جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

بيان حول الوضع الحقوقي وتراجع دور الدولة ومؤسساتها في الحماية والنهوض

 بيان حول الوضع الحقوقي وتراجع دور الدولة ومؤسساتها في الحماية والنهوض

يتابع المكتب المركزي، للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بكثير من الانشغال، التدهور المتنامي لأوضاع مجمل الحقوق ببلادنا؛ سواء عبر لجان الجمعية المركزية ومكاتبها الجهوية وفروعها المحلية، أو بواسطة بعض وسائل الإعلام والمواقع الاجتماعية، أو عن طريق بيانات النقابات العمالية والجمعيات المدنية، وما يتوصل به من شكايات للمواطنين والمواطنات حول ما يتعرضون له، في كل المناطق والجهات، من ظلم وانتهاكات لحقوقهم الفردية والجماعية وحرياتهم الأساسية في جميع القطاعات والمجالات؛ وهو ما يؤثر سلبا على تمتعهم الكامل بالكرامة والحرية والمساواة والعيش الكريم.
وهكذا، فإن المغرب بات يعيش اليوم، أكثر من أي وقت مضى، اختناقا عاما على صعيد ممارسة الحريات العامة، بالنظر إلى تواصل قمع حرية الرأي والتعبير، والمنع الممنهج للحق في التنظيم والتجمع والتظاهر السلمي، والعودة بقوة إلى استعمال أساليب الانتقام عن طريق الاعتقالات التعسفية والمحاكمات الصورية، بناء على تهم يجري فبركتها ضد كل من ينتقد الدولة ومؤسساتها أو يعارض سياساتها، فيما يتم بالموازاة مع ذلك تسخير الإعلام الموجه لتشويه سمعة المناضلين/ات والمدافعين/ات عن الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، والتعتيم على حقيقة الانتهاكات التي تطالهم/ن؛ هذا بالرغم من أن الدولة نفسها، التي اعتمدت، منذ عدة عقود وحتى الآن، سياسة قائمة على الريع والاحتكار وتجميد دور المؤسسات والأحزاب في التدبير والمراقبة وتبني المقاربة الأمنية، تقر جهارا، ودون أية مواربة، بفشل برامجها وخططها في كل القطاعات، أكانت اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية أو بيئية؛ إذ لم تثمر إلا ما نقف عليه اليوم وما نحصده من بؤس وفقر وضعف في البنيات التحتية، في أغلب جهات البلاد، وتدنٍ للحق في الصحة، والتعليم والسكن، وتجاهل للحق في بيئة سليمة، وعدم احترام للحقوق الشغلية وللحق في الحرية والتنظيم النقابي، وتكريس المزيد من التمييز والتهميش للغة والثقافة الأمازيغيتين، واستمرار في سلب الأراضي والغابات، وخوصصة المعادن ومنابع المياه من خلال استصدار قوانين تستمد روحها ومضامينها من التشريعات الاستعمارية، دون مراعاة للأعراف والقوانين التي تجعل منها ممتلكات جماعية في خدمة المصلحة العامة عوض الفردية، وجعلها في متناول العائلات النافذة والرأسمال الأجنبي، كما يتم الإعداد له حاليا لتفويت ما تبقى من أراضي الجموع في غفلة من المالكين الأصليين.
وفي هذا السياق فإنه بالرغم مما أشارت إليه التقارير الصادرة عن بعض المؤسسات الرسمية، كالمجلس الأعلى للحسابات والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وما جاء في خلاصات المناظرة الوطنية للجبايات...، من عيوب في التدبير والتسيير والبرمجة؛ وخلافا للمواقف المعبر عنها حول غياب رؤية منسجمة وشاملة لتجاوز الوضع، والتوصيات الداعية الى تغيير الخطط والبرامج، وضدا على النداءات والتنبيهات الصادرة من العديد من المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية، و عكسا لما نصت عليه توصيات هيأة الانصاف و المصالحة و ما تم الترويج له حول مسلسل تجربة المغرب في مجال العدالة الانتقالية؛ فإن الدولة ماضية في التنكر لأدوارها والتزاماتها التعاهدية والدستورية في حماية حقوق الإنسان و النهوض بها في كليتها وشموليتها، وعاقدة العزم على الاستمرار في تجاهل مركزية الكرامة الإنسانية والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، في كل مقاربة تنموية مستدامة، لا تلك التي تجعل من الاختيارات الليبرالية للرأسمالية المتوحشة ومن المقاولات الأجنبية عمادا للتنمية، ومن القمع والترهيب والاعتقالات التعسفية أسلوبا لخنق كل نفس شعبي يجهر بالحق في الحياة الكريمة، ويصدح بما يتجرعه المواطنون والمواطنات من معاناة.
وعليه، ولأن هذا الوضع أصبح ينذر بالمزيد من الاختلالات والانتهاكات الخطيرة، التي تسير في اتجاه قمع الحق في الرأي والتعبير، وهضم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وسلب الحق في التنظيم والاحتجاج والتظاهر، فان المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان يعلن ما يلي:
- تذكيره بالموقف الداعي إلى إطلاق سراح جميع معتقلي الرأي والتعبير، وفي مقدمتهم معتقلو حراك الريف والصحافيون والمدونون، وكل معتقلي الحق في التظاهر والاحتجاج السلمي، ووضع حد لمضايقة المثقفين والمفكرين والمدافعين/ات عن حقوق الإنسان، والكف عن استعمال القمع والترهيب في مواجهة المطالب المشروعة، التي يعبر عنها المواطنون والمواطنات، ضد ما يلحقهم من ظلم وسلب لحقوقهم/ن في العيش الكريم وفي حاجتهم/ن إلى مجتمع تسود فيه قيم العدل والمساواة، وتعويض ذلك بنهج أسلوب الحوار والاحترام المعتمد في المجتمعات الديمقراطية، بدل الأساليب البائدة والمتخلفة التي تلجأ اليها الأنظمة المتسلطة للتغطية على الظلم والفساد؛
- قلقه الشديد من الوضع الهش الذي يعيشه سكان المناطق الجبلية التي لازالت تعيش العزلة في مواجهة الطبيعة، وتتحمل المآسي المتكررة التي تخلفها تقلباتها، من وفيات للنساء والأطفال، واهلاك للمواشي واتلاف للمحاصيل الزراعية؛ في ظل استمرار سياسات الدولة التمييزية على المستوى الترابي والمجالي، ضدا على ما يفرضه الواجب من مستلزمات ضرورية لمواجهة الكوارث الطبيعية، والتخلي عن سياسة الإحسان والترويض على "التسول" في سعي لزرع الخنوع واستئصال الاحساس بالكرامة المتأصلة في نفوس أهل هذه المناطق؛
- إدانته للقمع الذي ووجه به سكان منطقة الفنيدق، المجاورة لمدينة سبتة المحتلة، على إثر تنظيم وقفة احتجاجية من أجل ضمان العيش الكريم، وايجاد بدائل لمعبر باب سبتة كمصدر وحيد للشغل؛ وهو القمع الذي يتأطر ضمن نفس السياسة التي مورست على أهل الريف، وجرادة، وزاكورة، وبني تاجيت، و تماسينت، و ولماس وخنيفرة وغيرهم، والذي لا يكاد يستثنى أي دوار أو قبيلة؛
- انشغاله الكبير بما يطال العمال والعاملات، في أغلب المجالات والقطاعات، من انتهاكات لحقوقهم الشغلية وحرياتهم النقابية، و من غياب للإجراءات الوقائية من حوادث الشغل و الضامنة للسلامة الصحية و المهنية و تلك الخاصة بالتوقعات الحمائية من الكوارث الطبيعية ، كما هو الحال بالنسبة لفاجعة معمل طنجة لانتاج الملابس و قبله معمل روزامور بالدار البيضاء و ما يقع من حوادث مميتة في مناجم استخراج المعادن و عبر وسائل النقل من و إلى الحقول الزراعية، و الأمثلة كثيرة، للبرهنة عن القصور و التغاضي عن الانتهاكات و التجاوزات التي يتم ارتكابها بمباركة من السلطات المختصة و منها وزارة الداخلية التي لا تعلن عن عدم علمها بالسرية التي تمارس فيه بعض المقاولات أشغالها أو بوسائل النقل الغير قانونية المستعملة إلا حين تقع الواقعة و الكارثة.
- يسجل أن كل المصائب و المئاسي التي تصيب العمال و العاملات هي نتيجة لعدم قيام الدولة بواجب الحماية من جشع أرباب المقاولات رغم ما يستفيدون منه من منح و إعفاءات ضريبية، و بمن فيهم بعض المنتمين إلى السلطة التشريعية و التنفيذية، المالكين للمقاولات، الذين لا يحترمون حتى أبسط القوانين، التي صادقوا عليها من أمثال مالكي شركة " الكرامة للنقل الحضري" بخنيفرة و غيرهم كثير، كنتيجة للخلط بين السلطة الاقتصادية و السياسية بدون تمييز، مما يجعل القوانين تصدر على المقاس،
- يذكر بموقفه المندد بالسياسات المتبعة في مجال قطاعي الصحة و التعليم التي تسعى إلى التخلص منهما عن طريق الخوصصة، و إضعاف المدرسة العمومية و التخلي عن ضمان الحق في الصحة، تحت ذريعة المردودية و الثقل على الميزانية و بتعليمات من المؤسسات البنكية الدولية ، و هي السياسة التي أدت إلى تدني الخدمات و إلى الاحتجاجات و التظاهرات الاجتماعية،
- اعتباره أن اختيار الدولة المغربية الاستمرار في الأخذ بخيار التبعية الاقتصادية والسياسية، والتطبيع مع الكيان الصهيوني، بقيادة الامبريالية الأمريكية، لا يمكن أن يفضي إلا إلى رهن حاضر ومستقبل بلادنا للقوى المعادية للسلم والسلام، والمناهضة لحقوق الشعوب في تقرير مصيرها والتحكم في خيراتها وثرواتها؛
وفي الأخير، فإن المكتب المركزي، للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، يجدد دعوته لكل القوى الحية بالبلاد إلى العمل الوحدوي والمشترك من أجل جعل حد لهذا النزيف الحقوقي وهذه الديمقراطية المبتذلة، وتخليص المجتمع من السلطوية والاستبداد.
المكتب المركزي
10 مارس 2021


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *