جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

الهيمنة الثقافية إبداع غرامشي سرقه أعداءه !الرفيق ابوعلي*

 الهيمنة الثقافية إبداع غرامشي سرقه أعداءه !

خلف الكلمات دائما هناك سلطة، فكلمة الهيمنة تعني وجود سلطة داخل بنية واحدة على خلاف السيطرة فهي سلطة فوق البنى، لذلك فالهيمنة حسب غرامشي لها حمولة ايجابية على خلاف السيطرة التي تعني وجود احتكار للسلطة من طرف فئة ضد أخرى..
قبل ما يفوق من سبعين سنة اكتشف المناضل الشيوعي الإيطالي أنطونيو غرامشي ( 1891-1937 ) مفهوم الهيمنة الثقافية كمرحلة ضرورية قبل الوصول إلى السلطة السياسية، وهو بذلك دخل في صراع علني مع الماركسيين الأرثوذوكسيين الذين يعتبرون المستوى الاديولوجي مجرد انعكاس ميكانيكي للعلاقات بين الطبقات الاجتماعية ، على خلاف هؤلاء فإن أنطونيو غرامشي يعتقد أنه قبل ممارسة السلطة على المجتمع السياسي اختراق المجتمع المدني واكتساب قلبه وروحه وغرس أفكار جديدة في المعنى المشترك لخوض حرب المواقع لازاحة القوى المسيطرة ، ويقصد الدخول في صراع ضاري مع القوى الإمبريالية والأوثوقراطية من أجل سحب البساط من تحت أقدامها على مستوى أجهزة الهيمنة يمر عبر ممارسات مادية ووسائل مؤسساتية : المدرسة ، الاعلام ، والإدارة و القضاء وكذلك الحقل الديني والتعبدي..
إن شرط الوصول إلى السلطة، اي سلطة، يمر في نظر غرامشي عبر تكوين ثقافة جديدة هي ثقافة الاشتراكية ، ودور المثقف العضوي حاسم في هذا المسار ، فهو مطلوب أن يمارس جاذبيته التي تمكن من غرس هذه الثقافة في عمق المجتمع المدني دون استبعاد التأثير على المؤسسات الدينية نفسها التي تشكل سلاح أساسي لكسب قلوب الناس ، لذلك فإن الحزب أو ما يسميه بالأمير الحديث يأخذ هذا المفهوم ذات الصلة بالقيم الروحية للمجتمع وهو الذي أستلهمه ، مع تغيير جذري في المضامين ، من الأمير الميكيافيلي صاحب النظرية الموغلة في تكريس الاستبداد : الغاية تبرر الوسيلة ، شعار طالما استعمل كتبرير لسحق الديمقراطية .
لكن والحق يقال أن حض الفكر الغرامشي من الانتشار كان ضعيفا في زمانه وما بعده، بالنظر للنقد اللاذع الذي وجهه للستالينية التي كانت كاسحة ، فغرامشي أول من انتبه إلى الحمولة السلبية لديكتاتورية البروليتاريا واستبدلها بمفهوم الهيمنة الطبقية للطبقة العاملة صاحبة المشروع الثوري في التغيير..
المشكل أن اكتشاف المفهوم له علاقة وطيدة ببيئته أو قل الشروط التي انتجته في سياق التفكير في الحلول للقضايا الملموسة، ولما يكون هذا التفكير غائبا يحضر التقليد وتغيب الحلول وتلك هي أزمتنا، فلا يمكن أن يستقيم أي تفكير إلا في إطار معين ، أي ضرورة تحديد الاطار وضبط مجال التفكير داخله كما يفعل الباحث تماما، فليس هناك بحث ممكن بدون تحديد الاطار دون الخروج عنه وإلا ما صار بحثا أصلا ، نفس الشيء في السياسة والثقافة والفن والرياضة وهلم جرا ...
ب.ع


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *