رسالتي إليك يا ولدي الغالي في يومك 84 من الحكم الجائر و يومك 440 من الاعتقال التعسفي.
رسالتي إليك يا ولدي الغالي في يومك 84 من الحكم الجائر و يومك 440 من الاعتقال التعسفي.
ولدي الجميل، كلما عدت بذاكرتي الى الوراء إلا و أرى ذلك الطفل الذي سابق الزمن من أجل أن يعرف ويفهم قبل الوقت.
أتذكر حينما بدأت تكتب حروفك الأولى، وتردد اناشيد الطفولة وتردد بقوة " أنا فنان، أنا فنان، أرسم علمي فوق القمم، أرسم ماما، أرسم بابا،..." ونحن نضحك ونطلب منك المزيد، وتردد منتشيا كل ما حفظته ذاكرتك الصغيرة من أقوال وأناشيد.
ولدي الغالي، أذكر أيضا عندما بدأت تشكل من حروفك الأولى أغانيك و أناشيدك ، كنت تبهرنا بحبك للقراءة والكتابة، وأنت لم تتجاوز بعد سنتك التاسعة من العمر.
ولدي الغالي، أعرف أن لهفتك للتعلم والاستزادة في اللغة قد دفعتنا لاقتناء موسوعات مختلفة بالفرنسية والعربية وبالتقسيط لمحدودية إمكانياتنا المادية.
لقد كنت تستغل كل الفرص للتشبع أكثر بالمعرفة و كانت مفاجأتنا كبيرة ادريس وأنا، عندما أطلعتنا على عمل كنت تقوم به وهو عمل تركيبي يعتمد على قراءة نصين أو ثلاثة متقاربة من حيث الموضوع وتستخلص منهم نصا واحدا مُركَّزاً.
هذه العملية التي استطعت انجازها وأنت لا تزال في التعليم الابتدائي تبين قدراتك العقلية والفكرية على هضم ودمج وتحليل معلومات متفرقة في عدة نصوص.
وأنا أستمع لمداخلة الأستاذ المهدي المحمدي (وهو بالمناسبة أستاذ باحث في الرياضيات وعلم المعلومة) على موقع مامفاكينش على اليوتيوب، أحسست بنشوة عارمة عندما تكلم عنك وقال، وهذه شهادة في حقك ، قال بأن عمر صحافي مجتهد وبأن لك قدرة كبيرة على استيعاب وفهم البيانات وتحليلها.
وكمثال واضح على ذلك، ذكر بأن وزارة الداخلية بنفسها دعتك لحضور ندوة صحافية حول جائحة كورونا وذلك بعدما أنجزت تحقيقات بالتدقيق في بيانات توصلت بها من باحث صديقك، في علم البكتريولوجيا بجامعة هارفارد الأمريكية وتحليلك لهذه البيانات جعلتك تفهم أكثر تطبيق"وقايتي" لم تكتف بهذه المعطيات بل صرت تبحث في هذا الموضوع لتقدم مادة متكاملةً وبحثاً دقيقاً اعتمدته وزارة الداخلية في المغرب وكتبتَ مقالين عن هذا الموضوع تم نشرهما على موقع le desk الذي قال عنك صاحبه أنك صحافي كسول ومتهور أمام قاضي التحقيق
.
بعد هذه الندوة الصحافية اضطرت وزارة الداخلية الى اعتماد ما توصلتَ إليه من معلومات تقنية و جعلت ذلك التطبيق " open source".
أتساءل بأية صفة استدعتك حينها وزارة الداخلية؟
وكيف لثلاثة وزراء في ندوة صحافية وصفوك بالصحافي المتدرب والجاسوس بعد تقرير منظمة العفو الدولية؟
لازلت أتساءل ، ولدي الغالي، كيف تسمح وزارة في بلدنا أن تستدعيك بالإسم، وأن تستغل مجهودك ومعرفتك ثم تتنكر لك؟
أذكر حينما توصلتَ بدعوة من وزارة المالية من أجل تبسيط وإيصال مفهوم " تعويم الدرهم" لباقي المنابر الإعلامية، تم استدعاؤك بصفتك صحافيا في مجال الاقتصاد والمالية.
ثم كيف لوزارة الاتصال أن ترسلك إلى بلجيكا لتمثل المغرب فيما سمي ب" دابا ماروك"، وتؤطر ندوات ولقاءات هناك؟
لا زلت لم أفهم لحد الساعة السبب الحققي لإعدام تجربتك وخبرتك.
لا زلت أتخبط وأتساءل وأقول هل نحن في دولة منسجمة مع نفسها أم نعيش في شبه دولة؟
لا تنتظر مني ولدي أن أجيب عن هذا السؤال. فالواقع يجيب من تلقاء نفسه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق