شيرين أبوعاقلة واغتيال حرية الصحافة
شيرين أبوعاقلة واغتيال حرية الصحافة
- حسام الدين الأمير
- 2022-05-12
- يأتى اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، بالرصاص الحى، صباح أمس الأربعاء، أثناء قيامها بعملها ومهمتها الصحفية فى نقل جرائم الكيان الصهيونى فى مدينة جنين شمال الضفة الغربية، ليفتح الباب أمام فكرة قيام سلطات الاحتلال باغتيال حرية الرأى والتعبير، خاصة وأن ما حدث يتزامن ويتواكب بعد أيام قليلة من احتفالات العالم والمجتمع الدولى باليوم العالمى لحرية الصحافة الذى يوافق 3 مايو من كل عام، ويعد هذا اليوم بمثابة تذكير للحكومات بضرورة احترام التزامها بحرية الصحافة، ويوم للتأمل بين الإعلاميين حول قضايا حرية الصحافة وأخلاقيات المهنة، وفرصة للاحتفال بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة، وتقييم حالة حرية الصحافة فى جميع أنحاء العالم، والدفاع عن وسائل الإعلام من الاعتداءات على استقلالها، وتقديم التحية للصحفيين الذين فقدوا أرواحهم فى أداء واجباتهم.
لكن سلطات الاحتلال الإسرائيلى فكرت أن تحتفل بهذا اليوم فى هذا الشهر بشكل مختلف من خلال تصويب رصاصها الحى نحو حرية القلم واستهداف الصحفيات لتدخل شيرين أبوعاقلة قائمة شهداء الرأى فى الأراضى المحتلة بفلسطين، خاصة وأن لجنة دعم الصحفيين الفلسطينيين، أعلنت اليوم أنه باستشهاد شيرين أبوعاقلة يرتفع شهداء الأسرة الصحفية فى الأراضى الفلسطينية منذ عام 2000 إلى 48 شهيدا، وهذا الرقم فى رأيى المتواضع كارثى.
وبعيدا عن المؤسسة الإعلامية التى تعمل فيها الصحفية الشهيدة ومدى اتفاقنا أو اختلافنا مع هذه المؤسسة، إلا أن الأمر لا يتعلق بسياسة المؤسسة لكنه يتعلق بمسألة اغتيال الحريات الصحفية والإعلامية واستهداف النساء، والعمل على تضليل الحقائق ووأد الصورة الصحفية وقتل الرسالة الإعلامية بفعل فاعل، لأن كل شهود العيان اليوم أكدوا أن المكان الذى كان يتواجد فيه الصحفيون فى محيط مدارس وكالة الغوث قرب مخيم جنين، لم يكن فيه أى مسلح ولم تقع داخله أية مواجهات وكان الجميع يرتدون الخوذ والزى الخاص بالصحفيين الذى يميزهم عن غيرهم أثناء التغطيات، الأمر الذى يدلل على نية قوات الاحتلال فى اغتيال إظهار الحقيقة، وأن الصحفيين الفلسطينيين والمكلفين بكشف ونقل جرائم الاحتلال صاروا هدفا للاغتيال لطمس الحقائق ومنع وصول الصورة الكاملة للقمع الذى يتعرض له الفلسطينيون إلى المجتمع الدولى الذى بات صامتا على كل هذه الجرائم بحق الإنسانية.
المؤسف فى الأمر أن كل ما تمارسه إسرائيل بشكل متعمد بحق حرية الرأى والتعبير يخالف ويتنافى مع مواد الإعلان العالمى لحقوق الإنسان لعام 1948 وخاصة المادة 19 والتى تنص على لكل شخص حق التمتع بحرية الرأى والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته فى اعتناق الآراء دون مضايقة، وفى التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها للآخرين بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود، ويتنافى مع المادة 19 من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، والتى تنص على لكل فرد الحق فى حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته فى التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود سواء على شكل مكتوب أو فى قالب فنى أو بأية وسيلة أخرى، ويخالف نص المادة 79 من البروتوكول الأول الإضافى لاتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب والصادرة عام 1949 ونصها "يعد الصحفيون الذين يباشرون مهمات مهنية خطرة فى مناطق النزاعات المسلحة أشخاصا مدنيون" وتضيف تلك المادة أن هؤلاء الصحفيون يجب حمايتهم بهذه الصفة بمقتضى أحكام الاتفاقيات وهذا البروتوكول شريطة ألا يقوموا بأى عمل يسىء إلى وضعهم كأشخاص مدنيين.
ولو عدنا بالرصد والتاريخ إلى ما قبل هذا اليوم الذى شهد اغتيال شيرين أبوعاقلة سنجد قائمة طويلة من الشهداء الصحفيين الفلسطينيين على أيدى قوات الإحتلال فالجميع لم ينس الشهيد أحمد أبو حسين مراسل إذاعة صوت الشعب والذى استشهد متأثرا بجروحه التى أصيب بها، إثر استهدافه من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلى برصاصة حية متفجرة أصابته فى بطنه من الجهة اليسرى، أثناء تغطيته مسيرة "العودة الكبرى" فى المناطق الحدودية شرق قطاع غزة يوم الجمعة 13 أبريل 2018.
لكن يعد 2014 هو العام الدموى بحق الشهداء من الصحفيين الفلسطينين، ففى هذا العام استشهد الصحفى شادى حمدى عياد إثر إصابته فى قصف مدفعى من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلى لمنزله بحى الزيتون فى 2 أغسطس 2014، وهناك الصحفى محمد ماجد ضاهر الذى استشهد فى 31 يوليو 2014 فى حى الشجاعية إثر قصف منزله بصاروخ من الطائرات الحربية، واستشهد 5 من أفراد عائلته، إضافة إلى استشهاد ابنته.
وهناك عبدالله فضل مرتجى وكان يعمل مصور صحفى ومراسل فى قناة الأقصى والذى استشهد فى 25 أغسطس 2014 إثر قصف مدفعى من قبل جيش الاحتلال أثناء تغطيته الإعلامية فى حى الشجاعية، وأيضا على شحتة أبوعفش مدير البرامج فى مركز الدوحة لحرية الإعلام " فرع فلسطين" واستشهد فى 13 أغسطس 2014 بمنطقة بيت لاهيا إثر إصابته فى انفجار صاروخ من مخلفات العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة.
وشهد هذا العام الدموى استشهاد حمادة خالد مقاط المدير الإعلامى بمؤسسة سجى فى 4 أغسطس 2014 إثر إصابته فى قصف من طائرة استطلاع حربية إسرائيلية بالقرب من منزله فى شارع النفق، واستشهد عبدالله نصر خليل فحجان وهو صحفى رياضى بموقع الأقصى الرياضى وصدى الملاعب وكان ذلك فى الأول من أغسطس 2014 إثر إصابته فى قصف صاروخى من طائرة استطلاع حربية إسرائيلية، واستشهاد محمد نور الدين مصطفى الديرى، ورامى فتحى حسين ريان، المصورين الصحفيين بالشبكة الفلسطينية للصحافة والإعلام وجاء استشهادهم يوم 30 يوليو من نفس العام فى قصف مدفعى من قبل جيش الاحتلال الاحتلال لسوق الشجاعية أثناء تغطيتهم للأحداث، وينضم إليهم فى الشهادة فى نفس اليوم الشهيد سامح محمد العريان المصور الصحفى بفضائية الأقصى واستشهد إثر إصابته فى قصف صاروخى من طائرة استطلاع حربية إسرائيلية على سوق الشجاعية، وعاهد عفيف زقوت من تلفزيون فلسطين إثر إصابته فى قصف صاروخى من طائرة استطلاع حربية إسرائيلية لشقته السكنية فى المجمع الإيطالى فى حى النصر.
وفى 29 يوليو من عام 2014 استشهد المراسل عزت سلامة ضهير من شبكة الحرية الإعلامية الإلكترونية إثر إصابته فى قصف الاحتلال الإسرائيلى لمنزله فى رفح، المكون من 3 طوابق؛ ما أدى إلى استشهاده، بالإضافة لاستشهاد 21 شخصا من أفراد عائلته، وبهاء الدين الغريب رئيس تحرير الأخبار العبرية بتلفزيون فلسطين واستشهد جراء القصف الذى استهدفه أمام منزله مع ابنته من قبل طائرة استطلاع حربية إسرائيلية فى مدينة رفح، وفى 23 يوليو استشهد عبد الرحمن زياد أبو هين المراسل الصحفى بوكالة صفا إثر إصابته فى قصف صاروخى من طائرة حربية إسرائيلية استهدفت منزله فى حى الشجاعية بغزة.
وفى 20 يوليو استشهد المصور الصحفى خالد رياض محمد حمد إثر إصابته فى قصف صاروخى من طائرة استطلاع حربية إسرائيلية فى حى الشجاعية، وفى 10 يوليو استشهدت الناشطة الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعى نجلاء محمود الحاج فى قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلى للمنزل الذى كانت تسكنه وأهلها فى مخيم خانيونس؛ ما أسفر عن استشهادها وسبعة آخرين من أفراد عائلتها، وفى 9 يوليو استشهد الصحفى حامد عبد الله شهاب إثر إصابته فى قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلى لسيارة المؤسسة التى كان واضحا عليها إشارة الصحافة، وذلك فى شارع الرمال وسط غزة.
والقائمة طويلة لشهداء الرأى والتعبير داخل الأراضى الفلسطينية بالمخالفة لكل الأعراف والقوانين الدولية.
عن موقع
- حسام الدين الأمير

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق