جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

أزمة التعليم هي أزمة مثقفين :الرفيق بوعلي بلمزيان

أزمة التعليم هي أزمة مثقفين : " وأهل الثقافة يلتقطون ذباب المقاهي وفي موج قهوتهم يبحرون.."
التعلم في القسم بالمعكوس classe inversée
ليس هناك وصف يليق بحالة نظامنا التربوي سوى أنه تعرى وأصبح عاجزا على مسايرة التطور الذي شهده حقل التعلم والبيداغوجية..
ويجب في البداية أن نسلم بأن البشر ينقسم إلى ثلاث فئات : هناك من يفكر وهناك من يعمل وهناك من لا يفعل شيئا ..
في ما مضى كان هناك مفكرين مهنتهم هي التفكير وإنتاج أنساق فكرية وثقافية كبرى لصالح المجتمعات الإنسانية، ولما تراجع دور هذا النمط من المثقفين لم يجد رجل التربية ورجل السياسة المناهل التي تساعده على حل المعضلات المطروحة ، وهنا نستحضر الدور الذي لعبه الراحل الدكتور محمد عابد الجابري في إنتاج بعض الكتب التربوية، لأن من يفكر يكون له عتاد فكري شامل في مختلف المجالات الاجتماعية تساعده على تسليط الأضواء على المعضلات الكبرى التي تصادف المجتمعات في طريق نموها وتطورها.
ولعل الجدل العقيم الدائر اليوم حول التعليم عن بعد أو حضوريا ناتج عن هذا الفراغ الذي تركه هذا الصنف من المثقفين ناهيك عن الاديولوجية الرقمية التي سطحت العقول وأفرغت ذاكرة البشر من القدرة على التفكير، بعدما أتاحت له المواقع الرقمية مساحات للتخزين خارج العقل البشري الذي أصبح خاملا وكسولا، وهذا يبين عجزنا عن الاستفادة من هذا التطور التكنولوجي.
لقد برز منذ سنوات في أمريكا والدول الأوروبية نمط من التعلم سمي بالقسم المعكوس " الدروس في المنزل والتطبيق في المدرسة " ، وحقق هذا النمط نجاحا كبيرا لكن ليس بالطريقة المطروحة الآن في المغرب، فرجل التعليم يضع خارطة الطريق للسنة الدراسية وينجز فيديوهات قصيرة واستمارات ونصوص وأسئلة من أجل تحضيرها من قبل المتعلم في المنزل بعد أن يكون قد أنجز موقع في الانترنيت يكون في علم التلاميذ، وفي هذه الحالة فإن القسم ينحصر دوره في التطبيق وإنجاز المسائل المتعلقة بالمشكلات والقضايا التي تتطلب الحل والتي لم يتمكن التلميذ من حلها بنفسه، مما يعطي للأستاذ أمكانية التقرب أكثر للتلاميذ والاطلاع على مشاكلهم الدراسية والصعوبات التي يعانون منها ومساعدتهم على حلها.
هذا النمط من التدريس يعلم للتلميذ كيف يتمكن من تثبيت استقلاليته، والاعتماد على نفسه وبذل المجهول الذاتي ، وفي نفس الوقت يساهم في نوع من الدينامية الزمنية ويعطي للمتعلم فرص أكبر من أجل كسب المعارف ويزيد من دور الأستاذ الذي يتحدد دوره في مرافقة تلاميذته عن قرب، ويلغي ذلك الهوس والخوف الذي يستبد بالتلاميذ وهم مقبلون على الامتحانات وغالبا لا يفكرون إلا في طريقة الغش.
خلاصة القول أن الأزمة التي نتخبط فيها اليوم ناتجة عن غياب التنظيرات الفكرية التي كان يقوم بها سابقا فلاسفة لأنهم الفئة الأكثر اطلاعا على مختلف المستجدات والابداعات الحاصلة في العلوم الاجتماعية والسيكولوجية ، ولما تراجع دور هؤلاء أو كاد أن يمحي من الوجود حصل هذا الفراغ زاده تعمقا انحراف العديد من المثقفين عن دورهم وانصرافهم بدروهم إلى نوع من البوليميك والسباحة في أبراجهم العالية، هؤلاء أفرد لهم الشاعر الكبير نزار القباني مقاطع مثيرة من قصيدته المعنونة بالثقب قائلا: " ..فأهل السياسة لا يقرؤون ولا يكتبون وأهل الثقافة يلتقطون ذباب المقاهي وفي موج قهوتهم يبحرون وليس لدينا قصيدة شعر تريد احتراف الجنون ..."
ب.ع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *