخر يحضر، اخيرا حضر الشهيد رفقة الدخيل الانزوي الغير المرغوب فيه. قلقنا فعلا؛ واعتذر الشهيد. وليست من شيم ابناء انزا طرد ضيفها.
كان بعضنا يلعب الكارطا والشهيد لم اكن ادري ماذا يكتب؟ لكنني اتذكر جيدا انه طلب، من الحبيب اوكنوز، صورة فوتوغرافية صغيرة الحجم، قد اثارت اهتمامه وسلمه إياها.
الخيانة والوشاية !
غادر الدخيل المنزل قبلنا بساعة، لم تتوفر انزا انذاك على وسائل نقل خاصة ولا على هاتف تابت. كانت ساكنة انزا تلتجيء عند والد بونخيلا عبد الله رحمه الله في الحالات المستعصية، لانه الوحيد الذي يملكه. اما شيء يسمى هاتف نقال فحدث ولا حرج. ويبقى التواصل مستحيلا بين الدخيل والمخبر الشيء الذي لم يعجل في رصدنا ومباغتتنا.
يوم السبت 31 مارس1979 استيقظنا على هول جملة "تهين ملك البلاد"، تلتها اعتقالات عشوائية في البداية، فاعتقل كل من: الزهرة بلاوي وجميلة رزقي ومحمد ابرني اخو احمد ابرني، ومن تم تواصل البحث عن محمد بوفجوة الذي لم يكن ضمن المجموعة، فتم اعتقال اخيه الحسن بوفجوة كورقة ضغط على العائلة أملا في تسليم نفسه هو ومن في قائمة المطالبين .
اخبرنا بوفجوة بالامر واراد وجهة نظرنا، فقلنا له: لاتسلم نفسك، فغدا او بعده سيفرج عن اخيك.
كان الشهيد قد دعانا لوجبة العشاء في نفس اليوم، لانه يهم للسفر في اليوم الموالي للالتحاق بثانويه الخوارزمي الكائنة بالبيضاء.
كنا دائمآ نقول له: "هذا ديك بلدي وسمين"، وطلب من والدته طبخه لنا في وجبة العشاء؛ وهو ما تم فعلا. كان آخر عشاء له معنا وربما في منزلهم.
كشباب في سن المراهقة واعمارنا لم تكن تتجاوز العشرين سنة؛ كنا لا نعرف الخوف ومستعدون للاعتقال والاستشهاد؛ تلكم ضريبة النضال.
يوم الاحد فاتح ابريل قدم محمد بوفجوة نفسه املا ان يطلق سراح اخيه الحسن، لكن بدون جدوى. لقد تم تعذيبه تعذيبا جهنميا: الضرب بالخرطوم tuyau والصعقات الكهربائية المتوالية في المناطق الحساسة كالاعضاء التناسلية وهو معلق بين السماء والارض، ما يسمى في لغة المعتقلين بالطيارة.
في نفس اليوم الذي اعتقل فيه بوفجوة، هم الشهيد بالسفر، وفعلا ذهبنا عنده لنطمئن عليه. تأبط حقيبته ولوازمه الدراسية ورفقناه الى المارشي منتظرين قدوم الحافلة رقم 1ذات اللون البرتقالي، كان ذلك حوالي الساعة الثالثة بعد الزوال.
توقفت الحافلة وانتظرنا عودة السائق الذي توجه للمحلبة المقابلة لمحطة الوقوف. نتبادل كلمات وجمل كاننا وسط الملعب نستعد للمباراة !
وفعلا بدأنا بتوديعه، واحد تلو الاخر لكن ما جعل انفاسي تحتبس هو طريقة توديع الصديق والاخ ادريس الميري للشهيد؛ طريقة تقشعر لها الابدان. فلقد قبل جبهته في سكون ومن تم قبل عينيه وعانقه عناقا قويا يقبله في خديه يمنة ويسرة كانه يودع شهيدا فلسطينيا في نعشه وهو يررد : الوداع الوداع "المسامحة اخي محمد المسامحة". بدأ يصعد الحافلة والعبارة الاخيرة التي سمعها منا جميعا: احتط جيدا فاننا سنؤذي ضريبة النضال... رافقتك السلامة.
حملة الاعتقالات والتنكيل بالعائلات
لما علمنا باعتقال بوفجوة ،مساء الاحد توجهنا الى مقر الحزب لجس النبض و إبلاغ الكتابة الاقليمية بآخر التطورات بانزا.
التقينا جيشا من المناضلين في مقر الحزب : اسماعيل المانوزي بعض العمال المتابعين وصلاح ازداك وعبد المجبد ريفقي والمرحوم حسن بلحميد المناضل الشهم والخلوق، وحسن بوشارب ومحمد كوزوز وعبد الله بونخيلا وعبد العزيز بوشاطر ....
اتفقنا على ان لا نلتقي وخصوصا بعد استدعاء كل من الحبيب اوكنوز وبوشاطر من طرف قائد انزا.
رفض الحبيب الامتثال اما بوشاطر فلبى الدعوة لكنه في نفس اليوم اطلق سراحه... لماذا؟ الله اعلم...
اما الحبيب فاختفى من انزا ليستقر كما نحن بمقر الحزب وفي الصباح نتوجه الى ثانوية يوسف بن تاشفين لمتابعة الدراسة.
كان الامن ينهج طريقة اثناء عملية الاعتقالات، فان لم يجدوك فانهم سيعتقلون اخاك او اختك او والدك... ففي ذاك الزمن الجميل لن نرضى الضرر لاهلنا فنقدم انفسنا.
يوم الاربعاء 4 أبريل 1979 سياتي دور المناضل عبد الخالق الجيخ Abou Said فهو انذاك ميكانيكي بنفس الباخرة التي يعمل بها والده رحمه الله سي محمد الساسي المناضل المقاوم الذي كان ضمن اعضاء جيش التحرير بالجنوب.اعتقلوا والده الذي انكر تواجد ابنه بالباخرة، وكان رحمه الله يعاني وعكات صحية.
لما ابصر عبد الخالق والده في قبضة رجال الامن؛توجه نحوهم وقدم نفسه حرصا على صحة والده.
نقل على الفور لقيادة انزا ليستقبله القائد اكديرة متهكما:نحن لا نختطف احدا (والله لا ادري محل هذه الجملة من الاعراب ؟؟!!!) أحضر الملقبة مينة مو السنادر واشار القائد، واجابت نعم سيدي هو هذا وكان يرتدي معطفا اصفر اللون... هذا اللون في انزا اصبح لصيقا بالاتحاد الاشتراكي وتهمة في نفس الوقت.
قدمت سيارة الشرطة لنقل عبد الخالق الى مخفر الشرطة للاستنطاق وكان فيها شاب نصف فاقد لوعيه ويتألم،تفادى الجلوس بجانبه وقال الشرطي له،لماذا لا تجلس بكلام سلطوي نابي؛لم يكن حينها يعرفه لتغيير لونه .لقد قال لي عبد الخالق والله يا اخي لم اتعرف عليه الا بعدما اقتربت منه؛لان بشرة بوفجوة سمراء ومن شدة التعذيب وصعقات الكهرباء وtuyau تغيرت بشرته واصبحت مائلة للاصفرار.حاول الحديث معه لكنه كان يعاني؛وقد اراد منه ان يتعرف الأسئلة التي طرحت عليه في التحقيق لكن لا من مجيب...
بصراحة لم نتلق مواعيض حول الاعتقال وطريقة التعامل مع الجلادين، وطريقة المراوغة. ...
في الجزء الاخير ساتحدث عن ملاحقة كل من صلاح ازداك والاستاذ علال اخويبي والشهيد محمد اكرينة ،هؤلاء الخمسة ضروري اعتقالهم ،لان الصورة التي بيد الشرطة هم من فيها...ويعتقل في نفس الاسبوع ابراهيم بلخبيزي ومن بعده المرحوم محمد اخويبي.....
حصص التعذيب والبحث عن كرينة !
بعد اعتقال محمد بوفجوة يومه 31 مارس من نفس السنة وبعد ثلاثة ايام من التعذيب بشتى انواعه والوانه ياتي دور اعتقال عبد الخالق الجيخ يوم 4 ابريل 1979 لتبدأ الرحلة؛ يوضعا في سيارة الامن من نوع فاركونيت؛ يحاول عبد الخالق ان يسأله عما طلب منه، لكن بوفجوة كان طريحا كانه يودع الحياة، يتفوه تارة بكلمة ثم بغيب متالما وهو يئن.
انطلقت سيارة الامن بهما امام ساحة ينظم فيها السيرك بدور الصفيح التي لا تبعد عن براكة أزداك الا بامتار.
تتوقف السيارة ليقول احد الشرطيين للجيخ :
- هل تعرف صلاح؟
- لا اعرفه.
- والذي معك في الصورة اليس ازداك؟
- نعم.
- ولماذا تقول (وبكلام سافل) لا تعرف صلاح.
- ااسمه سلامة ولم اعرفه قط بصلاح الا اليوم.
- ارينا منزله؟
- لا اعرفه، هو يسكن بهذا الحي الصفيحي ولكنني لا اعرفه بالضبط !
نزل الشرطي متوجها وسائلا منزله لكنه عاد ادراجه.
كان في علمي انهم اعتقلوا اخاه مصطفى من بعد. والاكيد ان الشرطة تعتقل والده من الصباح حتى المساء عسى ان يقدم صلاح نفسه؛ الامر الذي لم يتم لكون صلاح ذو الجدور الصحراوية، كان يخاف من تلفيق تهم : كالمس بالوحدة الترابية او انتمائه لبوليزاريو والله اعلم؟؟؟!!! وهذه التهم وحدها كافية لاختطافه او محاكمته حكما قاسيا، مع العلم ان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية موقفه ايجابي من الصحراء المغربية.
انطلقت السيارة باتجاه بلوك ب لتتوقف امام الادراج التي يتواجد بها المرحوم علي السيكليس .
صرخ رجل الامن في وجه بوفجوة:
- هل كرينة متواجد باكدير؟ بكلام فاحش.
فاجابه؛ لا اعرف.
نزلوا باتجاه منزل كرينة الذي فتشوه تفتيشا.، ورجعوا بخفي حنين.
لا علم لي هل ذهبوا لمنزل الاستاذ اخويبي الذي طلبوا من عبد الخالق معلومات عليه ؛هذا الاخير انطلاق من الصورة نطق اسم خنيبي وصححوا له : اسمه اخويبي. هذا الاخير بحكم دراسته في البيضاء كان يتردد على منزل اخته التي تقطن بالمحمدية. نفس ما فعله صلاح الذي كان ذكاؤه ولياقته البدنية كافيان للفرار من قبضتهم، حيث كان يعتكف بمقر الحزب باكادير مع مجموعة من المطالبين بهم باكادير الكبير.
تم نقل المعتقلين السالفين الذكر الى كوميسارية اكادير.
ترك عبد الخالق يومين من غير سؤال ولا كلام. ربما حرب نفسية ليسهل الاستنطاق والاعتراف، بدا التعذيب ثلاثة ايام متتابعة:
اليوم الاول 6 أبريل، طلبوا منه ما هي علاقتكم بالجبهة؟ ظن في الاول جبهة بوليزاريو..
فرد عليهم، الجبهة؟ لم افهم... فقالوا له:
الجبهة الشعبية القيادة العامة لتحرير فلسطين.
ايقن حينها انهم يظنوننا تنظيما قوميا صلبا تابع للقياد العامة وهو تنظيم يساري شيوعي.فاجابهم:
- ليس لدي علم باية جبهة؟واجهل ما تقولونه.
- انت اتحادي.
- نعم .
- من هو زعيمكم وتنظيمكم الحزبي؟
مع الضرب من حين لاخر.
من يرأسكم؟
- ابراهيم الراضي وعبد الرحيم بوعبيد .
- اين كنت يوم الجمعة 30 مارس1979 ليلا؟
-كنت مع اصدقائي فلان وفلان؟
- ماذا كنتم تفعلون؟
- كنا نلعب الكارطة...
تم تعليقه في حديدة بعدما ربطوا كوعيه وكعبية برباط مثين، وتم وضعه بين خشبتين كالذي يرد شواء خروف. (هذا التعذيب يسمى بالطيارة)
بدأ التعذيب، كما قال لي، ليس كما مورس على بوفجوة. وتابع يقول لي :الكهرباء (الضو الضو الضو)ف الاماكن الحساسة جدا بدءا من اصابع الارجل والاذنين والصدر ...
قالوا له: ذلنا على مكان كرينة؟
- والله لا اعرفه، ولقد سبق ان نفى تواجد الشهيد معنا في البراكة .
- واصلوا التعذيب وهذه المرة في الاعضاء التناسلة، حيث قال له وهو يعذبه بالدارجة: من اليوم ما تحلم تطلع فوق شي مرا، اي انه سيصبح عاجزا جنسيا. (اقول الحقيقة وبدون حياء حشاكم ومعذرة).
لم يكفيهم هذا فأخذوا سطلا به محلول الكريزين الذي يستخذم في المراحيص وغطسوا راسه حتى احتبست انفاسه وفقد وعيه.وانتهى اليوم الاول.
تم وضعه في غرفة الى جانب رجل معتقل، هذا الاخير خلع جلبابه وجعله فراشا له رأفة به.
يومه 7 ابريل 1979م يعلق من الصباح الباكر حتى المساء وكان من حين لاخر يغيب .... وكما يقول المثل المغربي :كثرة البكاء كتضحك...لانه قال لي كنت افرح لما يغمى عني! الالم يزول (البنج).
لما وضعوه ارضا ظن نفسه معاقا لان اطرافه منعدمة الحركة ومفاصله لا تتحرك وطبيعي جدا اثنتا عشرة ساعة مدة التعليق ومكتف الايدي والرجل.
في اليوم الثالث: 8 ابريل 1979 هذه المرة يعلق ولكنه رأى في الامر عذابا فبدأ يتدحرج في هذا العمود كي يسقط ارضا، بدأ يتنقل شيئا فشيئا
الى ان سقط ارضا وكسرت احد اسنانه وجرح انفه، وبقي هكذا بدون ان يستشعره الجلادان مصطفى والبحباح. ولما ولجا الغرفة وجوه مغمى عنه، ونقل الى الغرفة التي يتواجد بها بوفجوه واخوه الحسن الذي يعمل الان بقسم الحالة المدنية بانزا والذي اطلق سراحه بعدما قضى اسبوعا يفترش الارض ويغطى بالسماء ،لكنه لم يخضع للتعذيب؛ بل كان عليهم اطلاق سراحه يوم اعتقل اخوه.
في اليوم الرابع يطلب للاستنطاق ويجيبهم اجابات غير مقنعة مضيفا هذه المرة اسم الطيب الساسي العضو الان في حزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي والذي كان احد العناصر الرئيسية في الحزب لمواقفة الراديكالية.
لما كان الجيخ يسأل،بدأ بحك كوعه الذي بسهولة بدت واضحة علامة التعذيب الشي الذي لم يحبذه الجلاد فصفعه قائلا: لماذا "ربك كتحك جلدك". فأراد لكمه هذه المرة، لكن عبد للخالق انحنى ليضرب الحائط ويتألم قائلا: "كتخوي دين مك".!
لم ينكر الجيخ معاملة بعض البوليس الطيبين (سمطا كحلة كما نقول) ،يقدمون لهم بعض المساعدات والخدمات الانسانية.
هذه الحرية احيانا ينعمون بها جعلت الجيخ بحكم فضوله يتجسس ليضبط شخصا حضر عندهم وهو يشي بالاستاذ بلخبيزي وببعض النقابيين الذين يستعدون لخوص الاضراب 10 و11 ابريل الاضراب الوطني العام الذي دعت اليه CDT اقل من خمسة اشهر على تاسيسها سنة 1979.
للتذكير فهذا الواشي البركاك سيتعرف عليه الجيخ من بعد : لقد اصبح نقابيا بارزا فأعطاني أوصافه فتعرفت عليه لانني كنت منتميا لنفس النقابة منذ تعييني في قطاع التعليم سنة 1984.
فعلا اعتقل بلخبيزي بتهمة الإساءة لشخص الملك خلال حصة مادة تخصصه الاجتماعيات.وقد تم تعذيبه، وبدات الاعتقالات منذ 9 ابريل ليلة الاضراب قصد افشاله، حيث تم اعتقال المرحوم محمد اخويبي. وقبل اعتقال هذا الاخير بدأ عبد الخالق يسمع عويل وصياح فتاة فتوجه عند بلخبيزي، يسأله من تكون تلك الفتاة؟ اجابه بلخبيزي انها فاطمة كرينة. التي اعتقلت من اعدادية ابن خلدون وسط زميلاتها؛ فتعرضت للتعذيب لا لشيء سوى الادلاء بالثانوية التي يدرس بها الشهيد. وفي نفس اليوم يطلق سراحها لتذهب للمؤسسة وهي تحمل معها آثار التعذيب.
اعتقال محمد كرينة بالبيضاء.
يوم 17 ابريل على الساعة السابعة مساء في قاعة المراجعة بداخلية ثانوية الخوارزمي، يعتقل الشهيد امام مرأى ومسمع تلاميذ مؤسسته الذين احتجوا وامتنعوا عن أكل وجبة العشاء، الشيء الذي جعل الادارة المتواطئة مع الأمن في اعتقال تلميذ نجيب ذو الاخلاق الرفيعة.
حضر رجل أمن وقال للتلاميذ : ان كرينة متهم بسرقة وقعت في مدينة وجدة؛ فأجابهم عبد الكريم الصالحي: انه ابن مدينتي واقسم انه لم يسافر قط الى مدينة غير البيضاء... فبدا التلاميذ يهمسون خوفا على الصالحي : اصمت اصمت اصمت.
عرفت المؤسسة ارتباكا حول المصير المجهول للشهيد وحاولوا القيام باضراب فلقوا مقاومة من الادارة.
يوم 19 او 20 ابريل سيصل الشهيد الى كوميسارية اكادير، ليبدأ تعذيبه عذابا شديدا وأليما على شاكلة التعذيب الذي مر منه الجيخ او اكثر.
خلال فترة تعذيبه هذه طلب احد النقابيين وهو اتحادي بان يكفوا عنه وان يعترف لهم بما ارادوه ولو بقتل كينيدي .(احيلكم على المحرر الذي يحكي اطوار المحاكمة)...
تم تقديم الشهيد يوم 22 ابريل لوكيل الملك حيث طلب الدفاع نقله الفوري للمستشفى وتم رفضه.ظل المسكين يحتضر امام المناضلين وقد نام بجنبه بوفجوة محمد الذي حاول الاهتمام به؛مما جعل المعتقلين محاولة إضرام النار التي اقترحها كل من الجيخ وبوفجوة لتستسلم ادارة السجن بنقله للمستشفى .
يوم 23 ابريل تزوره والدته وحسب ما حكت ليلة استشهاده بانها زودته بالاكل واشترت له علبة سجائر ورفضها بحكم انه اقلع عن التدخين.وعدتها ان ازوره.
استشهاد محمد كرينة من جراء التعذيب
يوم 24 على الساعة العاشرة بعد انهاء حصة دراسية من :الثامنة الى العاشرة صباحا؛ وبعدما اهم بالذهاب لزيارته ياتي صوبي حسن بوشارب، المناضل الاتحادي ليخبرني بوفاة الشهيد وكدت لا اصدق.
ونحن كمناضلين متمرسين؛ قلت لحسن بوشارب لنخبر كل المناضلين المنظمين خلويا بالثانوية للاعداد للاضراب: اخبرنا دحمان عبدالله والمنوزي اسماعيل ومحمد كوزوز و عبد الله بونخيلا والعربي بوسكيد والحبيب اوكنوز.... وتوجهنا الى مقر الحزب لاتخاد القرار والتعبئة له مساء يوم استشهاده وبالفعل قمنا باللازم.
يوم 25 ابريل كنا اول من حضر لثانوية يوسف بن تاشفين واجتمعنا امام مدخل الباب مكونين حزاما ومنتظرين الجرس ودخول التلاميذ الذين بدانا في الحديث لهم والادارة لاحظت عدم دخول التلاميذ كذي قبل؛ ورفعنا شعارات، وباء الاضراب بالفشل. وهذا امر طبيعي لامرين :
١) لاننا عادة على مدار اسبوع نقوم بالتعبئة :حوار والجدوى من الاضراب والاقتناع به....
٢) لان الشهيد لم يكن معروفا لديهم ولانه لا يدرس بالثانوية.
في نفس اليوم الذي نشرت جريدة المحرر نبأ استشهاده. اضربت ثانوية الخوارزمي الذي تم فيها انزال امني للاواكس ،فرقة دورها التدخل وتفريق الاضرابات بتعنيف الطلبة.وهذا ما يحكي لي الصلحي عبد الكريم عن طريقة التعامل اضراب ناجح هذا اليوم لكن في المساء عنف التلاميذ واجبروا بالضرب للالتحاق باقسامهم غدا.
توجه الصالحي عند الطلبة أبناء انزا بكلية البيضاء والتقى بالدكتور الاسعد وباخويبي علال والاسعد بوشعيب ووووو لتباكوا استشهاده.
رحمك الله يا صديقي لقد وفيت بوعدك لما كنا نتعارك وامسكت بقبضته حتى تالم وقلت له قل : كذا وكذا؛ فقال ما طلبته منه.
فقلت له:
هذا هو النضال اسي كرينة،
فقال لي:
"يوم الحسم لما اقع في قبضتهم سيتضح لك كل شيء وستعرف انني ساصمد ولن ينالوا مني... "
والله حصل هذا ببلوك ب.
اخوتي لقد كتبت لكم ما عشته وعاشه من كان في حزبه.
ان دونت هذا فليعرف النشء بعضا عن ذاكرة انزا التي اعدكم ان ندون تاريخ انزا منذ نشاة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي انشق منه ثيار رفاق الشهداء الذي كنت عضوا فيه في الجامعة وحزبيا في التيار اليساري الاتحاد الاشتراكي اللجنة الادارية، هذا التيار الذي زج به زعيم الاتحاد الاشتراكي عبد الرحيم بوعبيد ومن معه - وصمة عار على حزب الاتحاد الاشتراكي الذي تآمر على مناضليه، وان اختلفوا- في السجن مثل هذا اليوم 8 ماي 1983، هذا الحزب اليساري هو حزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي، فتحية لكم من انزوي حتى النخاع.
* بقلم : رشيد ريفقي مناضل سابق بالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *