جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

رسالتي إلى ولدي عمر لليوم الثالث والخمسين بعد المئة من الاعتقال التعسفي.

 رسالتي إلى ولدي عمر لليوم الثالث والخمسين بعد المئة من الاعتقال التعسفي.

سلامتك ياولدي من برودة زنزانتك.
عاهدتك أيها الولد الرائع أن أكتبَ لك رسالةً كل يوم منذ اعتقالك. وها أنا عند وعدي، أجعل من هذا الطقس، كل يوم، صلاتي وعبادتي.
أبعث لك رسائلي عبر المئات من رفاقك من داخل الوطن وخارجه، أحْملك إليهم وأجعلك حاضراً بيننا وبينهم رغم تغييبك في السجن.
إنه الحضور الذي يقاوم التغييب القسري.
ورغم قرار منع الزيارة المباشرة الذي اتخذته إدارة السجون بسبب الجائحة، فإننا نعتبر الأيام الثلاث: الإثنين والأربعاء والجمعة، التي تتصل فيها بنا هاتفياً، أعياداً أسبوعيةً نجدد فيها الحضور ونستمتع بصوتك الجميل وأنت تسأل عنا وعن أحوالنا وصحة فتيحة قبل أن نسأل عنك ونطمئن عليك.
نحن ياولدي لسنا بخير كما ندعي وأنت هناك في وحدة مريرة، في زنزانة باردة، تنعدم فيها الحرارة، حرارة التواصل مع الناس.
كيف لبشر أن يعيش في فضاء ضيق ومظلم طيلة اليوم نهاراً وليلاً ولمدة تجاوزت الخمسة أشهر دون أن يُحَدِّث أحداً ويبثَّه لواعجَه وغضبَه وفرحتَه وأفكارَه؟
إنها عزلة الجسد والروح عن حرارة ودفئ الوجدان والوجود: إنها العذاب، وأنا أشعر بك لأنني أعرفك اجتماعياً ومرحاً واحتفالياً .
لكن الأمر يتطلب الصمود أمام الظلم بكل المقاومة التي علينا أن نُبديها إزاء هذا البطش،لأننا نعي جيداً ثمن التضحية من أجل وطن للجميع .
صمودنا ياولد لا يُلغي إحساسنا بالظلم والعسف في حقنا كعائلة انتُزِعَ منها أغلى ما لديها، ليُرمى خلف قضبان العار، لمجرد ممارسة حق حرية التعبير، حقٌ يضمنه الدستور والمواثيق الدولية، ولا يمثل أي خطر على الدولة، بل يُعد ضرورياً لدولة تحترم الحريات وتسعى إلى محاربة الفساد والاستماع إلى نبض الشارع.
ونحن نودع هذه السنة البئيسة نتمنى أن نودع معها كل المآسي التي عشناها بسبب التحرش الأمني والقضائي والتشهير الذي كنت هدفاً له طيلة هذه السنة التي عشنا فيها أقصى درجة الهجوم على الحقوق والحريات وكأننا في حالة استثناء غير معلنة.
وإذا استمر الوضع على حاله وتغلبت المغامرة على الحكمة، فإننا نتجه رأساً نحو المجهول الذي لا نستطيع توقعه ولا تفادي عواقبه على استقرار البلد.
الوطن نحن جميعاً وليس الوطن حكراً على طبقة استقوت على المواطنين بالمال والقمع وتعطيل التغيير السياسي في اتجاه بناء الدولة الوطنية الديمقراطية.
سنة سعيدة ياولدي نريدها سنة الحريات وطي صفحة الاعتقال السياسي وفتح صفحة الانتقال الديمقراطي.
ليلتك هنيئة ياولدي وسلامي لسليمان والحرية لجميع المعتقلين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *