جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

ديكتاتورية البروليتاريا في كتاب لينين "الدولة والثورة"

 ديكتاتورية البروليتاريا في كتاب لينين "الدولة والثورة"

 

الفقرات التي تتناول ديكتاتورية البروليتاريا في كتاب لينين "الدولة والثورة".

 

..

ثانيا. الدولة هي «قوة خاصة للقمع». إن إنجلس قد أعطى هنا بأتم الوضوح تعريفه الرائع هذا والعميق منتهى العمق. ويستنتج منه أن «القوة الخاصة لقمع» البروليتاريا من قبل البرجوازية، قمع الملايين من الشغيلة من قبل حفنات من الأغنياء لا بد أن يستعاض عنها بـ«القوة الخاصة لقمع» البرجوازية من قبل البروليتاريا (ديكتاتورية البروليتاريا). وفي هذا كنه «القضاء على الدولة بوصفها دولة». وفي هذا كنه «عملية» تملك وسائل الإنتاج باسم المجتمع. ومن الواضح بداهة أن مثل هذه الاستعاضة عن «قوة خاصة» (برجوازية) بـ«قوة خاصة» أخرى (بروليتارية) لا يمكنها بتاتا أن تتم بشكل «اضمحلال».

..

لقد قلنا فيما تقدم وسنبين بمزيد من التفاصيل فيما يأتي من البحث أن تعاليم ماركس وإنجلس بصدد حتمية الثورة العنيفة تتعلق بالدولة البرجوازية. فهذه لا يمكن الاستعاضة عنها بدولة بروليتارية (ديكتاتورية البروليتاريا) عن طريق «الإضمحلال»، لا يمكن، كقاعدة عامة، إلاّ بالثورة العنيفة. فالتقريظ الذي خصها به انجلس والذي يتفق كل الاتفاق مع تصريحات ماركس العديدة (فلنتذكر خاتمة «بؤس الفلسفة» وخاتمة «البيان الشيوعي» حيث ينادي باعتزاز وعلى المكشوف بحتمية الثورة العنيفة، ولنتذكر انتقاد برنامج غوتا سنة 1875، الذي جاء بعد نحو ثلاثين سنة، والذي قرّع فيه ماركس انتهازية هذا البرنامج دون رحمة، -إن هذا التقريظ ليس قط من قبيل «الكلف»، ليس قط من قبيل بهرج الكلام، ولا من قبيل الحماسة في الجدال، إن ضرورة تربية الجماهير بصورة دائمة بروح هذه النظرة وهذه النظرة بالذات للثورة العنيفة هي أساس تعاليم ماركس وإنجلس بأكملها. وخيانة تعاليمهما من قبل التيارين الاشتراكي-الشوفيني والكاوتسكي السائدين اليوم تتجلى بوضوح خاص في نسيان هؤلاء وأولئك لهذه الدعاية، لهذا التحريض.

..

نرى هنا صيغة لفكرة من أروع وأهم الأفكار الماركسية في مسألة الدولة، أي فكرة «ديكتاتورية البروليتاريا» (كما غدا ماركس وانجلس يقولان بعد كومونة باريس)، ثم تعريفا للدولة في منتهى الأهمية أيضا في عداد «ما نسي من كلمات» الماركسية. «الدولة، أي البروليتاريا المنظمة بوصفها طبقة سائدة». 
..

«الدولة، أي البروليتاريا المنظمة بوصفها طبقة سائدة» -إن نظرية ماركس هذه ترتبط ارتباطا وثيقا بكامل تعاليمه عن دور البروليتاريا الثوري في التاريخوذروة هذا الدور هي ديكتاتورية البروليتاريا، سيادة البروليتاريا سياسيا.

..

في سنة 1907، نشر مهرينغ في مجلة «Neue Zeit» («نويه تسايت») (25،2،164) فقرات من رسالة وجهها ماركس إلى فيديميير في 5 مارس سنة 1852. وقد تضمنت الرسالة فيما تضمنت المحاكمة الرائعة التالية: 
 
«وفيما يخصني ليس لي لا فضل اكتشاف الطبقات في المجتمع المعاصر ولا فضل اكتشاف صراعها. فقد سبقني بوقت طويل مؤرخون برجوازيون بسطوا التصور التاريخي لصراع الطبقات هذا، واقتصاديون برجوازيون بسطوا تركيب الطبقات الاقتصادي. وما أعطيته من جديد يتلخص في إقامة البرهان على ما يأتي: 1) أن وجود الطبقات لا يقترن إلاّ بمراحل معينة من تطور الإنتاج (historische Entwicklungsphasen der Produktion)، 2أن النضال الطبقي يفضي بالضرورة إلى ديكتاتورية البروليتاريا، 3) أن هذه الديكتاتورية نفسها ليست غير الانتقال إلى القضاء على كل الطبقات وإلى المجتمع الخالي من الطبقات» 

الأمر الرئيسي في تعاليم ماركس هو النضال الطبقي. هذا ما يقال وما يكتب بكثرة كثيرة. بيد أن هذا غير صحيح. وعن عدم الصحة هذه تنتج، الواحد بعد الآخر، التشويهات الانتهازية للماركسية وينتج تزويرها بحيث تصبح مقبولة للبرجوازية. ذلك لأن التعاليم بشأن النضال الطبقي لم توضع من قبل ماركس، وهي بوجه عام مقبولة للبرجوازية. ومن لا يعرف نضال الطبقات ليس بماركسي بعد، وقد يظهر أنه لم يخرج بعد عن نطاق التفكير البرجوازي والسياسة البرجوازية. إن حصر الماركسية في التعاليم بشأن النضال الطبقي يعني بتر الماركسية وتشويهها وقصرها على ما تقبله البرجوازية. ليس بماركسي غير الذي يعمم اعترافه بالنضال الطبقي على الاعتراف بديكتاتورية البروليتاريا. وهذا ما يميز بصورة جوهرية الماركسي عن البرجوازي الصغير (وحتى الكبير) العادي. وعلى هذا المحك ينبغي التحقيق من الفهم الحق للماركسية والاعتراف الحق بها. ولا غرو إذن، عندما وصل تاريخ أوروبا عمليا بالطبقة العاملة إلى هذه المسألة، إذا كان جميع الانتهازيين والإصلاحيين ناهيك عن جميع «الكاوتسكيين» (وهم أناس يترددون بين الإصلاحية والماركسية) قد أصبحوا تافهين يرثى لهم وديموقراطيين صغار بورجوازيين ينكرون ديكتاتورية البروليتاريا. فكراسة كاوتسكي «ديكتاتورية البروليتاريا» التي صدرت في غشت سنة 1917، أي بعد صدور الطبعة الأولى من هذا الكتاب بوقت طويل، هي نموذج لتشويه الماركسية على نمط صغار البرجوازيين وللتبرؤ منها بحطة فعلا من الاعتراف بها بالقول نفاقا (راجع كراسي: «الثورة الاشتراكية والمرتد كاوتسكي»، بتروغراد وموسكو، سنة 1918). 
فكراسة كاوتسكي «ديكتاتورية البروليتاريا» التي صدرت في غشت سنة 1917، أي بعد صدور الطبعة الأولى من هذا الكتاب بوقت طويل، هي نموذج لتشويه الماركسية على نمط صغار البرجوازيين وللتبرؤ منها بحطة فعلا من الاعتراف بها بالقول نفاقا (راجع كراسي«الثورة الاشتراكية والمرتد كاوتسكي»، بتروغراد وموسكو، سنة 1918). 

..

وبعد. لن يتفهم فحوى تعاليم ماركس بشأن الدولة إلاّ أولئك الذين أدركوا أن ديكتاتورية الطبقة الواحدة ضرورية ليس فقط لكل مجتمع طبقي بوجه عام، ليس فقط للبروليتاريا التي أسقطت البرجوازية، بل أيضا لمرحلة تاريخية كاملة تفصل الرأسمالية عن «المجتمع اللا طبقي»، عن الشيوعية. إن أشكال الدولة البرجوازية في منتهى التنوع، ولكن كنهها واحد: فمجتمع هذه الدول هي بهذا الشكل أو ذاك وفي نهاية الأمر ديكتاتورية البرجوازية على التأكيد. ويقينا أن الانتقال من الرأسمالية إلى الشيوعية لا بد وأن يعطي وفرة وتنوعا هائلين من الأشكال السياسية، ولكن فحواها سيكون لا محالة واحدا: ديكتاتورية البروليتاريا 
..

وبعد. لن يتفهم فحوى تعاليم ماركس بشأن الدولة إلاّ أولئك الذين أدركوا أن ديكتاتورية الطبقة الواحدة ضرورية ليس فقط لكل مجتمع طبقي بوجه عام، ليس فقط للبروليتاريا التي أسقطت البرجوازية، بل أيضا لمرحلة تاريخية كاملة تفصل الرأسمالية عن «المجتمع اللا طبقي»، عن الشيوعية. إن أشكال الدولة البرجوازية في منتهى التنوع، ولكن كنهها واحد: فمجتمع هذه الدول هي بهذا الشكل أو ذاك وفي نهاية الأمر ديكتاتورية البرجوازية على التأكيد. ويقينا أن الانتقال من الرأسمالية إلى الشيوعية لا بد وأن يعطي وفرة وتنوعا هائلين من الأشكال السياسية، ولكن فحواها سيكون لا محالة واحدا: ديكتاتورية البروليتاريا.

..

نحن لسنا طوبويين. نحن لا «نحلم» بالاستغناء دفعة واحدة عن كل إدارة، عم كل خضوع. فهذه الأحلام الفوضوية الناشئة عن عدم فهم مهام ديكتاتورية البروليتاريا هي غريبة تماما عن الماركسية ولا تفعل في الواقع غير تأجيل الثورة الاشتراكية إلى أن يصبح الناس غير ما هم عليه. لا. نحن نريد الثورة الاشتراكية مع الناس على ما هم عليه اليوم، مع هؤلاء الناس الذين لا يستطيعون الاستغناء عن الخضوع، عن المراقبة، عن «المراقبين والمحاسبين». 
..

ويفترق ماركس عن برودون وكذلك عن باكونين في مسألة الاتحادية على وجه التحقيق (فضلا عن ديكتاتورية البروليتاريا). الاتحادية تنبثق مبدئيا عن النظرات البرجوازية الصغيرة للفوضوية. إن ماركس من القائلين بالمركزية. وفيما أوردناه من محاكماته لا يوجد أي تراجع عن المركزية. فقط الناس الذين حشيت رؤوسهم حشوا «بالإيمان الخرافي الأعمى» البرجوازي الصغير بالدولة يستطيعون أن يروا في القضاء على آلة الدولة البرجوازية قضاء على المركزية! 
..

وإذا كان ثمة أمر لا شك فيه فهو واقع أن حزبنا والطبقة العاملة لا يمكنهما الوصول إلى السيادة إلاّ في ظل شكل سياسي هو كالجمهورية الديموقراطية. حتى أن هذه الأخيرة هي الشكل الخاص لديكتاتورية البروليتاريا كما برهنت ذلك الثورة الفرنسية الكبرى» 
يكرر إنجلس في هذه الفقرة بصيغة واضحة كل الوضوح تلك الفكرة الأساسية التي تخللت جميع مؤلفات ماركس، نعني أن الجمهورية الديموقراطية هي أقصر الطرق إلى ديكتاتورية البروليتاريا. لأن هذه الجمهورية، مع أنها لا تزيل لأي قدر سيادة رأس المال وبالتالي ظلم الجماهير والنضال الطبقي، تفضي حتما إلى توسيع هذا النضال وتسعيره وكشفه وتشديده لدرجة أن إمكانية تأمين مصالح جماهير المظلومين الجذرية، متى ؟هرت هذه الإمكانية، تتحقق حتما وبوجه الحصر في ديكتاتورية البروليتاريا وفي قيادة هذه الجماهير من قبل البروليتاريا. وهذه أيضا بالنسبة للأممية الثانية بأكملها «كلمات منسية» من الماركسية، وقد أظهر نسيانها بجلاء خارق تاريخ حزب المناشفة خلال نصف السنة الأولى من ثورة سنة 1917 الروسية. 

..

ولكن التطور إلى الأمام، من هذه الديموقراطية الرأسمالية الضيقة حتما والتي تبعد الفقراء خلسة والتي هي، بسبب ذلك، نفاق وكذب كلها- لا يجري ببساطة، مباشرة ودون عقبات في اتجاه «ديموقراطية أوفى فأوفى» كما يصور الأمر الأساتذة الليبراليون والانتهازيون صغار البرجوازيين. لا. إن التطور إلى الأمام، أي نحو الشيوعية، يمر عبر ديكتاتورية البروليتاريا، ولا طريق له غير هذه الطريق، لأنه ما من طبقة أخرى أو طريق آخر لتحطيم مقاومة المستثمِرين الرأسماليين. 
 
..

وعلى ذلك نرى أن الديموقراطية في المجتمع الرأسمالي هي ديموقراطية بتراء، حقيرة، زائفة، هي ديموقراطية للأغنياء وحدهم، للأقلية. أمّا ديكتاتورية البروليتاريا، مرحلة الانتقال إلى الشيوعية، فهي تعطي لأول مرة الديموقراطية للشعب، للأكثرية، بمحاذاة القمع الضروري للأقلية، للمستثمِرين. والشيوعية وحدها هي التي تستطيع أن تعطي الديموقراطية كاملة حقا، وبمقدار ما تتكامل بمقدار ما تزول الحاجة إليها فتضمحل من نفسها.

..

فكيف كان سلوك كاوتسكي في تفنيده المفصل للملاحم البرنشتينية؟. 
 
لقد تجنب تبيان كل عمق التشويه الانتهازي للماركسية في هذه النقطة. فقد أورد الفقرة المذكورة من مقدمة انجلس لمؤلف ماركس، لا تستطيع الاكتفاء بالاستيلاء على آلة الدولة جاهزة، ولكنها بوجه عام تستطيع الاستيلاء عليها، ولم يزد على ذلك. أمّا أن برنشتين قد نسب إلى ماركس فكرة معاكسة تماما لفكرته الحقيقية وأن ماركس قد وضع أمام الثورة البروليتارية منذ سنة 1852 مهمة «تحطيم» آلة الدولة فعن كل ذلك لم ينبس كاوتسكي ببنت شفة. 
 
وقد كانت النتيجة أن السمة الأساسية التي تميز الماركسية عن الانتهازية في مسألة مهام الثورة البروليتارية قد امست مطموسة عند كاوتسكي! 
 
وقد كتب كاوتسكي «ضد» برنشتين قائلا: 
 
«يمكننا أن نترك للمستقبل بكل راحة ضمير أمر تقرير مسألة ديكتاتورية البروليتاريا» (ص 172 من الطبعة الألمانية). 
 
إن هذا ليس بجدال ضد برنشتين، ولكنه في الجوهر تنازل أمامه، تخل عن مواقع للإنتهازية، لأن الانتهازيين لا يريدون في هذا الظرف أكثر من أن «يترك الناس للمستقبل بكل راحة ضمير» جميع المسائل الجذرية بشأن مهام الثورة البروليتارية. 
 
إن ماركس وانجلس قد علما البروليتاريا في غضون أربعين سنة، من سنة 1852 إلى سنة 1891، حيال خيانة الانتهازيين للماركسية خيانة تامة في هذه النقطة، فيستعرض عن مسألة ما إذا كان من الضروري تحطيم هذه الآلة بمسألة الاشكال الملموسة لهذا التحطيم ويلوذ بظل حقيقية مبتذلة «لا جدال فيها» (ولا جدوى منها) وهي أننا لا نستطيع أن نعرف سلفا الأشكال الملموسة!! 
..

في الاشتراكية العالمية تيارات تيامن أكثر من كاوتسكي، منها «المجلة الاشتراكية الشهرية» في ألمانيا (ليغين ودافيد وكولب وكثيرون غيرهم بمن فيهم السكانينافيان ستاونينغ وبرانتينغ) وأتباع جوريس وفاندرفيلده في فرنسا وبلجيكا وتوراتي وتريفيس وغيرهم من ممثلي الجناح اليميني في الحزب الإيطالي والفابيون و«المستقلون» («حزب العمال المستقل» الذي كان في الواقع على الدوام في تبعية الليبراليين) في انجلترا ومن على شاكلتهم. إن جميع هؤلاء السادة الذين يلعبون دورا جسيما غالبا ما يكون الدور الراجح في النشاط البرلماني وفي المنشورات الحزبية ينكرون على المكشوف ديكتاتورية البروليتاريا ويطبقون الانتهازية السافرة. «فديكتاتورية» البروليتاريا في نظر هؤلاء السادة «تناقض» الديموقراطية!! وفي الجوهر لا يوجد بينهم وبين الديموقراطيين صغار البرجوازيين أي فرق جدي. 
 
ونظرا لهذا يحق لنا أن نخلص إلى استنتاج مفاده أن الأممية الثانية في الأغلبية الساحقة من ممثليها الرسميين قد انزلقت تماما إلى الإنتهازية. ولم يقتصر الأمر على نسيان خبرة الكومونة، بل إنما تعداه إلى تشويهها. إنهم لم يبينوا لجماهير العمال أنه تقترب الساعة التي يتوجب عليهم فيها أن ينهضوا ويحطموا آلة الدولة القديمة وأن يستعيضوا عنها بجديدة محولين بهذا الشكل سيادتهم السياسية إلى قاعدة لتحويل المجتمع على الأساس الاشتراكي، بل كانوا يلقنون الجماهير النقيض. وقد فسروا «الاستيلاء على السلطة» بشكل يترك ألف منفذ للانتهازية. 
 
إن تشويه وإغفال مسألة موقف الثورة البروليتارية من الدولة لم يمكنهما إلاّ يلعبا دورا جسيما في الوقت الذي غدت فيه الدول، وقد قوت جهازها العسكري بنتيجة التنافس الإمبريالي، وحوشا حربية تزهق الملايين من الأرواح لكيما تحسم وتفصل فيما إذا كانت السيطرة على العالم لإنجلترا أو لألمانيا، لهذا الرأسمال المالي أو ذاك.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *