جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

سليمان يختار الحياة...الرفيقة خلود مختاري

 زرت سليمان اليوم، زرته في القلب غصة كبيرة، وبالروح وجع كبير تخلفه الذاكرة، لأننا كنا أسرةً ملمومة على الحب والحياة، وها نحن اليوم ننعي رب أسرتنا وهو لا بحيٍ ولا ميت.

سليمان فقد من وزنه الكثير، الكثير، عيناه الشاردتين والواسعتين فقط من تحاولان إقناعك بأنه جدير بالحياة، وأن الموت هو السبيل إليها، لقد قضيت ليلة أمس جالسة بينما الناس نائمون، أدرِّبُ نفسي على هذا اللقاء المُتعب، والذي قد يكون آخر لقاء، لأنه بالفعل لقاء يقتل كل الأمال والأماني وأي رجاء في فكرة وطن يحتضن الجميع، ويُقتل إبانه أيُّ حلمٍ مهما بلغت ضحالته وتفاهته.
سليمان ومع كل الأسف، وبعد محاولتي لكي يُوقف إضرابه عن الطعام، رفض، رفض بشكل قاطع، رفض لأنه لايملك وسيلة يحتج بها على الظلم الذي طاله، لا قلم ولا أوراق، ولا حرية يدافع بها عن نفسه.
يشكركم سليمان من القلب، قلبه الضعيف الآن، قلب فيه مساحة لكم، قلب قد يتوقف في أي لحظة وهو نائم في زنزانة انفرادية وبعنْبَر السجن، سليمان يحييكم على دعمكم له، ولأسرته الصغيرة، ويقول لكم، هم اختاروا ظُلمه، وهو اختار الحياة مقابل الموت.
كم هو مؤلم كلام النهايات وخطابها، مؤلم جدا،ويمزق الروح...
غادر سُليمانُ، سليمانَ قاعة الزيارة قائلا:
"سأخرج من السجن، إلى المقبرة مرتاحا، سنلتقي أنا وهاشم أنت هناك"..

زوجة الريسوني تكشف تطوارت حالته الصحية


أطالب التامك:
بالإضافة إلى أن تُخرج فيديو الحالة الصحية العادية لسليمان، فيديو زيارتي والتسجيل الصوتي لها أيضا، بما أننا في هذه البلاد نُصور في غرف نومنا ونُبتز بتلك الفيديوهات لكي تخرسوا أصواتنا.
أولا: عندما حمل سليمان هاشم، أنا رفضت على مرأى ومسمع الموظفين، لأن لا طاقة له، وبنيته الجسمانية لا تسمح بذلك، بالرغم من أنه يحاول فعل المستحيل لإظهار العكس أمامه، وفيما سجلتم ستجدون أن سليمان يقول أمام الموظفين "دعوني أحضن ابني، هذا ابني" وقد تدخل أحد المسؤولين مخاطبا سليمان، لا تحمله لأنه متعب وكنت أوافقه الرأي، لأنه محق، ويرى بأم عينه أن سليمان لا يقوى على حمل حتى ساقه التي تُشلُّ و تدخلتم وطاقمكم الطبي من أجل علاجها أول أمس.
ومن اشتياق سليمان لابنه، حاول أن يحضنه مرة أخرى، وهو جالس،فخارت قواه، لينغرس رأس هاشم في الطاولة التي تفصل بيني وبين سليمان، وأمام الموظفين مرة أخرى، وأن الزيارة بأكملها تبقى لنا منها بعض الوقت،فقط لنتكلم،لأن هاشم أساسا لم يترك لنا إلا هذا الحيز، البسيط والذي نقلت فيه سلام وتحية عدد من الأصدقاء والرفاق والزملاء، وما يروج من تضامن معه ومع زميله عمر.
وإن يكن أنني تسترت على الحالة النفسية لسليمان، والتي تبدو سيئة جدا، خصوصا عندما قال له أحد مسؤوليكم، بأنه لن يخرج من السجن إذا واصل الإضراب عن الطعام، فأجابه:
سأخرج، سأخرج ،إلى المقبرة.
وعندما التحق بقاعة الزيارة التي كنت بها مدير السجن، وطلب من سليمان بعد أن أمسك يده، بأن يوقف إضرابه عن الطعام، احترمته كثيرا، وخفف من فزعي، لأن الرجل الذي أعرفه، تغير وتغيرت لغته وطريقته في التعامل مع المعطيات ومحيطه، وتغيرت ملامحه،لكن سليمان أجابه جوابا قاتلا ومؤلما، وأردف:
"إذا جربت الإضراب عن الطعام مدة 15 يوما ستتحسن صحتك".
كنت أبلع الريق وأحسه كالرمل في جوفي، لهذا تحمل مسؤوليتك يا التامك، أنت ومن صور وسجل واعتقل ونكل بسليمان، وأوصله لهذه الحالة النفسية، تحملوا مسؤوليتكم التاريخية وأمام الله.
إنه يا حراس المعبد لمن غير المعقول، أن تطلب زوجة من زوجها أن يموت، ويمكنكم الرجوع لمكالماتي الهاتفية أيضا في حال لم يكفيكم تسجيل الزيارة،من غير الممكن في حالة سليمان، الذي ترك في عهدتي ابنا، طفلا رضيعا، وشقة مكتراة، تتعاون عائلتين لكي يبقى بابها مفتوحا، وحبا كبيرا أبادله إياه، وإيمانا ببراءته وشجاعته، ولهذا أنا أُقاتل من أجل عدالة قضيته، ولكي يبقى حيا وليدافع عن نفسه، بالرغم من مساعيكم...
يا أيها التامك لا أنت ولا البوليس السياسي و لا البنية السرية، ستحلون محل سليمان،مهما فعلتم، وحتى وإن مات بين يديكم، وبالرغم من مناوراتكم لكي لا يلج السجن النقيب عبد الرحمان بنعمرو، والذي كان لي في زيارته أمل كبير في إقناع سليمان بالعدول عن قراره.
حالة سليمان النفسية، المرعبة، تتحملون المسؤولية المباشرة فيها، فمنذ اعتقاله وهو يقبع في زنزانة انفرادية،وساء الوضع أكثر عند نقله لزنزانة مستوصف السجن، كما قال لي، كأني دخلت السجن أول مرة.
لذلك، وأمام كل هذه المعطيات، التي تخص حالة سليمان، وإن يكن أنها ليست كاملة ومفصلة، لن أسمح لكم بلعب لعبة سبق و أن لعبتموها مع النقيب زيان والحقوقي فؤاد عبد المومني وآخرين، لأنني أعرف أنكم تصورون وتتجسسون على سليمان داخل زنزانته.
سليمان لا يريد توقيف الإضراب عن الطعام، لأنه لا يثق في عدالتكم واحتجاجا على ظلمكم وفجوركم، علقوا هذه الجملة حلقة على آذانكم.
ومع ذلك، كل من سيسعى لإنقاذ سليمان من الموت، باب بيتي مفتوح له.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *