المنسي.. “محولجي السكة الحديد” الذي عاش حلمه بالنيابة عن كل المنسيين
كتب - محرر نجوم إف إم
اختارت آية عبدالعاطي، عبر برنامج “فيلم السهرة”، يوم الأحد، على نجوم إف إم، الحديث عن أحد أهم أفلام الكاتب الكبير وحيد حامد، وأبرز أفلام الزعيم عادل إمام وهو “المنسي”.
قبل 25 عاما وتحديدا في عام 1993 شهدت دور العرض السينمائية في مصر عرض فيلم “المنسي” بطولة الزعيم عادل إمام ويسرا وأحمد ادم، وهو من اخراج شريف عرفة وتأليف وحيد حامد.
وهو الفيلم الذي حقق نجاحا كبيرا ولا يزال يعيش بيننا خاصة ذلك المشهد الذي جمع الزعيم عادل امام وأحمد آدم مع محمد هنيدي عندما سأل الزعيم هنيدي في الفيلم “الفيلم ده قصة ولا مناظر”، ليلتقي الزعيم داخل دور العرض بعلاء ولي الدين الذي ينهار لسماع قصة الفيلم ثم يكتشف الجميع أن الفيلم لا يوجد به مناظر مثلما قال هنيدي وهو ما يجعل ينال “علقة ساخنة” داخل دور العرض.
فيلم المنسي تدور أحداثه حول يوسف المنسي عامل التحويلة، الذي يفاجئ في إحدى الليالي بالفتاة غادة التي تدخل كشك التحويلة وتطلب حمايته، فهي سكرتيرة المليونير (أسعد ياقوت) أحد رجال الأعمال الذي يقيم حفلا صاخبًا ليعقد فيه صفقة بالملايين مع أحد الشخصيات الهامة والذي يعجب بالسكرتيرة ويطلبها كشرط لإتمام الصفقة، تشعر (غادة) بالخطر فتقودها ظروفها إلى كشك التحويلة، يرسل رجل الأعمال أعوانه للبحث عنها وإجبارها على العودة، أمام هذا يتحول (يوسف) إلى فارس يدافع عنها ويساعدها في الهروب وأن تركب قطار الصباح وترحل وينتهي بذلك حلمه.
عالم المنسي
وقالت آية: “بداية أغلب الأفلام قبل ما ندخل في الموضوع أو الصراع أو القضية لازم نشوف عالم البطل، بيته، أصحابه، هواياته، نعرف شخصيته، في المنسي في أول مشهد بتدخل بيت يوسف المنسي درويش، اللي مع أول لقطة بتكتشف إنه ليس بيته بيت شقيقته وجوزها وعيالها وهو عايش معاها.. اللي عايزين يجوزوه عشان البيت يفضى عليهم.. بنشوف إنسان “عادي” شكلة وكلامة مايقولوش إننا هنشوف منه حاجة، وفي أول 10 دقائق في الفيلم المخرج بيقدم لك فكرة إن الفيلم سيسير في خطين موازيين، خط المنسي ودنيته وأحلامه، محولجي السكة الحديد اللي أقصى طموحه إنه يدخل السينما يتفرج على ستات مايقدرش يشوفهم في الواقع، ويستخدم حيلة شخصية للتحايل على احتياجاته إنه يحلم بأي واحدة تعجبه إنه اتجوزها، وخط أسعد بيه (البطل الضد) ودنيته وأحلامه هو كمان اللي عنده شركات وأسطول من الموظفين شغلة في المقام الأول، اللي بيجهز لحفلة مهمة جدا في فيلته اللي جنب كشك السكة الحديد اللي بيشتغل فيه المنسي
والبداية الفعلية للفيلم في مشهد يسرا سكرتيرة أسعد بيه وهي في العربية وبتمم على الأكل اللي جاي من الخارج عشان الحفلة.. وبنشوف في نفس المشهد وراه العربية الميكروباص اللي راكب فيها المنسي عشان يوصل شغله.. وكأن الاتنين رايحين نفس المكان من غير ما يعرفوا”
الأسطورة
وأضافت آية: “المنسي حتى لو إنسان عادي لكن الفضول سمة بشرية وطبيعي وإنت رايح شغلك اللي بتروحه كل يوم عادي لما تشوف شيء مش طبيعي تسأل، لكن الفضول ده هيأخر منسي على الشغل.. ومنها يظهر فرغلي، الفنان أحمد راتب، اللي بنشوفه مرتين في الفيلم في أوله وفي نهايته، ويمكن جملة الحوار الأولى اللي بيقولها هي مدخل لحكاية هنعشها في الفيلم، (الاسطورة) كأن الفيلم بيوعدك بمشاهدة قصة أسطورية الأميرة اللي بتهرب من الحفلة عشان تلاقي في طريقها الشاب الغلبان اللي بينقذها من الأشرار، حتى الأماكن القصر بتاع الأغنية والكشك بتاع الغلبان حتى الشرير اسمه أسعد ياقوت زي أسامي ألف ليلة وليلة كهرمان ملك الزمان”.
وتابعت: “طبعا هنا بقى التصوير بيتكلم بتلاقي من أول مشوار منسي لشغله مشاهد للنخل والشجر والشمس أجواء خيالية أسطورية، لأن ده دور الكاميرا تقدم لك الأجواء حتى شكل الكشك ووضعه في نقطة وسط مساحة فاضية بسلالم عالية.. قدامة قضيب السكة الحديد، كل دي تكوينات لحكاية كلها لغة سينما، وبتبدأ الحفلة وتبدا الوردية بتاعت منسي”.
وأردفت: “تهرب غادة وتسيب الحفلة وتروح أقرب مكان، في كشك التحويلة.. تروح للمنسي ولحظة تصوير وصول غادة بتأكد الأجواء الخيالية وهي ماشية على قضيب القطار في خطوات هادئة.. نفس خطوات الستات اللي بيحلم بيهم المنسي.. كان هي كمان هتكون حلم هيعيشة منسي”.
لسان حال المنسيين
وشددت آية: “المباشرة في الحوار هنا مش قلة حيلة إطلاقا من وحيد حامد هي مقصودة تماما، لأنه بيوضح لك تصالح المنسي مع أحواله.. التصالح المشروط اللي بمنطق لا ضرر ولا ضرار، يعني أنا في حالي وإنتم في حالكم، وهنا بقى تكتشف إن مهنه “محولجي السكة الحديد” لم يكن من فراغ، مش بس عشان المهنة في كل معاني الوحدة والنسيان لأ ده عشان كمان القطار كرمز إيه غير شوية معاني لفرص ضايعة.. الحب اللي مش ممكن نتجنبه ولا نلحق قطاره، وكل القائمة اللي عدها المنسي منسي اللي زهق من كتر الفرص اللي ضاعت بس مايقدرش يمشي، لكن مع كل السلام النفسي ده أو محاولة إيجاده، هنا الصراع يكبر بين القطبين الرئيسيين وتتجلى بين “أسعد ” ويوسف” سيكولوجية الحوار بين الطبقات داخل المجتمع، بل أن القوى السياسية ذاتها تؤازره وتقف إلى جانبه فنجد “أسعد” في حديثه عن “المنسي” يقول (عاجبك كده يا مدام تخلي واحد ما يسواش هاموشه يطردني من صندوق الزبالة اللي قاعد فيه) فيرد “المنسي”(خلي بالك يا باشا أنت كده بتشتم الحكومة) فيرد أسعد في تجبر (طز فيك و في الحكومة)، وتعلق سكرتيرته (نص الحكومة معزومين عنده) وعندما يتصدى “المنسي” لرجال “أسعد” تحاول السكرتيرة الجميلة أن تكافئه بالدخول إلى عالمه -عالم الحلم- بعد أن يرفض هو أن يمسها في الواقع (أبوسك في الحلم أه لكن في الحقيقة لا) لقد أصبح هذا “المنسي”عاجزا عن الحياة الواقعية”
الخوف
وشددت آية: “المحرك الأساسي لكل أبطال فيلم المنسي، هو الخوف، شوف كام مرة سمعت فيها كلمة خايف.. بتخاف.. أو حسيت ده من الحوار والنظرات، أسعد بيه، خايف على كيانه ومستعد يعمل أي حاجة عشان وضعه، فرغلي، خايف يقعد في وردية باليل عشان خايف من العفاريت، منسي، خايف من الوحدة فا بيحلم طول الوقت بكل حاجة نفسه فيها ومش طايلها، لكن في لحظة بتختبر فيها كل أحاسيسك، اللحظة دي ممكن تتخلى فيها عن كل مخاوفك.. وماتفكرش في نتائج تصرفك لأنك بتدافع حق إنسان في حريته.. إنسان استنجد بيك وتوسم فيك إنك تقدر حتى لو كنت ماتقدرش”.
واردفت: “هنا يأتي أبلغ مشاهد الفيلم تعبيرية مشهد الرجل الضخم وهو يلقن “المنسي” الدرس الطبقي الأخير، وحينئذ يقرر “المنسي” أن ينتقم لكرامته المسلوبة وحلمه المغتصب باختطاف السكرتيرة وعبر باتجاه الضفة الأخرى (في مشهد عبوره بالقارب الترعة الصغيرة وكأنه عبور آخر ولكن داخل الوطن لاستعادة الكرامة والحلم)ويتسلل إلى فيلا “أسعد” لكي يستعيد “غاده” عن طريق احتجاز وتهديد رجل الأعمال الرمز، في هذا المشهد كل الأشخاص يقعون تحت الاختبار، المنسي بيتغلب على خوفه وضعفه، أسعد بيزق مراته لما بتحتمي بيه، فوزي بيه بيفوق ويحس إنه يقدر يعمل حاجة ويرمي الولاعه لمنسي، حسان القوي المسيطر بيترعب، ويركب المنسي غادة القطار وتختفي زي ما ظهرت.. خيال زي الأسطورة، ثم يأتي المشهد الأقوى في الفيلم، لأن أكيد أسعد بيه مش هيسيب حقه.. مشهد يدوب جملتين حوار وموسيقى وتمثيل.. بس بيقولوه كل حاجة، وبعد شهر من مونتاج الفيلم بالنهاية دي يطلب شريف عرفة من أحمد راتب إنه يجي يعمل مشهد كمان.. عشان يكون مشهد النهاية طبعا ده كان أجمل وأكثر اندماجا مع فكرة الفيلم إنه منسي يمشي وهو بيضحك ومايردش على فرغلي اللي لسه خايف.. والمنسي عاش حلم بالنيابة عن كل المنسيين”.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق