مظفر النواب - مرثية للشهيد سلام عادل
في الذكرى ال " ٥٤ " لأستشهاده
خالد أحمد زكي " ظافر " ...
بغداد 1935 - الناصرية / هور الغموكة حزيران 1968 ...
من أين لهذا الجسد الناحل والجميل هذه القدرة العجيبة على التحمل والصمود المذهلين ؟! ...
كيف تشكّل ليكون عصيا على الكسر حد المستحيل ؟! ...
هو صنو شبيهه ومثله الأعلى ، شكلا وأصرارا : الشهيد حسين أحمد الرضي " سلام عادل"...
ولد في بغداد عام 1935 لعائلة ميسورة ، ربها مهندس ري ناجح ...
أنتقل الى الكوت ليكمل دراسته الأعدادية وليعمد شيوعيا باسلا في العام 1952 ...
في عام 1953 زاول عمله الأول معلما في قضاء النعمانية ، قبل ان يغادر وطنه الى بريطانيا في العام 1955 لدراسة الهندسة في أحدى جامعاتها ...
يذكر له معارفه ميزته الأهم :
قدرته العجيبة على الأنصات وتقتيره في الكلام ونفوره من " التفلسف " والتبجح والأدعاء الفارغ ! ...
هناك استمع للجميع وحاور بهدوء وقرأ نقديا لتتفتح مداركه ، كوطني عراقي نادر ...
في الثامن من شباط 1963 ، وأد الأنقلابيون ثورة الرابع عشر من تموز ! ...
في اليوم ذاته أقسم " ظافر " بالأثنين :
الضمير وتراب وطنه الطاهر البعيد للأقتصاص من القتلة مهما كان الثمن ...
كانت وشيجته مع الفيلسوف البريطاني المعروف "برتراند رسل " قائمة عبر ترأسه ل "لجنة السلام " التي تحمل أسم الفيلسوف الكبير دفاعا عن ضحايا أنقلاب شباط الأسود عام ١٩٦٣ ، وللجم شهوة الدم والقتل التي أطّرها فاشيو العراق الجدد عبر قانونهم سئ الصيت ذا الرقم 13 ...
في عام 1967 طفح الكيل ب " ظافر " ، ليجد نفسه قد غادر لندن بحقيبة صغيرة ، لاغير ، وبجواز سفر مزور كان وسيلته للنفاذ من مطار بغداد الدولي ...
في بغداد أنصت للجميع كعادته ونسج علاقات مع حفنه شيوعيين حقيقين غير هيابين، لم يزد عددهم أجمالا عن 13 عضوا ...
بهم تشكّلت " بؤرته الثورية الأولى " في اهوار الجنوب العراقي في أيار من العام 1968 ...
في الثالث من حزيران من العام ذاته كانت أخر أحلام وملاحم " ظافر " ...
لقد قاتل حتى الموت ، مع صحبه الميامين ، قاتل جندرمة وكلاب سلطة بلا عدد ! .
وبات أسمه يتبرعم ويزهر ويطير ك" غرانيگ " هور الغموكة ...
هناك ، وتحت سماء الهور الصافية ،كانت ثلاثة أجسادا طاهرة ، واحدا له وأثنين لرفيقيه ( محسن حواس ) و ( كاظم منعثر ) ، كانت نقيعات بدم عراقي طاهر ، ومسجات على بقايا بردي وقصب ...
للخالد خالد أحمد زكي " ظافر " ولحلمه بوطن يتسع للجميع الديمومة والبقاء ...
" وحگ الشط الأحمر
والليالي الغبرة ،
يگويعه !
أموتن وانت حدر العين
تتونسين .
آفه يرجال طين عراگنه الطيبين ! …
تنسون المراجل ؟ ! …
والمراجل بيكم أتسمت مراجل
كلفه يمعودين " ! …
مظفر النواب
نقف الآن بإجلال ليس لأن الفولاذ شيوعي
ليس لأن مكانك يزداد شموخاً منذ ثلاثين سنة
لكن حين استفردت وصاح السفود بعينيك
رشفت الصبر بصبر
واتجهت بوصلتا عينيك الداميتين إلى الشعب
مظفر النواب/مرثية لسلام عادل
صور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق