رحيل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ...نادية لطفى
مقال كتبته الفنانة الكبيرة نادية لطفى بعد سماعها خبر رحيل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ...
“كنت قد وصلت إلى لندن مع زوجي في زيارة قصيرة منذ يومين فقط والتقينا هناك بالصديق المحامي لبيب معوض وفي ليلة مشئومة تركنا لبيب في حوالي الواحدة والنصف صباحا ولم تمر نصف ساعة وإذا بالتليفون يدق في حجرتنا وكان المتحدث هو لبيب معوض وكان صوته في هذه اللحظة قد تلون وأصابته حشرجة وأصبح همسًا، فرحت أصرخ فيه “مالك يا لبيب فيه إيه إتكلم"، فقال لي “البقية في حياتكم الرئيس جمال مات”، لم أستطع أن أسمع منه أكثر من ذلك وألقيت بالسماعة وأنا في ذهول لا تخرج من فمي كلمة واحدة وتلقف زوجي السماعة وراح يستفسر من لبيب عن الخبر الذي نزل علينا نزول الصاعقة !
بدأنا ندير مؤشر الراديو على جميع محطات العالم حتى ازداد تأكدنا من صحة الخبر المفجع وظللنا حتى الصباح نترقب افتتاح مكاتب شركات الطيران لنعود على أول طائرة إلى القاهرة وفي شوارع لندن كان الناس يتقاطرون على محلات وأكشاك بيع الجرائد التي خرجت جميعها وعلى صفحاتها الأولى “الخبر الحزين” الذي هز أرجاء العالم لأن عبد الناصر كما قالت جميع الصحف والمجلات الإنجليزية ليس رئيسا مصريا فحسب بل هو أبرز قادة العالم العربي ومن ألمع الزعماء والساسة الذين شهدهم القرن العشرون ومن اقطاب دول العالم الثالث التي أصبح لها وزن في ميزان القوي الدولية.
وعلى الرغم من أنني كنت على بعد مئات الأميال من القاهرة وأتلهف على العودة بأسرع ما يمكن للمشاركة في هذا الحدث الجلل إلا أنني في لحظات كثيرة كنت أحس أنني في القاهرة بين أهلي ومواطني فكل من عرف الخبر وتأكد منه أصيب بوجوم وحزن شديدين وكانت الكآبة محفورة على وجوه كل من التقيت بهم ودموع الحزن والأسى تنهمر بغزارة من العيون .
فالجميع كانو يقدرون شخصية “ناصر” ويتحدثون بثقة عن الأعمال الخالدة التي حققها لشعبه وأمته العربية ولكثير من شعوب آسيا وأفريقيا، وينعون فيه الزعيم الفذ العملاق وما المسيرات التي شهدتها شوارع لندن واشترك فيها مئات من العرب والإنجليز وغيرهم من الجنسيات المختلفة والأعداد الغفيرة التي توجهت إلى دار السفارة المصرية في لندن للتعزية في الفقيد العظيم إلا دليل قاطع على ما كان لجمال عبد الناصر من ثقل وتقدير في جميع انحاء العالم ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق