جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

صباح ما أنتم عليه .الرفيق تاشفين الاندلسي

 صباح ما أنتم عليه .

كان لازما علي هذا الصباح ان أقوم بجولة في أرض كانت الى حدود السبعينيات و بداية الثمانينيات أراضي خصبة رغم صعوبة حرثها ، كانت تزرع فيها الحبوب بكل أنواعها و كانت مغطاة بأشجار اللوز ، كانت كل ما حل إزهار اللوز تأخذ هذه التلال اللون الأبيض كالثلج لكثافة الأشجار ، كان يخدمها رجال أشداء يطاوعون الصخر و الجلاميد و يروضون الحيوانات الأكثر جماحا ، هم أعمامي و ابناء أعمامي و إخوتي الذين رحلوا اليوم بلا رجعة.
اليوم و كما ترون في الصور أسفله أصبحت خلاء موحشا لا أثر للوز و لا لأزهاره الا من بعض الأشجار التي أخذت اللون الأسود الغامق و كأن حربا جرت أطوارها هنا ، لا أدري لماذا كل هذا السواد الذي تتخذه أشجار اللوز اليابسة لونا ، هو حديث خاص مع الطبيعة و تعبيرا عن حزن شديد على الذين مروا من هنا ، نعم لقد عوضت طبيعيا بشجيرات الدرو و العرعار و اكليل الجبل و غيره من الشيجيرات biannuelle معلنة تغير الأحوال من كل الجوانب ، مناخيا و تضاريسيا و عقلية أيضا تماشيا مع التغيرات الطبيعية .
هنا الآن صمت مطلق ، فصوت الذباب وحده كفيل بصم أذنيك من فرط الصمت من حواليك ، لا أرى أي شخص على طول امتداد رؤيتي . طيور مختلفة الالوان و الأحجام تلف على المكان لا صوت يعلو على أصواتها ، هذه الأصوات تتنوع بتنوع الطيور ، في حديث شيق مع الطبيعة البكر ، هنا فقط يمكنك تخيل الطبيعة بعد ظهور الخليقة مباشرة ، يساعدك على هذا الخيال التغيرات الجيولوجية التي حصلت من تلقاء نفسها بعد غياب أصحاب الأرض الذين كانوا يعاندون عوامل التعرية بالتخفيف منها لتبقى الارض صالحة للاستعمال ، لكن بعد الهزيمة التي مني بها الانسان الشبه بدائي ( أعمامي و ابناؤهم كما كل الناس في المنطقة طبعا) أمام جبروت الطبيعة أصبح بالامكان مراقبة ماذا وقع لسطح الارض منذ الانفحار الكبير باتخاذ نموذج زمني قصير نسبة الى عمر الانسان يمتد من لحظة رحيل أعمامي و أبنائهم و اخوتي و أنا طبعا الى اليوم أي ما يعادل ثلاثين سنة تقريبا معيارا مصغرا ، هكذا ستلاحظ كيف وقعت انجرافات ترابية و ظهور تشوهات طينية و هي تشق الارض مخلفة خنادق عميقة لم تكن قبل ثلاثين او اربعين سنة .
في الحقيقة لا اريد تنغيص المزاج لأصدقائي و صديقاتي اللواتي و الذين يقرأون هذه الخواطر بزج سياسة النظام المافيوزي في المعادلة ، لكن ضغط السياسات تجعلني مضطرا لذلك : كما ترون على الصور أدناه أرضية صلبة كالحجر من فرط الجفاف و التخلي الكلي عن خدمة الأرض منذ عقود لكن شاء ما سموه بالمخطط الأخضر أن يتفنن في نهب الخمسين مليارا التي خصصت لذلك تحت مسمى تشجير لا ادري كم هكتار باللوز هكذا أصبح ااستثمار في مآسي الناس سياسة رسمية . داخل هذه الكثافة من غابة الدرو قام المقاول بحفر حفرات لا يتعدى عمقها خمسة عشرة سنتمترا لصعوبة الارض و استحالة اقتحامها بالطراكس للحفر فوضعوا فيها المشاتل ما استطاعوا و رموا بالباقي عبارة عز رزم داخى شجيرات الدرو الكثيفة للتخلص منها ، آلاف الشجيرات و لا واحدة منها عاشت و في المقابل حرموا الرعاة المساكين من التردد بقطعانهم الهزيلة على هذه المراعي فضاقت الدنيا بمة وسعت عن كسب رغيف الخبز المر .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *