كلمة العدد 439 من جريدة النهج الديمقراطي * ثقافتنا لا تشبه ثقافتكم إنها نقيضها
كلمة العدد 439 من جريدة النهج الديمقراطي
ثقافتنا لا تشبه ثقافتكم إنها نقيضها
لكل طبقة ثقافتها، والثقافة السائدة هي ثقافة الكتلة الطبقية السائدة. لا تستطيع أي طبقة أن تسود وتهيمن ما لم تجعل من ثقافتها تلك الثقافة التي من خلالها تفكر وتتعامل باقي الطبقات المسودة. إنها، ثقافة تنقل قيم وأخلاق الكتلة الطبقية السائدة لمختلف مكونات الشعب. تسخر هذه الثقافة كل الوسائل والوسائط من إعلام مكتوب ومسموع ومرئي الى المدارس والجامعات ودور النشر والسينما والمسارح...تسعى ثقافة الكتلة الطبقية السائدة إلى إنتاج الوعي الزائف عند المواطنين؛ انها توظف واقعة الاستلاب الذي يقع تحت طائلته العمال والعاملات بحكم خضوعهم للاستغلال الرأسمالي وإنتاج سلع تتحول إلى قوة غريبة عن من أنتجها.. فيسهل انقيادهم إلى قبول مجمل الخطاب التبريري أو حتى الكاذب الذي تنشره الأجهزة الأيديولوجية للدولة.
إن الثقافة كممارسة فكرية في مجتمعنا كانت ولا زالت ميدانالصراع اجتماعي ضمن ميادين الصراع الطبقي. ففي مقابل وفي مواجهة الثقافة السائدة الرجعية هناك ثقافة نقيضة تعبر عن منظور وموقف القوى المناضلة وكذا المثقفين المرتبطين بهموم شعبهم سواء بشكل فردي او جماعي. وفي هذا الصدد يمكننا تعداد أهم الجبهات التي يدور فيها هذا الصراع المحتدم مثل الإعلام والمدرسة والجامعة بشكل عام. فبالنسبة للإعلام، نجد الإعلام العمومي في قبضة النظام القائم وهو منصة تبث،على مدار 24 ساعة، قيم وفكر الكتلة الطبقية السائدة وفكر حلفائها الرجعيين والامبرياليين، ومختلف الثقافات المنحطة الراهنة أو الموروثة. ونتيجة هذه الهيمنة على الإعلام العمومي لم يتبقى للثقافة التقدمية والمعبرة على آمال الجماهير الشعبية وطموحاتها إلا بعض المنابر الإعلامية المستقلة عن الدولة وعن الرأسمال الاحتكاري وكذا عن الأحزاب المخزنية،بالإضافةإلى ما تتيحه مواقع التواصل الاجتماعي التي تعتبر أهم مكسب حققته البشرية في العقود الأخيرة. ولتكميم هذه المنابر والمواقع الإعلامية تعمل الدولة على سن القوانين المكبلة أو المجرمة لحرية الرأي والإبداع والتفكير.أما فيما يتعلق بالمدرسة والجامعة، فإن النظام الرجعي طبق سياسة الأرض المحروقة منذ السنوات الأولى للاستقلال الشكلي عندما أعلن عن مقولة " اذا اصبحت انا امير وانت امير فمن سيتكلف بالحمير" او مقولة " اذا دعت الضرورة إلى التخلص من ثلث الشعب لحماية البقية فليس هناك مشكل بالنسبة للنظام القائم"...هكذا تم إفراغ المقررات الدراسية من مضمونها العلمي التقدمي، ومن إمكانية بناء الشخصية المتشبعة بالمنهج التحليلي النقدي،وإغراقها في المناهج الشكلانيةالتقنوية،وفي مقررات تعتمد الاستظهار ولا تنمي ملكة الإبداع وتقوية الشخصية للتلميذ والطالب. كما تم تخريب الجامعة وتحويلها إلى ثكنات تسيرها أجهزة وزارة الداخلية ،ويمنع فيها البحث العلمي وباتت تنجز "دراسات" الماستر والدكتوراه في مواضيع عن الجن وغيرها من الغيبيات.سلمت مدرجات ومسؤولية التأطير العلمي والأكاديميإلى القوى الظلامية ،بغاية طرد واستئصال مشاتل الفكر التقدمي النقدي. تم فصل المدرسة والجامعة عن الشعب وتحويلها لمستنقع يخدم الثقافة الرجعية المتخلفة.
ان استرجاع دور الجامعة الريادي في خدمة الثقافة المتنورة والتنويرية هو من صميم خوض الصراع الطبقي في شقه الأيديولوجي وهي جبهة ساخنة من الصراع بدونها ستبقى الجبهات الأخرى من الصراع الطبقي الاقتصادية والسياسية عرجاء، تفتقد للبعد الفكري والإمكانية الذاتية لتطوير الوعي العلمي التقدمي. في الصراع الطبقي تنتظم جبهة ثقافية تقدمية ضد جبهة ثقافية رجعية متخلفة. لذلك نعتبر إنثقافتنا المتجهة نحو المستقبل تزرع روح الأمل، لا تشبه ثقافة الكتلة الطبقية السائدة، ثقافة الخنوع والتبرير الحاطة من كرامة المواطن والمواطنة. إن ثقافتنا هي نقيض لثقافتهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق