جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

عن اغتصاب النساء في الحروب مقطع من نص سردي يوسف الطاهري

 عن اغتصاب النساء في الحروب

مقطع من نص سردي
يوسف الطاهري
...
أنظر تلك المرأة التي كانت معي قبل قليل، فقد لا تصدق ما جرى لها في الماضي بل ويستحيل أن تقول وأنت تراها تبتسم الآن، أنها تعرضت لأي صدمة اجتماعية في حياتها. لقد ولدت وعاشت في جحيم لم تستوعب فظاعته إلا بعد أن تجاوزت العقد ونصف من العمر.
لقد داهمت قوات النظام منزل عائلتها وقتلوا والدها واغتصبوا والدتها وهي في السادسة من عمرها، وتتذكر تلك المجزرة كما وكأنها كانت تبلغ من العمر عشرون سنة، تتذكر تلك الليلة الظلماء وهي بين حضني أمها و أبيها عندما سمعوا دوي البنادق يدك الاسماع في قرية ليست بعيدة عن عاصمة بلاد في افريقيا. وهم يعيشون على وقع هلع صخب صراخ الناس، انهار الباب الخشبي لمنزلهم بفعل ركلات قوية من الجنود المرعبون فداهموا المنزل، كسروا كل ما وجدوه أمامهم من أثاث، ألقى بعضهم القبض على أبيها قبل أن يتمكن من النهوض من الفراش و آخرون انقضوا على والدتها، وبشدة محاولة القبض عليها، انتزعت منها سترة جسدها إلى حد لم يبق إلا حاجب عورتها. كان والدها يصرخ بقوة: أيها الارهابيون ماذا تريدون توقفوا أيها الأنذال... أما أمها فكانت تقاوم بشدة بكل ما تملك من قوة، لكن وحشيتهم كانت أقوى ولم يشفع بكاء وصراخ الطفلة الشديد في ترك والدتها وهي تتابع المشاهد الفظيعة. وقاموا بإخراج الطفلة من المنزل، وضعوها قرب إحدى الشاحنات فكانوا وحوشا لا يطاق رؤيتها.
بعد لحظات عسيرة مرعبة، سمعت دوي طلقات رصاص يأتي صداها من جهة باب المنزل، ازداد الرعب يمزق أحشائها، وعفويا وبدون سابق تفكير استطاعت التسلل من يدي أحدهم كان يقبض عليها، فجرت مسرعة نحو المنزل، فكانت الصدمة التي تترسخ صورها ثابتة إلى الأبد في الذاكرة، والدها جثة هامدة فوق السرير مضرج بالدماء في كل نواحي جسده، و أمها عارية مغمى عليها ملقية على بطنها غير قادرة على الحركة والكلام و أشلاء من سترة عورتها ممزقة بقيت بعض قطعها ملقية على جسدها العاري وبقع من الدم مشتتة على الأرض نتجت عن اللكم والرفس الذي تعرضت لها.
رحلوا وبقيت وحدها رفقة جثة والدها، بكت كثيرا وهي تعانق والدتها التي لم تقو على الكلام وهي ملقية عارية على الأرض وعيناها مشدوهتان، ثم جاء بعض الجيران وأخذوها معهم برفقة والدتها بينما آخرون تكلفوا بتحضير تشييع جنازة أبيها.
ظلت والدتها طوال شهور لا تتكلم، تحتضنها بين ذراعيها والدموع تسقط على مدار اليوم، وبعد شهور ظهرت بوادر الحمل على والدتها وازداد عمق المأساة. ولأن والدتها غير قادرة على التكفل بالطفل المزداد وأن تلك الولادة تعتبر عيبا في ثقافة البلاد، فقد تكلفت إحدى المنظمات بالرضيع.
الآن وكما ترى أنها تزوجت ولديها بنتين وولد، وهي الآن تشتغل في إحدى المنظمات الدولية المدافعة عن الاطفال والنساء المغتصبات في الحروب وتعمل جادة على البحث عن أختها التي جاءت بعد اغتصاب والدتها والتي رعتها إحدى المنظمات المكلفة بالنساء المغتصبات في الحروب وابنائهم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *