جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

تكفيرنا وتكفيرهم*بقلم الرفيق الشاوي سعيد*

 تكفيرنا وتكفيرهم

بقلم الرفيق
الشاوي سعيد
اثار تكفير لشكر الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الآونة الاخيرة من طرف احد الاشخاص لغطا كبيرا وتناسلت ارتباطا بالموضوع مواقف وقرارات ونسي الكثير في زحمة هذه الاحداث ان ما يقع يجب البحث عن مسبباته ليس فقط فيمن يسموا المتطرفين الذين يتم التعامل معهم «كالزوار القادمين من كواكب اخرى لاحتلال الارض"بل في التربة التي تنبتهم والتي هي نتاج سياسة يتحمل فيها المسؤولية النظام القائم والعديد من الاحزاب وبعض الشخصيات المحسوبة على الفكر والثقافة و التي جعلت الرأي الاخر جحيما وقامت بكل ما يلزم لتقديمه للمجتمع في صورة ابليس لتسهيل عزله ومسحه من الوجود حفاظا على مصالحها.
التكفير لم ولن يكون ابدا ممارسة مميزة للمجال الديني وهي تتجاوز حدوده،لأن التكفير شكل لموقف الغائي مضمونه سياسي يجتهد ليشرعن افعاله وشيطنة نشاط خصومه وهذا الموقف يتقمص لبوسا دينيا ليحمي نفسه من النتائج السياسية لهكذا ممارسة.وتاريخ الصراعات السياسية مليء بدروس مماثلة.كما ان ممارسة التكفير تنهل وتتغذى وتنمو وتتحصن بمجال الممارسة السياسية اي مجال ممارسة السلطة الذي يعمل على ان يسود ويهيمن على كل مجالات النشاط البشري.وفي محاولة البعض تبرئة ذمتهم من ممارسة التكفير بمضمونه السياسي ضد خصومهم يعملون على اختزاله في المجال الديني في عملية توهيم مكشوفة تجعل الدين والسياسة مجالات منفصلة رغم تداخلهما حد التوحد في الانظمة المستبدة.
اذا ابعدنا مصطلح التكفير قليلا عن مجاله الديني ووضعناه في مجاله الحيوي الفعلي اي السياسي،سنكتشف ان هناك لعبة خبيثة اطرافها كثر،الظاهر منهم بعض الاحزاب السياسية والشخصيات التي توهم الشعب المغربي بالاختلاف في الوقت الذي لا تقوم إلا بملئ الفراغ السياسي القاتل والمفتوح على كل الاحتمالات بسبب الازمة الخانقة التي يتخبط فيها النظام السياسي المغربي،واختزال الممارسة السياسية بما هي ممارسة نبيلة راقية وجوهر الوجود بشتى ابعاده الفكرية والفلسفية والإنسانية،في ممارسة بذيئة وبدون قيم تقبل كل شيء وأي شيء لتتحول الى ما هي عليه اليوم في المغرب.
و لتحديد معنى التكفير بعيدا عن المحاولات الحثيثة لحصره في المجال الديني يجب الاشارة الى ان التكفير بمعناه الواسع سلاح الانظمة الاستبدادية عبر التاريخ،لأنه الوسيلة المثلى لعزل الاخر في انتظار الغائه ماديا اي القضاء عليه اما بقتله او رميه في السجن،اي التخلص من معارضته ورأيه المخالف،بهدف الاستمرار في الحكم وامتلاك السلطة والاستفادة الاحادية من خيرات امتلاكها.والذين ينتفضون اليوم ضد التكفير بمعناه الديني،يدركون جيدا ان فتوى من هذا القبيل تعادل هدر الدم اي قرارا بالقتل في انتظار منفذ يمكن ان ينسل في اية لحظة وفي اي مكان لينفد "شرع الله"فيمن خالفه واستحق العقاب.هذا المنفذ الذي تمت تربيته وترويضه وتأهيله للاستجابة بشكل الي و ممنهج من طرف نظام سياسي سمته الاستبداد والفساد وتفقير العقل وتبخيس الاجتهاد وتوسيع مجال المقدس حد التخمة،والارتقاء بالغباء الفكري والثقافي وتقديس الطاعة والجهل،وتمجيد الكراهية والعنصرية وتحطيم المدرسة بما هي مؤسسة لتنمية العقل النقدي الفلسفي،واحتقار الفن والإبداع الانساني.
الذين ينتفضون اليوم ضد دعاوى التكفير مارسوه و زكوه جهرا و سرا،والأمثلة كثيرة في هذا المجال،أليس تكفيرا ما مارسه النظام المغربي مدعوما بأغلب الاحزاب السياسية في السبعينات تحت شعار"الإجماع"باتهام المعارضين "بالعداء للوحدة الترابية"بهدف الغائهم سياسيا رغم ان الموضوع سياسي بامتياز،أليس تكفيرا توسيع مجال المقدس غير الديني لتسهيل القضاء على المعارضين،أليس تكفيرا اتهام الناس بالإرهاب بهدف التخلص منهم(حالة علي انوزلا الذي ادانته حتى رموز بعض الاحزاب التي تذرف الدموع الكاذبة اليوم على موجات التكفير "القادمة"الى المغرب)،أليس تكفيرا تلفيق التهم لنشطاء حركة 20 فبراير للزج بهم في السجن بهدف الانتقام،اليس تكفيرا السكوت على معاناة المئات من المعتقلين السياسيين الشباب والطلبة لأنهم يعزفون خارج الجوقة الرسمية،أليس تواطؤا مع التكفيريين الصمت على فتوى المجلس الديني بإهدار دم المرتد(كرمت الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال يوم 11 يناير في تناقض عجيب المدعو الفيزازي الذي صرح بعد صدور فتوى المجلس بقتل المرتد بان ذلك اثلج صدره)،علما ان الافتاء هو قرار سياسي تتخذه هيئة سياسية لا علاقة لها بالديمقراطية مشهود لها بالانحياز للحاكم،أليس تكفيرا تأليب الرأي العام ضد فئة من الشباب لها رأي مخالف في مسالة الصيام وممارسة حرياتهم الفردية(لقد انخرطت سنة 2009 في جوقة المهاجمين على حركة مالي حتى بعض الاحزاب والأقلام التي تدعي الديمقراطية في جوقة التكفير في حق هؤلاء الشباب).
التكفير لم يكن ولن يكون ابدا فتوى او قرارا يصدر من هذا الفقيه او ذاك الذي ينصب نفسه وصيا على معتقدات الناس،بل اوسع وأعمق من ذلك لأنه كل ممارسة سياسية الغرض منها الاقصاء السياسي بهدف الالغاء المادي،وكم مارسه ويمارسه العديد من الذين يقلقون اليوم من تفشي هذه الظاهرة التي هم من ساهم في اخصاب ارضيتها بدعمهم للقمع السياسي ومباركة تغييب الديمقراطية والتهليل لمصالحهم وفقط.
وان يدعو احد الاحزاب القادم من رحم الدولة بتجريم التكفير في محاولة منه لتبرئة نفسه من هذه الظاهرة وإلقاء اللوم على طرف اخر لا يختلف عنه في شيء هو العبث بعينه لأنهم جميعا شاركوا في خلق وتنمية ورعاية ارضيات التكفير بالمغرب حين اصطفوا ضد تحرر الشعب المغربي،حين ملئوا كل الفضاءات الجميلة في هذا الوطن بمخلوقات تكره الابداع وتختزل الحرية في ملئ البطون ومضاجعة النساء اللواتي تم افقارهن حد القبول بكل الاهانات.
الشاوي سعيد:
14 يناير 2014


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *