جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

رسالتي إلى ولدي عمر لليوم الثمانين بعد المئة من الاعتقال التعسفي، ستة أشهر من التغييب.

رسالتي إلى ولدي عمر لليوم الثمانين بعد المئة من الاعتقال التعسفي، ستة أشهر من التغييب.
غادر أخوك الجميل المهدي عائداً إلى بلاد الغربة دون أن يتمكن من رؤيتك.
كان الصمت يخيم علينا طيلة الرحلة من البيضاء إلى المطار.
افترقنا وودعناه ونحن نقاوم لوعة وألم الفراق ونشدُّ على العين لكي لا تفضحنا دموعها وتكشفَ ضعفنا وتزيد من حسرتنا.
ونحن في طريق العودة لم نستطع كسر ذاك الصمت الرهيب.
تفرقت بنا السبل ياولدي: فأنت تُقيم قريباً منا، لكنك بعيد ومُغيب لستة أشهر في فضاء ضيق يُطبق عليك وعلى نفسك من كل الجهات.
وأخوك الغالي اختار الغربة وفقدنا معه شغبه .
لم يستطع حجب حيرته وهو يغادر وكأنه يغادر قلبه وروحه ويرحل، لكن قلبي يلتقط نبض قلبه ويكشف عن معاناة يقاومها لكي يجنبنا ألم الفراق.
أصبح بيتنا الصغير بارداً يخيم عليه الصمت، وغرفتك تشكو الفراغ وغياب نفسك وروحك.
وطيلة مقامه معنا، كنت أخاف عليه عندما يخرج لزيارة اصدقائه، ولا أتخلص من خوفي حتى يعود سالماً.
مؤلم أن يستبد بك الخوف وأنت في وطنك.
كيف أصبح الوطن مخيفاً إلى هذا الحد ؟
الغضب والانتقام والسادية والرغبة في التنكيل: كل هذه المتلازمات لم تنفع معها أحلام هيأة الإنصاف والمصالحة وتوصياتها، ولم ينفع معها خروج المغاربة في حركة 20 فبراير وخطاب تاسع مارس ودستور 2011 والتزامات المغرب الدولية.
كيف أفرزت كل هذه الأحلام دولة تحولت إلى فزاعة يومية تلاحق المواطنين حتى في حميميتهم، حين جندت أبواقاً تم تهجينها قبل تدجينها لتلعب دور الحياحة فيما يشبه موسم صيد المعارضين والأحرار وصناع الكلمة الحرة، كيف؟
نحن الآن ننتظر الاسوأ لأن مقدمات الخوف والتخويف زادت جرعاتها ووصلتنا رسائلها بما حصل لمعتقلي الريف من انتقام ومن غياب الرحمة التي يجب أن توفرها العدالة.
أقول لصناع هذه الكآبة، هنيئاً لكم بجعل بلدنا وطناً لرعب خدام الوطن خدمةً لخدام المخزن.
لكن تحت كل هذا الرماد ما زالت حرارة تستعر وتمدنا بالعزم والمقاومة وتعدنا بالانتصار على كل هذه المتلازمات التي تمكنت من صناع هذه المرحلة الكئيبة.
لنا لقاء قريب ياولدي نعيد به دفء الحرية ونطرد الخوف الذي استبد بنا.
إلى ذلك الحين ياولدي، يومك سعيد وأنت تُقفل شهرك السادس من التغييب.
سلامي لصديقيك سليمان والمعطي وتضامني مع معتقلي الريف وكل المعتقلين..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *