جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

كوفيد 19 هو آخر مسمار في نعش فكر الأنوار حول مفهوم التقدم !أبو علي

كوفيد 19 هو آخر مسمار في نعش فكر الأنوار حول مفهوم التقدم !
إن آلية التفكير هي مقاومة للنفس " الذات " ضد الميولات التلقائية والأفكار المألوفة التي نعتاد عليها بشكل يضعب التخلص منها، بعض الأحيان لا تجعلنا نرى الأمور بنظرة موضوعية وهذا ما كان قد أشار له الفيلسوف غاستون باشلار حول العائق الابستمولوجي الذي يتطلب قطيعة لبلورة التفكير العلمي. نفس الشيء قام به الفيلسوف كارل بوبر حول نقطة اللاعودة في تاريخ العلوم واعتبر أنه لا توجد حقيقة علمية بل حقيقة مناسبة لمرحلة معينة قابل لما يسميه بقابلية الدحض.
نسوق هذه الاستدلالات لنبين أن البشرية تعيش على تركة فكر عصر الأنوار في مختلف المجالات ، وأهم هذه الفكرة التي جاء بها فكر الانوار هو أن البشرية انطلقت نحو تقدم مضطرد لا عودة فيها الوارء. وهذه الفكرة يمكن مناقشتها بمعطيات جديدة وضعتها على محك سؤال جوهري وهو التالي: الم يجلب التقدم المضطرد مشاكل للإنسانية أصبح يهدد وجودها؟
وأول درس جاء به كوفيد 19 هو الدعوة إلى إعادة ضبط السرعة والتخفيف منها إلى أقصى حد لأن التقدم بقدرما له فضائل فهو قاتل كذلك..
المسألة الثانية لدرس كوفيد هي تعلم المقاومة الذاتية، لكن ما المقصود بها؟ المقاومة تعني عدم تكرار الأخطاء ولكي لا نكرر نفس الأخطاء يجب أن نمر بلحظات المفاجئة والاستغراب لما نحس بأشياء جديدة تداهمنا ، فالأمر أشبه بالمربي الذي يطرح السؤال على التلاميذ في الابتدائي وهذه تجربة مر بها أحد المعملين الذي استغرب الأجوبة الخاطئة للتلاميذ على سؤال فيه نوع الأفخاخ، فقد طرح عليهم السؤال التالي: محمد له 25 ورقة وله 5 أوراق أكثر من سعيد .. السؤال هو التالي: كم عدد الأوراق التي في حوزة سعيد؟ كل التلاميذ قاموا بالعملية التالية : 25+ 5 = 30 ، المربي أصيب بالدهشة لماذا لم يقم التلاميد بعملية الطرح، والمسألة بسيطة هي ان التلاميذ تعلموا أن كلمة زائد كذا يساوي دائما، في نظرهم يساوي الزيادة بدل الطرح، لكن وبعد ذهولهم بالتأكيد لن يكرروا مرة أخرى نفس الخطأ ..
المسألة تعطينا درسا مهما هو أن التعلم لتفادي الخطأ يمر بالضرورة عبر حالة الطوارئ والمفاجئة والذهول كذلك وهو درس تعلمته وتتعلمه البشرية من جائحة كرونا.
إن ذكاء البشرية يتعلم كيف يقاوم بمعنى أنه يتجاوز التلقائية نحو المنطق والخوارزمية، فمثلا أهم عصارة فكر الأنوار تبلورت في ما يعرف بالشّرعة الدولية لحقوق الانسان التي أعطت للبشرية تعهدا بعدم تكرار الفظائع التي ارتكبت في ميدان حقوق الانسان وأن البشرية انطلقت نحو تقدم متصاعد بلا رجعة، لكن خلال القرنين 20 و 21 الحالي ارتكبت فظاعات وجرائم جعلت هذه المرجعية لا سلطة معنوية لها على مسار احترام حقوق الانسان.
إنه لمن الخطأ الاعتقاد بأن البشرية تتطور عبر مراحل، كل مرحلة تتقدم أكثر على الأخرى، كما كان يعتقد جون بياجي نفسه في تطور الذكاء البشري وهي فكرة باتت الأن مجرد وهم قاتل.
ترى ما الذي حدث ويحدث؟ أظن أن البشرية اليوم تبحث عن نوع من التحكيم الداخلي لإعادة النظر في التوازنات وأهمها خفض السرعة الجنونية والعودة إلى نوع من الحياة الطبيعية ؟ هذه مجرد أفكار يمكن أن تكون مفيدة في فهم بعض الإشكالات المطروحة وهذا مسعاي في تعميمها على موقعي .
أبو علي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *