جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

غازي الصوراني : لماذا أخفقنا ونجح غيرنا ؟ وأي يسار نريد ؟

 غازي الصوراني : لماذا أخفقنا ونجح غيرنا ؟ وأي يسار نريد ؟

أولا :لماذا أخفقنا ونجح غيرنا ؟
هذا السؤال طرحه بعمق ياسين الحافظ وأجاب عنه بعمق أيضاً، ولعل أحد أسباب هذا الإخفاق العربي هو هذا التاريخ الطويل من الحكم الاستبدادي الشرقي السلجوقي ثم العثماني، وحتى المملوكي، ومن الملاحظ أن غياب الدولة المركزية العربية لمدة طويلة سهل على الامبريالية تجزئة الوطن العربي، في حين أن وجود دولة صينية متماسكة في مطلع القرن العشرين ساهم في الحفاظ على وحدة الصين ومن ثم تحقيق التقدم فيها.
كذلك علينا أن نتذكر أن دخول الوطن العربي في الدائرة الرأسمالية جاء متأخراً مقارنة مع أميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا.
ويضاف إلى ذلك العنصر الثقافي ، إذ لدينا إرث ثقافي غني يعود إلى الوراء بآلاف السنين، وهذا الإرث يشكل سلاحاً ذو حدين، فيه الكثير من المعوقات التحديثية. ولذلك فإن المشكلة الثقافية في الوطن العربي تكتسب أهمية استثنائية من الصعب ان نجدة مثيلاً لها لدى كثير من الأمم الأخرى. وهذا هو أحد أسباب إخفاق الحركات النهضوية العربية، فقد تلهت بالسياسة عن الثقافة وأخفقت في الغوص عميقاً في هذا الإشكال واعتبرت ذلك ترفاً لا يليق بالسياسي المحترف.
وقد بدأ بعض المفكرين الماركسيين العرب يدركون ذلك في السبعينات من القرن العشرين تحديداً ونخص بالذكر سمير أمين وياسين الحافظ وإلياس مرقص والى حد ما مهدي عامل. لكن أفكارهم ظلت حبيسة النخبة ، فهناك من أدرك مثل إلياس مرقص أن آليات الهيمنة الامبريالية تنطوي على تفتيت المستغل سياسياً وربما اقتصادياً أيضا سواء كان المستغل طبقة اجتماعية كادحة أو أمة كادحة، ولا يستطيع المستغل أن يجابه هذه الآليات الاستغلالية إلاّ بمشروع وحدوي يؤكد وحدة الأمة أو الطبقة. وهنا ينبغي أن لا نقلل من شأن عوامل مشتركة كاللغة والتاريخ، فعلينا أن نسأل لماذا تتكلم مجموعة من البشر اللغة ذاتها، وكيف؟
واذ ينطلق سمير امين من أن المرحلة الراهنة، التي تجتازها بلداننا العربية، ليست مرحلة "المنافسة من اجل الاستيلاء على الحكم"، وذلك في غياب قوة اجتماعية شعبية تستطيع "ان تفرض نفسها على القوى الاخرى الداخلية سواء كانت تتجلى في نظم الحكم ام في بديل الاسلام السياسي وهما وجهان للعملة نفسها"، فهو يرى ان الخطوة الاولى على طريق الخروج من الازمة، تتمثل في العمل على اعادة تكوين اليسار وبناء القوى الشعبية، وذلك في اطار عمل طويل النفس يطاول مستويات عدة "من تحديد الاسس الفكرية، وسمات المشروع المجتمعي المطروح كهدف تاريخي، وتحديد المراحل الاستراتيجية للتقدم في الاتجاه المرغوب... والقوى الاجتماعية التي لها مصلحة في انجاز المشروع والقوى المعادية له، ثم اخيرا بناء قواعد العمل المناسبة" .
ثانيا : أي يسار نريد ؟
مع أزمة الرأسمالية تعود نغمة اليسار من جديد، لكن أي يسار؟
لنتفق أولاً بأن معنى اليسار يتحدد بما هو سياسي وليس بما هو أيديولوجي، حيث يشير إلى القوى التي تحمل راية التطور والتقدم والتحرر والحداثة. ورفع الاضطهاد عن الطبقات المفقرة والدفاع عن مصالحها.
أفرز انهيار النظم الاشتراكية يسارات في هذا اليسار.
ولقد قام كل هذا "اليسار" على فكرة جوهرية هي أن الهدف المركزي هو الديمقراطية، وأن الديمقراطية هي الليبرالية. لهذا كان يميل إلى "التحالف" (أو الالتحاق) بقوى برجوازية، هي كومبرادورية في طبيعتها.
وبالتالي تقديم مشروع ليبرالي على مقاس تلك البرجوازية.
هل لازال هذا القطاع في اليسار"
إذا تجاوزنا الطابع الأيديولوجي الذي فُقد لدى كل هؤلاء، فإن البرنامج السياسي المطروح، والتحالفات التي قامت على أساسه، يشيران إلى تحوّل نحو اليمين.
إذن، لقد باتت خارج اليسار بغض النظر عما تسمي ذاتها، حيث ليس الشخص بما يدّعيه بل بما هو في الواقع، كما أشار ماركس مرة.
من هذا المنطلق يجب أن نعيد تحديد معنى اليسار، والماركسي خصوصاً، لأن فرز الجبهات أمر ضروري في كل صراع، وحيث أن الخلط يشوه ويدمر.
ولا نظن أنه يمكن أن يكون هناك يسار لا ينطلق من الصراع مع الرأسمالية المهيمنة، والتي تقف أمام تطور كل الأمم المخلّفة. ولا ينطلق من تحقيق الاستقلال في مواجهة قوى الاحتلال.
هذه قيم عامة لليسار، ليس من يساري من لا يدافع عنها. وهي قيم يمكن أن تُتضمن في أيديولوجيات متعددة، ماركسية وقومية وديمقراطية، وبالتالي بات من الضروري تحقيق الفرز انطلاقاً منها.
هذه مسألة تفرض أن يعاد النظر في معنى اليسار واليساري، وأن لا يُكتفى بالتسميات، بل أن يجري الانطلاق من المواقف والسياسات.
فاليسار ليس تسمية بل موقف وفعل أولاً وأساساً، ينطلق من التزامه الواعي بالثوابت والأهداف الوطنية التحررية والديمقراطية بارتباطها الوثيق بالأهداف القومية التحررية الديمقراطية العربية .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *