مع الشاعر مظفر النواب
كتبت المخرجة ايمان خضر....
في عام 1986 قمنا بزيارة مجموعة من المنفيين العراقيين إلى مصياف، بدعوة من مدير المركز الثقافي رفعت عطفه والمصادفة كانت وجود الشاعر مظفر النواب مدعوا لإحياء امسية ، كنا نناقش كعادتنا محلية شعر مظفر وكيف سيفهمه جمهور مصياف وهل سيحضرون ؟ وسبق لي أن حضرت له أمسيات في بيروت في نهاية السبعينات، عندما كانت تغص قاعة الجامعة العربية بالجمهور وقوفا وجلوسا في الممرات ،يرافقه أحد الفنانين بالعزف على العود ، جمهور متنوع فلسطينيون وعرب والمنفيون العراقيون ، ولكن هذه المرة في مصياف كانت مفاجأة لنا جميعا ، فمن المقرر أن يلقي امسيته في المركز الثقافي ، ولكن في الطريق إلى المركز كنا نرى زحف لجموع من أعمار مختلفة ومن الجنسين ، سيرا على الأقدام أو بسيارات خاصة أو عامة ، لم نستطع أن نصل إلى بوابة المركز ، قررنا الجلوس على الأرصفة وطلب أحد الحضور بإخراج السماعات إلى الخارج لنسمع على الأقل ، لكن مدير المركز اتخذ قرارا جريئا ،أن تكون الامسية في الهواء الطلق ، خرج الجميع وبدون تنسيق فتوزعوا بين الأشجار وعلى الطرقات وفوق السطوح القريبة، ليسمعوا إذا لم يتمكنوا أن يروا ، بانتظار الضيف الكبير ، كان مظفر مشرقا بلباسه الانيق المتواضع ،ومتواضعا بلطفه وخجله ،وكبير في لغته وثقافته ، اختار أغلب قصائده باللغة الفصحى ، إلا أن الجمهور طالبه بقصائد طالما سمعها على اشرطة الكاسيت كالوتريات والبراءة وغيرها ... من المفترض أن تنتهي الأمسية خلال ساعتين ،ولكنها امتدت إلى أكثر من أربع ساعات ، ثم حُمل على الأكتاف ليقيم هناك أياما بضيافة أهالي مصياف ، كان وفيا لقضيته ولفلسطين وسوريا ، ورغم اغراءات النظام إلا أنه عاش سنوات مثل أغلب المنفيين على الكفاف ، لم يساوم ، بقي عزيز النفس والخلق ... الله يرحمك ياطيب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق