جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

" روزامور" محرقة العمال التي تدمينا ـــ عبدالمالك حوزي ـــ

 " روزامور" محرقة العمال التي تدمينا

في مثل هذا الليلة 26 أبريل من سنة 2008 . كانت محرقة " روزامور" . التي هزت الرأي العام العالمي . قبل أن يأبه بها الرأي العام الوطني .أذيع الخبر و انتشر بالقنوات الأجنبية ، بينما كانت قنواتنا التلفزيونية غارقة في بث سهرات السبت الماجنة .
" روزامور" فاجعتنا وغصتنا ، قضى فيها احتراقا واختناقا ما لا يقل عن 56 عامل/ة . بعدما اندلعت النيران داخل معمل " روزا مور " للأفرشة بحي ليساسفـــــة بالدار البيضاء .
تكاد تجمع الروايات ، أنه في تلك الليلــــة من آخر الأسبوع ، وبعدما غادر صاحب المصنع محله . ترك ابنـــه والحارس اللذان قبل أن يتجها إلى وجهة قيل غير معلومة . أقفــــلا أبواب المعمل وبداخله العمال والعاملات كالرهائـــن . وكان الإقفــــال محكما ، بمبرر الخوف من تهريب وسرقة السلع .
ولما شب الحريق بشكل مفاجئ ، بحث العمال الرهائن عن منافذ لإنقـــــاذ أرواحهم ، فلم يجدوا ولو نافذة صغيرة تمكن نحيلي الأجساد من التسلل خارج هول المحرقة . وبقي الكل يواجه مصيره مع الموت وسط الأدخنة الكثيفة والهبة النيــــــران .
فكان الاختنــــاق وكان الاحتــــراق ...
وأُتْلِفَـــت بعض الجثث بعدما تحولت الى رمــــاد .
مثل هكذا فاجعة لا تحــــدث إلا في بلد الاستثنـــاء . حيث يتم " التساهــل " وغض الطرف عن المقاولات والمصانع التي لا تتقيد باحترام مقتضيات وشروط معايير السلامـــة والصحة التي تنص عليها القوانيــــــن .
فحتى رجالات المطافئ الذين لم يلتحقوا ، إلا بعدما شبعت النار من الجثث وحولتها هشيما ، لم يجدوا منفذا يمكنهم من التدخــــل . لولا استعانتهم بجرافات وهدم أجزاء من جــــدران المعمل/السجن.
كل هذا وقع عشيــــة التهييئ لاحتفال الطبقة العاملة بعيدها الأممي ــ فاتح ماي 2008 ــ .
ليُطـــرح السؤال : ماذا قدمت النقابات العمالية المغربية والأحزاب السياسية لـــــذوي الضحايا بعد المحرقة ؟؟
فعـــدا " الجمعية المغربية لحقوق الإنسان " بالدار البيضاء التي أسست " لجنة وطنية للتضامن مع عائلات الضحايا والناجين من محرقة روزامور ". بهدف المساعدة في متابعة الجاني ومن معه . فالمركزيات النقابات لم تقدم شيء يذكر عدا قراءتها فاتحة القــــرآن في فاتح ماي ترحما على الضحايا .. وحضور بعض النقابيين في الذكرى الأربعينية الأولى ليأكلوا الكسكــــس مع المعزين .
ومنذ ذاك الوقت والى الآن ، بقي الملف يتأرجح بين ردهات ودهاليز المحاكم ضد شركة التأمين" أكســا / سهام " . حكمــت فيه المحكمة الابتدائية سنة 2014 ـــ أي بعد ست سنوات مضت على الفاجعة ــ بأن الحادثة هي فعلا " حادثة شغل " . و تعويضات هزيلة . تمثلت في تسليم كل ضحية مبلغا ماليا يتراوح ما بين 200 درهم و 400 درهم شهريا و 10 ملايين لأســــر الهالكين و 6 ملايين للضحايا الذين مازالوا على قيد الحياة بإعاقات مختلفـــــة . الحكم الذي لم يرق لشركة التأمين فاستأنفته .
ولم تمض بعد ذلك إلا أقل من سنة لتصدر محكمة الاستئنـــــاف بالبيضاء يوم الثلاثاء 13 يناير 2015 حكما نزل كالصاعقة على المتتبعين قبل الضحايا . تشتم منه رائحة الفساد والانحيــــاز والـــلّاعَـــدل ... حيث قضت بإلغــــــــاء الحكم الابتدائي ورفــــــض الدعــــوى من أساسها .
فالقاضي كحَّــل عينيه برماد الجثث المحروقة العالق على رقبتـــه . وأغلق أذنيـــه كي لا تطارده أصوات وأرواح و وصايا موتانا وهم يصارعون النار .وأصدر حكمه الفاسد المنحاز الى الشركة متلذذا بشم رائحة الموت .
فاجعة " روزامور" جريمة ، تلخص هزيمتنا أمام خلق شروط الحياة الكريمة بهذا البلد . وتعري رحلة البحث عن المواطنـــــة والخبز المشؤوم في مغرب الاستثناء .
وتبقى " روزامور " :
قصــــتنا وعقدتنا وغصة تدمينا .
ـــ عبدالمالك حوزي ـــ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *