جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

الأسير نادر صدقة "للهدف": لن يستقيم أمر هذه المنطقة إلا بإزالة الكيان الغاصب

متحدثاً من وراء القضبان

الأسير نادر صدقة "للهدف": لن يستقيم أمر هذه المنطقة إلا بإزالة الكيان الغاصب


 هذه المقابلة تم نشرها في العدد 14 من مجلة الهدف الرقمية

هو نادر الطيب المرح، الذي لم تكسره أحكام بست مؤبدات، فبقي على عهد الوطن والحزب والثورة.. نادر ممدوح صالح صدقة أو (السامري)، كما هو معروف.

 رأى نادر النور عام 1977 في مدينة نابلس، وعاش طفولته ومطلع شبابه على قمة جبل جرزيم كباقي أفراد الطائفة السامرية الفلسطينية، الذين لا يتجاوز عددهم الألف نسمة. وبعد عشر سنوات كان طفلاً من أطفال الحجارة، مع اندلاع الانتفاضة الكبرى عام 1987، ولم يتجاوز العاشرة. ولاحقًا درس التاريخ والآثار في جامعة النجاح، حيث تبلور وعيه السياسي، وانتقل من حالة النضال العفوي إلى المنظم، لينشط في الإطار الطلابي للجبهة الشعبية (جبهة العمل الطلابي التقدمية)، ولما اندلعت انتفاضة الأقصى عام 2000، التحق عضوًا عاملاً في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وبحكم ما تمتع به من قدرات في الوعي والشجاعة الانضباط؛ أصبح بعد وقت قصير قائدًا لكتائب الشهيد أبو علي مصطفى الجناح العسكري للجبهة في نابلس.

 بعد انكشاف أمرهم للاحتلال، وكما الكثير من المجموعات العاملة خلال الانتفاضة، تمت مطاردة نادر ومجموعة من رفاقه لمدة عامين؛ استشهد خلالهما من استشهد، وخاصة رفاقه المقربين: يامن فرج وأمجد مليطات "أبو وطن" وجبريل عواد وفادي حنني وغيرهم.

عاش معاناة البعد عن العائلة، والتنقل متخفيًا من مكان لآخر، حتى اعتقله الاحتلال خلال عملية عسكرية في مخيم العين بمدينة نابلس، بتاريخ 17/8/2004، ليضاف إلى سجله المقاوم كأسطورة كفاح ومطاردة؛ صموده الباسل في أقبية التحقيق في مركز تحقيق "بيتاح تكفا" سيء السمعة، وليحكم لاحقًا بالسجن 6 مؤبدات.

في السجن، لا يكل نادر ولا يمل يحوّل الأسر إلى مدرسة للنضال، يقرأ كثيرًا في مجال تخصصه في التاريخ والآثار، ويقول رفاقه إنه يفكر كمؤرخ. وهو فنان يحب الرسم ويمارسه ولا يترك مجالاً في السجن للكسل ومراوغة الزمن؛ مدرسًا ومحاضرًا في الأسرى، وخاصة الجدد منهم عن تاريخ فلسطين ومركزية القضية الفلسطينية وغيرها من الموضوعات المرتبطة بالقضية الفلسطينية وتطوراتها؛ ممسكًا بقوة بإيمانه الراسخ بحق شعبه في الحرية والانعتاق، متمتعًا بعلاقة طيبة واحترام كبير من رفاقه وجميع الأسرى من كافة الفصائل، ومشاركًا في جميع الإضرابات التي خاضتها الحركة الأسيرة، حيث مكّنه إتقانه للغة العبرية من تمثيل الأسرى أمام السجانين؛ في الكفاح لاستحصال حقوقهم المطلبية المشروعة داخل السجون

إنه نادر صدقة (السامري)، الذي صدق مع نفسه وشعبه وقضيته ورفاق دربه، ليروي لنا خلاصة من تجربته في هذه المقابلة.

السؤال الأول: متى انتميت للجبهة الشعبية، خاصة وأنك تنتمي إلى طائفة دينية لها خصوصيتها؟

بدايةً، وبعد شكركم على اهتمامكم أود أن أوضح أمراً متعلقاً بصيغة السؤال نفسها، والتي كأنها تُعبّر عن نوع من المفارقة كوني سامرياً من جهة، ومناضل حزبياً من جهة أخرى، وهما أمران لست أرى أنهما يشكلان أمراً استثنائياً إلا اعتبرنا وزناً للتصورات النمطية والأحكام المسبقة في الحكم (خصوصية وصفي)، فاعتبار انتمائي والنضال أمراً نضالياً كوني – منتمي لطائفة دينية محددة هو بمثابة التركيز على الوصف لإضفاء الغاية الكامنة خلفه.

فأنا في المحصلة مواطن فلسطيني تَشّرب ثقافة شعبه وعاش تفاعلاً إيجابياً مع همومه وقضاياه، ولم يخرج في سياقه الطبيعي والتلقائي، وقد تستظرف فكرة أنني الأقل تشدداً في انتمائي الوطني والحزبي بين أخوتي، ولم أجد في نشأتي الأسرية أي تعارض بين انتمائي الوطني وانتمائي الديني.

اما الإجابة على الشق المتعلق بانتمائي إلى الجبهة الشعبية، فقد كان ذلك في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات في أول سنوات الانتفاضة الشعبية الأولى كجزء من الحالة الجماهيرية السائدة حينها، أي منذ فترة كما هو واضح طويلة، ولا تصلح لإشباع فضول من يسعى وراء تاريخ أكثر تحديداً لكنها سنوات التي كونت خلالها ولعدة عوامل لم تتعلق بالمبدئية الفكرية أو السياسية بقدر ما تعلقت بالعفوية النضالية في سياقات ساهمت فيها الصدفة والظرف الموضوعي أكثر من القصدية والاختيار؛ والاختيار الذاتي شكلاً صبيانياً من الانتماء، ففي تلك الفترة كان جيلنا فيها مراهقاً يحمل على عاتقه دون وعي غالباً ثورة عارمة، لم يكن مسئولاً عن خياراته فيها، لذا فأنا لا أجد غضاضة في القول أن انتمائي الحزبي المحدود في تلك المرحلة ارتبط بكوني كنت أسكن في حي كانت للجبهة الشعبية حضوراً بارزاً ومؤثراً أكثر من غيرها من التنظيمات.

هذا الحضور شدني وساهم في انخراطي كما الكثير من أترابي في العمل الانتفاضي المؤطر عفوياً،

هذا العامل على بساطته شَكّل منطلقاً لعوامل أخرى أتت في سياق الأحداث اللاحقة، وساهم في صقل شخصيتي وانتمائي لاحقاً ضمن خط أكثر ثباتاً وقصدية. فبانتقالي إلى مراحل وتجارب أخرى كان وعيي وتجربتي يتشكلان ضمن المنطلق الاسمى الذي كان يمكن ببساطة أن يكون مختلفاً.

باختصار يمكن القول أن الصدفة وضعتني في أول طريق سرت فيه، وخضت غماره لأبعد ما استطعت بشكل إرادي.

 

السؤال الثاني: أنت خريج جامعة النجاح الوطنية قسم التاريخ والآثار وكلنا نعلم أن النجاح كانت بمثابة منارة ثورية، ومنها تخرج العديد من كادرات وقيادات العمل الوطني والاجتماعي، حدثنا عن تلك الأجواء وظروف العمل الطلابي عشية انتفاضة القدس ؟

جامعة النجاح كانت المحطة التي أخرجتني نهائياً من مرحلة انتمائي العفوي وكل ما علق من آثاره إلى حالة الانخراط الرسمي في صفوف العمل الحزبي والنقابي. فسنوات منتصف التسعينيات كانت مرحلة عاصفة على مستوى الوعي السياسي الفلسطيني، والجامعات كانت أحد أبرز منابر التعبير عن هذا الوعي، كما هي حاجة الطلبة للتغيير في كل عصر، كان طلبة الجامعات الفلسطينية عموماً وجامعة النجاح في حالة بشكل خاص الشريحة الأكثر تفاعلاً مع الأحداث الحاصلة على الساحة الفلسطينية بقضها وقضيضها في تلك الفترة، وكنت أنا حينها طالباً متحمساً للعمل السياسي أكثر من الدراسة في هذه الجامعة، وسرعان ما التقط رفاقي المسئولين عن العمل النقابي في الجامعة ذلك المتحمس ودمجوه في الإطار الطلابي التابع للجبهة – جبهة العمل الطلابي التقدمية- وهناك صار للفكر والسياسة الكفة الأرجح في خياراتي، وهناك أيضاً صارت دائرتي تأخذ أكثر شكلها الحصري بين رفاق الجبهة، ومن هذه الدائرة بدأت غاياتي وأهدافي تأخذ وجهات أكثر وضوحاً، للتعبير عن الذات، وتجد مناخاً تحتضنه وتشذبه وتصنع منه رفيقاً حزبياً يعي طريقه، ويدافع عن توجهاته.

 لكن بالعودة إلى سؤالك عن ظروف العمل الطلابي عشية انتفاضة الأقصى تستحضرني هنا مفارقة، حيث أنني عشت هذه الظروف أيضاً صدفة، فأنا دفعة عام 1995، مما يعني أنني من المفترض ألا أعيشها، وكان من المفترض أن أنهي دراستي الجامعية عام 1999.  ساهمت الظروف وتحديداً المالية بأن اضطررت إلى تأجيل دراستي لأكثر من سنتين من عام 1997 إلى 1999 حيث عدت مجدداً لدراستي في نهاية عام 1999، وهي الفترة التي كانت فيها الحالة الفلسطينية مرجلاً يعد نفسه للانفجار، ذلك الانفجار الذي كنت خلاله وكجزء من جيل كامل يعيش حالة من الإحباط السياسي على كل المستويات حالة كان الإحساس العام فيها أننا كشعب على أعتاب حالة ستفرض أدواتها وعلاقاتها وشروطها على مصائر من عايشها، وتطالبهم بالتالي على الاستعداد للقادم، فلقد بات واضحاً أنه سيكون أقرب إليها.

السؤال الثالث: ما الذي جعلك تنخرط في الجناح العسكري للجبهة الشعبية؟

العمل العسكري لم يكن خياري إنما خيار المرحلة، تلك المرحلة التي عشتها مع جيل كامل وكما ذكرت، فقد تشَكّلت دائرتي من الرفاق الذين معهم كنا نسعى للتعبير عن ذواتنا، وفي الدفاع عن قناعاتنا وثوابت وحقوق شعبنا. وإن أردت للحق أن يظل واقفاً على قدميه فضع على كتفك بندقية، ونحن خضنا هذا الغمار حاسمين لخياراتنا ومستعدين لدفع استحقاقات.

وفي المحصلة فإن خيار الانخراط العسكري في الجبهة هو المسار الطبيعي لمجمل العناصر التي شَكّلت شخصيتي، ومن العوامل التي ساهمت في بلورة وعيي الفكري.

السؤال الرابع: لقد تعرضت أنت ورفاقك لمطاردة حثيثة ومتواصلة من قبل جيش الاحتلال، حدثنا عن تلك الفترة التي مررت بها أنت ورفاقك الشهداء يامن فرج وأمجد مليطات وجبريل عواد وفادي حنني الذين سطروا بدمائهم أبهى ملامح الصمود والعنفوان؟

أجاب عبد الرحمن منيف حين سُئل حول متى يصل الإنسان إلى تلك الحرية، "بأن الحرية لا تأتي وحدها، فهي الذهاب المستمر، وأغلب الأحيان نحو المجهول"، ووصفها "بأنها حالة بحث لا تعرف التوقف أو الهدوء، وكل وصول فيها ليس سوى محطة يعقبها سفر آخر إلى نهاية الحياة". هذا القول هو ما يحضرني حين أمر في ذاكرتي في تلك الفترة التي عشتها مع أولئك الذين فهموا حريتهم وقايضوها بكل ما تطلبت، حيث تطاردنن آلة الموت الصهيونية من كل حدبٍ وصوبٍ وإيماننا بضرورة الاستمرارية في الكفاح حتى آخر نفس.

وهنا أجد الحديث عني في حضرة تلك الهامات يغدو دون معنى فهم أبطال المشهد ودوري فيه أمام تضحياتهم ما يعدو دور شاهداً تكرمت أقداره بأن وضعته في طريقهم، ليشهد على نبل من رأوا في الوطن قيمة وثبات على المبدأ وتشبثهم بالحرية في ضجة البائعين وسوق النخاسين. أولئك الذين أثبتوا بدمائهم "أن لا بطولة في الموت"، إن نسيت لحظة أنه عدوك المتقدم فيك وفيمن تحب وما تحب، وإن نسيت أن كل ما تفعله هو أنك تقف في وجهه غير عابئ بالعدو. أولئك الذين يقفون معك فماتوا أبطالاً خلدتهم أفئدة أحبتهم وعقول وضمائر رفاقهم الذين سيظلون دوماً يعيدون تكرار ما عرفوه عنهم ويسعون وراء ما لم يعرفوه وهو أكبر وأكثر. ولا أريد هنا أن أميز رفاقي الشهداء أو أفضلهم عن غيرهم ممن ساروا على هذا الدرب المقدس، قاصداً البطولة فيهم؛ فكل الشهداء عند ضريبة الدم سواسية، لكني أشعر تجاه يامن فرج، وأمجد مليطات "أبو وطن"، فادي حنيني، جبريل عواد، بشار حنني، وجبريل عواد، وفادي حنيني، وبشار حنني، وهاني العقاد والكثير من الأسماء والهامات التي واجهت مخرز الموت بعين الإرادة والتحدي، وعَمدّت فرح الحياة بدماء الشهادة؛ أشعر تجاههم ربما بحكم الاحتكاك والمعرفة المباشرة والإطلاع على تفاصيل حياتهم وظروف استشهادهم بشعور أكثر خصوصية. فقد جمعتني بهم جميعاً تجارب على صعوبتها وجملة مشاقها ستظل الأرقى والأسمى والأكثر طهراً والأعمق أثراً في سياق حياتي ونضالي؛ سواءً في أيام الدراسة الجامعية أو في سياق الحياة اليومية قبل التجربة الكفاحية، وصولاً إلى المطاردة والملاحقة والعيش في ظلال الموت الكامن في كل زقاق، وحتى استشهادهم الواحد تلو الآخر. محطات تعلمت فيها منهم ومعهم الكثير ممن تطفح به الذاكرة وتضيق المساحة هنا عن سرده حتى دون تفصيل تركوا فيها عبقاً مشرفاً ومشرقاً ويزداد توجهاً بالتقادم.

وفي الحديث عن هذه التجربة أرى نفسي ملزماً تجاههم ببعدٍ آخر كان له الفضل في تغذية صمودنا واستمراريتنا؛ فنحن في ظل تلك الأجواء كنا أحوج الناس للدفء والمساندة والاحتضان ومد يد العون، وكلها أمور وجدناها دون شرط أو مقابل، فأزقة نابلس القديمة ليست سوى حارة فوق أخرى، لولا أصالة أهلها واستعدادهم منقطع النظير لاحتضان تلك الجمرات، دون أن تردعها مغبة احتضان الجمر ودون أن ترهبها ردات فعل العدو الفاشي تجاه كل من ساند المقاومة الفلسطينية المسلحة.. فأن تكون طريد الموت وتجد من يستعد لتقاسمه معك ويقاسمك سقفه وخبزه ودفء بيته، وأن تجد جواً أسرياً دون أية رابطة بينكم سوى الاستعداد المفتوح للتضحية والانتماء البسيط والصريح غير الآبه أو المعني بتعقيدات وخفايا الفكر والسياسة.. في أرض بيته مخبئاً يحميك وهو يعرف أن ذلك قد يكلفه حياته أو تشريد أهله، وأن يقف مثل هؤلاء فوق ركام بيوتهم التي نُسفت بتهمة إيواءك؛ يخفون فجيعتهم بابتسامةٍ تسعى أن تُهون فجيعتك، ولا تسمع منهم سوى عبارة (أن الأهم هو سلامتك).

لم يكن أولئك أهلنا الأقربون أو جمعتنا بهم قرابة دم من قريب أو من بعيد، إنما جماهير شعبنا البسطاء، الذين جمعتنا بهم في كثير من الأحيان الصدفة البحتة ورغبتهم المجردة في أن يساهموا بكل ما أوتوا من محبة ووفاء فكانوا لنا خير أهل، وجمعتنا بهم قرابة دماء الشهداء الذين رفعوهم على راحاتهم أحياناً وعلى أكتفاهم أمواتاً، منهم دون حصر تعلمنا دروساً أغنت معرفتنا بما لا يقاس ووسعت مداركنا حول المدى المفتوح للإمكانية الكامنة في صفوف جماهير شعبنا، والبذل والتضحية في سبيل الانتصار لا تمت بصلة لما يُبث يومياً من رسائل محبطة وقلة الحيلة ومعضلة التسليم والاستسلام الذي تمرر للاستهلاك العام في المرحلة الراهنة.

السؤال الخامس: في الانتقال إلى مرحلة الاعتقال ومن منطلق موقعك التنظيمي وانخراطك المتواصل في العمل الاعتقالي والتنظيمي وقيادتك للعديد من المواقع والمنظمات الحزبية، كيف تُقيّم لنا تجربة منظمة فرع السجون، وواقع الحركة الأسيرة بصورة عامة من جهة أخرى؟

تجربة الاعتقال بالنسبة لي كانت بمثابة الأتون التي صقلني وصلبني على كل المستويات الحزبية تحديداً لأن تجربة العمل الوطني والتنظيمي داخل الأسر تأخذ طابعاً خاصاً يمتاز بالاحتكاك اليومي المباشر والمستمر؛ الأمر الذي يُحوّل حياتك إلى جزء من العمل التنظيمي، بعد أن كان العمل التنظيمي جزءاً من حياتك الأمر الذي يصقل تجربتك ويوسع مداركك ويضعك أمام الحاجة الملحة للإبداع والارتجال واستخراج أعماق ذاتك والتعرف على قدراتك وقدرات رفاقك الكامنة، والذي أشك في إمكانية أي ظرف آخر أن يعطيك هذه الفرصة.

أما بخصوص تجربة منظمة فرع السجون وهي الإطار الذي أنشئ عام 2008، بعد أن تقرر توحيد أداء منظمات الحزب في كافة قلاع الأسر ضمن هيكلية فرع يعكس أداءً تنظيمي موحد على مختلف الصعد؛ بتراثية حزبية أخرجت الأداء التنظيمي لمنظماتنا الأسيرة من حالتها الحلقية، وأعطتها طابعاً أكثر حزبية ومركزية، وزخماً سواء على صعيد الرفاق الأسرى الذين اكتسبوا فرصة أكبر وأدق بالتفاعل والتعامل مع الثقافة الحزبية المركزية وتوسيع تجربتهم في هذا الإطار، أو على صعيد التعاطي الوطني والاعتقالي بتوسيع تأثيرنا وزيادة فعاليتنا كجسم صغير نسبياً على صعيد العدد

ويمكن القول بعد 12 عاماً على انطلاقتها، بأن منظمة فرع السجون ساهمت وبشكل كبير وأساسي في إعداد العديد من الكادر الحزبي الفًعّال والمجرب تنظيمياً ونضالياً، وعكست أداءً موحداً ومنسجماً زاد من فعالية وحيوية جسمنا التنظيمي سواءً على صعيد بنيتنا الداخلية أو على صعيد وزننا داخل الجسم الوطني الأسير.

وأخيراً، على صعيد مواجهتنا مع إدارة السجون؛ راكمت تجربة عملية على كافة المستويات، دون إغفال حقيقة أن تجربة الفرع شابها محطات متعثرة، إلا أنها محطات ساهمت في اغناء التجربة وتطوير الأداء.

وفي المحصلة أستطيع القول أن فرع السجون برأيي المتواضع؛ يعد أحد أبرز تجاربنا التنظيمية على مدار عقود أدائنا الحزبي الأسير وأنجحها.

أما فيما يخص الشق الآخر من سؤالك حول واقع الحركة الأسيرة عموماً، فلا أجد بداً من القول بوضوح أن الواقع الوطني الأسير لا يُعبّر على مستوى تطلعات وآمال شعبنا من هكذا جسم؛ فحالة الضعف والترهل والتشرذم التي تعانيها الحركة الأسيرة في السنوات الأخيرة تحول دون أي إمكانية لإنجاز هذا الجسم للمهمة المناطة به أساساً، والتي تتمحور حول تطوير واغناء الحس والوعي الوطني للمناضل وإخراجه من حالة العفوية إلى حالة الإدراك الهادف؛ عبر تجهيزه ثقافياً وسياسياً وتنظيمياً لمواصلة مشواره النضالي خارج الأسر، كمناضل واعي ومسيس يساهم خارج الأسوار بما اكتسبه داخلها، وهي المهمة التي طالما أخذتها على عاتقها الحركة الأسيرة، خلال عقود من عمر ثورتنا الفلسطينية، خَرّجت خلالها العديد من الكوادر التنظيمية والقيادات التي حملت لواء قيادة العمل الكفاحي في الأرض المحتلة.

ولا داعي هنا للتفصيل فالتجارب المنجزة على هذا الصعيد عديدة، فالمهم هنا أنه وفي حال توقفت السجون عن أداء هذا الدور فستعود تلقائياً إلى مهمتها التي أنشئت في سبيلها، وهي تفريغ المحتوى النضالي للأسير وإدخالهم في تجربة صعبة تعمل على كي وعيه الوطني، وتترك لديه انطباعات صادمة تمنعه من إعادة الكرة وتنشئ لديه رادعاً نفسياً وجسدياً تجاه كل ما من شأنه تعريضه لذات التجربة.

وفي واقع الحال نحن أقرب إلى الحالة الثانية منا إلى الأولى مع التركيز هنا أنني لا أعمم، وأحاول قدر الإمكان أن أحافظ على نوع من الموضوعية في الحكم على واقع الحركة الأسيرة الحالي، ورغم كل شيء هناك في السجون من يضطلع بواجبه تجاه المناضلين الأسرى من مختلف ألوان الطيف السياسي الفلسطيني المكون للحركة الأسيرة، وما تزال قلاع الأسر تخرج كوادر وقيادات، ومنظمة فرع السجون على سبيل المثال لا الحصر دليلاً على ذلك. لكن كما ذكرت بالمقارنة مع سنين خلت ومع حجم المُنجز قياساً مع المطلوب إنجازه، فإن الوضع الحالي يعكس صورة سيئة ومقلقة وتنبؤ بالأسوأ، ولذلك أسبابه طبعاً؛ فالحركة الأسيرة هي بالمحصلة بنية تتفاعل مع بعدها الوطني والتنظيمي خارج الأسر، وتستعيد آثاره سلباً أو إيجاباً في تغذية متبادلة تؤثر نسبياً كل منها بالآخر ويتأثر به.

وإذا قارنا أداؤها في أوجه عطائها، تجد أنها تفاعلت مع محيط وطني وتنظيمي بالشارع الفلسطيني فاعل وحيوي ونشط، يستند على تراكم كبير من الوعي السياسي والتنظيمي؛ ساهم بشكل أساسي في تعميق إنجازها واستفاد من قطف ثماره التي عرف كيف يستغلها، بينما الحاصل حالياً هو نتاج مرحلة جديدة، بدأت بعد تسوية اتفاقية أوسلو، وأدت بشكل ممنهج إلى إضعافه وأفرزت حالة من التهميش واللامبالاة، بل ومحاولة القضاء نهائياً على كل البنى التنظيمية التي أخذت التوعية الوطنية والسياسية على عاتقها خلال العقود السابقة لعملية التسوية. كل ذلك أدى إلى توقف شبه كلي من قبل أحد أطراف معادلة التغذية المتبادلة من القيام بواجبه، وبالتالي صار المطلوب من الطرف الآخر القيام بجهد أكبر مع تآكل مستمر لقدراته وطاقاته، أضف على ذلك حالة الإحباط وتغليب الهم الفردي والشعور باللاجدوى التي رافقت عملية انهيار في القيم النقيضة بكل ما سبق. مجمل هذه العوامل أدت إلى تراجع الوعي السياسي على حساب الوعي الشللي والبلدي والعشائري، وتراجع القيم والثوابت الوطنية لحساب قيم ومفاهيم هجينة وغريبة؛ يزداد سوقها ونفوذها رواجاً بدعم خفي حيناً وعلني أحياناً أخرى، بل ووقح غالباً، فإدارة السجون التي في الواقع الحالي نموذجاً طالما فشلت هي في تحقيقه وتحاول الآن تكريسه وتعزيز ودعم رموزه.

السؤال السادس: على ضوء التحديات التي تواجه قضيتنا الوطنية ومحاولات الاستهداف بهدف التصفية، ما المطلوب راهناً على المستوى الوطني الفلسطيني؟ وما هو الدور الذي على الجبهة أن تساهم به؟

القضية الفلسطينية ومنذ نشأتها وطبيعة الاشتباك التي فُرضت عليها مع عدو يمثل مشروعاً إمبريالياً كولنيالياً أكبر وأكثر تعقيداً من قدرة الواقع الفلسطيني آنذاك على قراءته واستطلاع مداه، ومواجهة تحديات جمة. ولا أجافي الحقيقة إن قلت أن خطر التصفية تتطلب ظل ملازماً لها في كل المراحل، ناهيك أن السياق التاريخي للمشروع الصهيوني ازداد مع الزمن تفوقاً وتقدماً وأثبت للقائمين عليه والمعسكر الإمبريالي جدوى الرهان عليه، كحصان ظل رابحاً في جولات عدة كان خصومه فيها أضعف كثيراً من مجاراته؛ الأمر الذي زاد دعمهم له وتشبثهم به، وعقد أكثر فأكثر من عملية المواجهة ومن سياق المؤامرة، وبالتالي فإن المرحلة الراهنة لم تنفصل عن سياق تاريخي مزمن، إنما المختلف حالياً هو عاملنا الذاتي الذي وصل في تراجعه وضعفه إلى مراحل قياسية، بات معها هشاً لدرجة أننا لم نعد نستطيع القول أننا سنتجاوز هذه الأزمة كما تجاوزنا غيرنا، وبات الشعور بأن خطر التصفية مستقبلاً حاضراً أكثر من ذي قبل؛ لأن مقومات دفاعنا وثباتنا التي اعتمدنا عليها سابقاً صارت وبعد سياق التدمير الذاتي الذي فتك بها، أضعف من إمكانية للتعويل عليها لتجاوز المرحلة الراهنة. وأنا لم أقل تدميراً ذاتياً إلا قاصداً، إنما كشعب أو على الأقل جزء كبير منا مسئولاً مباشرة وبشكل واعٍ عن هذا التدمير.

فمنذ بداية التسوية في أوسلو وإلى اليوم تشهد القضية الفلسطينية حالة من هذا التدمير، على صعيد الأداء الوطني المأزوم، وأبرز أوجه هذه الأزمة سلطة أوسلو بشكلٍ خاص، أو على صعيد تراجع الوعي السياسي العام للجمهور الفلسطيني، الذي كما ذكرت آنفاً استهدف بشكل قصدي وممنهج، والذي يتبعه بروز ظواهر أخرى ما كان سهلاً عليها الاطلال برأسها في سنوات خلت، وصولاً إلى حالة الانقسام التي ما انفكت تزداد تعمقاً وتأزماً وتهديداً للوحدة الوطنية، كأهم ضامن لحالات الأزمة، وحتى الأداء الراهن الذي سرنا معه أضعف من قدرتنا على الصمود أمام مؤامرة التصفية الحالية التي من المفترض ألا تعدو إحدى الأزمات التي عصفت بقضيتنا، وبالتأكيد ليست أولها ولن تكون الأخيرة ولا أخطرها على الإطلاق؛ فالمطلوب برأيي هو إعادة الاعتبار لتقييم المرحلة كمرحلة تحرر وطني، وما يترتب على ذلك من مغادرة مربعات وتعزيز تواجدنا في أخرى، وهذا يعني كأولوية مغادرة مربع الانقسام السياسي وما لازمه من تنازع على سلطة وهمية، وتمترس فئوي عمل على تسطيح النقاش والاستخفاف بوعي الجماهير وحشدها وراء شعارات هامشية بعيدة عن متن الصراع. ومن جهة أخرى تعزيز الصف الوطني والوحدة الوطنية بما يتلاءم ومتطلبات المرحلة وإعادة الاعتبار لصيغة الجبهة الوطنية العريضة الشاملة لكل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني؛ صيغة تحفظ لكل الفصائل والأحزاب المندمجة في إطارها: استقلاليتها التنظيمية والفكرية والسياسية، والالتقاء على برنامج يحافظ على الثوابت الوطنية كحد أدنى، مع الحفاظ على حق كل منها في النضال من أجل تعزيز المحتوى الديمقراطي لهذه الجبهة، وقيادتها ورفع سقف برنامجها السياسي. فالصيغة القائمة حالياً لهذه "الجبهة" متمثلة بـ م.ت.ف لم تعد تُعبّر عن الشكل المنشود بالجبهة الوطنية سواء على صعيد عدم تمثيلها للواقع السياسي الفلسطيني على الأرض بكل ألوانه أو على صعيد غياب المحتوى الديمقراطي فيها، ونسبة التمثيل في مؤسساتها، ناهيك عن عقود من التهميش الممنهج لدورها، واستغلال رمزيتها بشكل نفعي، والتجاهل المستمر لمطالب إصلاحها. كل ذلك أسقط هذه الصيغة، أي قدرة على التعبير الحقيقي والجدي على متطلبات المرحلة.

مطلوب أيضاً مغادرة مربعات التسوية، فلم تعد قادرة على إقناع أحد ولا حتى أبرز منظريها، والكف عن محاصرة الفعل الكفاحي الملتحم، لصالح حالة من الرفض الخجول لسياسات الاحتلال التوسعية القمعية، ووقف كل أشكال التعاون والتنسيق الأمني، الذي تتمحور حوله راهناً وسابقاً كل مهمة المؤسسة القائمة. في المقابل يجب العمل على تعزيز ثقافة المقاومة الشعبية الفاعلة والمؤثرة، وضمان أوسع مشاركة جماهيرية في العقل المقاوم على الأرض؛ عبر حمايته ودعمه وتعزيز مقدمات صموده، ونبذ سياسة الإقصاء والعزل والابتزاز السياسي، ناهيك عن الملاحقة والتخوين.

إن القدرة الكامنة في صفوف شعبنا على خلق أشكال إبداعية جديدة ومبتكرة للمقاومة والصمود أثبتت نفسها في أكثر من مرحلة، وحشد الطاقات الشعبية في شكل محدد لا تزكيه التجربة العملية إنما يصب في مصلحة الاحتلال ويعطيه الضوء الأخضر لمواصلة سياساته بينما تمتلك جماهيرنا الشعبية القدرة على قلب الطاولة، وفرض أمر واقع بديل يرفع من كلفة احتلاله البشرية والمادية ويجعله يعيد حساباته كمقدمة لتغيير المعادلة القائمة بشكل كلي على طريق تحقيق الأهداف الوطنية.

 أما فيما يخص الدور المطلوب أن تضطلع به الجبهة؛ فالجبهة حزب ثوري، يحمل برنامجاً كفاحياً وديمقراطياً عليه العمل على تعزيز روافعه التنظيمية والسياسية، فالحالة الفلسطينية الراهنة أحوج ما تكون لبرنامج وطني وديمقراطي، كالذي تشمله طروحات الجبهة البرنامجية. إنما يبقى الارتهان لالتزامات لم يعد الواقع الفلسطيني على الأرض يزكيها، إضافة إلى العديد من الأزمات والمعيقات التي واجهت حزبنا في العقود الأخيرة، سواء كان بالابتزاز السياسي ومحاولات الاحتواء من جهة، واستهداف الاحتلال ومحاصرة الموارد من جهة؛ لعبت دوراً وشَكّلت عائقاً على نجاح الجبهة في ترويج برنامجها، وبالتالي فإن مناقشة خيارات أخرى بديلة تعمل على استعادة الجبهة لدورها الريادي وتعزيز البعد الكفاحي، وبما يجعلها أكثر مناعة وتصدياً لكل مخططات الاحتواء؛ عبر تفعيل آليات وصيغ عمل أبدعت الجبهة ممارستها سابقاً، إضافة إلى البحث عن مخرجات تلاءم التغييرات العصرية، وتفعيل دور المنظمات الجماهيرية والديمقراطية والنقابية لتعزيز العلاقة والاتصال بالجماهير، وإطلاق دورها في تثقيف وتوعية وتعبئة الجموع الضاجة بالطروحات القائمة المسيطرة على الأرض، والباحثة عن بديل ثوري وديمقراطي، تستطيع الجبهة الاطلاع به؛ عبر تأسيس تيار وطني ديمقراطي تقدمي يشمل جميع القوى والبرامج المنضوية تحت لواء معسكر اليسار الفلسطيني؛ تياراً يعيد لهذه البرامج اعتبارها ويقدمها للجماهير الشعبية لمرحلة أحوج ما نكون فيها لمثل هذا الخيار، وتأثير التيار الديمقراطي في أي صيغة وطنية عريضة تتطلع للنهوض بمهام المرحلة الراهنة.

السؤال الأخير: في ذكرى النكبة ما هي الرسالة التي توجهها لأبناء شعبنا؟ وما هو موقفك من حق العودة؟

الرسالة الأبرز في هذه الذكرى هي الإبقاء على شحذ الذاكرة أمام كل ضغوط ومغريات النسيان، هذا الإبقاء يبقى سلاحنا الأمضى في وجه كل المؤامرات التصفوية؛ سواء الصهيونية الامبريالية أو تلك التي حاكها ويحيكها النظام الرسمي العربي ومن لف لفيفهم، وما دمنا على ذاكرتنا فنحن على مقاومتنا وصمودنا ومعسكرنا، وإن أبدت الشواهد ضعفه وتراجعه، لكنه ينمو ويتسع، أولاً في بعدنا العربي وعقول وقلوب الملايين من أبناء أمتنا العربية التي ستظل شعوبها ترى في فلسطين قبلتها الأولى وقضيتها الأساس وعروس عروبتها، وتؤمن بأن حالة المواجهة القومية مع الكيان الصهيوني ستظل مفتوحة وتحاكمه كما دوماً؛ ككياناً مغتصباً غريباً ومتناقضاً مع طبيعة وثقافة وتاريخ وحضارة المنطقة العربية، ولن يستقيم أمرها إلا بزواله، وإن عبرت ألسنة الأنظمة العربية الرسمية عكس ذلك سراً أو علناً. فهذه الأنظمة كانت ولا زالت ولن تكون جزءاً أصيلاً من مكونات وأدوات المؤامرة على فلسطين خصوصاً وعلى كل المنطقة العربية وشعوبها بشكل عام. أما ثانياً فبعدنا الأممي والآلاف المؤلفة من جموع كل أنحاء الأرض؛ سيقفون إلى جانب الحق العربي ويدعمونه قولاً وفعلاً كجزء لا يتجزأ من مقاومته ومناهضتهم لمشروعه الإمبريالي الكولنيالي وللفكر والنهج الفاشي والعنصري، الذي تمثله الحركة الصهيونية ومشروعها؛ كأبرز رموزه، وهي جموع ترى في نضالنا وكفاحنا وصمودنا كشعب وقضية رمزاً حياً من رموز النضال الأممي ضد هذا المشروع.

وفي المحصلة يمكن القول أن حالة الضعف والتراجع التي تشهدها القضية الفلسطينية هي نصيب معسكر كامل أكبر حجماً، وأثقل وزناً، وأعظم أثراً من أن يتم نعيه والتسليم بهزيمته؛ فالنهوض والالتحام والانتصار هي مصائر حتمية لمعسكر الشعوب، وإن طال انتظارها، فالأمل بالشعوب، والمستقبل للشعوب، والنصر حليف من حالفها ولو بعد حين.

أما موقفي من حق العودة فلا يختلف بالتأكيد عن موقف الجبهة، والتي رأت وما تزال فيه الركن الأساسي والثابت الأهم من ثوابت شعبنا الوطنية، لا يمكن التعاطي في أي حل أو تسوية أو فئة تحاول شطبه أو تجاوزه، وأنا أتبنى هذا الموقف ليس من بكوني عضواً حزبياً فحسب، وإنما من منطلق قناعاتي الذاتية الراسخة.

انتهى

السيرة الذاتية:

الاسم: نادر ممدوح صالح صدقة، ولد عام 1977 بمدينة نابلس، وعاش على قمة جبل جرزيم كباقي أفراد الطائفة السامرية الفلسطينية الذين لا يتجاوز عددهم الألف نسمة. انضم منذ نعومة أظافره لمقاومة الاحتلال في الانتفاضة الأولى عام 1987، ودرس التاريخ والآثار في جامعة النجاح ونشط في الإطار الطلابي للجبهة الشعبية، ولما اندلعت انتفاضة الأقصى عام 2000، التحق بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حتى أصبح قائداً لكتائب الشهيد أبو علي مصطفى  الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في نابلس.

تمت مطاردة نادر ومجموعة من رفاقه لعامين، استشهد خلالهما من استشهد، وعاش معاناة البعد عن العائلة، حتى اعتقله الاحتلال خلال عملية عسكرية في مخيم العين بمدينة نابلس، بتاريخ 17/8/2004.

واجه التحقيق القاسي في مركز تحقيق "بيتاح تكفا"، وليحكم لاحقًا بالسجن 6 مؤبدات.

يقرأ في مجال تخصصه بنهم: التاريخ والآثار، وعمق قراءاته، وثقافته واسعة، ويفكر كمؤرّخ، إلى جانب كونه فنان يحب الرسم ويمارسه، ولا يترك مجالًا في السجن إلا ويعطي فيه دروس ومحاضرات، وخاصة للأسرى الجدد: عن تاريخ فلسطين ومركزية القضية الفلسطينية وغيرها من الموضوعات المرتبطة بالقضية الفلسطينية وتطوراتها.

ما يميز نادر سلوكه الطيب ونفسيته المرحة، فهو شديد المزاح رغم أنه من أصحاب الأحكام العالية، لكن يؤمن بحق شعبنا الفلسطيني في النضال وفي الحرية والانعتاق من الاحتلال، ويحظى نادر بعلاقة طيبة مع الأسرى الفلسطينيين من مختلف الفصائل الفلسطينية، حتى مع من يختلفون معه فكريًا، فهو كما أنه شارك مع الأسرى في كل الإضرابات التي خاضوها في مواجهة السجّان، ومكّنه إتقانه للغة العبرية من تمثيل الأسرى أمام السجانين؛ من أجل الحصول على حقوقهم المطلبية المشروعة داخل السجون.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *