جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

سكرات الموت :تاشفين الاندلسي

 سكرات الموت :تاشفين الاندلسي

لطالما تأملت في هذا التوصيف للموت ، دائما تكون للسكرات جانبا مستحبا لذيذا أليس كذلك ؟ .
هل للموت جانب مستحب لذيذ ؟.
شيء غامض يحصل للانسان و هو يموت ، كأن يطالب بتسريع اللحظة الفارقة و هو بين الوعي و بين غيابه ، في هذه اللحظة تندثر تماما أحاسيس عديدة و من أهمها الخوف ، لا يبقى هناك خوف ، تتعاظم الرغبة في الموت ، لكن ، لكن العاطفة وحدها من يرفض هذا التحول المطلق ، إنه حبك لمن حواليك و انت تفكر بآخر ما تبقى من قدرات تفكيرك في ابنائك و حبيبتك زوجتك و أنت تتصور اللحظات القريبة التالية لموتك .
الخيط الوحيد المتبقي الرابط بينك و بين الحياة هو انعدام الأنانية و ليس الانانية كما قد يعتقد البعض ، لست أنانيا و إلا لكنت استسلمت للذة الموت ( سكرات الموت ) ، كانت معركة كبيرة ، سأسميها بحق و عن جدارة بالمعركة الوجودية ، لم أكن وحيدا في المعركة و شباكي التي كنت أحرصها كانت أهون من خيط العنكبوت ، بحيث ان "ملك الموت" يقذف كرته بقوة فتنزلق من بين أصابعي في شبه استسلام ، لكنها تأبى دخول الشباك و نوال و شادي و لينا وراء الشباك يحاولون تعويض ضعفي متحركين يمينا و يسارا وراء الشباك يفترضون انهم يعوضونني عن أي انزلاق للكرة و تسجيل الهدف ، استمرت المعركة داخل غرفة العناية المركزة و أنا لم أستعد بعد رغبتي في الحياة مستلذا بموت محتمل لا يهمني متى سيداهمني تاركا الأمر كله للاعبين جدد أخذوا قلبي بعيدا عن المعركة الى معترك آخر في ورشة التعديل السريع فأوصلوه بأسباب الحياة رغم تشبثه الغريب بذلك الخناق المميت على شكل الأحجار الكبيرة ثلاثية الرؤوس التي تستعمل في رص أرصفة الموانئ حيث منعت أي تسرب للدم لحوالي 40 في المائة من عضلة القلب ،
ترفض الصخرة ثلاثية الرؤوس أن تندثر رغم تسليط اللاعبين الجدد عليها زخات كبيرة من عوامل التحلل . بعد أن استعصت التجربة الاولى لتوسعة الشريان التاجي المغلق بإحكام ، يومين آخرين من الرعاية المركزة لم تقف آلة "السكوب" عن الولولة و الصراخ و الجلبة و قلق اللاعبين الجدد و زوجتي الحبيبة الرائعة التي كان يرعبها بعض الانبساطات في مبيانات الوضائف القلبية أكثر مما كنت قلقا ، تركت "ملك الموت" وجها لوجه مع هؤلاء الملائكة الأرضيين فهزموه لكن ليس كليا ، بحيث سأخضع لتجربة ثانية لاقتحام الصخرة ذات الرؤوس الثلاثة التي لازالت معربدة في جذع أكبر شريان تاجي و التي أبت أن تتحلل رغم السموم المسلطة عليها . كانت عبارة عن عملية الذهاب و الإياب من و الى الموت .
فشلت المحاولة الأولى فتقرر في وسط وقت العملية التي استغرقت ساعتين و نصف أن يوضع في الجزء الميت من الشريان انبوب معدني ليبقى هناك الى الأبد و علي بالاحتفاظ به كشيء ثمين لا يعوض . تبدأ الرغبة في الحياة من جديد لكن مع تعاضم الفوبيا من التجربة .
أشكر كل من ساهم في معركة الاياب من الموت ، أخص بالذكر زوجتي الحبيبة نوال بوجيدة ، صديقاي العزيزين الاخوين الذين لم تلدهما أمي : منعم عموري و محيي الدين العيادي و كذلك رفيقي العزيز مراد صابري و رئيسي في العمل الدكتور المكودي شكيب و كذلك حفيدي الرائع البطل حميد أحروش و إبن عمي و أخي و رفيقي أحمد الشارف ملوك و أخي حميد ، و كل الذين ساهموا في هذه العودة التي كانت شبه مستحيلة من أطباء و ممرضين و منعشين و أصدقاء رائعين ، كلكم من دون استثناء أحبكم/ن و أضمكم/ن الى ما تبقى من قلب داخل كياني .
أملوك عبد الحي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *