حبشي: هجم البوليس على المقرات السرية وهكذا إعتقلت بدرب مولاي الشريف (الحلقة 4)
حبشي: هجم البوليس على المقرات السرية وهكذا إعتقلت بدرب مولاي الشريف (الحلقة 4)
الاهم 24
“حكاية معتقل سري”، يحكيها أحمد حبشي، المعتقل السياسي السابق الذي قضى سنوات خلف الأبواب الموصدة للزنازن الباردة في زمن الجمر والرصاص، ضريبة عن مواقفه ومواقف رفاقه في العمل السري، منظمة 23 مارس”، التي سعت للثورة المسلحة، قبل العودة للعمل السياسي العلني.
حبشي الذي يروي قصته في زمن الجمر والرصاص، مثله مثل رفاقه قاوم العزلة وبرودة السجن، وحارب خوف سوط الجلاد وكأبة ظلمة السجن، وصبر على مختلف وسائل التعذيب، “الطيارة” و الشيفون”..، إليكم الحلقة الرابعة من “حكاية معتقل سري”.
“بعد اعتقال يوسف أصبنا بهلع شديد ، حملت كل كتبي لاخفائها ببيت حميد نجاح ، وحرصت على أن أقلل من اتصالاتي
لم تطل فرحتنا بالإفراج عن يوسف فاضل وصموده دون السقوط في الكشف عن هويته السياسية ، إذ سرعان ما انتشر وسط التنظيم خبر اعتقال أحد أبرز قادة المنظمة ، عملية شلت حركة المناضلين وبقي الترقب سيد الموقف، الكل في انتظار ما سيكشف عنه الرفيق من إمكانيات لحماية التنظيم وأطره ، لم تتخذ أية إجراءات احترازية ،نظرا للثقة الكبيرة في قدرات الرفيق على مواجهة الآلة القمعية ، وهو الذي كان يحث الرفاق على الصمود في مواجهة الجلادين. أسبوعين بعد سقوط الرفيق في قبضة الشرطة على إثر هروبه بعد أن أوقفته الشرطة في حاجز أمني لمراقبة وثائق الدراجة النارية التي كان يرتقي مقعدها الخلفي .
على إثر ذلك انتشرت الاعتقالات كالنار في الهشيم هجمت قوات البوليس المقرات السرية حيث كان يعيش الرفاق المتابعين وأغلبهم من القيادات الوطنية ، فتم حجز ركام من الوثائق والمنشورات التي تكشف مناطق تواجد التنظيم وتقارير عن مختلف التحركات النضالية والأنشطة التي يعتزم التنظيم القيام والمهام المنوطة بكل رفيقة ورفيق.
اعتقلت صباح يوم الخميس 7 نونبر 1974، بعد أمسية قضيتها في بيت المرحوم محمد الركاب رفقة المرحوم محمد درعام ويوسف فاضل ، تداولنا خلالها موضوع الجمع العام لتأسيس نادي سينمائي بالسينما الكواكب يوم الأحد 10 نونبر ، حيث استغرقنا النقاش إلى ما بعد منتصف الليل ، فاقترح علينا الركاب قضاء الليل ببيته ، فاخترنا ان نرافق درعام الذي نقلنا أنا ويوسف إلى حينا في حدود الساعة الثالثة صباحا.
وفي الساعة السابعة أيقظتني الوالدة لأن أشخاصا بالباب يسألون عني، طلبت منه أن تدخلهم ، فردت منبهرة بأنهم ليسوا من أصدقائي وأنها لم ترهم قط. ما أن سمعت كلامها حتى انتفضت مرعوبا وتوجهت نحو الباب حيث وجدت ثلاثة أشخاص يسدون المدخل بأجسادهم القوية، طلبوا مني مرافقتهم فاستأذنتهم في أن أرتدي ملابسي ، وما إن وصلت غرفتي حتى وجدتهم خلفي يفتشون في أغراضي . استيقظ كل من في البيت وبدأت والدتي في النحيب، وصرخت أكبر إخوتي معاتبة
أناري ياك كلتها ليك …
ما إن غادرت عتبة البيت حتى شدوا وثاقي وأحكموا قبضتهم علي ، قبل أن يجزوني في سيارتهم السوداء التي أركنوها بعيدا عن البيت . ما إن ابتعدت عن البيت ببعض الأمتار حتى أخفوا رأسي بمعطفي وأرغمني أحد الشخصين الذين وضعوني بينهما على الانحناء حتى لا يتنبه أحد لوجودي من المارة.
وقفت السيارة التي كانت تقلنا أمام بيت بزنقة أكادير حيث سمحوا لي بان اجلس بشكل عادي وسط المختطفين قبل أن تنطلق السيارة نحو وجهة المعتقل الذي عرفت فيما بعد أنه درب مولاي شريف .
آخر من رأيته في الشارع ذاك الصباح من أقاربي قبل أن تنقطع أخباري، كانت الفتاة التي تجاهلت مشاعرها نحوي خوفا عليها من مآل ينتظرني لا تحضرني ملامحه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق